مقالات  
نسخ الرابط
 
   
   
 
  A A A A A
X
dot4line

أنا مع وضد

تكفير الديموقراطية والفتنة الطائفية!

د. عبدالله يوسف سهر
2012/02/18   11:52 م

شكرا لتصويت

التقيم التقيم الحالي 0/5
writer image



أنا

في ضوء الأحداث التي توالت أخيرا لا أعلم لماذا تراودني فكرة الامعان فيما أعلنه أحدهم حيث نعت الديموقراطية بالكفر مناديا بوجوب الابتعاد عنها. كلما فكرت في الموضوع أجد نفسي قريبا من أفكار عديدة تربط بين موضوع تكفير الديموقراطية واثارة الفتنة الطائفية. الرابط الأول هو ان الديموقراطية تبيح حرية التعبير ما يجعل للأفراد حيزا كبيرا للخوض في مواضيع حساسة بالنسبة للمجتمع وقد تثير أفراداً أو فئات أخرى ما ينتج عنه جدل وشقاق وصراع وعدم استقرار اجتماعي لربما يقود الى مآسٍ كثيرة. والرابط الثاني هو ان الديموقراطية قد تبيح للأفراد الخوض في ثوابت دينية ولربما التشكيك فيها ما يثير حفيظة أفراد آخرين قد يلجؤون لتكفيرهم وهو أمر قد يقود الى مواجهات بين الفئات. والرابط الثالث هو ان الديموقراطية تبيح الاستعانة بأصول قانونية من مشارب عديدة وقد ينتج عنها تشريعات ليست منسجمة مع الأصول أو المنابع الاسلامية للتشريع الأمر الذي قد يؤدي الى التزاحم بين أمرين هما، التزام الفرد بالتشريعات الديموقراطية التي استعانت بأصول وقواعد قانونية وضعية وبين التزامه الديني. والرابط الرابع هو ناتج من الواقع حيث تنتشر الفتن الفئوية والطائفية بين أفراد المجتمع حيث وجدت الديموقراطية خاصة في دول العالم الثالث والعربية على وجه الخصوص، مثلما هو الحال في العراق ومصر ولبنان والكويت وغيرها. والرابط الخامس وهو عمل بعض القوى الخارجية على تقويض أنظمة الحكم في بعض الدول عبر التوغل والتدخل في نسيجها الاجتماعي بغية اثارة الفتن الطائفية والفئوية عبر نوافذ الحرية التي تفتحها الديموقراطية. كل هذه الروابط ولربما توجد غيرها تعود بنا الى الربط بين الفتنة الطائفية وفكرة تكفير الديموقراطية، فهل ذلك الترابط وهم أم حقيقة، أم هندسة من أجل انشاء أبنية وقواطع سياسية، أم ان هذا الترابط عبارة عن انعكاس للصراع بين مناصري الديموقراطية والمناوئين لها؟.

مع

ربط خيالي
في كل ديموقراطيات العالم خاصة الناشئة منها هناك حالة صراع طبيعية بين الوجود القديم والوضع الجديد حيث لكل منهما فئاته ونخبه السياسية الاجتماعية والاقتصادية التي تحاول ان تحافظ على موقع متقدم لها في صدارة سلم القوة. هذا التنازع أو النزاع هو حالة طبيعية جدا، وقد تكون متماثلة في جميع الدول والمجتمعات التي انتقلت من حالة الدولة غير الديموقراطية الى الدولة شبه الديموقراطية ثم الى الدولة ذات الديموقراطية المتكاملة. اذن هناك انتقال طبيعي متدرج للدول والمجتمعات تتخلله حالة تجاذب وتنافر بين فئات المجتمع تتيحها فسح الحريات الجديدة وتخرجها للواقع بشكل صريح، وقد تأخذ أشكالاً متعددة وذات ردود أفعال متباينة تختلف من حيث القوة والزمان. ففي بعض المجتمع يمكن ان تكون على شكل صراع بين الحديث والتقليدي، أو بين الديني والعلماني، أو الديني – الديني، أو المذهبي، أو العرقي، أو الجغرافي، أو الأيديولوجي من قبيل اليساري اليميني، وغيرها.كما قد يكون ذلك الصراع في أدنى درجاته فيبقى مجرد تنافس أو في أعلى حالاته فتكون مواجهات وعنف. وقد تكون تلك الحالة تشغل حيزا زمنيا صغيرا أو كبيرا يمتد لعقود. في جميع الخبرات العالمية للديموقراطيات العريقة استطاعت المجتمعات ان تنسج لنفسها استقلالية واستقرار بفضل وجود أنظمة دستورية استطاعت ان تستوعب الحراك السياسي الذي فرزته مجتمعاتها. والكويت لن تكون حالة شاذة.

ضد

ربط حقيقي
قبل الخوض في النظريات السياسية يتعين التبصر في الواقع المعاش والتفكير في متداخلاته أولا. من حيث الواقع يجب التركيز في الامعان والنظر لما يحدث في المجتمعات العربية التي تحولت لما يسمى «بالديموقراطية الافتراضية» حيث دبت فيها أمراض متعددة المشترك بينها هو التصعيد والتوتر الفئوي والطائفي مثلما هو الحال في ليبيا بين القبائل، ومصر بين المسلمين والمسيحيين، وتونس بين العلمانيين والاسلاميين، ولبنان بين طوائفه الدينية، وفلسطين بين تجمعات مناطقها الجيوسياسية، والكويت أخيرا بين التقسيمات الفئوية والطائفية المعروفة. ومن جانب النظرية السياسية، فمن المعروف بأن الانتقال للديموقراطية له طريقان الأول الطبيعي والثاني الاصطناعي. النوع الأول هو الانتقال بعد تأهيل الطبيعي للبنية الاجتماعية والاقتصادية من حيث الوعي والتنوير الاجتماعي والتطور في البنى المؤسسية والنخب الاقتصادية خاصة فيما يتعلق بانتشار المنظمات المدنية وتوسع قواعد الطبقة الوسطى. أما الانتقال غير الطبيعي فهو يتشابه تماما بمثل ما يسمى بـ «الربيع العربي» حيث تم الانتقال بشكل مفاجئ مدفوع بحشود جمعتها «روابط الكترونية». لذا فمن الطبيعي ان تحاكي هذه التغيرات المفاجئة حركة عشوائية من الانتاج أو بالأحرى المونتاج السياسي الذي قد يكون موجها من قبل القوى التقليدية المحلية لتشويه المنتج الديموقراطي وبين المسوقين لمشروع الشرق الأوسط الجديد الطامحين لوجود مستهلكين جدد في مناطق الفوضى الخلاقة والتي يتعين ان تشهد فوضى أكثر لاستيعاب التدهور الاقتصادي العالمي «القادم».

د.عبدالله يوسف سهر
sahar@alwatan.com.kw
أخبار ذات صلة dot4line
التعليقات الأخيرة
dot4line
 

!function(d, s, id) { var js, fjs = d.getElementsByTagName(s)[0], p = /^http:/.test(d.location) ? 'http' : 'https'; if (!d.getElementById(id)) { js = d.createElement(s); js.id = id; js.src = p + "://platform.twitter.com/widgets.js"; fjs.parentNode.insertBefore(js, fjs); } } (document, "script", "twitter-wjs");
610.9899
 
 
 
إعلن معنا
موقع الوطن الإلكترونية – حقوق الطبع والنشر محفوظة
 
Top