مقالات  
نسخ الرابط
 
   
   
 
  A A A A A
X
dot4line

نجاح الأمير وتجليات الرئيس

عبدالله بشارة
2014/11/24   12:27 ص

شكرا لتصويت

التقيم التقيم الحالي 5/0
writer image



رفع سمو الأمير كآبة الحزن التي تسيدت الحالة الخليجية وأجواء أخرى خارجها منذ بداية هذا العام والتي أثرت في مسيرة مجلس التعاون ومست الحصن الصلب في هيكلة المجلس الذي جاء وليدا من العقد السياسي والاستراتيجي بين الدول الست، ومن أبرز ملامحه التعامل مع الخلافات بهدوء ومنعها من هز القناعة الجماعية التي تعمل على ترسيخ مرتكزات مجلس التعاون، فمهما كانت التباينات بين الأعضاء فمسؤولية الجميع النأي عن اضرار الثوابت، أو مس القناعة الجماعية بأن المجلس مصير وحضن واقٍ له مقام وهيبة.
وانطلق سمو الأمير في جهوده مدفوعا بالارادة القوية مستفيدا من الظرف التاريخي المناسب لفرض سطوة العقلانية التي هي شعار دول المجلس.
جاء الرجل المناسب في الوقت المناسب مندفعا في شرحه بأن المنافع العليا والمصالح الواسعة المشتركة بين الدول تجعل التباينات تتضاءل وأن القيادة الناجحة هي التي توظف الحس المسؤول في معالجة الخلافات.
كان القدر الخليجي يدفع بسمو الأمير للتحرك، وكانت نزعة الاندفاع متوافرة لدى الأمير فاكتمل النجاح.
لو لم يكن السادات قادرا على تلمس الفرصة التاريخية لما خرجت القوات الاسرائيلية من سيناء، ولو كان ياسر عرفات يملك الارادة السياسية عندما طرح الرئيس كلينتون مشروع الحل، لتغير الموقف الذي يواجهه أبو مازن الذي يملك الارادة لكن لم ترحمه الفرصة النادرة.
هذه هي حياة الأمم فرص تلوح وارادة تقتنص، ونجاح سمو الأمير رواية في فنون ادارة التباينات وقنص الفرص.
ويكفي قراءة ماصدر من بيانات من دول المجلس وغيرها عن جهد سمو الأمير الخارق لنقف على الدور المصيري الذي تولاه سمو الأمير.
وهنا من المناسب الاشارة الى حديث سمو رئيس مجلس الوزراء الى صحيفة الراي الكويتية في عددها الصادر يوم الثلاثاء الماضي 18 نوفمبر 2014 الذي يتحدث فيه الشيخ جابر المبارك بأريحية وصراحة عن مسؤولياته وآرائه في الوضع الراهن وعن مسببات ثقته في المستقبل.
وتبرز أهمية اللقاء من ندرته وثقل محتوياته، فالمعروف في الكويت بأن الشيخ جابر المبارك مقل جدا في اللقاءات الصحافية، وفي سلوكه شيء من التوجس من عدم انضباط الاعلام في نقل الأحاديث، وربما له حق في ذلك لكنه حتما مقصر في التخلي عن توظيف الآليات الاعلامية لشرح مسؤولياته وطموحاته وابراز فلسفته وتوضيح النهج الذي يتبناه وتقديم ما يريده الى الرأي العام الكويتي الذي يتابعه من خلال الاعلام، وهي الوسيلة المؤثرة الوحيدة التي تؤمن له الوصول الى الناس.
ومن أجل الاختصار أود ان أبدي الملاحظات التالية:
أولا: أرجو تكرار هذه التجربة مع استمرار الطلة الاعلامية وبشكل دوري يلتقي فيه مع رؤساء التحرير لاطلاعهم على ما يدور في ذهن القيادة، ويتباسط معهم لسببين، أولهما - فهم الآلية التي توصل أفكاره وما يدور في ذهنه الى شعب الكويت، وهم أيضا أصحاب خط التماس مع الجمهور الكويتي ولهم مسار التحرك في الدواوين والمنتديات ينقلون له الهمهمة التي يسمعونها، ويحملون له هموم الناس.
والواضح ان رئيس الوزراء يعطي أهمية خاصة لمصارحة الناس، ويضيف في حديثه داعيا الى اشراك الناس في القرار حتى لو كان صعبا، ويعي الشيخ جابر المبارك بأن تخفيف الدعم المستشري في الدولة الرعوية يحتاج الى تثقيف وشرح وحوارات مع الاعلام، فلا مفر من تخلصه من عادة الابتعاد عن الميديا وهي أفضل الوسائل المتاحة له للوصول الى الناس.
ثانيا: يتحدث سمو رئيس الوزراء عن اعداد خطة شاملة للتنمية من أجل تحويل الكويت الى حلم الأمير كمركز مالي من خلال اجراءات أبرزها الخصخصة الشاملة لكل القطاعات اضافة الى جملة من القوانين والمشاريع التي تجذب الرساميل وتطلق عجلة الانتاج.
هنا يتحدث الشيخ جابر المبارك عن عنصرين مهمين، الخصخصة، والاستثمار الاجنبي.
ومن المفيد هنا التأكيد على ان حوار الرئيس هو ترسيخ لمفهوم الليبرالية الاقتصادية التي تضعف وجود الدولة في ساحة الخدمات وتؤمن بقواعد السوق وتبدل كل القوانين من أجل توطين الاستثمار الاجنبي كسبا للتكنولوجيا والاسواق والخبرة، وتمشيا مع قواعد العولمة التي ربطت العالم اقتصاديا وسياسيا وتداخلت مع السياسات العامة لجميع أفراد الأسرة العالمية.
واذا كان هذا المسعى المستجد بارزا في الخطة الكويتية الشاملة التي يتحدث عنها الرئيس، فلا شك بأن أعباء الدولة وسلوكها وأدبياتها وحتى مفرداتها ستتغير بشكل دراماتيكي حيث ستتضاعف مسؤوليات الرئيس، فالمطلوب منه مستقبلا ان يقف أمام الرأي العام في قاعة البرلمان ويشرح أهداف الاسراتيجية ويدافع عن الخطة ويحصنها من التدخلات، لا يكفي ان يترك هذه المسؤولية للوزير المختص لأن الوزير يتحدث عن تفاصيل، لكن الرئيس يقدم نهجا جديدا لخطة مختلفة، يقول عنها بأن الكويت المقبلة ستطلق ورشة تشريعية شاملة بغرض تحويلها الى مركز مالي مثل تعديل قانون الشراكة بين القطاعين العام والخاص عبر عقود الـB.O.T، وتعديل قانون المناقصات واستقطاب الاستثمارات الأجنبية وتبسيط الدورة المستندية.
وبالطبع فان الرئيس سيجد معارضة متنوعة من تجمعات اعتادت على رعاية الدولة وتحبذ ضماناتها، ومن تجمعات سياسية تتخوف من تصاعد نفوذ القطاع الخاص ومن تحميل المواطنين من قطاعات مختلفة المزيد من الأعباء المالية، وسيواجه سخونة في اتصالاته مع مجموعات عاشت من الاستقطابات الطائفية وأخرى تنتفع من الاسلام السياسي.
لن تسير المهمة بنجاح مالم ينجح الرئيس في تجنيد الحس الوطني لدى المواطنين واقتناعهم بالعائد الذي سيأتي به النهج الجديد، وهذه خطوة تبدأ بحشد الدعم البرلماني المؤازر، متزامنا مع فتح القنوات الجماهيرية.
وقد يجد الرئيس الاطمئنان من المجموعة الليبرالية السياسية التي تدرك بأن الديموقراطية تنتعش مع الليبرالية الاقتصادية التي تتوسع مساحتها مع تزايد الطبقة الوسطى التي تملك المؤهل المناسب للاستفادة من الانفتاح الاقتصادي وتلعب دورا هاما في زيادة التوعية السياسية وترتبط أكثر بالدوائر الاقتصادية والسياسية الخارجية التي أفرزتها العولمة.
ثالثا: لا جدال بأن الشخصية الكويتية ستتغير من واقع اليوم الى هيئة أخرى تصوغها سلة من الأفكار والمفاهيم والحسابات المختلفة تماما عن واقع اليوم، وسيكون فيها العامل الواقعي البراغماتي بارزا على حساب المتوارث من صيغ قيمية واعتبارات اجتماعية، وسيكون فيها الميل السياسي نحو قناعات من حسابات الربح والخسائر وسيزداد الحراك السياسي وربما يتحول هذا الحراك الى احتكاك سياسي ساخن.
هذه حصيلة مرت بها شعوب العالم وعرف من خلاله التنافس السياسي والاقتصادي الحاد وضعفت فيها النزعة الدعوية القيمية.
وضع رئيس التحرير سؤالا أمام الرئيس عن احباط الشباب والتوظيف العشوائي والافاق القاتمة.. هكذا جاء السؤال..
أعتقد ان هناك مبالغة في هذا الكلام الوصفي لكن حتما يتواجد الاحباط رغم احتضان الدولة لكل ما يريده الشباب مع ضمان العمل والسكن.
لابد من ان ينتبه سمو الرئيس بأن هذا الاحباط سيتضخم مع اطلالات مواصفات الفصل الاقتصادي الجديد الذي تحدث عنه مع تبعاته السياسية والاجتماعية، وهنا لابد من التحضير الجيد استعدادا لما قد تحمله خزائن أسرار المستقبل..
يتمتع الشيخ جابر المبارك بإجماع شعبي على نزاهته وعلى نقاوة نواياه، لكن القيادة السياسية تتطلب عنصرا آخر غير السماحة والصفاء، وهو الحزم في اتخاذ القرار الخشن دون تردد، مع الالتزام بالقرار والقدرة على استعمال المشرط لاستئصال المؤذي بلا تردد، لاسيما في ساحات الفساد والاسترخاء وعجز الادارة وغياب اللياقة السياسية من الكبار.. والله يكون في العون.

عبدالله بشارة
أخبار ذات صلة dot4line
التعليقات الأخيرة
dot4line
 

!function(d, s, id) { var js, fjs = d.getElementsByTagName(s)[0], p = /^http:/.test(d.location) ? 'http' : 'https'; if (!d.getElementById(id)) { js = d.createElement(s); js.id = id; js.src = p + "://platform.twitter.com/widgets.js"; fjs.parentNode.insertBefore(js, fjs); } } (document, "script", "twitter-wjs");
277.0111
 
 
 
إعلن معنا
موقع الوطن الإلكترونية – حقوق الطبع والنشر محفوظة
 
Top