|
|

|
من على الفنه
|
طالوت وجالوت
|
|
|
|
يزخر قرآننا العظيم بقصص جميلة عديدة، القصة اسلوب مشوق في توصيل الرؤية والمعاني والقيم، عظات وعبر القرآن معجزة وخالدة لكل زمان ومكان، من ايماننا الواجب بهذا القرآن العظيم عدم الغفلة عنه واستخراج كنوزه والمبادئ التي دعا اليها لنسقطها على واقعنا ونفعٓلها في حياتنا، ومهما توالت الأجيال وتجددت الأحداث دورنا ان نسلط نور القرآن وعظاته عليها كلما مررنا بأدوار مشابهة لهذه القصص والا أصبح القرآن مجرد كتاب الحكايات والقصص فقط، وحاشا ان يكون كذلك أبدا، وأكثر القصص التي ذكرت في القرآن هي قصص بني اسرائيل وتاريخ بني اسرائيل حتى قال العلماء كاد القرآن ان يكون كله عن بني اسرائيل والسر في ذلك والله أعلم ان بني اسرائيل انعم الله عليهم نعما كثيرة وفضلهم في زمانهم لحمل الدعوة والاصلاح قال تعالى: {يا بني اسرائيل اذكروا نعمتي التي أنعمت عليكم وأني فضلتكم على العالمين} ولكنهم كفروا بهذه النعم فغضب الله عليهم واستبدلهم بأمة محمد صلى الله عليه وسلم، وعلينا ان نعتبر بقصصهم فلا نقع بما وقعوا به فيحل بنا ما حل بهم، واحدى هذه القصص قصة المعركة بين الحق والباطل بين الايمان والكفر بين طالوت وجالوت، طالوت رجلا اختاره الله عز وجل ليكون ملكا على بني اسرائيل لقيادة القتال بينهم وبين جالوت فاعترض بني اسرائيل على هذا الاختيار بحجة ان طالوت كان فقيرا، «دبّاغا» صاحب صنعة وايضا انه ليس من بيت الملك فيهم لأن الملك فيهم كان في سبط يهوذا قال تعالى في سورة البقرة: {وقال لهم نبيهم ان الله قد بعث لكم طالوت ملكا قالوا أنى يكون له الملك علينا ونحن أحق بالملك منه ولم يؤت سعة من المال قال ان الله اصطفاه عليكم}.. اذن النظرة العنصرية للنسب والدونية لصاحب الصنعة الفقير هي من الصفات المذمومة فيهم التي جعلتهم يعترضون ويتعنتون ويعصون ربهم وقد نهاهم نبيهم عن هذا ودعاهم الى السمع والطاعة، وقد أنزل الله عز وجل عليهم آية لملك طالوت، قال تعالى: {وقال لهم نبيهم ان آية ملكه ان يأتيكم التابوت فيه سكينة من ربكم وبقية مما ترك آل موسى وآل هارون تحمله الملائكة ان في ذلك لآية لكم ان كنتم مؤمنين} بعد ذلك خرج طالوت في جنوده وأخبرهم انهم سيمرون على نهر وعليهم ألا يشربوا منه ومنع أنفسهم من ذلك ولا بأس باغتراف غرفه من النهر، وكان هذا اختبارا امتحن الله به الجنود لمن ينتصر على شهوته ويلزم طاعة ربه قال تعالى «فلما فصل طالوت بالجنود قال ان الله مبتليكم بنهر فمن شرب منه فليس مني ومن لم يطعمه فانه مني الا من اغترف غرفة بيده فشربوا منه الا قليلا منهم».. وهنا غربل الله جنود طالوت ومايزهم وقد كان عددهم كما اخبر السدي في تفسير بن كثير80 ألفا كلهم شربوا من الماء الا قليلا منهم فكان عدد المتبقي الذي لم يشرب من النهر 310 هم من جنود طالوت، روى البخاري في صحيحه «عن البراء بن عازب رضي الله عنه انه قال» كنا أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم نتحدث: «ان عدة أصحاب بدر على عدة أصحاب طالوت الذين جاوزوا معه النهر، ولم يجاوز معه الا مؤمن، بضعة عشر وثلاثمائة» وقد انتصر طالوت وقتل داوود جالوت وتحققت سنة التمكين بعد اقامة سنة التدافع، قال تعالى ختاما للقصة {فهزموهم باذن الله وقتل داود جالوت وآتاه الله الملك والحكمة وعلمه مما يشاء ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لفسدت الأرض ولكن الله ذو فضل على العالمين} سورة البقرة. ان المصلحين عليهم ان يحذروا من مزالق الطريق وهي مصورة في قصص القرآن وقصص الأمم السابقة وان المؤمنين عليهم ان ينتصروا على الشهوة وعلى نزوات النفس من العنصرية والكبر ويطهروا أنفسهم منها، وأن يخضعوا ويدينوا لربهم، ليتحقق النصر على يديهم، وها هو شهر رمضان المبارك يقبل علينا انه شهر التدريب على التطهر من هاتين الآفتين، العنصرية والشهوة، في الصيام نمتنع عن المباح لنتدرب على ترويض النفس والتحكم فيها وتهذيبها ونستشعر المساواة بيننا فجميعنا نصوم ونفطر بتوقيت واحد وعلى صنف واحد التمر والماء فلا فضل بيننا الا بالايمان والتقوى، اللهم بلغنا رمضان وارزقنا فيه حسن الصيام وصدق القيام ايمانا واحتسابا.
سعاد أحمد الدبوس
|
|
|
|
|
|
|