مقالات  
نسخ الرابط
 
   
   
 
  A A A A A
X
dot4line

الاتفاقية الأمنية الخليجية.. هل هي عسكرة للمجتمع؟

مرزوق فليج الحربي
2014/02/08   10:02 م

شكرا لتصويت

التقيم التقيم الحالي 5/0
writer image

رفضها يأتي من باب الحفاظ على مكتسباتنا السياسية والمحافظة على دستورنا


منذ أكثر من 40 عاما وأغلب الدول العربية تحولت من ممالك إلى جمهوريات عبر انقلابات عسكرية وأتى رؤساء الدول عبر الدبابة وعبر البيان رقم واحد وتم فرض قوانين الطوارئ وتم إقصاء الآراء الأخرى وفتحت المعتقلات وكممت الأفواه ومنعت حرية الرأي وحلُّت الجمعيات والكيانات السياسية المعارضة ومنعت الإصدارات والمطبوعات والصحف المعبرة عن حرية الرأي وعاشت الشعوب العربية تحت حكم الرأي الواحد والحزب الواحد ولا صوت يعلو فوق صوت الحزب، وأصبحنا نعيش في ذيل دول العالم فلا تنمية ولا استغلال لثروات الدول ولا حريات حتى صنفنا عالمياً من دول العالم الثالث وأوجدت ثقافات لتقديس الحاكم حتى أصبحنا نقدس الحذاء العسكري أكثر من تقديسنا لحرياتنا وقناعتنا!.
وجاء الربيع العربي وانتفضت الشعوب واشتمت رائحة الحرية وأصبحت تفكر خارج صندوق الآلية العسكرية وعاشت لمدة عامين مخاضا ديموقراطيا أجريت فيه انتخابات ورشحت رؤساء من الشعب واختارت أحزابا سياسية حسب قناعتها وتم كل شيء عبر صناديق الاقتراح وشعر الناس بأن هذه الاجواء سوف تخلق أجواء تنموية ترفعنا لمقام الدول المتقدمة بعد سنوات فالحرية والاستقلالية ومحاسبة الحاكم المدني عبر ديموقراطية نزيهة واختيار افاضل الناس من سياسيين هم من سوف يقودنا للعلو والتقدم، ولكن الدولة العميقة والآلية العسكرية التي عاشت نصف قرن تحكم بالحديد والنار ومصالح الدول الغربية التي تريدنا تابعين لها وعبيدا يمشون بأمر سيدهم ومصالح إسرائيل التي أعلنت خوفها من الديموقراطية العربية القادمة كل هذه الأمور وغيرها كثير أعادتنا إلى المربع الاول وعادت الدبابة للشارع وفتحت المعتقلات من جديد ومنعت حرية الرأي وقتل الناس بالشوارع وما زال الصراع بين عسكرة المجتمع وبين البحث عن الديموقراطية التي خطفت في مهدها قائما.
ونحن في دول الخليج العربي نشاهد هذا المشهد على مدى سنوات ما بين متفائل بالرييع العربي وبين رافض له وبين من هو مقتنع بأنه سياسة غربية وبين من يرى أنه امل هذه الأمة القادم ومع كل الآراء يجب أن تكون هناك ردات فعل، وبدلاً من أن ننطلق نحو الاستفادة من تجربة الربيع العربي أعدنا العجلة إلى نصف قرن مضت لنحاول ان نعيد المشهد الذي عاشته الدول العربية منذ تولي العسكر شؤون البلاد والعباد وأتت الاتفاقية الأمنية الخليجية ولكن بثوب مدني وسياسي وقامت على وضع العديد من الشروط والضوابط والقوانين والعقوبات للحريات وللآراء الاخرى وقد وصفت هذه الوثيقة عند العديد من السياسيين بأنها قمعية تسعى لفرض الرأي الواحد لأفراد المجتمع وتمنع أي مبدأ للحرية السياسية فضلا عن المشاركة السياسية في السلطة.
ربما تجد هذه الاتفاقية أصداء في بعض الدول التي تتمتع بمؤسسات دستورية صورية وأن شعوب هذه الدول اتخذت بالتوافق مع حكامها اتفاقا ضمنيا بأن الدولة تكون راعية لجميع مصالح المواطنين وأن الشعوب لا تتدخل في السياسة، فلا أحزاب سياسية ولا مجالس نيابية حقيقية ولا صحف تمثل آراء سياسية تعارض توجهات الحكومية ولكن في الكويت الأمر مختلف جداً.
فالكويت تختلف عن بقية دول الخليج بأنها تتمتع بديموقراطية وأن الشعب الكويتي شريك بالقرار السياسي وأن الحكومة محاسبة من قبل مجلس الأمة الذي يمثل الشعب بجميع شرائحه وأن الدستور الكويتي كفل حرية الرأي وحرية الفكر وحرية المعتقد كما كفل النشاط السياسي كما انه يسمح بانشاء جمعيات رسمية تحمل أفكارا سياسية حتى لو خالفت التوجهات الحكومية، وهذه تعتبر مفخرة للكويت.
ورفض الاتفاقية الأمنية الخليجية لا يأتي من باب عدم التعاون مع دول الخليج ولكن يأتي من باب الحفاظ على مكتسباتنا السياسية والمحافظة على دستورنا، أما قبول الاتفاقية الأمنية والتي يصفها البعض بأنها مبهمة وبين سطورها الكثير من قوانين القمع الفكري والسياسي فهو انتحار للنظام الديموقراطي في الكويت.
فيجب أن ننتبه لهذا الامر ويجب على القوى السياسية ان يكون لها موقف وألا يتم الأمر بليل من قبل مجلس الصوت الواحد وإن كانت «حدم» بدأت مشوار الرفض فيجب أن يتبعها كل من يريد أن يحافظ على الكيان الديموقراطي الكويتي.


مرزوق فليج الحربي
marzooq_alharbi@
Marzooq_hu@alwatan.com.kw
أخبار ذات صلة dot4line
التعليقات الأخيرة
dot4line
 

!function(d, s, id) { var js, fjs = d.getElementsByTagName(s)[0], p = /^http:/.test(d.location) ? 'http' : 'https'; if (!d.getElementById(id)) { js = d.createElement(s); js.id = id; js.src = p + "://platform.twitter.com/widgets.js"; fjs.parentNode.insertBefore(js, fjs); } } (document, "script", "twitter-wjs");
1085.9966
 
 
 
إعلن معنا
موقع الوطن الإلكترونية – حقوق الطبع والنشر محفوظة
 
Top