مقالات  
نسخ الرابط
 
   
   
 
  A A A A A
X
dot4line

رحرحة

الحياة الإنسانية.. الغالية

أسامة غريب
2012/01/04   11:55 م

شكرا لتصويت

التقيم التقيم الحالي 0/5
writer image



المواطن الذي ينشأ في كنف حكومة ترعاه وتسبغ عليه حمايتها ولو في أقصى بقعة من بقاع الأرض ينشأ على تقديس أرواح بني البشر ومعرفة قيمتها. أما الذي ينشأ في دولة حكامها لصوص لا يكتفون بالسرقة وانما يعايرون المواطن بكثرة شرب الشاي واستهلاك السكر ويتهمونه بأنه يقوم بأعمال مشينة مثل الزواج والانجاب وتناول الافطار وركوب الأوتوبيس.. هذا المواطن الذي يكرهه حكامه ويحتقرونه ويتمنون موته لا يمكن ان ينشأ على احترام وتقدير الحياة الانسانية، بل انه يتمنى الموت الذي يريحه من بؤس حياته.
في الفيلم المصري الكوميدي اللذيذ «الارهاب والكباب» الذي تدور أحداثه الخيالية في مجمع التحرير قدم وحيد حامد وشريف عرفة فيلماً لا يمت للواقعية بصلة.. وكلما شاهدته تساءلت: ماذا لو ان هذه الحدوتة حدثت فعلاً وكيف يكون سلوك الحكومة في أزمة رهائن كهذه؟ بالتأكيد لم تكن لتفاوض الخاطفين أو تحرص على أرواح الرهائن كما فعل وزير الداخلية الخيالي الفنان كمال الشناوي.. لكنها كانت ستندفع بكل الغشم التاريخي لتقتل الخاطفين والرهائن وتحل المشكلة من جذورها!.دليلي على هذا ما حدث عند تحرير ركاب الطائرة المصرية المختطفة في مالطا في منتصف الثمانينيات ونتيجتها المأساوية.. كما يحضرني أيضاً ما حدث في السبعينيات من جانب المواطن سعد ادريس حلاوة الذي أغضبه افتتاح سفارة للعدو الاسرائيلي بقلب القاهرة فقام في سورة غضب باحتجاز زملاء له بالوحدة المحلية باحدى مدن محافظة القليوبية واشترط للافراج عنهم الغاء الاتفاقات مع اسرائيل، ثم ما كان من ضيق صدر السلطة التي لم تحاول التفاوض معه أو حتى كسب الوقت لانهاكه وتحرير الرهائن سلمياً، لكن ولأنها حكومة أبية لا تخضع للارهابيين فانها قتلته وأصابت الرهائن بجراح عندما أطلقت رشة جريئة من الرصاص عليهم جميعاً!.
الحكومات المنتخبة هي التي تعرف قيمة المواطن وتحترم حياته، أما السلطات المستبدة المغتصبة للحكم فان المواطن لديها أهون من جناح بعوضة، لذلك لا يستطيع أحد ان يلوي ذراعها ولو احتجز جمهور استاد القاهرة يوم ماتش الاهلي والزمالك.
في نفس هذا الاطار وهذه الخلفية أشعر بالحزن للصفقة التي تمت بين الفلسطينيين وبين اسرائيل للافراج عن العسكري شاليط مقابل ألف أسير فلسطيني، كذلك صفقة تسليم الجاسوس الاسرائيلي جرابيل مقابل ثمانين سجينا مصريا.بالطبع لا يحزنني عودة الأسرى الفلسطينيين والمصريين الى أهاليهم، وانما حالة الهوان العربي التي تجعل أهمية ولد اسرائيلي واحد عند أهله بألفٍ من رجالنا.ليس اللوم بالطبع على رجال المقاومة البواسل الذين أسروا فرداً واحداً من جيش شديد القوة والتسليح، ولا هي شطارة من اسرائيل ان تقوم بأسر المواطنين العزل الذين لا صاحب لهم وتجمع منهم الآلاف الذين سمح ضعف حكامهم بأسرهم ثم تقاعس هؤلاء الحكام عن اعادتهم، ولكن فكرة ان أعداءنا يحترمون أبناءهم الى أقصى حد ويقدسون حياة كل مواطن، وينظرون اليه على أنه الناس جميعاً، ويسعون سعياً حثيثاً لاعادة أي أسير أو اعادة رفاته.. هذا هو ما يحزنني.الأمر نفسه شعرت به عندما قام السيد حسن نصر الله في عام 2004 باعادة أربعمائة سجين عربي كانوا قابعين في السجون الاسرائيلية وبينهم مصريون، وكل ذلك في مقابل رفاة جنديين صهيونيين قتلا منذ سنوات.ولطالما ألقت بي أخبار من هذا النوع في حيرة فلم أعد أعرف هل أفرح لأن المواطن الاسرائيلي غال الى هذا الحد ونستطيع ان نفكه ببضعة مئات من العرب ومن ثم نقوم باسعاد مئات الأسر العربية مقابله، أم أغتم نتيجة هواننا على أنفسنا وعلى الآخرين.


أسامة غريب
التعليقات الأخيرة
dot4line
 

!function(d, s, id) { var js, fjs = d.getElementsByTagName(s)[0], p = /^http:/.test(d.location) ? 'http' : 'https'; if (!d.getElementById(id)) { js = d.createElement(s); js.id = id; js.src = p + "://platform.twitter.com/widgets.js"; fjs.parentNode.insertBefore(js, fjs); } } (document, "script", "twitter-wjs");
317.0118
 
 
 
إعلن معنا
موقع الوطن الإلكترونية – حقوق الطبع والنشر محفوظة
 
Top