|
|

|
كلمة حق
|
حسابات أردوغان بين الواقع والخيال بعد عملية مطار (أتاتورك)
|
|
|
|
راودت أردوغان أحلامُ بناءِ سوقٍ إسلامية مشتركة كالسوق الاوروبية التي انتهت إلى الوحدة الأوروبية ولكن مشكلة أردوغان الوحيدة أن فضاءَ الحلم في مشروعه أكبر من الواقع بنسبة لا تسمح إلا بالفشل والخيبة ،وكان أول حساباته الخاطئة أن التنظيم الماسوني الإرهابي المجرم الموالي لبلاد فارس (إيران) (الاخوان المجرمين) سوف يسود منطقة الربيع العربي. مصر تونس سورية اليمن وربما ليبيا ، وأغرق أردوغان في أحلامه أيضا مُعتَقداً أن نفوذ حكومات الإرهاب والإجرام والفساد (الاخوان المجرمين) سيمتد إلى الدول التي لم يطلها الربيع العربي.
مراهناً على أن الإخوان - الذين يرعاهم ويُساندهم ويمولهم - لهم حضورهم بقوة في العالم الإسلامي ، أمَّا ثالث ظنون أردوغان الحالمة أن بلاده ستبقى اللاعب الوحيد أو الأقوى في الأزمة السورية بحكم الحدود المفتوحة والطويلة بين البلدين ، وفي خضم اندفاع أردوغان وتهوره لتحقيق تلك الأحلام نسي أهم مشكلة تنخر بلاده، وهم الاكراد الذين لهم أهداف ومطالب يقبلها المجتمع الدولي وسيجدون من يساندهم في تحقيقها بمبرراتٍ أخلاقية أوإنسانية أو سياسية هذه هي نقطة الضعف التي تجاهلها أردوغان في حمى أحلام اليقظة التي انتابته.
واستهداف تركيا بالعمليات الإرهابية مختلف تماماً عن استهداف أية دولةٍ أوروبية أخرى، فنحن نتكلم عن ثاني أكبر قوة عسكرية في الحلف الأطلسي (الناتو)، وبلد يحتل موقعاً (جيواستراتيجيا) بالنسبة للشرق الأوسط، وهو يقع عملياً على خط النار المشتعلة في المنطقة، ولا يمكن ألاّ يستفز هذا الحادث المنظومة الأمنية والعسكرية الأوروبية المنهمكة في مسألة الانسحاب البريطاني من الاتحاد الأوروبي وتبعاته الإقتصادية والسياسية والعسكرية ، التفجير الذي ضرب مطار أتاتورك في اسطنبول لا يختلف كثيراً عن ذاك الذي ضرب مطار بروكسل واستفز المنظومة الأمنية الأوروبية، ولا يختلف عن عملية باريس ، ولكنالإشكال لدى أنقرة أنها تحاذي أخطر نظامٍ فارسي إيراني إرهابي في العالم وعملائه في العراق وسورية ومنهم تخرج الجماعات الإجرامية الشيعية المتطرفة الإرهابية، ولذا فإن حجم الخطر أكبر عليها من أية دولة أوروبية أخرى ، ولم تدخل تركيا عملياً على خط مواجهة "داعش" داخل الأراضي السورية، لكن ضغط العمليات الإرهابية في الداخل التركي قد يدفع أنقرة للانخراط في جهد عسكري كبير في سورية قد يتأتى لها اليوم بعد المصالحة مع روسيا وإسرائيل .
تركيا دولة جاذبة بالنسبة للغرب،فهي مزيج من السحر الشرقي والحداثة الغربية، وهناك تشجيع وتحفيز غربيان لاستدامة هذا النموذج رغم اتخاذه مساراً مخالفاً لبعض الثوابت الغربية في ملفي حقوق الإنسان وحرية التعبير، خلاف ذلك يلجأ الأوروبيون والأميركيون على حد سواء إلى أنقرة التي تمتلك تأثيراً واسعاً في المجالين الإسلامي والغربي للتعاون في حلحلة الكثير من الصعوبات والمشكلات المستعصية التي تعاني منها المنطقة ، وارتفاع عدد العمليات الإرهابية يهدد مشروع تركيا وحزب العدالة والتنمية، وقد يؤثر في القواعد الانتخابية التي اكتسبها بفضل الإنجازات التي حققها، وقد يدخِل تركيا في أتون تجاذبات واستقطابات سياسية ، وكانت الانتخابات الأخيرة جرس إنذار قد يجبر أردوغان على إعادة حساباته السياسية الداخلية والخارجية على حد سواء .
وكان استئناف الهدنة مع الأكراد خياراً حكيماً بدأت تنتهجه الحكومة التركية التي تردد بأنها تخطط لنقل الزعيم الكردي عبدالله أوجلان من الحبس الانفرادي إلى الإقامة الجبرية؛ لإفساح المجال للحوار مع قيادات حزب (العمال الكردستاني) أقوى الأحزاب المعارضة .
عبدالله الهدلق
|
|
|
|
|
|
|