|
|

|
|
مدارس التأهيل بحاجة لتأهيل وليس لتمويل
|
|
|
|
بادئ ذي بدء اعتذر للقارئ الكريم ان كان مقالي هذا قد يبدو يمثل وجهة نظر شخصية ولكن الوطن والامة تمثل مجموع هذه الالام والمعاناة، فمنذ أكثر من سبعة عشر عاما ومنذ اصابة فلذة كبدي بالشلل الدماغي وانا اتابع كل ما يتعلق بأصحاب الاحتياجات الخاصة من قضايا أو قوانين تصدر لتنظيم حقوقهم والتركيز غالبا منصب على تفقد أو البحث عن مراكز العلاج الطبيعي والتأهيل الصحي، ولذلك ومن خلال الامكانات الشخصية المتواضعة كنت اقارن بين ما تقدمه وزارة الصحة أو حتى القطاع الخاص في بلدي وبين ما يقدم من دول الجوار، ونتيجة لنصيحة أطباء وتقاريرهم بأنه لا امل بالشفاء وأننا يجب ان نستسلم للأمر الواقع ونوفر لها طلباتها الخاصة وعدم استفحال متلازمة الصرع معها وأنه لايمكن علاجها وانما انتظار ساعة الموت، وحسبي الله على من لا يؤمنون بأن أمر الله ما بين الكاف والنون، وبعد ان استنفدت كل السبل المتاحة داخل الوطن ورفض مستشفى العلاج الطبيعي والتأهيل الصحي استمرار علاجها بحجة أنها أصبحت في سن الدراسة ولذلك حولت لمدرسة تأهيل محلية للأسف الشديد تأخذ من المجلس الأعلى للمعاقين ما يربو على 6000 دينار سنويا وتقدم خدمات أقل ما توصف بالتافهة ورغم احتياجها لجلسات علاج طبيعي مكثف اكتشفنا انها لا تتلقى أكثر من نصف ساعة أسبوعيا، فاضطررنا الى الاستعانة بالمعالجين الفيزيائيين لتغطية القصور ولمنع تيبس الأطراف وكلنا رضا بما قدر الله سبحانه وتعالى، ولم نطرق باب ادارة العلاج بالخارج على الرغم من انتقاد الكثيرين لهذه السلبية، لذا وبعد جهد استطعنا أخذ موافقة ارسالها للخارج لأحد المراكز المتخصصة بالصرع وتم ايفادها الى أحد المراكز المتخصصة بالعلاج الطبيعي بجمهورية مصر العربية، لدينا هدف واحد ان تتمكن من الوصول باحدى يديها الى فمها وتحتفظ بالأكل وتمضغه بدلا من تساقطه، وبناء على تقرير الطبيب المعالج قمت باستدعاء استشاري جراحة الفكين لمعالجة التشوه الخلقي للفكين وتضخم اللسان ليتحسن أداء الفكين وبالتالي عملية المضغ وأوصى بضرورة اجراء العملية وأوصى بمراجعة أخصائي المخ والأعصاب لاجراء عملية في الجمجمة لتقليل أو التخلص من ضغط عظام الجمجمة على المخ وهي أفضل طريقة لعلاج الصرع لحالتها، وعند التقدم للمكتب الصحي بالقاهرة رفضوا دفع أي تكاليف اضافية غير العلاج الطبيعي وعليه قمنا بدفع كل التكاليف، والصدمة عندما أبلغنا استشاري جراحة المخ والأعصاب وهو يؤنبنا لماذا تأخرتم فالنتائج في عمرها ليست مضمونة بصفة كبيرة وياليتها أجريت قبل سنوات وحينها كان بعض الأطباء في بلدي يرفضون ذلك واوصانا بمراجعة رائد هذه الجراحات الدكتور انريك في باريس وقمنا بمخاطبة العلاج بالخارج عبر المكتب الصحي الذي لا يمكن ان يبدي رأيا فكانت النتيجة رفض العملية وترتيب اجراءات العودة ولاحول ولاقوة الا بالله، فمن يتحمل مسؤولية آلام ومعاناة هذه المسكينة وامثالها خلال الفترة السابقة أو الفترة اللاحقة ومن يتحمل مسؤولية معاناتها ومعاناة غيرها من المرضى بمثل حالتها؟ لماذا لا تقدم لهم الخدمات العلاجية المطلوبة وهم يستحقون بينما يذهب غير المرضى في رحلات علاج سياحية شرقا وغربا وهي ومن مثلهم عليهم العودة! من المسؤول عن عدم توفير مراكز علاجية متخصصة في الوطن وتجنيب غير الراغبين بالاغتراب وتوفير أرقاما مالية لميزانية الدولة؟ من المسؤول عن مدارس التأهيل الخاصة في الكويت وهي باب مفتوح لهدر أموال الدولة على حساب اصحاب الاحتياجات الخاصة؟ ولما كان الوضع بهذا السوء لماذا لا يكون أولياء الأمور وتحت مراقبة المجلس الأعلى للمعاقين هم المسؤولين عن هذه الأموال وكيفية صرفها في جلسات علاج طبيعي وتأهيل صحي، لماذا لا تكون هناك مراكز علاج وتأهيل كالموجودة في دول الجوار في السعودية وقطر والامارات هل تنقصنا الأموال أو الموارد البشرية المؤهلة أم تنقصنا الارادة أم مصداقية الحكومة ونظرتها وفلسفتها للخدمات الصحية ورؤيتها الاستراتيجية؟ لماذا لاتكون لدينا منتجعات صحية كالموجودة ببعض الدول العربية وفي مصر والأردن وعلى أعلى مستوى وقد زرتهما واطلعت على جودة الخدمة المقدمة فيها؟ لماذا تهرب أموالنا للخارج ولماذا تجعلنا الحكومة عرضة لابتزاز بعض النواب؟ لماذا أصبح المريض الحقيقي المحتاج أداة رخيصة وسلعة تباع وتشترى في سوق الرق بينما الأثرياء وأصحاب النفوذ يتمتعون بكل خدمات الدولة بالداخل والخارج، والسؤال الذي لا يقل أهمية عما سبق لماذا يوضع بعض من لا يستحق وضعاف الشخصية والمترددين أو الحزبيين في سدة من يضع القرار المصيري للمرضى؟ الا تخشون الله، الا تتقونه في المرضى واحتياجاتهم، الا تخشون يوما ترجعون فيه الى الله فتسألون؟ حسبي الله ونعم الوكيل، وأعتذر من القارئ الكريم ان كان مقالي هذا يمثل جانبا من معاناة شخصية ولكنها وكما أعتقد تمثل معاناة وطن، والحافظ الله ياكويت.
ترفه العنزي
|
|
|
|
|
|
|