مقالات  
نسخ الرابط
 
   
   
 
  A A A A A
X
dot4line

أنا مع وضد

الحالة الصفرية... انعدام الشرط والمشروط في المعادلة الكويتية!!!

د. عبدالله يوسف سهر
2014/05/04   08:57 م

شكرا لتصويت

التقيم التقيم الحالي 0/5
writer image



أنا

Zero Conditional وهو ما يطلق عليه بالحالة الصفرية والشرح الفلسفي واللغوي يطول. بمعنى استهلاكي موجز، هذا المفهوم يعني وجود القاعدة الشرطية بين أمرين الشرط والمشروط في تواتر الأحداث كحقائق، وبمعنى أكثر سهولة القاعدة تقول اذا كان كذلك فلابد ان يحدث ذلك، وعلى سبيل المثال، اذا سخن الماء أكثر من مئة درجة فسيفور، واذا ركضت طويلا فستزداد ضربات قلبك، أو كما هو معتاد عليه من قبيل اذا جعت فسأتناول الطعام... وهكذا هي الحالة الصفرية في اللغة والموضوع.في الجانب الآخر هناك الكثير من الارتباطات الشرطية محتملة الوقوع مثل «اذا ذهبت فسترجع» وهنا ليس بالضرورة ان يتحقق الرجوع بمجرد الذهاب، كما ان هناك حالات مستحيلة الوقوع مثل «اذا قفزت فستطير» فهذا أيضا مستحيل، هذه الارتباطات المحتملة أو المستحيلة لا تسمى بالحالة الصفرية لكونها غير محتومة مثل الحالات الأولى التي تحكمها روابط علمية محتومة أو حالات معتادة الوقوع. آسف جدا على هذا التقديم الفلسفي أو المتفلسف، لكن الفكرة التي أود التعبير عنها هي ان هناك حالات اذا لم تكن صفرية فهي قريبة جدا منها مثل، واذا درست جيدا، ستنجح، واذا أخلصت في العمل ستقدر، واذا صدقت فسيصدقك الناس، واذا نجحت في أداء مهمتك ستكافأ... وهكذا. في الكويت لدينا صدارة في الموقف المالي، ولدينا ثروة بشرية من المتعلمين، ولدينا نظام دستوري ديموقراطي، ولدينا موقع جغرافي متميز، ولدينا أفضل العقليات الاقتصادية، ولدينا أفضل الفنانين في المنطقة الخليجية، وهي كلها حالات صفرية على الأقل محتملة الوقوع ان لم يجب ان تكن حتمية الوقوع، لكن في الواقع الحقيقي نحن في مؤخرة الركب في جميع المؤشرات تقريبا... لماذا؟؟؟؟ هذا هو السؤال الكبير. ان ضياع الحسابات وتداخلها في نسق اجتماعي وسياسي بالشكل الذي نحن فيه هو سبب رئيسي للتضارب الحاصل بين الشرط والمشروط أو تناقض المدخلات مع المخرجات بالشكل الذي نعاصره.فالعبث بنظم العدالة والاستقامة والصدق والمساواة وحرية الاختلاف هي بالفعل أسباب رئيسية تنبئ بهدم أركان أي دولة ومجتمع. ولقد أحاط بتلك القيم أو القوانين الكلية واضعو الدستور حينما أكدوا تلك المعاني والمقاصد في المادتين السابعة والثامنة وربطوا بين تلك المفاهيم التي تتصل بالعدالة والمساواة بالطمأنينة والأمن واعتبروها أركانا للمجتمع. وعندما نطوف في رحاب القرآن الكريم نجد تلك القواعد أُكدت كمحكمات في اطار سنن إلهية دعانا الرحمن للنظر والتدبر فيها حين قال عز وجل {أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ كَانُوا أَكْثَرَ مِنْهُمْ وَأَشَدَّ قُوَّةً وَآثَارًا فِي الأرْضِ فَمَا أَغْنَى عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ}(غافر:82)، الى جانب عدد آخر من الآيات الكريمة في ذات السياق. ولقد جاءت تلك السنن الالهية على شكل قواعد أو قيم كلية تنطوي تحتها قوانين لابد ان يراعيها البشر في ضمان صيرورة حياتهم الدنيوية والأخروية، ومنها أولا: قانون الاستعداد للتغيير الذي يبدأ بتغيير الذات مصداقا لقوله عز من قال: {انَّ اللهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ} (الرعد:11(. ثانيا: قيم وقوانين العدالة حين قال الله تعالى {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُونُواْ قَوَّامِينَ لِلّهِ شُهَدَاء بِالْقِسْطِ وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلاَّ تَعْدِلُواْ اعْدِلُواْ هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَاتَّقُواْ اللّهَ ان اللّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ} (المائدة: 8). ثالثا: قيمة الصدق ونبذ الكذب حيث قال الله {قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِكُمْ سُنَنٌ فَسِيرُوا فِي الأَرْضِ فَانظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ} (آل عمران: 137(.رابعا: الحرص على قانون أحكام التوازن بين الناس والمواضيع العملية حينما ذكر في محكم الآيات {وَأَقِيمُوا الوَزْنَ بِالْقِسْطِ وَلاَ تُخْسِرُوا المِيزَان} (الرحمن: 9). وكذلك قوله تعالى {فَأَوْفُوا الكَيْلَ وَالْمِيزَانَ وَلاَ تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْيَاءَهُمْ وَلاَ تُفْسِدُوا فِي الأَرْضِ بَعْدَ اصْلاحِهَا ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ ان كُنتُم مُّؤْمِنِينَ} (الأعراف:85). خامسا: لم يترك القرآن الكريم تأكيده على الحفاظ على قيم وقانون الاختلاف {وَلَوْلا دَفْعُ اللهِ النَّاسَ بَعْضَهُم بِبَعْضٍ لَّفَسَدَتِ الأَرْضُ وَلَكِنَّ اللهَ ذُو فَضْلٍ عَلَى العَالَمِينَ} (البقرة: 251). فهذا القانون هو ليس مرتبط بالصراع فحسب بل هو أيضا مرتبطا بضرورة التعايش مع الاختلافات لكونها تبعث حالة الابداع في المجتمع وتجدد الحياة فيه.سادسا: قانون الاستقامة {وَأَلَّوِ اسْتَقَامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ لأسْقَيْنَاهُمْ مَاءً غَدَقًا} (الجن:16). في الواقع العملي، وفي معادلتنا الكويتية، وبكل أسف عندما نصف الحالة الغالبة لتجدن فيها النفاق والكذب والتدليس، والظلم وعدم المساواة بين الناس، ومصادرة الحريات، ومكافأة المفسدين واقصاء المصلحين، واستشراء الفتنة، وبث الاشاعات وتصديق الوشاية، وتلاشي قيم الاخلاص والوفاء. في معادلتنا الكويتية انعدم في الغالب منها العلاقة بين الشرط والمشروط وحل مكانها الترابط بين المتناقضات مثل ان تعمل صالحا فتعاقب، وأن تنادي بالخير فتلاقي الشر. انها حالة عامة تعتري الكثير من الأفراد العاديين قبل العديد من المسؤولين، في مساق المكر السيئ الذي يغلب على علاقاتنا الاجتماعية والسياسية، لذا لن نخرج من هذا المأزق للسبب الذي ذكره الله عز وجل {اسْتِكْبَارًا فِي الأَرْضِ وَمَكْرَ السَّيِّئِ ولا يَحِيقُ المَكْرُ السَّيِّئُ الا بِأَهْلِهِ فَهَلْ يَنْظُرُونَ الى سُنَّةَ الأَوَّلِينَ فَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللهِ تبديلا وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللهِ تَحْوِيلً} (فاطر:43).

د.عبدالله يوسف سهر
sahar@alwatan.com.kw
أخبار ذات صلة dot4line
التعليقات الأخيرة
dot4line
 

!function(d, s, id) { var js, fjs = d.getElementsByTagName(s)[0], p = /^http:/.test(d.location) ? 'http' : 'https'; if (!d.getElementById(id)) { js = d.createElement(s); js.id = id; js.src = p + "://platform.twitter.com/widgets.js"; fjs.parentNode.insertBefore(js, fjs); } } (document, "script", "twitter-wjs");
277.0142
 
 
 
إعلن معنا
موقع الوطن الإلكترونية – حقوق الطبع والنشر محفوظة
 
Top