مقالات  
نسخ الرابط
 
   
   
 
  A A A A A
X
dot4line

طرف الخيط

الكويت .. والربيع العربي

خليل علي حيدر
2014/11/30   10:20 م

شكرا لتصويت

التقيم التقيم الحالي 5/0
writer image

الأسر التجارية أقوى الشرائح الاستثمارية العربية بسبب عدم تعرضها للمصادرة والتأميم


لا يسهل الحكم على «التجربة الكويتية» في مقال عابر ولا شك أن هذه الأعوام التي زادت عن الخمسين منذ الاستقلال، كانت حافلة بالأحداث والتحولات المحلية، الى جانب كارثة الغزو وما قبلها من حروب اقليمية مجاورة أثرت فيها بعمق.
نحن بحاجة بعد مرور نصف قرن ونيف على ظهور الدولة الحديثة المستقلة، ضمن محاولات العالم العربي في اقامة أنظمة سياسية وطنية التي تقارب العشرين، أن ندرس جوانب النجاح والاخفاق، وان نشخص العلل ونحدد المسؤوليات، ومن العجب حقاً أن الباحثين الكويتيين وأساتذة العلوم السياسية في الجامعة وغيرهم، لم يكرسوا أي ندوة او دراسة لقضية بهذه الأهمية.
ولا يخفى أن لهذه التجربة نجاحات وانجازات لا تخفى منذ عام 1961، ولها في المقابل أوجه إخفاق.
فقد اكتملت في البلاد هياكل الادارة والعمل من وزارات ومؤسسات ومجالات عمل، وانتشر التعليم، وتوفرت للجميع خدمات صحية واجتماعية ومستويات رفيعة من الأمن والاستقرار والحريات والدخل المادي المرتفع وغير ذلك.
ولكننا في المقابل لم نطور رؤية وطنية سياسية محورية، بدأنا برسم ملامحها حتى عام 1976م ثم تراجعت إلى أن وقع الغزو عام 1990، لتبهت بعد ذلك الى ابعد حد، وهكذا بقيت الديموقراطية والدستور بدون حماية من وعي الجمهور او ادراك عام للمخاطر التي تهدد الحريات الاجتماعية والانفتاح، او ما يشكله كل من التيار الديني او القبيلة والطائفية من تهديد لاستمرار التجربة.
وفاقم هذا الوضع الفشل الواضح في القضاء على الفساد الذي كان مستوراً فبات في العلن، وكان محدوداً ثم اتسع، حتى بتنا لا نجد حرجاً في الاعتراف بوجوده في بعض المؤسسات الكبرى داخل الدولة. ومن التحديات الكبرى منذ سنوات طويلة ايجاد الاقتصاد المنتج الذي يعزز ثراء النفط ولكن لا يعتمد عليه، ويستفيد من دعمه ولكن يتحول تدريجياً الى بديل عنه! ولا يزال التصور الحكومي والشعبي السائد للاقتصاد المنتعش، النفط الذي يباع بأعلى الأسعار والرواتب التي تزيد باستمرار، ذلك اننا اخفقنا في بناء المواطن المنتج الذي يجمع كما في البلدان المتقدمة بين الانتاج الحقيقي والدخل الرفيع، وصرنا نجد الكثيرين ممن يقبض ولا يعمل، ومن تنحدر اليه الآلاف شهرياً دون أن يأتي الى مقر العمل، وصار من الممكن اعتبار بعض الموطفين بصورة ساخرة، انه «مجرد شخص يأتي كل يوم الى الوزارة او مقر العمل.. ليعرقل الانتاج!».
«الدولة الوطنية» محل دراسة وتمحيص حالياً في بعض الدراسات والدوريات العربية. ويبدو أن المشاكل وأوجه الاخفاق شائعة في العديد من هذه الدول وفي التجربة عموماً.
الباحث «عزمي عاشور»، مدير تحرير «مجلة الديموقراطية» المصرية مثلاً، يحدد ثلاثة جوانب من فشل التجربة العربية في مقال بعنوان «الأخطاء القاتلة للدولة الوطنية في العالم العربي»، أكتوبر 2014، وعلى رأسها يقول، «الفشل التنموي للدولة الوطنية»، واذا كانت الحروب ضد اسرائيل تصلح عذراً لعبد الناصر والسادات، «فإن السؤال لماذا لم يستغل من أتى بعدهما في نظام مبارك الذي استمر أكثر من ثلاثين سنة في احداث تنمية شاملة، من بينها بناء ديموقراطية حقيقية واحداث نهضة اقتصادية»، وفي مصر وسورية «ظهر موضوع الوريث فكان بمثابة الخطأ القاتل»، ويقول إن بعض هذه الأنظمة ربما عمدت الى اشاعة الفقر والجهل ليدوم حكمها، ويلاحظ ان «ما سقط من الدول حتى الآن هي معظم الدول الجمهورية، وما زالت الممالك والإمارات تحافظ على وجودها، بما فيها ممالك ليس لديها الموارد حال مملكتي الاردن والمغرب».
ثاني الاخطاء القاتلة للدولة الوطنية العربية، «فشل بناء المؤسسات والديموقراطية»، أي المؤسسات البرلمانية والهيئات لادارة الحكم، ويشير الى التجربة السورية المؤلمة ويقول: «فستة ملايين لاجئ ومائتي ألف قتيل وتدمير المدن السورية، منها المدن التاريخية، وظهور التنظيمات الدينية الفاشية يرتبط بشكل مباشر بترسيخ الاستبداد مثلاً في الأسد ونظامه وتغييب المجتمع السوري بنخبته وطبقته المتوسطة على مدار عقود». وكان من الممكن أن يكون هذا كذلك مصير الشعب المصري لولا أن مصر «دولة مركزية قديمة منذ آلاف السنين، وهو ما جعلها حتى الآن راسخة في مواجهة تحديات كثيرة».
كيف تستطيع الدولة الوطنية العربية أن تحمي نفسها: بالأمن والبطش، أم بازدهار الانتاج والتنمية؟
ثقافة غرور السلطة التي أثبتت فشلها في فترات الحكم السابقة في العالم العربي، يقول «عاشور»، يجب ان تكون دروساً للمرحلة القادمة، «فالاستبداد لم يعد هذا عصره، ايا كان سياسياً أم دينيا، ودولة المؤسسات وحكم القانون كفيلان بتحقيق النهضة والتنمية».
ثالث الأخطاء العربية التي قتلت الدولة الوطنية، يقول، كانت «الخارج الذي أضر كثيراً بالداخل»، أي المغامرات السياسية والعسكرية للقيادات العربية في مصر وسورية والعراق وليبيا والجزائر وغيرها. ولكن ماذا عن ثورات «الربيع العربي؟» «هذه الثورات هي بالأساس كانت نتيجة لفشل الدولة الوطنية في التنمية واحداث الديموقراطية والقدرة على تلبية احتياجات الاجيال الجديدة التي نشأت في بيئة وظروف معولمة».
نجت المنطقة الخليجية من مخاطر الانقلابات والثورات التي عمت المنطقة العربية في خمسينيات وستينيات القرن الماضي، ويعتبر الباحثون الاسر التجارية الخليجية في دول مجلس التعاون، أقوى الشرائح الاستثمارية العربية وأدومها واثبتها بسبب استمراريتها وعدم تعرضها للتفكيك والمصادرة والتأميم، كالتي تعرضت لها العائلات التجارية والمصرفية في مصر وسورية والعراق وغيرها. ولهذا سلمت كذلك الدولة الوطنية الخليجية من هذه الاضطرابات المالية والسياسية، مستفيدة من قدراتها المالية البترولية، واستمرت مزدهرة في مختلف دول الخليج والجزيرة العربية ولا تزال. بل استطاعت في النهاية، مستعينة بأدوات الثراء والرخاء، امتصاص «الأجندة التغييرية» لدى الكثير من الاسلاميين وغيرهم، من خلال فتح المجال للمصارف والشركات الاسلامية مثلاً واشاعة الاستقرار والرفاه، مما جعل دول المنطقة أقدر على التعامل مع مخاطر موجة التغييرات العربية بعد 2011، التي باتت هي نفسها في دول الربيع العربي، غارقة في معارك أن تكون.. أو لا تكون!

خليل علي حيدر
أخبار ذات صلة dot4line
التعليقات الأخيرة
dot4line
 

!function(d, s, id) { var js, fjs = d.getElementsByTagName(s)[0], p = /^http:/.test(d.location) ? 'http' : 'https'; if (!d.getElementById(id)) { js = d.createElement(s); js.id = id; js.src = p + "://platform.twitter.com/widgets.js"; fjs.parentNode.insertBefore(js, fjs); } } (document, "script", "twitter-wjs");
277.0112
 
 
 
إعلن معنا
موقع الوطن الإلكترونية – حقوق الطبع والنشر محفوظة
 
Top