

	الثلاثاء 14/04/1447 هـ الموافق 07/10/2025 م الساعة 01:48 توقيت الصلاة العصر 14:57

مقالات

A A A A A

(بطلان قول د.طارق السويدان بأن الحاكم مُستأجر من الشعب!)

د.عبدالعزيز بن ندى العتيبي

2014/01/05

08:45 م

شكرا لتصويت

التقيم

التقيم الحالي 0/5

الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبيَّ بعده، أما بعدُ:
فقد وقفت على كلام للدكتور طارق السويدان يدّعي فيه قولاً ورأياً غريبا، وذلك في (التويتر) بتاريخ: 24 صفر سنة 1435 يوافق 2013/12/27 (بالافرنجي)، قال: [كان أبو ذر ينادي معاوية: «الأجير» فقيل له: قل الأمير، فقال: كلا بل هو أجير عند المسلمين يعزلوه متى شاءوا رضي الله عنه].
< قلت (عبدالعزيز):
هذا كلام منكر عقلا ونقلا.
أولا: العقول السليمة تدرك بأن هذا الكلام لا يقع مطلقا.
1 - ان العلاقة بين الحكام والولاة من جهة والرعية في الجهة المقابلة ليست كما يزعم بعض الناس بأنها عقد بين طرفين، ومتى ما حصل خلل من أحد الطرفين فُسخ العقد وعزل الأمير.
2 - ولذلك جعلها أهل العلم من مسائل الاعتقاد، ومظانها كتب الايمان وليس الكتب المتعلقة بالعقود ككتاب النكاح وكتاب البيوع وغيرها.
3 - اذا سوَّغنا مقالة الأجير، فالأمير أجره من الله عند قيامه بهذه الأمانة، ورعاية أمر الرعية، وحسن سياستها في الدين والدنيا.
4 - وان قول د.طارق السويدان ان الأمير مُستأجر من العامة، لازمه القيام بواجباته مقابل أجره، والَّا عُزل بفسخ العقد بينهما، وقول السويدان ضرب من الخيال، ولكنه يريد ان يفوز باثارة الرعية على الحكام، ودخول الأمة في فوضى غير محمودة العواقب بلا خلاف، واجماع العقلاء على ذلك، وهذا مذهب باطل.
ثانيا: ان الأثر لا يصح، فما ذكره د.طارق السويدان عن الصحابي الجليل أبي ذرّ الغفاري رضي الله عنه، غير صحيح، ولا يثبت نقل ذلك في كتب السنة والمأثور.
وقد وقفنا على روايةٍ بهذا المعنى عن أبي مسلم الخولاني مع معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه: «السلام عليك أيها الأجير، فقال الناس: الأمير يا أبا مسلم!»
فقد روى أبو نعيم في «حلية الأولياء» (125/2) قال: حدثنا أبو حامد بن جبلة، قال: حدثنا محمد بن اسحاق، قال: حدثنا محمد بن الصباح، قال: حدثنا علي بن ثابت، عن جعفر بن برقان، عن أبي عبدالله الحرسي، وكان من حرس عمر بن عبدالعزيز، قال: دخل أبو مسلم الخولاني على معاوية بن أبي سفيان وقال: السلام عليك أيها الأجير، فقال الناس: الأمير يا أبا مسلم! ثم قال: السلام عليك أيها الأجير، فقال الناس: الأمير! فقال معاوية: دعوا أبا مسلم هو أعلم بما يقول، قال أبو مسلم: انما مثلك مثل رجل استأجر أجيرا، فولاه ماشيته، وجعل له الأجر على ان يحسن الرعية، ويوفر جزازها وألبانها، فان هو أحسن رعيتها، ووفر جزازها حتى تلحق الصغيرة، وتسمن العجفاء، أعطاه أجره، وزاد من قبله زيادة، وان هو لم يُحسن رعيتها وأضاعها حتى تهلك العجفاء، وتعجف السمينة، ولم يوفر جزازها وألبانها، غضب عليه صاحب الأجر، فعاقبه ولم يعطه الأجر.فقال معاوية: ما شاء الله كان.
< قلت: اسناد ضعيف والرواية لا تثبت نسبتها الى أبي مسلم الخولاني ومعاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه.
فان في اسناده:
1 - علي بن ثابت الجزري.
2 - وجعفر بن برقان الجزري، وهما لا يُحتمل تفردهما بالرواية، ورواية مسلم لجعفر بن برقان أغلبها في الشواهد والمتابعات.
3 - وفي اسناده أيضا: أبو عبدالله الحرسي: مجهول.
وقد ترجم له ابن عساكر في «تاريخ دمشق» (38/67) قال: أبو عبدالله حرسي كان لعمر بن عبدالعزيز حكى عن عمر بن عبدالعزيز، حكى عنه جعفر بن برقان الجزري وجعفر الأزدي.
< وأقول تنزلاً: ان صحت الرواية فان المعنى المراد ليس كما فهمه بعض الناس، ومنهم د.طارق السويدان، فان الحكام والولاة يأخذون أجرهم من الله عز وجل، عند صلاح عملهم وعنايتهم بالرعية، أو يأثمون على الظلم، ويعاقبون على ذلك، وهذا ثابت ومعلوم من عامة النصوص الشرعية، وهو المعنى الذي ينبغي ان يفهم من المماثلة في أثر أبي مسلم الخولاني، فقد ضُرِب مثلٌ:
«قال أبو مسلم: انما مثلك مثل رجل استأجر أجيرا، فولاه ماشيته، وجعل له الأجر على ان يحسن الرعية».
فالماشية: الرعية، والأجير: هو الأمير والحاكم، ومانح الأجر والثواب هو الله عزّ وجل.
ويفهم من أثر أبي مسلم الخولاني، والمثل الذي ضُرب له، فقد قال: «وان هو لم يُحسن رعيتها.....غضب عليه صاحب الأجر، فعاقبه ولم يعطه الأجر».
قوله: «غضب عليه»، فالمراد في المثل غضب الله، وليس غضب الشعوب، فنصوص الكتاب والسنة تأمر بالصبر على جور الحاكم والظلمة.
قوله: «فعاقبه» المراد ان هذا عقاب من الله يقع على الظلمة من الحكام والأمراء، لعدم قيامهم بالأمانة وظلم العباد، وليس عقاب الشعوب لولاتها بالثورات والمظاهرات والاعتصامات والاضرابات.
وقوله: «ولم يعطه الأجر»، أي: فالمراد أن الله عز وجل منعه الأجر والثواب، وكان مستحقا للعقاب.
فالأجر من الله عزّ وجل، وليس أجراً من الناس والرعية، تمنحه أو تمنعه متى شاءت، وهذا أمر متعذر الحدوث لمن قرأ التاريخ، وعاش في بلد له حاكم وولاة.
ومن هذا الأثر نقف على المفهوم المراد: وأن الحكام غير مُستأجرين من قبل الشعب، وهذا فهمٌ خاطئ وبعيدٌ جداً.
ونذكِّرُ بما قاله وفي أي باب ذكره شيخ الاسلام ابن تيمية في «مجموع الفتاوى» (250/28 - 251) قال: «الوالي راع على الناس بمنزلة راعي الغنم»، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: «كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعتيه، فالامام الذي على الناس راع وهو مسؤول عن رعيته، والمرأة راعية في بيت زوجها وهي مسؤولة عن رعيتها، والولد راع في مال أبيه وهو مسؤول عن رعيته، والعبد راع في مال سيده وهو مسؤول عن رعيته، ألا فكلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته»، أخرجاه في «الصحيحين»، وقال صلى الله عليه وسلم: «ما من راع يسترعيه الله رعيته، يموت يوم يموت، وهو غاش لها الا حرم الله عليه رائحة الجنة» رواه مسلم.
[ودخل أبو مسلم الخولاني على معاوية بن أبي سفيان فقال: السلام عليك أيها الأجير، فقالوا: قل السلام عليك أيها الأمير، فقال: السلام عليك أيها الأجير، فقالوا: قل السلام عليك أيها الأمير، فقال السلام عليك أيها الأجير، فقالوا: قل السلام عليك أيها الأمير، فقال: السلام عليك أيها الأجير، فقال معاوية: دعوا أبا مسلم فانه أعلم بما يقول، فقال: انما أنت أجير استأجرك رب هذه الغنم لرعايتها، فان أنت هنأت جرباها، وداويت مرضاها، وحبست أولاها على أخراها، وفاك سيدها أجرك، وان أنت لم تهنأ جرباها، ولم تداو مرضاها، ولم تحبس أولاها على أخراها، عاقبك سيدها].
< [وهذا ظاهر في الاعتبار فان الخلق عباد الله والولاة نواب الله على عباده وهم وكلاء العباد].اهـ
وظاهر كلام شيخ الاسلام ابن تيمية أنه يتكلم عن الولاة والولاية، وأنها أمانة يجب على الحكام والولاة ان يتقوا الله في الرعية، والقيام بالعدل، واختيار الأمراء من أهل القوة والأمانة لتحقيق مصالح العباد والبلاد، وقد ذكر الأثر بعد ذكره لوعيد الله، لمن غشَّ وخان الولاية من الأمراء، كما في رواية مسلم في «صحيحه» فقد قال شيخ الاسلام ابن تيمية: «ما من راع يسترعيه الله رعيه، يموت يوم يموت، وهو غاش لها الا حرم الله عليه رائحة الجنة».
أسال الله لي ولكم الفقه في الدين.
ومن هذا يتبين بُعد الكاتب عن مذهب أهل السنة والجماعة في هذه المسألة، وغيرها كثير ليس هذا محل بيانه وبسط القول فيه.
< فأقول: لا يصح شيء عن أبي ذر رضي الله عنه.
< وكذلك ضعف ونكارة ما نسب لأبي مسلم الخولاني رحمه الله، فالحاكم أجير عند الله، أمير على الرعية، لا كما يدّعي أصحاب الثورات والساخطون على الأمراء والولاة من طلاب الدنيا..
والحمد لله أولا وآخرا.

د.عبدالعزيز بن ندى العتيبي
www.ahlalathar.com/

أخبار ذات صلة dot4line

التعليقات الأخيرة

All Comments

أكثر المواضيع مشاهدة

مقالات ذات صلة بالكاتب

Tweets by WatanNews !function(d, s, id) { var js, fjs = d.getElementsByTagName(s)[0], p = /^http:/.test(d.location) ? 'http' : 'https'; if (!d.getElementById(id)) { js = d.createElement(s); js.id = id; js.src = p + "://platform.twitter.com/widgets.js"; fjs.parentNode.insertBefore(js, fjs); } } (document, "script", "twitter-wjs");

361.0089


موقع الوطن الإلكترونية – حقوق الطبع والنشر محفوظة