مقالات  
نسخ الرابط
 
   
   
 
  A A A A A
X
dot4line

أنا مع وضد

تديين السياسة وتسييس الدين

د. عبدالله يوسف سهر
2014/08/16   08:54 م

شكرا لتصويت

التقيم التقيم الحالي 0/5
writer image



أنا
ان توضع سياسة ما ومن ثم يوضع عليها اطار ديني فذلك هو تديين السياسة، في حين ان تسييس الدين يعني بأن الدين بما يحمله من معان وقيم وعبادات ومعاملات يتم توظيفه سياسيا. المفهومان قريبان من بعضهما مع فارق ان الأول اجراء خاص والثاني ينطوي على توجه عام. علاقة الدين بالسياسة موضوع شائك ومطروق وذو تفرعات لا يمكن تغطيتها بمقال محدود عابر، ولكن بالنظر فيما يحصل في محيطنا السياسي من تخلف وانحطاط وصراع دموي يستلزم التطرق للموضوع ليس من باب التطارح الفكري وحسب ولكن من حيث اتصال الموضوع بمعاش الناس خاصة الموجودين في منطقتنا العربية والخليجية. لقد شغل الدين أو بالأحرى الطرح الديني حيزا كبيرا من حياتنا اليومية الخاصة والعامة، ومن الملاحظ أنه ومع زيادة عدد التيارات الاسلامية وزيادة نفوذها وشعبيتها ازدادت معها ظواهر الفساد والصراع، فهل ذلك من قبيل الصدفة أم ان هناك تلازما عضويا بين الظاهرتين؟ الدين وخاصة الاسلامي يدعو الى جملة من القيم الرئيسية التي تتصل بالوحدة والتراحم والتسامح والتكافل والعفو والظن الحسن والصدق والرأفة وحسن التعامل مع الآخر، وغيرها من سلوكيات تطهيرية للذات والنفس. يدعو الدين الاسلامي الى نبذ جملة من السلوكيات كالتعامل مع الآخرين من تلقاء الشك وألا يكون الانسان فظا غليظ القلب أو انتهازيا، كما ينهى الدين الاسلامي عن ايقاع الفتنة بشتى أنواعها بين الناس. في مقارنة تلك القيم ومقاربتها مع سلوكيات ومناهج معظم التيارات والأحزاب الاسلامية تجد العكس تماما، حيث تعم فيها ظواهر حب التسلط والشك بالآخر والحط من قدره ونشر الفتنة علاوة على القسوة في التعامل مع الآخر، هذا عوضا عن استخدام هذه الحركات الدين من أجل جلب المال والجاه والنفوذ لبعض رموزها. وبمحاذاة ذلك انتشرت في بعض المجتمعات، خاصة التي استقوت بها أرصدة الحركات الاسلامية المالية والشعبية، ظواهر السحر والشعوذة وقصص التلبس بالجن، وما يسمى بالبزنس الديني. بالتأكيد ليس هناك من علاقة بين الدين الاسلامي الحنيف وتفشي تلك السلوكيات والمظاهر، لكن بالتأكيد أيضا ان هناك علاقة وطيدة بين هذه السلوكيات المتخلفة والفاسدة وبين من يقومون بتسيس الدين وتديين السياسة الساعين من أجل ان يكون الدين على تفاصيل ما يريدونه وفقا لمصالحهم. ان أبشع ما يقوم به الانسان وفقا لتعاليم الدين الاسلامي هو استغلال جلباب الدين من أجل جلب المفاسد، ونحن اليوم أمام هذه البشاعة سياسيا واجتماعيا واقتصاديا ما يجعل التخلص منها أمرا عاجلا ومهما وذلك عبر نبذ كل من يقوم بتكفير الآخر أو بنشر فتنة أو باستغلال واقعة ذات علاقة بالدين للتربح السياسي. طبعا بعض هؤلاء المتربحين في هذا السوق الديني يرون ان كل دعوة لتطهير الدين والمجتمع منهم كفر وبدعة وتجاسر لكونهم يدعون الى خصخصة الدين لفئة محددة والبقية مجرد مبتاعين لسلعهم السياسية المغلفة بأغطية الدين. ولكن هل يمكن عمل ذلك؟ ليست الحكومات من يستطيع ان يردع هؤلاء المتاجرين بالدين بل كلما اتخذت الحكومات اجراء ضدهم كلما ازدادت سطوتهم، وبالتالي فان المجتمع هو المسؤول عن تلك الحملة التطهيرية، والمجتمع لا يمكن ان يتسنى له ذلك من دون مفكريه وأصحاب الثقافة وحتى بعض علماء ومشايخ الدين الاسلامي، الصادقين الناشرين لثقافة التسامح والتعايش والعفو، يجب ان يخرجوا عن صمتهم القاتل لأن المنطقة تمشي في طريقها للغرق في بحر السياسة التي استدينت بتعاليم المتطرفين وأسيادهم والمتاجرين والمرابحين مع الشياطين.

مع
لقد استغل تجار الدين كل شيء في سبيل زيادة نفوذهم ومصالحهم، ومنذ أكثر من أربعين عاما لم تحدث نقلة تنموية في المنطقة الاسلامية الا فيما ندر. كل ما حدث جراء استشراء العبث بتعاليم الدين هو الصراع والفتنة والتخلف، طبعا مع زيادة أرصدة المتاجرين بالدين أو اصحاب البزنس الديني، ومن الضروري ان يتم التغيير ضدهم.

ضد
الدين هو مكون بل لربما أصل المكونات للثقافة العامة ومنها الثقافة السياسية التي تنتج السلوك السياسي، وبالتالي فان الذهاب الى البنية الفوقية التي تتكون على شكل مظاهر عامة لا يمكن ان يتم الا من خلال تغيير البنية التحتية للمجتمع ومنها تغيير فهمه للدين، وهذا لن يتم في عصرنا حيث الدين والدولة متلازمان.

د.عبدالله يوسف سهر
sahar@alwatan.com.kw
أخبار ذات صلة dot4line
التعليقات الأخيرة
dot4line
 

!function(d, s, id) { var js, fjs = d.getElementsByTagName(s)[0], p = /^http:/.test(d.location) ? 'http' : 'https'; if (!d.getElementById(id)) { js = d.createElement(s); js.id = id; js.src = p + "://platform.twitter.com/widgets.js"; fjs.parentNode.insertBefore(js, fjs); } } (document, "script", "twitter-wjs");
347.0102
 
 
 
إعلن معنا
موقع الوطن الإلكترونية – حقوق الطبع والنشر محفوظة
 
Top