مقالات  
نسخ الرابط
 
   
   
 
  A A A A A
X
dot4line

مع أصحاب الضمير..في دعوة التغيير

عبدالله بشارة
2012/01/09   12:14 ص

شكرا لتصويت

التقيم التقيم الحالي 5/0
writer image



في الأيام القليلة القادمة سيذهب المواطنون إلى صندوق الاقتراع لانتخاب ممثلين جدد لعضوية مجلس الأمة القادم، بعد تلاشى وجود المجلس السابق الذي لوثته الرشاوى وحكمه فساد الضمير، وأهلكه الجهل المتفشي، ومن المفيد ان نستذكر في ممارستنا الانتخابية فضائل حق الاختيار الحر والمفتوح على كل الأسماء دون تكبيل يحد من مساحة الاختيار ودون قيد على الأسماء ودون عيون مخفية تسجل عليك من تنتخب ومن تختار، ودون ان تضبطك المباحث، فيما بعد، لأن اختيارك جاء بعكس ما تريده السلطة.
يذهب كل من الناخب والمرشح الى الاقتراع بوعي تام بأن الفصل الحالي مختلف عما مضى، فلا موقع للنائب الهزيل، ولا تساهل مع نواب المنافع، هذا الحق المبدئي في عقيدة الانتخاب ليس موجودا في عالم العرب المزور، فعالم العرب مسكون بالخوف من أصحاب الرأي الآخر، الذين لا تستذوقهم سلطات الحكم لأنهم معارضون، ولهم اجتهادات أخرى.
من فضائل الكويت الانتخابية غياب هذا الغول الرسمي المخيف الذي يزور ويغير ويبعد ويشطب على هواه ودون حساب، كما نعرفه من سجلات الانتخاب في الدول العربية.
معظم الحكام العرب وتابعيهم يرتعدون خوفا من قول الحقيقة، ومن أصحاب الجرأة والهمة، المعبرين عن الحقيقة، التي لا تروق لنظام حكم قائم على الاستبداد وعلى احتكار ارادة الشعب واختصاره في قرار الحاكم وحده.
كانت، الحقيقة تفزع الحكام العرب، يرهبها المستبد، ويخشاها المزور، ويهتز منها المغرور، ويتحايل عليها المخادع.
الانتخابات هي ممارسة لحق المواطن في الحرية، بلا رهبة من مخابرات تلاحق أو أجهزة تتجسس، وهي أيضا ممارسة لتدوين ثقة متبادلة بين الحكم والشعب، قائمة على الاطمئنان وعلى احترام أساسيات المواطنة، فعندما يندثر هذا الاحترام تقع الأنظمة في قبضة الاعياء القاتل، وما يسمى باللغة العالمية Paranoia، وهي حالة الاضطراب الفكري الناتج عن الشك في كل الأقوال والخوف من كل الرجال ماعدا دائرة المقربين المنتفعين.
وحالة البارانويا هي سبيل الهلاك للحاكم ولنظامه، مهما سعى الحاكم للبقاء، ونستطيع القول بأن النظام السوري الحالي يعيش هذا الواقع القاتل، حيث استسلم للارتباك العصبي وخرج من قواعد العقل وابتعد عن حسن التصرف.
ولا نتجاهل واقع ايران الراديكالية التي تعيش في هلع دائم وخوف مزمن من مؤامرات الخصوم الذين لا يتورعون عن اللجوء الى المحرمات لاسقاط نظامها، ودفعت هذه الحالة الهستيرية ايران الى نهج استبدادي واستخباراتي موحش في أسلوبه الداخلي، في تصفية المعارضين الداعين للحرية والراغبين في قول الحقيقة، ويسجل تاريخها المذابح البشعة التي أقدمت عليها المحاكمات التي ترأسها آية الله «الخلخالي».
ليست سورية المرعوبة اليوم، ولا ايران المهسترة، هما ضحايا الخوف من الحقيقة، وانما هناك أنظمة أخرى اعتمدت على دعم الجماهير لكنها لم تسلم من أمراض البارانويا في مسيرتها، وهنا أتذكر النظام الناصري، بعد تفكك الوحدة السورية – المصرية، وكيف انتابت عبدالناصر حالة البارانويا في الشك القاتل في كل الطبقات المستنيرة والبرجوازية المستقلة، واندفاع النظام في الاعتقالات للراسماليين ولطبقة المفكرين المستقلين، وتبنى النظام الناصري ممارسات غير مسبوقة في عالم العرب لمعاني الحرية والديموقراطية، وتعريفات الحياة البرلمانية، كلها أدت الى تكميم الأفواه وتخويف الناس من المجاهرة في النقد الى درجة أنه لم يخرج صوت واحد يحذر من سياسة حافة الهاوية التي أدت الى كارثة 1967، لأن قتل الحرية أصاب المجتمع بالشلل التام.
هنا في الكويت نذهب، كلنا، بوعي لمعاني الحقيقة في الحياة البرلمانية، ونذهب باصرار على ان التعتيم طريق يؤدي الى الفساد، وأن الوضوح يولد الشفافية، وأن المحاسبة في انتظار من يتخطى قيم الحرية ويعبث بارادة المواطنين، فالكل مقتنع بأنه لا أشباح تراقب، ولا مخبر يتقول، وتبقى ارادة الناخب وحسن اختياره هي القرار النهائي في الوصول الى البرلمان.

وهنا أود ان أسجل ثلاث نقاط أراها مناسبة:
أولا: تتصرف حكومة سمو الشيخ جابر المبارك بعقلانية معبرة عن تفاعل صادق مع التوجهات الشعبية في تأمين نظافة الانتخابات والحفاظ على سلامتها، متمثلة في انشاء المفوضية العليا للانتخابات، والاستعانة بجمعية الشفافية للاشتراك في الاشراف على الانتخابات.
هذه خطوات تترجم العزم على ان الحكومة مدركة لمعاني القيم البرلمانية في تقبل الحقيقة والتعايش مع الوضوح، وفي اعلاء ارادة المواطن في الاختيار وفي احترام حصيلة هذا الموقف، مع العزم على التعامل القوي مع الفساد وتسكير منابعه وملاحقة الوكالات التي تتكسب من الفساد، ونحن نلمس حسن النوايا في الدليل الجدي في تحقيق النزاهة عبر النشر العلني لدور النيابة العامة في ملاحقة الفرعيات.
ثانيا: ومع الاطمئنان لاجراءات الحكومة في سلامة المسيرة البرلمانية، نتحدث عن الحس الوطني المميز للمواطن الذي يبحث عن المنفعة العامة بعيدا عن التكسب المادي الشخصي، واضعا مصلحة الكويت فوق كل اعتبار، باحثا عن المرشح المتميز في فهمه لمسؤولية النائب في النظام البرلماني، ملتزما بحسن السلوك النيابي في احترام مقام العضوية البرلمانية، بعيدا عن التسكع في الوزارات، مرتفعا عن اختراق القانون، مواليا فقط للنظام العام، وواضعا فضائل السلوك الحسن في تعامله مع الناس ومع أجهزة أمن الدولة، وواضحا في ادانته للرشوة، وعازفا عن التلاقي مع المرتشي والراشي، ومنقبا عن المفردات المؤدبة والسلمية في التعاطي مع زملائه سواء في الداخل أو الخارج، ومحافظا على نزاهة الكويت وحسن صورتها عند ممارسته لمسؤولياته.
ثالثا: يلاحظ غياب الشأن الخارجي في حملات المرشحين، وداخل دائرة المسيرة البرلمانية، والسبب يعود الى الاجماع الوطني العام على الترتيبات الأمنية التي نظمتها الكويت مع الحلفاء والأصدقاء، والتي ولدت مناخا تسوده الطمأنينة والسكينة، والى الاعتراف بواقع العمق الاستراتيجي لمجلس التعاون، وهذا الواقع يوفر للجميع التركيز على الوضع الداخلي في التعامل الجدي مع الطائفية وأمراضها وخطورتها، ولحسن الحظ فان الحكومة واعية في قرارتها بتشكيل لجنة للتعاطي مع هذه الظاهرة القاتلة، ونكرر بأن الوصفة المفيدة للقضاء على الطائفية، توجود في التطبيق المنصف للقانون والاعتراف بحق الكفاءة وحسن الاختيار وفق المواهب، وتأمين حق المبدع بالتفوق.
والملاحظ بأن الفصل الانتخابي الحالي يتميز في بروز دور عنصر الشباب في دعم هوية المرشح المناسب وفق أهليته الوطنية بدلا من تأهله الطائفي أو القبلي، وطالما لا توجد أحزاب تحتضن المرشحين وفق المواقف، فلابد من تشجيع تقارب الآراء داخل التكتلات السياسية بحيث تحتوي على مخزون المواهب من مختلف مشارب مجتمع الكويت، بدلا من تركها لاغراء الطائفيات والقبليات.
وقد ساعدتنا الخطوات التي اتخذتها الحكومة في التعرف على نهج سمو رئيس الوزراء النابع من حسه الوطني النظيف، الذي يعكس أسلوبا يرعى القادرين ويشرك اللائقين ويتجاوز في اختياراته الأطياف والألوان، محترما الكفاءة وحدها.
مجتمع المستقبل والمتسلح بالهمة والجد يرتفع في مناخ الحرية ويزدهر مع الحقائق الناصعة من أجل الكويت ومستقبلها.
بقلم: عبدالله بشارة
رئيس المركز الدبلوماسي للدراسات
أخبار ذات صلة dot4line
التعليقات الأخيرة
dot4line
 

!function(d, s, id) { var js, fjs = d.getElementsByTagName(s)[0], p = /^http:/.test(d.location) ? 'http' : 'https'; if (!d.getElementById(id)) { js = d.createElement(s); js.id = id; js.src = p + "://platform.twitter.com/widgets.js"; fjs.parentNode.insertBefore(js, fjs); } } (document, "script", "twitter-wjs");
375.0095
 
 
 
إعلن معنا
موقع الوطن الإلكترونية – حقوق الطبع والنشر محفوظة
 
Top