مقالات  
نسخ الرابط
 
   
   
 
  A A A A A
X
dot4line

نافذتي

السباحة في بحر المعلومات!

د.خالد القحص
2014/12/16   09:59 م

شكرا لتصويت

التقيم التقيم الحالي 5/0
writer image

سرعة وصول المعلومات وكثرتها وتنوعها لا يعني بالضرورة مصداقيتها وثبوتها


تطبيق الواتساب، والذي ظهر في عام 2009 على يد اثنين من موظفي ياهو السابقين، بلغ عدد مستخدميه 600 مليون مستخدم نشط (وتحديداً في شهر أغسطس الماضي) هذا التطبيق الذي ارتبط بالهواتف الذكية، وتعلق الناس به كثيراً في ارسال رسائلهم النصية المجانية، ثم تمت اضافة خدمة الرسائل الصوتية والفيديو، مما دفع بشركة الموقع الاجتماعي الأشهر «فيسبوك» الى شرائه بمبلغ 19 مليار دولار في فبراير الماضي.وتشير بعض الاحصائيات الى أنه يتم تداول 64 مليار رسالة يومياً حول العالم عبر تطبيق الواتساب، منها 600 مليون صورة فوتوغرافية، و200 مليون رسالة صوتية، و100 مليون رسالة فيديو، مما يعطيك مؤشراً على مدى اعتماد الناس، يوماً بعد يوم، على هذا التطبيق في تبادل المعلومات والأخبار والتواصل الاجتماعي مع أهاليهم وأصدقائهم ومعارفهم وزملائهم في العمل.
معلومات كثيرة ومتنوعة ومتعددة تصلنا يومياً عبر هذا التطبيق من أشخاص أو مجموعات نشترك بها، بحيث أصبحنا لا نستطيع متابعة هذا الكم الكبير من المعلومات، مما أدى الى ضعف ملكة النقد والتمحيص لدى الكثيرين، فأصبح أي مقطع فيديو يؤثر بنا، أو نصدقه، على الرغم من أنه قد يكون مفبركاً، أو قديماً منذ عدة سنوات، أو مقتطعاً من سياقه الطبيعي، مما يجعل حكمنا عليه ناقصاً، أو مشوهاً، لكن بعض الناس لا يلقي لذلك بالاً.بعضنا تعجبه مقاطع العنف والموت ومشاهد القتل وحوادث السيارات، فيشاهدها باستمرار، ويتبادلها مع الغير، على الرغم من تأثيرها النفسي والاجتماعي على الفرد، وحتى تأثيرها على ذائقته ونظرته للحياة، بينما البعض تعجبه مقاطع الفيديو المضحكة، الحقيقية منها أو التي تم عمل دبلجة صوتية لها، لشخصيات عادية أو معروفة في المجتمع، ويتبادل تلك المقاطع مع الآخرين، وهي قد تحمل اساءة لشخص أو جهة، أو حتى استهزاءً بآخرين، من أشخاص أو جنسيات أو بلدان.وكذا الحال مع المقاطع الدينية والعلمية والسياسية والتربوية والرياضية، وغيرها.تخيل 600 مليون مقطع فيديو يتم تبادله في العالم يومياً، ليس كلها بالضرورة صحيحة من ناحية الثبوت والمصداقية، لكن البعض لا يدقق، وليست كلها لائقة من ناحية المشاهدة والتبادل، لكن البعض لا يحرص على ذلك، وليست كلها حديثة وجديدة، لكن لا أحد يبحث عن تاريخ تسجيلها، وبثها.هذا ناهيك عن الرسائل النصية والصوتية والفوتوغرافية، مما يشكل 64 مليار رسالة يومياً حول العالم.وهذا يدفعنا للتأكيد على ان سرعة وصول المعلومات وكثرتها وتنوعها وتعددها لا يعني بالضرورة مصداقيتها وثبوتها، ولا يعني بالتالي ان امتلاكنا لتقنية استقبال وارسال النصوص والصور والمقاطع الصوتية والمرئية يعني أنه لدينا الثقافة الكافية والواعية التي تعيننا على الانتقاء والاختيار، واتخاذ القرار السليم بما نشاهده ونسمعه ونقرأه.
القدرة على التعامل مع التكنولوجيا ليس متلازماً بالضرورة بالقدرة على التعامل مع محتوى تلك التكنولوجيا.فأولادنا أفضل منا في التعامل مع تكنولوجيا الاتصال بكل أنواعها، لكن السؤال الذي يبرز وبقوة: هل لديهم نفس الاتقان حين يتعلق الحكم بمدى مصداقية المعلومات التي يتداولونها فيما بينهم؟ هل لدى شبابنا الوعي الكافي لكي يستطيعوا بها ان يميزوا الخبيث من الطيب، والسليم من السقيم فيما يتعلق بالأخبار والمعلومات؟ هي عملية ليست بالسهلة حتى على الكبار، فوصول المعلومة لك شيء، ومدى قدرتك على التعامل معها شيء آخر تماماً.هي عملية تحتاج الى دُربة وممارسة وتوعية، لأن المحتوى هو ما يهمنا، لا التكنولوجيا، لكن الأغلب يهتم بالوسيلة على الرسالة، وهذا ما يجعل الوسيلة الاعلامية أو الاتصالية أقوى تاثيراً من الرسالة نفسها.
حياتنا بدأت تتشكل حول تلك الوسائل الاتصالية المتاحة لنا في مجتمعنا، فمجالات حياتنا الشخصية والاجتماعية والسياسية والاقتصادية والتعليمية الدينية بدأت تتمحور حول تلك التطبيقات وحول مواقع التواصل الاجتماعي، وبدا ان كل شيء يتجه الى ذلك الثقب الأسود الذي يجذبنا نحوه بقوة.أصبحنا نسبح في بحر من المعلومات الكثيرة والمتنوعة حتى أنه لم يعد لدينا قدرة على التفكير، فنفتح رسائل الواتساب بدون وعي، وبطريقة آلية، ونقرأ الرسالة دون ان نقرأها حقيقة، نقوم باعادة نشرها دون ان نتمحص فيها حقيقة، ودون ان ندقق بالمعلومة المذكورة في ثناياها، الاحصائية التي وردت فيها، أو الآية أو الحديث..كلام مرسل لا يمكن الاستناد عليه، لكن البعض يصدق، وانظروا الى تصديقنا لأخبار الطقس وتبدل الأحوال في تاريخ معين..الناس يصدقون، بغض النظر عن التعليم الذي تحصلوا عليه.انها الوسيلة تسيطر علينا، والآلة تتحكم بنا، والأسلاك والأجهزة تسيطر على حياتنا..انه واقع يتغير ومجتمع جديد يتشكل، وثقب أسود يكبر وينمو.

د.خالد القحص
kalqahas@alwatan.com.kw
@drkhaledalqahs
أخبار ذات صلة dot4line
التعليقات الأخيرة
dot4line
 

!function(d, s, id) { var js, fjs = d.getElementsByTagName(s)[0], p = /^http:/.test(d.location) ? 'http' : 'https'; if (!d.getElementById(id)) { js = d.createElement(s); js.id = id; js.src = p + "://platform.twitter.com/widgets.js"; fjs.parentNode.insertBefore(js, fjs); } } (document, "script", "twitter-wjs");
1348.0107
 
 
 
إعلن معنا
موقع الوطن الإلكترونية – حقوق الطبع والنشر محفوظة
 
Top