|
|

|
آن الأوان
|
ما لا يدرس في علم الاقتصاد
|
|
|
|
تخرج شاب من كلية الاقتصاد والتجارة في أرقى الجامعات الأمريكية وعاد إلى بلده ليساعد أبيه في تجارته لبيع الأجهزة الكهربائية والمنزلية.
وبدأ في وضع النظم المحاسبية الحديثة وسبل تطوير العمل.. إلى غير ذلك وخلال تفحص الشاب لأوراق الشركة الصغيرة، وجد أن أباه يتبرع كل شهر بثلاجة أو غسالة أو فرن لمن هو محتاج من فقراء وأيتام وأرامل، سواء بشكل مباشر، أو من خلال لجان خيرية.
استهجن الشاب هذا العمل واعتبره من الهدر العام لمال الشركة، وجلس لحساب تكلفة ذلك سنوياً، وكم هو المبلغ خلال سنين مضت، وماذا لو تم استغلال هذا المبلغ في رفع رأس مال الشركة، أو استثماره في مشروع آخر، وتحريك العمل وزيادة الربح.. الخ. خرج الشاب بأرقام لا يستهان بها، وجلس يناقش أبيه ليقنعه بخطأ ما يقوم به من فعل، يخالف المنطق التجاري، وما تعلمه من قوانين الاقتصاد والتجارة في أمريكا، واعترض عليه بشدة.
سأله والده البسيط: هل الغنم أكثر عدداً أم الكلاب؟ فقال: الغنم.
فسأله: وكم تلد الكلاب بالسنة، وكم تلد الأغنام؟ فالكلاب تلد أكثر من مرة في السنة، وفي كل مرة تلد أربعة أو خمسة، وربما أكثر، بينما الغنم على العكس من ذلك، فتلد في العام واحداً، مرة أو مرتين.
وتابع يسأله: وهل الناس تأكل الخراف والغنم، أم تأكل الكلاب؟
فرد الشاب: طبعا الخراف والغنم.
فقال له: طالما الكلاب تلد أضعاف الغنم، وطالما الناس تأكل الخراف والغنم ولا تأكل الكلاب، إذاً لماذا عدد الخراف والغنم أضعاف أضعاف الكلاب؟!! سكت الشاب ولم يجب.
قال له: هذا يا بني ما لا تدرسونه في جامعات الغرب وأمريكا؛ هذه هي البركة، فالصدقة وعمل الخير ينميان المال ويزيدانه ولا ينقصانه، وما نقص مال من صدقة.انتهى.
نعم.. ينبغي أن يكون مفهوم تعاملنا مع هذه الأمور معنوياً لا مادياً، فاستشعار البركة في عمل الخير؛ يزيد من الناتج نفسياً ومعنوياً واجتماعياً وسلوكياً بشكل إيجابي، بالإضافة الى البركة المادية، وأنا أعرف أكثر من شخص ممن يتعاطون العمل الخيري، يؤكدون انهم كلما زادوا نفقاتهم الخيرية، زادت إيراداتهم المالية.
وليست هذه البركة فقط، فقد لا يرزقك الله مالاً بديلاً، ولكن قد يدفع عنك بلاء لا تعرفه (حادث، مرض، موت احد الأبناء.. الخ)، وقد ينعم الله عليك بالصحة والعافية، والنفسية الطيبة والابتسامة الجميلة المحروم منها كثير من الناس، وقد يرفع إيمانك وحِفظك للقرآن، وقد يؤجلها الله لك أضعافاً مضاعفة في الآخرة.
وكل ذلك لا يمكن تدريسه في أي كلية في العالم، سوى جامعة الإيمان، الذي يرسخ في القلب، ويصدقه العمل.
د.عصام عبداللطيف الفليج
|
|
|
|
|
|
|
|