مقالات  
نسخ الرابط
 
   
   
 
  A A A A A
X
dot4line

سيد الحكومة

نجلاء عبدالعزيز خليفة
2014/02/06   10:19 م

شكرا لتصويت

التقيم التقيم الحالي 0/5
writer image

العالم يعيش رتماً سريعاً فلا وقت لديه للطباعة والأختام والتواقيع


كميات هائلة من الأوراق تدخل يوميا الى وزارات الدولة ومؤسساتها ويتم استهلاكها بمعدلات متزايدة في المعاملات الرسمية، حتى القطاع الخاص يرفض التخلص من نهمه المتزايد للأوراق في معاملاته داخل الدولة، وفي الوقت الذي تحول العالم فيه نحو التعاملات الالكترونية وأصبح يشجع على الاقلال بل والاقلاع عن استخدام الورق لمضاره الشديدة على البيئة ولصعوبة التخلص منه ولأن العالم الآن يعيش رتماً سريعاً فلا وقت لديه للطباعة والأختام والتواقيع والأرشفة والتغليف فقد اتجه نحو التراسل والتوقيع الألكتروني الذي يسمح للمسؤول بتوقيع معاملته دونما تأخير وأينما كان دون الحاجة للوجود في مكتبه بشكل دائم، بينما نحن الى الآن نعيش في العصور الوسطى ونتمسك بالروتين وكل وزارة تخصص مكاناً لشركات الطباعة التي تلتهم من المراجعين آلاف الدناينر شهرياً لطباعة وتصوير وتغليف الأوراق وكل ورقة تحتاج طوابع من فئات الدينار والخمسة والعشرة والتي أعتقد أنها تدخل الى جيوب الدولة ما يعادل دخل انتاج وتصدير النفط من كثرة المعاملات، واذا كان المسؤول غير موجود في مكتبه لتوقيع معاملتك وهو الأمر المعتاد فستكون مضطراً للعودة لاحقاً ليوقع بأنامله الذهبية عليها قبل ان تتجه بها الى مسؤول آخر وآخر حتى تنتهي معاملتك أو ينتهي صبرك أيهما أقرب، واذا نقصت ورقة من قائمة المستندات الطويلة فاستعد لجولة كعب دائر على باقي الادارات والمؤسسات لاستخراجها قبل ان تخرج روحك، ويومياً يتكدس مئات المراجعين ومندوبي تخليص المعاملات في طابور طويل جداً لانهاء معاملاتهم، وقد تدق ساعة سندريلا الوزارة الثانية عشرة ظهراًوتغلق شبابيك الخدمة في وجوه المراجعين دون انتهاء الطابور ويعود الكثير منهم بخفي حنين وليتمكن بعدها الموظفون من توزيع الأوراق المتكدسة ووضعها في ملفات المراجعين وتدويرها في الروتين الحكومي بين الجهات المعنية وان كنت محظوظاً فستنتهي المعاملة في غضون شهر أو شهرين على أقل تقديرهذا ان لم يكتشف أحد الموظفين المجتهدين أنك قد أغفلت توقيعاً أو أسقطت ورقة من المطلوب لتعود مرة أخرى تجمع ما تبقى من طاقتك وصبرك وأوراقك لاستجلابها، وكم أكره ان أجد نفسي مضطرة لانهاء معاملة رسمية لأنني سأضطر حينها ان أنتعل حذائي الرياضي أعزكم الله لأتمكن من الصعود والنزول والالتفاف يميناً ويساراً قبل ان يعييني التعب فأذهب لرشوة «بابو» فراش الوزارة بدرجة مدير لينهي ما تبقى من المعاملة أو قد أريح نفسي منذ البداية وأضع مئات الدنانير في يد مخلص المعاملات للتكفل بالمجهود الشاق، وبعد هذا نتحدث عن التنمية والتطوير وتعرّف الحكومة نفسها لنا على أنها الكترونية وهي التي لا تفقه في عالم التنقيات سوى الموقع الالكتروني الذي لم يُنفض غباره منذ تأسيسه بينما يبقى الورق سيد الحكومة الذي لا تنحني سوى له.

نجلاء عبدالعزيز خليفة
أخبار ذات صلة dot4line
التعليقات الأخيرة
dot4line
 

!function(d, s, id) { var js, fjs = d.getElementsByTagName(s)[0], p = /^http:/.test(d.location) ? 'http' : 'https'; if (!d.getElementById(id)) { js = d.createElement(s); js.id = id; js.src = p + "://platform.twitter.com/widgets.js"; fjs.parentNode.insertBefore(js, fjs); } } (document, "script", "twitter-wjs");
842.0071
 
 
 
إعلن معنا
موقع الوطن الإلكترونية – حقوق الطبع والنشر محفوظة
 
Top