مقالات  
نسخ الرابط
 
   
   
 
  A A A A A
X
dot4line

أخبار الكويت.. عند أهل الخليج

عبدالله بشارة
2014/05/11   10:09 م

شكرا لتصويت

التقيم التقيم الحالي 0/5
writer image



قضيت أياما بين البحرين وسلطنة عمان في منتديات حوارية فكرية وسياسية تناولت أوضاع المنطقة الخليجية والعربية، شارك فيها عدد من أبناء مجلس التعاون، امتدت لأيام، تناقلنا خلالها الأفكار عن ايران ومجلس التعاون وعن قضايا سورية وفلسطين ومصر واليمن.. الخ.
أفكار من شخصيات سياسية ممارسة وأخرى من أكاديميين متنوعين في التحليلات، ورغم الانشغال في هذا الملف الواسع ومحتوياته المعقدة وتحدياته المؤلمة، يظل الاستفسار الدائم عن طبيعة ما يدور في الكويت.
كان هذا الاستفسار والسؤال أثناء استجواب رئيس مجلس الوزراء الشيخ جابر المبارك وما انتهى اليه بحكم رأي الأغلبية من النواب، واستقالة ثلاثة معارضين ثم استقالة النائبين علي الراشد وصفاء الهاشم.
الأسئلة الخليجية شرعية في مصادرها وفي أهدافها وفي اتساعها، وتشمل استفسارات عن أحوال المعارضة ومشاغل أحمد السعدون وطموحات مسلم البراك ونشاطات حدس.
تقع الكويت جغرافيا في شمال الخليج، وسياسيا في رأس الخليج، واعلاميا في صدر الخليج، وحراكا في عين الخليج لأنها جاذبة في أحداثها، واخباريا منبعا لا يتوقف وأقوالا لا تنضب، وهرجا ليس له حدود، وصخبا مفرطا في الازعاج.
الحكايات عن الكويت تثير الشهية، ومن يجلس في ديوانيتها يطلع بحصاد مقروء في تبويب التقارير السياسية، ومن يقعد في صالة الاعلام في برلمانها، يقف على الطبيعة الانسيابية الكويتية في الشرح الطويل عن أعمال اللجان ومحتويات ملفاتها، وعن الوزير القادم للرد على أسئلة النواب، وينشط كتاب الزوايا في التحليل والاستنتاج بشيء من التهليل للبعض وبشيء من الاستهجان للبعض الآخر، وتتوزع أدوار النواب في الأحاديث في الصحافة، فيتربع الرئيس مرزوق الغانم في المقعد العالي في مسلسل التصريحات البرلمانية، وأشرت الى أصدقائي في الخليج بأن بيان الرئيس بعد مقابلته لسمو الأمير خرج بتفويض غير مسبوق في أهميته ومعانيه وأيضا في آليته، ويقول الرئيس الغانم فيه إن سمو الأمير أبلغه بأن الحالة البرلمانية ستبقى دون توقف ولا نية للتغيير وأن المسار الحالي سيستمر.
باللغة المبسطة، لن تلمس استقالة النواب الوظيفة القائمة للمجلس الحالي في استمراره في متابعة أعماله، وأن الخطة كما تبدو حاليا، اتباع النهج الدستوري في فتح الباب لانتخابات فرعية بقصد تكملة العدد ليحل آخرون مكان من استقال.
الكويت وأخبارها وأحداثها دولة حمالة مثل الحقائق الكل يستشهد بتجربتها ويفسر دستورها وفق قراءته، فاذا كانت تجربة الكويت البرلمانية تضيق على حرية مسؤول الحكم، وتأسره في قالب ضيق وبطيء التحرك لا يسمح بالنفاذ الى القرار السريع، كما يحللها البعض في الخليج، فان الطرف الآخر يرى بأنها تؤدي رسالة سياسية عصرية ليس فقط في المشاركة الشعبية في القرار السيادي للدولة وانما في المساءلات والاستجوابات وهي رسالة لابد من رعايتها ولاسيما أنها تبيح فتح الأبواب الواسعة لحرية التعبير في القول والممارسة، وتسمح بتأسيس الهيئات ذات النفع العام والتجمعات الشعبية وتجمعات النقابات.
كنت أرد على الكثير من الاخوان بأن الفضاء الكويتي السياسي ساحة تشبه مدينة العاب صاخبة مثل ديزني لاند فيها الكثير من المحطات بعضها يبهج وبعضها مثير لكنه متعب وبعضها يسبب الصداع ويدفع بالمشاهد الى الخارج بحثا عن الهدوء، وهي وطن صلب، أهله متمسكون بصخراته ورماله وصحرائه وهي وطن تاريخه فصول من عبور المحيط الهندي وسواحل أفريقيا ومدن الهند وساحل ايران، أهله يستمتعون بذكريات الماضي من بحرهم ومن صحرائهم، ويجلس على توافق شعبي جماعي يحميه الدستور في مبادئه وضوابطه، وأهله هم حماة هذا الوطن على الرغم مما تقرأونه من صحافته من ضجيج مرهق وفلتان ممل وهواجس عن المصير.
نادرا ما تسمح التقاليد البرلمانية العالمية بممارسة الانسحاب عند الاختلاف بسبب الضيق من قرار تتخذه الأغلبية، فمن واجبات العضو اظهار الصمود والمقاومة من أجل القناعات والتسلح ليس بالصبر فقط وانما بالثقافة الديموقراطية التي تنادي باحترام الرأي المضاد، مع وعي ملتزم بحق الناخبين في التشاور قبل ان يتمكن الزعل من قرار النائب بالاستقالة.
مع ذلك من حق النائب اذا ما أصر ان يمشي وفق قناعاته وضميره، لكن ليس من حقه الدخول في دوامة التحريض لاغراء آخرين بالانسحاب، عندها تصبح الاستقالة تخريبا متعمدا وتهييجا للاضطراب، هناك عدد من المعارضين الذين يتصيدون الأحداث لعلها تخدم أهدافهم في اتساع الفوضوية وفي اضعاف القوة في المعنويات الوطنية، مع بث الاشاعات حول نهاية عصر البرلمان الحالي، وتكدير الأجواء من أجل ادخال القلق لدى المجتمع.
الكثيرون من أصدقائنا في الخليج على وعي تام بأن تجربة الكويت المثيرة والمقلقة تحمل ايجابيات في اعلاء حق المواطن بما في ذلك الحماية القضائية، وعلى معرفة تامة أيضا بأن تجربة الكويت تسرح في فضاء خليجي واقليمي واسع فاتحة صدرها لمن يريد التوقف عندها في فحص المفيد وفي التعرف على غير المفيد، وهي تجربة لها صدى عالمي في المحافل الدولية ولها مكانة عند المنظمات العالمية، مع علاقات لها طابع معين مع الهيئات المتخصصة في البعد الانساني.
وأكثر ما أعجبني في شهية الخليجيين حول المعرفة عن أحوال الكويت هو الالمام بالتقصير في الحالة الكويتية مثل عجز الموروثات عن التناغم مع التطور السياسي الذي تعيشه البلاد، فلايزال عبء الموروث يقف في وجه الكفاءة في الاختيار، ولايزال الابداع لم يتصدر سلم الكفاءات لأن عوائق التقاليد تعارض بصرامة الانفتاح الذي يؤدي إلى القفز عليها، ولاتزال بذور الاستقطابات والتباعدات الفئوية والقبلية فاعلة بسبب الاختلاف في المواقف السياسية.
ومشكلة أخرى لم تستطع مواكبة التجديد والتحديث في النظام السياسي هي عجز الادارة البيروقراطية عن المتابعة والالتزام بضوابط القانون واحترام قواعده، وهنا يوجود أكبر المثالب في التجربة البرلمانية وهو ما يسمى بظاهرة نواب الخدمات الذين ساهموا في شل الادارة البيروقراطية التي شهدت خللا في اعطاء رئاسة لمن لا يستحق وتجاهل المؤهل، وترضية المفاتيح، هذه ممارسات تزيد من الترابط الفئوي الشخصي وبعيدة عن طبيعة الحقائق البرلمانية.
وجاءت هذه العقدة الدائمة والمؤذية بسبب البحث المستمر عن آليات تؤمن للنائب ان يعود نائبا ويضمن مقعده، فلا يجد مفرا من اللجوء الى القبيلة أو الطائفة أو المعارف والأهل كقاعدة آمنة للمستقبل، ولا يزيل هذه الظاهرة الملوثة للجانب المستنير في التجربة سوى قيام الأحزاب التي لاتزال بعيدة عن الشواطئ الكويتية بسبب الفقر في الثقافة البرلمانية والحداثة في الممارسة الديموقراطية والشكوك من تجارب العرب الآخرين في النظام الحزبي الذي كان ضعيفا قبل قدوم الراديكالية العسكرية التي أجهزت عليه وشنقت بعض رموزه.
ومع ذلك نردد للاخوان في الخليج بأن استقرار الكويت متين ونظامها السياسي صلب يتميز بظاهرة المرونة التي رافقته منذ ولادة هذا الوطن المثير، ونردد أيضا بأننا نلمس التأثير الفكري للتجربة الكويتية على تحولات الشخصية الخليجية، وألمسه شخصيا في اللقاءات والمحاضرات ولاسيما التي تعقد في المنتديات في بريطانيا وغيرها من مدن العالم، وأشعر من المداخلات الخليجية بأنني أكثر عطفا على الحالة الخليجية العامة من الآخرين المتحدثين بنبرات لا تخلو من الخشونة.
تبقى كلمة ناصحة، فهذه الشوشرة الصاخبة واليافطات الفلكلورية والاستعراضات الخطابية تتلاشى تماما مع الانجاز والانتاج والاحساس بجدارة القيادة، وغير ذلك تبقى سخونة هذا الصيف أكثر مما نتوقع.

عبدالله بشارة
أخبار ذات صلة dot4line
التعليقات الأخيرة
dot4line
 

!function(d, s, id) { var js, fjs = d.getElementsByTagName(s)[0], p = /^http:/.test(d.location) ? 'http' : 'https'; if (!d.getElementById(id)) { js = d.createElement(s); js.id = id; js.src = p + "://platform.twitter.com/widgets.js"; fjs.parentNode.insertBefore(js, fjs); } } (document, "script", "twitter-wjs");
1421.9961
 
 
 
إعلن معنا
موقع الوطن الإلكترونية – حقوق الطبع والنشر محفوظة
 
Top