مقالات  
نسخ الرابط
 
   
   
 
  A A A A A
X
dot4line

نافذتي

إذاعة القرآن الكريم!

د.خالد القحص
2014/11/04   10:02 م

شكرا لتصويت

التقيم التقيم الحالي 0/5
writer image

من الضروري معرفة ما يفكر به الجمهور لكي نصوغ محتوى يتناسب مع تطلعاته وتوقعاته


العمل الاعلامي، خاصة ذلك الذي يتعلق بالجمهور، يحتاج الى مراجعة دائمة، ومنتظمة لتقييم وتقويم أدائه، ليتناسب مع المعطيات الحديثة والمتجددة في المجتمع.والذي يعمل في وسائل الاعلام الجماهيرية (صحافة، اذاعة، تلفزيون) يدرك جيداً أهمية مثل هذه المراجعة المستمرة لكل ما يتم انتاجه ونشره أو بثه للجمهور العام.لأن هذه الوسائل الاعلامية تستهدف الجمهور، وبالتالي من الضروري معرفة ما يفكر به الجمهور لكي نصوغ محتوى يتناسب وصفات ذلك الجمهور، واتجاهاته، وتطلعاته وتوقعاته. تقييم البرامج الاذاعية أو التلفزيونية ينبغي ان يتم على أسس علمية واضحة، تبتعد بنا عن الانحياز وعدم الموضوعية، بحيث لا يكون قرارنا مبنياً على انطباعات شخصية، أو قناعات فردية، أو توجهات فكرية، ثم نلبسها لبوس المنطق والواقع.
اذاعة القرآن الكريم يبدو أنها تمر بمرحلة تجديد لخطابها الديني، ومراجعة شاملة لبرامجها، وللأشخاص الذين يقدمون تلك البرامج، وسأحاول التعليق على هذا الأمر بطريقة أكاديمية، ما وسعني ذلك.بداية، يجب ان نشد على أيدي المسؤولين في اذاعة القرآن الكريم على هذه الفكرة، أعني فكرة تقييم برامجها، والمضامين التي تقدمها..هذه خطوة جيدة، وسليمة من الناحية المهنية، لأنه لابد لأي قناة اذاعية وتلفزيونية مراجعة أدائها بشكل شهري، وليس كل عدة سنوات.اذن هي خطوة جيدة، لكن لكي تؤتي المسألة أكلها، فيجب ان يتم الموضوع بشكل شمولي، وفيه تأن كبير، لكي نصل الى ما نبتغيه.فاذاعة الكويت وتلفزيونها (بجميع القنوات) بحاجة الى دراسة شاملة ومتكاملة تستوعب تقييم العاملين في تلك القنوات، والسياسة الاعلامية والادارية المتبعة، وكذلك الجانب التقني المتمثل بالاستوديوهات ومراكز المونتاج فيها، وتتناول الخريطة البرامجية، والمضامين الاعلامية المقدمة، ومعدي ومقدمي تلك المضامين.هي اذن عملية شاملة ومتكاملة، وليست جزئية ومحدودة.من السهل ايقاف برنامج معين بناء على انطباع شخصي (قد يصيب وقد يخطئ)، ولكن التحدي ان يتم الأمر بصورة علمية ومنهجية، تقودنا للقرار السليم في الوقت السليم.
برامج اذاعة القرآن الكريم موجهة الى الجمهور، فهل لدى الادارة دراسات تفصيلية تحدد طبيعة وصفات واتجاهات ذلك الجمهور، بحيث نعرف جيداً من يستمع لبرامجنا، ونعرف ماهي أكثر البرامج (أو أقلها) استماعاً ومتى، ولماذا هي أكثر استماعاً؟ معرفة الجمهور الاعلامي لأي محطة اذاعية أو تلفزيونية أمر في غاية الأهمية، ولكن مسؤولي الاعلام في دولنا العربية لا يهتمون به كثيراً، ولذا تبدو أحكامنا شخصانية أكثر منها علمية، بل قد يبادر البعض لكي يبدو بمظهر علمي، بطرح بعض الأسئلة على عينة صغيرة، دون الأخذ بالاعتبار بناء مقياس علمي موثوق، ثم يخرج بأرقام واحصائيات تعطيه وهم الدراسة العلمية، وهي مجرد تأكيد لانطباعه الشخصي، لكي يعطي قرارته المسبقة شرعية ومصداقية.
وعلى ذكر الشرعية، يأتي سؤال كبير، تمت اثارته في الأدبيات الاعلامية، وهو هل ينبغي لمن يقوم بتقديم البرامج الاذاعية والتلفزيونية ان يكون متخصصاً، أعني هل ينبغي ان يقدم البرامج الطبية طبيب، والعلمية عالم، والأدبية أديب، والاخبارية سياسي، والدينية خريج كلية الشريعة، أم ان الأمر فيه سعة وتفصيل؟ بعض المدارس الاعلامية ترى أنه من الأفضل ان يكون المذيع أو مقدم البرنامج متخصصاً في المضمون الذي يقدمه، ويُقصد بالتخصص ان يكون حاملاً لشهادة أكاديمية في المجال الذي يتحدث عنه، أو يكون لديه «خبرة» كافية عرف بها واشتهر في هذا التخصص، بحيث يكون مؤهلاً للحديث عنه، وهذه الخبرة تظهر في مؤلفات أو كتب، أو في أنشطة علمية وثقافية في نفس المجال.وحتى لو كان مؤهلاً من الناحية العلمية (شهادة كلية الشريعة) أو متخصصاً، فعليه ان يدخل في دورات اعلامية تأهيلية لكي يتمكن من الظهور الاعلامي الجاذب والمميز، فنحن لا نتحدث في مجلس علمي في مسجد، له جمهوره المحدود، والمؤهل، بل نتحدث عن وسيلة اعلامية لها متطلبات، ولها أسس منهجية لكي يستطيع الشخص الظهور فيها، والتحدث بفعالية وتأثير.وهذا ما يفسر ضعف أو فشل، أغلب البرامج الدينية في القنوات الحكومية العربية، ذلك أنها تأتي بشيخ دين أو عالم، ثم تضعه أمام الميكروفون أو الكاميرا، فيتحدث بطريقة رتيبة مملة، تجعل أغلب الجمهور المستهدف ينفر منها.
مسألة أخيرة أختم بها، وهي ان الساحة الاعلامية فيها من التنافس الشديد ما فيها، فلدينا القنوات الترفيهية الكثيرة، ولدينا تطبيقات الهواتف الذكية، ومواقع التواصل الاجتماعي، مما يعني سهولة هروب وتشتت الجمهور الاعلامي، مما يبقي لنا بعضاً من هذا الجمهور، لكي يستمع للاذاعة، ومن المعروف ان الجمهور الاذاعي جمهور مرتبط بوجوده بالسيارة، لذا تشير بعض الدراسات ان الجمهور الاذاعي يتغير كل ربع ساعة، وبالتالي علينا ان نقدم البرامج الدينية بطريقة سريعة جاذبة، وفيها معلومات دينية وقيمية سريعة، وليس لكي نقدم فيها دروساً شرعية طويلة وممتدة، لأن جمهور العلم الشرعي يعرف طريقه ومصادره ومظانه، وليست اذاعة القرآن الكريم قطعاً أحد هذه المصادر.

د.خالد القحص
kalqahas@alwatan.com.kw
@drkhaledalqahs
التعليقات الأخيرة
dot4line
 

!function(d, s, id) { var js, fjs = d.getElementsByTagName(s)[0], p = /^http:/.test(d.location) ? 'http' : 'https'; if (!d.getElementById(id)) { js = d.createElement(s); js.id = id; js.src = p + "://platform.twitter.com/widgets.js"; fjs.parentNode.insertBefore(js, fjs); } } (document, "script", "twitter-wjs");
279.0088
 
 
 
إعلن معنا
موقع الوطن الإلكترونية – حقوق الطبع والنشر محفوظة
 
Top