مقالات  
نسخ الرابط
 
   
   
 
  A A A A A
X
dot4line

أنا مع وضد

الدكتور كمال المنوفي.. أحب الكويت ورحل «بهدوء»

د. عبدالله يوسف سهر
2014/02/01   09:03 م

شكرا لتصويت

التقيم التقيم الحالي 0/5
writer image



أنا

نادرا ان يوجد أحد قد تخرج من قسم العلوم السياسية إبان حقبة الثمانينات لا يعرف الأستاذ الدكتور كمال المنوفي الذي عمل بجدارة في الكويت فعشقها وأهلها وظل وفيا لها حتى أتاه الأجل رحمه الله. قبل أسبوع فاجأني صديقي العزيز الدكتور محمد سيد سليم بخبر وفاة الدكتور كمال منذ قرابة ثلاثة أسابيع، ولم تكن المفاجأة لخبر رحيله فقط بل من ذلك الهدوء المريب الذي صاحب ذلك الرحيل المهيب، وخاصة من قبل قسم العلوم السياسية الذي من المفترض ان يتوشح السواد بدلاً من ذلك «الهدوء» وكأن الخبر أمر اعتيادي. لمن لا يعرف أو لمن يتنكر أو لمن نسي، الدكتور كمال المنوفي هو أكاديمي من الطراز الأول ساهم في تطوير قسم العلوم السياسية وتتلمذ على يده العديد ممن هم في القسم أو خارجه من رجال الدولة. ولمن لا يعلم أو انشغل في أموره فالدكتور كمال صاحب شأن كبير يجب ان ينال التوجيب المستحق له في رقابنا. كما كنت طالبا عنده، فلقد عملت مع الدكتور كمال معيدا قبل ان أبتعث للدراسات العليا فتعززت لدي معرفتي بالرجل الانسان أكثر واستطعت ان أقرأ عنوانين علمه وخلقه عن قرب وكثب. فحتى آخر لحظة وهو يلملم حاجاته مودعا الكويت كان يكتب تقاريره ويؤدي مهامه التي كلفها القسم به فكنت شاهدا على ذلك التفاني والحرص الدقيق لرجل علم وخلق. بعدما استقر في بلده وعاد لجامعة القاهرة ومن ثم عين عميدا لكلية الاقتصاد والعلوم السياسية فيها لم ينشغل في كتبه ومكتبه ومكاتباته عن حب الكويت وأهلها فكان على اتصال بالكثير ممن أحبوه وأحبهم، ولم يتنكر للكويت أو تناسى دورها وفضائل شعبها فكان بطل السجال عن حقها إبان الغزو الغاشم. وللذين لا يعلمون أو نسوا هذا الرجل، كان الدكتور كمال حريصا على سمعة الكويت في بحر يموج بزبده اعلام المقبور صدام حسين، فتصدى وأبلى بلاء حسنا. بعد الغزو الغاشم بسنتين أو ثلاثة وفي غمرة تمازج الكره العربي للانحياز الأمريكي لصالح اسرائيل بالاشاعات الصدامية المغرضة دعاني الدكتور كمال لالقاء محاضرة في كلية الاقتصاد والعلوم السياسية في جامعة القاهرة كي أتناول حقائق الموقف في النزاع الكويتي – العراقي. الجمهور في تلك المحاضرة لم يكن جمهورا عاديا ففيه من الأساتذة المخضرمين والطلبة المثابرين والاعلاميين المتابعين، وبالتالي لم يكن متخللا بنقاش الآحاد أو الأفراد. حرص في تلك الأثناء ان يجلس معي على طاولة التقديم وانبرى للأسئلة والانتقادات كصقر سهل عليه اقتناص فرائسه. أتذكر جيدا حينما حاول أحدهم الخلط بين المعلومات ليوهم الحضور بأن للكويت دوراً في التفرعن الاسرائيلي على العرب، فبعد اجابتي، فاجأني الدكتور كمال بمداخلة مخاطبا الناقد مَن مِن المجالس التشريعية العربية «يأبني» يخرج بقرار وبالاجماع يحث في حكومة بلده بقطع العلاقات مع أي دولة تنقل سفارتها للقدس غير البرلمان الكويتي وفي ظل ظروف التدخل الأمريكي لصالح الكويت وفي ظل موقف القيادة الفلسطينية تجاه الكويت؟ والكلام لايزال للدكتور كمال «ده هو الشعب الكويتي اللي أنت ولا غيرك ما بيعرفهوش ممن يردد شوية المعلومات السطحية اللي برددها البعض من غير ان يدري أو يدري». هكذا كان الدكتور كمال يفكر بالكويت ويتابع أحداثها ومجرياتها السياسية. لا أتذكر اني حضرت جلسة ولم يظهر اعجابه بالكويت ونظامها الدستوري وبطيبة أهلها. لمن لا يتذكر أو نسي، دعوني أذكر بالتالي: عندما انقضت فترة عمادته في جامعة القاهرة وكنت في زيارة لها قابلته وطرحت عليه فكرة العودة للكويت كي يعمل معنا خاصة وان القسم قد أعلن عن حاجته لبعض الأستاذة، لم يكن متشجعا في البداية ولكن تحت وطأة الاصرار مني ومن غيري كالدكتور شملان العيسى والدكتور عبدالرضا أسيري وافق وبعث طلبه للترشح للوظيفة. لم يكن الرد على طلبه بالرفض لأنه لا يمكن ذلك بل كان أكثر فجاجة وأفضح رداءة حينما قيل له بأن الموافقة على التعيين تستلزم إنزال درجتك العلمية من أستاذ الى أستاذ مساعد!!! لم يرد كمال الخلوق والهادئ الطباع والعزيز النفس، بل فضل عدم الرد لكي يرد لمن يفهم الرد. بعد تلك الحادثة التي أخجلتني لم أتردد في مهاتفته في أي رحلة لمصر العروبة، ولم يبخل الدكتور كمال علينا بلقاء يصر فيه بأن نتناول الغداء في مطعم المأكولات البحرية لأنه يعلم بشغف الكويتيين بالبحر وثماره. منذ أحداث الثورة في مصر لم أذهب للمحروسة كي ألتقي معه، والآن رحل كمال وظلت بعض عبقات ذكراه في أذهان البعض فرحل بهدوء حينما قرر البعض الآخر ان ينسوه... رحمك الله يا حبيب الكويت وشعبها... لن ننساك.
أتمنى من أستاذنا الكبير الأستاذ الدكتور عبدالرضا أسيري، الذي تعلمنا منه قيمة الوفاء والذي أعلم يقينا من أنه لن ينسى صديقه كمال كما هو حال البعض، ان يبادر بتكريم الرجل ولا ينتظر المبادرة أو الرسالة من أحد.

د. عبدالله يوسف سهر
sahar@alwatan.com.kw
أخبار ذات صلة dot4line
التعليقات الأخيرة
dot4line
 

!function(d, s, id) { var js, fjs = d.getElementsByTagName(s)[0], p = /^http:/.test(d.location) ? 'http' : 'https'; if (!d.getElementById(id)) { js = d.createElement(s); js.id = id; js.src = p + "://platform.twitter.com/widgets.js"; fjs.parentNode.insertBefore(js, fjs); } } (document, "script", "twitter-wjs");
342.009
 
 
 
إعلن معنا
موقع الوطن الإلكترونية – حقوق الطبع والنشر محفوظة
 
Top