مقالات  
نسخ الرابط
 
   
   
 
  A A A A A
X
dot4line

أنا مع وضد

اعرف من أنت!!! الانتهازية... واحد يعارض وواحد يستفيد

د. عبدالله يوسف سهر
2014/02/08   09:56 م

شكرا لتصويت

التقيم التقيم الحالي 0/5
writer image



أنا
الانتهازية السياسية سلوك ليس بغريب في الأدبيات السياسية وحتى في الدراسات الاجتماعية التي تعالج بعض أنماط السلوك الاجتماعي لدى الأفراد المصابين بهذا المرض أو ما يمكن ان نطلق عليه بـ«التقنَّص» «أو «التحيَّن». وعلى الرغم من ان التعريف الأكثر شهرة للانتهازية السياسية هو السلوك الذي يضع المصلحة الشخصية قبل مصلحة الآخرين ويقرنها بالأنانية إلا أن هذا المعنى عام جداً ويعيبه بعض التوضيحات التي لابد من اقترانها بالواقع. فالانتهازية أنماط ومستويات وبعضها لا يضر بالآخرين وإنما هو مجرد اقتناص الفرص ضمن اطار مشروع، لكن ما نقصده هو بالتحديد ذلك السلوك الذي يشبه سلوك الطفيليات التي لا تظهر ولا تستفحل الا من خلال وجود اضطراب مرحلي في بيئة ما. بالفعل هناك تشابه كبير بين نمط استفحال الطفيليات والسلوك الانتهازي غير الأخلاقي الذي يحاول صاحبه الاستفادة من انشغال طرفين في صراع أو اختلاف حتى يتحين ويترقب ويصطف لمن يدفع أكثر.كبقية مسببات الأمراض، الانتهازي opportunistic لا يمكن ان ينجح الا عندما يكون هناك اختلال في جهاز المناعة، أي عندما يكون هناك خلل عضوي في أي جسد سواء كان بشريا أم مؤسسيا. ولذلك فهو ليس سلوكا يهدف لتحقيق المصلحة بالطرق المتعارف عليها أو المشروعة سياسيا ومهنيا وانما من خلال انتهاج المذهب «الوصولي». ان الانتهازية بكافة أنواعها السياسية والاجتماعية وحتى المهنية هي مرض يحطم النظام الأخلاقي للقيم في أي مجتمع اذ يفشي سيادة الانحطاط في أي منظومة سواء كانت أسرية أو جماعية أو مؤسسية. في كل من هذه المجتمعات يوجد أفراد ينتهجون الاستقامة والإصلاح وهم بطبيعة التاريخ قلة في مقابل انتهازيين قلة أيضا، والأغلبية تضل الفئة الصامتة أو المترقبة أو الخاملة والتي عادة ما تحسم نفسها في اتجاه الأقوى، ولا يوجد شيء يمكن ان يعيد هذا التوازن أو تغليب دور الإصلاحيين الا الحرية فإذا وئدت تلك الأخيرة انحدرت تلك الوحدة الجماعية مهما يكن مستواها في سلم الهرم الاجتماعي أو السياسي أو المؤسسي. الأستاذ سمير إسماعيل في مقال متميز بعنوان «الانتهازية الانتهازيون» يعالج هذا الموضوع من أبعاد عديدة ومنها يطرح اشكالية المثقف الانتهازي في مقابل المثقف الثوري. الأول يصفه بالتالي: «هو إنسان ذكي جدا يتمتع بمرونة عجيبة، غير مبدئي، براغماتي، لاعب ماهر يجيد كل الأدوار، يكرس قلمه لمنافعه الشخصية، وهو يخاطب الجماهير معتمدا على ثقافة كل المعارف الاعتيادية وبالتالي يمارس نشاطه وفق آيديولوجية اعتيادية، وهو أفضل من يقوم بتزييف الحقيقة، ويقوم بدور هام وخطير في خداع وتضليل السياسي حيث انه يزيف الواقع برمته مقابل مصالح شخصية ويضحي بالمصالح الاستراتيجية للأمة والوطن في سبيل تحقيق مصالحه الذاتية». أما الصنف الثاني وهو المثقف الثوري فهو «إنسان مبدئي بطبعه ومبادئه وأفكاره، يتحمل كل شيء في سبيل مبدئه، شجاع وموضوعي، لا يبني حياته على شقاء الآخرين بل يضحي بسعادته ومعيشته اليومية في سبيل تحقيق الأهداف الاستراتيجية، يرى سعادته في سعادة الآخرين، ناقد متحرك سلاحه الحقيقة التي يكرس كل حياته للكشف عنها واظهارها للناس، ... لا يقبل الظلم والقهر». الانتهازيون موجودون في كافة المستويات وموزعون في جميع الأصعدة، في الجامعة وهي معقل الصفوة كان هناك هذا الصنف حيث يتحيَّن الخلاف الذي وقع بين بعض الأطراف النقابية والإدارية فانبرى لموقف وفق مصالحه فوثب عليها دون خجل بينما كان هناك الصنف الآخر الذي صبر وتمسك بقيمه المهنية، في العديد من المؤسسات هنالك أيضا من يتحين الفرص فبمجرد ظهور بوادر الخلاف بين بعض الأطراف يقفز من جحره ومن خلف مكتبه الكئيب إلى حلبة الصراع ليسجل في رصيده بعض المصالح الوقتية ثم ما يلبث أن يرجع إلى ذلك الجحر المظلم، وفي السياسة هم كثيرون وحدث بلا حرج، فكم من انتهازي فاز بالملذات جراء موقف معارض ولا عزاء لبعض الاستجوابات التي قدمها البعض وفاز البعض الآخر بملذاتها ممن انتهزها. راجع نفسك لترى من أنت!!!.

مع
الطفيليات أو الفطريات لا تقتنص الفرصة إلا إذا اختل النظام المناعي لأي جسد. نظام المناعة بمعناه الاجتماعي والسياسي والمؤسسي هو قوة وتماسك الأفراد ببعضهم ومع منظومة القيم والقانون، فإذا اختلت تلك القواعد فلابد من أن تظهر تلك الصور الانتهازية للسطح لتنسج ما يطلق عليه بالعفن السياسي أو العفن المؤسسي على الصفيح البارد. في مجتمعنا هناك الكثير من هذه الطفيليات والطحالب والفطريات وكذلك هناك القليل من الأبطال والإصلاحيين والمتمسكين بالعروة الوثقى... هل عرفت نفسك من أنت ومن أنا!!!.

ضد
أنا انتهازي واقعي اقتنص الفرص عملا بمقولة فاز باللذات من كان جسورا. أنا واقعي أحسبها صح إذا لاح استجواب أقف مع من يدفع أكثر، وفي المؤسسة أقف مع الأقوى مستغلا حاجته للقضاء على معارضيه، وفي المجتمع الإعلامي ينبري قلمي لمن هو يطري علي بالمال واللعب بالساحة، في الجامعة أنا أيضا مع الطرف الذي يمكن ان يوصلني للمركز أو المنصب، أما في العمل فأنا مع المسؤول كلما كان أكبر، وبعدها تباً وتعساً للمهنية والعدالة والمساواة وتكافؤ الفرص... فهل عرفت من أنا ومن أنت!!!.

د.عبدالله يوسف سهر
sahar@alwatan.com.kw
أخبار ذات صلة dot4line
التعليقات الأخيرة
dot4line
 

!function(d, s, id) { var js, fjs = d.getElementsByTagName(s)[0], p = /^http:/.test(d.location) ? 'http' : 'https'; if (!d.getElementById(id)) { js = d.createElement(s); js.id = id; js.src = p + "://platform.twitter.com/widgets.js"; fjs.parentNode.insertBefore(js, fjs); } } (document, "script", "twitter-wjs");
580.012
 
 
 
إعلن معنا
موقع الوطن الإلكترونية – حقوق الطبع والنشر محفوظة
 
Top