مقالات  
نسخ الرابط
 
   
   
 
  A A A A A
X
dot4line

في وداع والدي

عواطف أحمد الحوطي
2015/01/11   09:46 م

شكرا لتصويت

التقيم التقيم الحالي 5/0
writer image



انتقل إلى رحمة الله تعالى والدي أحمد عبداللطيف الحوطي في 12 ديسمبر 2014م، لقد كان رجل دولة في المجال الأمني الكويتي، سطر بحروف من نور أداءً متميزاً منذ عام 1952م وحتى منتصف الثمانينات. تدرّج في المناصب الأمنية بإخلاص وتفانِ، وتميز بالخبرة الغزيرة والتجربة العميقة والأداء الإنساني. يذكره جيل عريض عمل معه وتبعه جيل آخر من منتسبي وزارة الداخلية من مدنيين وعسكريين. ورغم مآثره الواسعة فهناك إضافة إلى ما لا يعرفه إلا القليل من الناس، ذلك أن والدي كان ضليعاً باللغة العربية. فقد كان أول من قرأ أشعاري وصححها، حيث وصل ببلاغته وسعة قراءته وحفظه للشعر العربي الفصيح مبلغاً يكاد أن يكون فيه مرجعاً لغوياً للغة العربية.
شَجَرٌ جَنَيْتُ الموْتَ مِنْ ثمراتِهِ
وجَمَعْتُ ما جَمَّعْتُ مِنْ حسراتِهِ
لا عَوْدُ أَحمْدُ مِنْكَ إِلاّ ذاهبٌ
ما قُرْبَها الأَقْدارُ مِنْ أَنفاسِهِ
مَنْ هلَّ يَقْرأُ في سطورِ كِتابِهِ
ظَنَّ الكلامَ كما الجمالُ بِآيِهِ
تِلْكَ القلوبُ الصَّابِراتُ على النَّوى
لا تَمْلِكُ الأعذارَ عنْ آجالِهِ
فَحمْلتُ ما للفَقْدِ مِنْ أَقواتِهِ
أَتَجَّرَعُ الزَّفَرات وَقْتَ حصادِهِ
أبكىِ فَصِرْتُ لِمَا سَكَبْتُ بِمَدْمَعي
أَثَرٌ حَفَرْتُ أَمَرَّ مِنْ عَبراتِهِ
أَنْتَ الوفاءُ وجامِعٌ صنَّاعُهُ
أَنْتَ الوداعُ وتابِعٌ رُحَّالِهِ

< أحمد: هو اسم والدي رحمه الله وغفر له.

وكلمّا عنَّتْ الذاكرة وحنَّتْ أَوتارُ القلْب متذكرة شيئاً جميلاً وفعلاً خيّراً قام بهِ والدي الذي تركَ الدنيا ببصماتٍ ليديهِ ظلَّتْ محفورةً في رأسي، وجعلتنْي أَحْمِلُ قيمةَ الأشْياءِ بْين أَضْلعُي. ما زِلْتُ أذْكر كلماتِ الحبِّ وذكريات الودِّ التي كَبُرتْ معي وتوالتْ على مراحلِ عمْري وأَنا معه. فمكانكَ في القلب يا والدي، ولكَ الدَّعوات كثيراً وأبداً.
لَمْ أَجْنِ مِنْ فَرَحٍ عليْكَ فلا تَمُتْ
روحي فِداكَ، ذهبْتَ أَمْ لمْ تَذْهبِ
عطفاً على وَجَعي وما أَبْقَيْتَ لي
ثَمَرُ الأَسى، عاَرضْتُ نَزْعَ المْولِدِ
وبِما جَرى مِنْ مْوقِفِ الخُسْرانِ مِنْ
أَلَمِ الرَّدى، عانَيْتُ هوْلَ المشْهَدِ
لَمْ أَسْعَ فيه أَسىً وَقْلبي مَنْ يَعِي
يا وَحْشَةَ المَسْعى إِذا لَمْ يُسْعِدِ
مالي سِوى حُزْنِي ومالِكُ جَفْنِهِ
يا سارقي رُوحَ المنَامِ وشاهِدي
إِثْمي وَكَيْفَ يُلامُ مَنْ لَمْ يَنْطِقِ
مالي سِوى صَبْري وَوَجْدِي المُجْهَدِ

رَحِمَ اللُه أباً لي علَّمني كْيفَ أَحبو وكيْفَ أَخطْو. رَحِمَ اللُه أباً لي علَّمني كيْف أَنْطق وأُنِفْق وأَتَصدَّق.
رَحَمِ الله أباً لي علَّمني كيْفَ أأْكلُ وأتوكَّل. وعلَّمني كيْف أقْرأ وأَبْرأ. وكيْف أسْجُد وأَتهجَّد، رَحِمَ اللُه أبي أَحمدْ.
اللهمَّ أسألُكَ لِوالدي رحمةً لكلِّ برٍّ أصابَ بهِ مْوقع. وأسأُلكَ تعالى أَنْ لا تجْعَل لَهُ سبيلاً إلى نورِكَ إلّا وشملْته فيهِ بيْنَ كِرامِ خلْقِك.

المجد في رجل

يا صاحبَ اللَّحدِ كَمْ للُروحِ مِنْ أَسَفٍ
أَمَرُّ مِنْ حسراتِ الشاعرِ الوجلِ
لاحَ الممات وما أدْركْتُ مِنْ أَجلٍ
وكَمْ تمثَّل روحُ المجْدِ في رجلِ
سعى إليكِ به التوديعُ فاحْتسبي
جوامعُ الَّدارِ مَنْ فارقْتِ فامْتثلي
يا مْعقِدَ اليَّوم والأمس الذي عرفوا
رمزاً من الحبِّ أو ذكْرى مِنَ الأملِ
أَغْنى الشمائِلَ منْ ميراثِ جوهرهِ
لا ينْتهى ذكْرُه يوماً إلى مَثَلِ
باقٍ جميلُ النُهى واللُبِّ والسِّيرِ
جلالُ ملتحِفِ الأكفان مرتَجلِ
هذا نزيُلكِ للَّحدِ الذي سلكَت
مواكبُ السُحبِ البيضاءِ في النُزُلِ
ذكراكَ في القْلبِ أحْناُءُ مضرَّمةٌ
لا يَعْصِمُ الحزْنُ مْنه معصمَ الأجلِ

شعر/عواطف الحوطي
أخبار ذات صلة dot4line
التعليقات الأخيرة
dot4line
 

!function(d, s, id) { var js, fjs = d.getElementsByTagName(s)[0], p = /^http:/.test(d.location) ? 'http' : 'https'; if (!d.getElementById(id)) { js = d.createElement(s); js.id = id; js.src = p + "://platform.twitter.com/widgets.js"; fjs.parentNode.insertBefore(js, fjs); } } (document, "script", "twitter-wjs");
902.007
 
 
 
إعلن معنا
موقع الوطن الإلكترونية – حقوق الطبع والنشر محفوظة
 
Top