مقالات  
نسخ الرابط
 
   
   
 
  A A A A A
X
dot4line

رحرحة

المبلغ المطلوب من السيد فلان!

أسامة غريب
2012/02/18   11:44 م

شكرا لتصويت

التقيم التقيم الحالي 0/5
writer image



لم يقتصر الخراب الذي أحدثه حكم الرئيس الساقط مبارك على جانب دون جانب في أوجه الحياة بمصر، بل وزع ثمراته المرة بالعدل على الجميع.في مصر فقط تستطيع دون ان تشعر بأدنى تأنيب ضمير ان تقول ان معظم التجار وأصحاب المحلات التي تبيع السلع المختلفة هم نصابون بطريقة أو أخرى. لن أتحدث عن الغش التجاري أو بيع السلع المضروبة على أنها أصلية، لكني سأذكر شيئاً لافتاً لاحظت تكراره عند كل مرة أكون فيها بصدد شراء سلعة ما سواء كانت أثاثاً أو سجاداً أو أدوات مكتبية أو كهربائية أو صحية أو أي شيء يخطر على البال.لاحظت ان المحل لا يعطيك فاتورة بالمبلغ الذي دفعته!..المحلات في كل بلاد الدنيا تعطي للمشتري فاتورة تتضمن اسم السلعة ومواصفاتها والسعر المدفوع فيها، وبمقتضي هذه الفاتورة يستطيع الزبون في ظرف زمني معين ان يستبدل السلعة أو يقوم بارجاعها ويحصل على فلوسه.وهم حين يفعلون هذا لا يفعلونه عن غفلة أو جهل، وانما لأن أصول البيزنس تقتضي تقديم الخدمة الجيدة والتعامل الأمين، الأمر الذي يكسب المكان سمعة طيبة بما يفتح الباب لتعاظم الأرباح.أما هنا فلا أحد يحفل بالحفاظ على الزبون، وآية ذلك أنهم عوضاً عن الفاتورة الطبيعية يقدمون له ورقة مطبوعة بها اسم المحل وتفصيلات السلعة، لكن تعلوها جملة عجيبة من الواضح ان التجار اتفقوا أو توافقوا عليها ووجدوا أنها تحقق لهم المطلوب.هذه الجملة تقول: «المطلوب من السيد فلان مبلغ كذا»...ويقوم البائع بكتابة اسم المشتري ثم يطوي الورقة ويقدمها للزبون مع ابتسامة وداع!.المسخرة في هذه الورقة أنها لا تعني ان الزبون دفع المبلغ وان المحل تلقاه، لكنها تعني بوضوح ان هذا المبلغ مطلوب من الزبون، وبطبيعة الحال لا يستطيع المشتري ان يستبدل أو يرجع السلعة، كما لا يستطيع ان ينازع التاجر بالقانون لأن الورقة التي في حوزته لا تثبت سوى أنه مدين للمحل!.
عندما استفسرت عن سبب هذه الورقة المضروبة الخالية من المعنى قام أولاد الحلال بتوضيح الأمر على أنه محاولة ذكية للتهرب من الضرائب ابتدعها التجار الذين لا يرون داعياً لسداد ضرائب لحكومة لا تقدم لهم خدمات تذكر.كدت ألتمس للتجار بعض العذر لولا أنني كنت بصدد شراء بعض الأشياء من محل شهير بشارع عباس العقاد بمدينة نصر، وبعد سداد الثمن فوجئت بالبائع المهذب يطلب مني الاسم كاملاً ورقم التليفون، ثم بعد ان قام بتدوين البيانات طلب مني التوقيع على الورقة.سألته في دهشة: علام تريدني ان أوقع؟.قال: أريد توقيع سيادتك على أنك استلمت السلع المكتوبة في الفاتورة.قلت وقد استبدت بي الدهشة: هل هذه طريقة جديدة للبيع والشراء؟ منذ متي يقوم الزبون الذي يدفع ثمن أشيائه نقداً بالتوقيع بالاستلام؟..الطبيعي ان أعطيك الفلوس وأحصل على سلعتي مع الفاتورة وأرحل، وكان يمكن ان أفهم مسألة التوقيع بالاستلام لو أنك تقوم بتوصيل السلعة الى المنزل «ديلفري»..ثم ان هذه الورقة التي قمت لتوك بملئها من أصل وصورتين ليست فاتورة دالة على السداد وانما هي ورقة سخيفة مكتوب بها: المبلغ المطلوب من السيد فلان هو كذا..و توقيعي على هذه الورقة بصيغتها الشيطانية هذه تعني أنني أقر بعدة أشياء: أولاً بأنني استلمت السلعة الموضحة وثانياً بأنني لم أدفع لكم مقابل ما أخذت ولكن مطلوب مني سداد هذا المبلغ!.ارتبك البائع وقال ان كل الناس تقبل هذه الورقة دون نقاش، ثم نادى على مديره الذي حاول تبرير المسألة بكلام فارغ أكد لي أنهم نصابون حتى النخاع.وبطبيعة الحال اضطروا ان يكتبوا لي فاتورة حقيقية من دفتر موجود لديهم ولا يستعملونه مطلقاً.
خرجت من المحل وأنا مهموم وحزين لأن الأمر تخطى هنا مسألة التهرب من الضرائب الى النصب العلني وذلك بالحصول من الزبون على شهادة موقّعة تفيد بمديونيته لهم على الرغم من ان فلوسه تقبع في خزانتهم!.

أسامة غريب
أخبار ذات صلة dot4line
التعليقات الأخيرة
dot4line
 

!function(d, s, id) { var js, fjs = d.getElementsByTagName(s)[0], p = /^http:/.test(d.location) ? 'http' : 'https'; if (!d.getElementById(id)) { js = d.createElement(s); js.id = id; js.src = p + "://platform.twitter.com/widgets.js"; fjs.parentNode.insertBefore(js, fjs); } } (document, "script", "twitter-wjs");
857.0072
 
 
 
إعلن معنا
موقع الوطن الإلكترونية – حقوق الطبع والنشر محفوظة
 
Top