مقالات  
نسخ الرابط
 
   
   
 
  A A A A A
X
dot4line

إضاءة

لا تنهزمي.. أمام «السلطة»

فاخر السلطان
2014/01/21   08:46 م

شكرا لتصويت

التقيم التقيم الحالي 5/0
writer image

من دون المساواة لا يمكن الحديث عن تنمية حقيقية تنطلق من الحالة الثقافية للعصر الحديث


أحد نتائج النظرة المناهضة لمساواة الرجل مع المرأة، هو تراجع مستوى «احترام» المرأة في المجتمع. وتُرجع الباحثة الايرانية فريبا داوودي مهاجر سبب ذلك الى تداخل مفردة «الاحترام» مع مفردة أخرى هي «السلطة». فكلّما زادت سلطة الرجل وهيمنته ووصايته على المرأة، قلّ احترام المرأة في المجتمع.
والمفارقة ان هذه المسألة لا ترتبط فحسب بالمرأة بل بمسائل عدة، ما جعل مفردة «السلطة» تلعب دورا في ترسيخ «عدم الاحترام» هذا. خذ مثلا سلطة الرجل والمرأة على فئة «الخدم»، وكذلك نظرة الكثير من المواطنين «المتعالية» تجاه الوافدين، والتي هي قريبة من نظرة المتطرفين في اوروبا الى المهاجرين.فهذه الأمثلة يُشتمّ منها رائحة «عدم الاحترام» بسبب تأثر العلاقة بين الطرفين بمفردة «السلطة» و«الهيمنة».
الاحترام هو وعاء ينمو فيه المجتمع المدني. كذلك هو شرط لتحقيق المساواة والتعددية الحقوقية في مختلف المجالات، بما في ذلك المساواة بين الجنسين. وهذا من شأنه ان يساهم في دفع المشاريع التنموية في ظل هيمنة مفردة «تنمية» على الخطاب السياسي والاجتماعي في الكويت بشكل يفوق العديد من المفردات الحيوية الأخرى.
لكن، من دون المساواة لا يمكن الحديث عن تنمية واقعية حقيقية تنطلق من الحالة الثقافية للعصر الحديث. فلا يمكن التعويل على تنمية تخلو من احترام حقوق الانسان انطلاقا من المساواة في الحقوق بين الرجل والمرأة. ولابد من الاشارة هنا الى ان هذه المساواة لا تتحقق الا بتغيير نظرة الأسرة تجاهها (النظرة التربوية) مما سينعكس بقوة على نظرة المجتمع.
ان ذلك يحمّلنا مسؤولية مواجهة كافة الخطط الساعية الى التقليل من موضوع المساواة، خاصة الخطط الحكومية التي تنظر الى المسألة انطلاقا من المصلحة السياسية لا من خلال مبدأ الدفاع عن حقوق الانسان. كذلك، مواجهة الأفكار الاجتماعية التي تحط من قدر المرأة وتقلل من شأنها ووجودها ولا تراها الا شأنا ثانويا. فمن دون احترام هوية المرأة، هويتها الحقوقية الحديثة، لا نستطيع الحديث عن مشروع تنمية.
والمؤسف في هذا الاطار ان الهوية الحديثة للانسان بشكل عام، سواء هوية الرجل أو المرأة، لا تزال غير محترمة. ولابد لمبدأ احترام حقوق الانسان ان يأخذ مجراه في مجتمعنا بصورة واقعية وحقيقية اذا ما أردنا ان يساهم ذلك في تشكيل الهوية الحديثة للانسان كشرط للتنمية. فالتنمية تحتاج الى مجتمع يعتمد أفراده على نفسه بعيدا عن مختلف صور الوصاية والتبعية. ولا يمكن تحقيق هذا الشيء دون احترام واقعي أصيل لحقوق جميع الأفراد رجالا كانوا أم نساء.لذا، لا يمكن للمرأة ان تعتمد على نفسها دون حصولها على حقوقها الحديثة أولا.
بعبارة أخرى، ان المرأة «التابعة» للرجل و«المطيعة» له، التي تحتاج باستمرار الى «أب» أو «ذكر» ليقودها ويحميها، لا تستطيع ان تثق بنفسها وبالتالي لا يمكن الاعتماد عليها في أي مشروع أو خطط للتنمية. وهنا لابد من العمل على تغيير هذا الواقع، سواء بتغيير سلوك الحكومة أو بتغيير السلوك الاجتماعي المنطلق من الفقه والعادات والتقاليد. فالذهن الحكومي لا يكف عن اللعب على وتر المصلحة، ما يجعلنا نصف سلوكه تجاه حقوق المرأة بأنه مجرد شعارات قد يتم التراجع عن رفعها اذا جاءت في الضد من مصالح الحكومة. وفيما يتعلق بالذهن الذكوري الاجتماعي المنطلق من التشريعات الفقهية وثوابت العادات والتقاليد فيعتقد بأن المرأة التي «لا تطيع» الرجل أو «لا تتبعه»، لن تستطيع ان تدير حياتها ولن تقدر ان تعيش بصورة طبيعية في المجتمع، أو أنها تخفي في ذهنها أفكارا «خبيثة»، في حين أنها لم تسع الا لاستقلاليتها ولم تطالب الا بحقوقها التي لا يمكن للتنمية بصورتها الحديثة ان تتجاهلها.
ان غالبيتنا نفضّل ان تتهيأ لنا الظروف الاجتماعية لكي «نسيطر» و«نهيمن»، وأن «يتبعنا» الآخرون. لكن ماذا سيكون حال المرأة لو جاءت «تبعيتها» للرجل انطلاقا من فهمها للافكار الدينية والاجتماعية؟ ان المسؤولية هنا تحتّم العمل على تغيير هذا الفهم والسعي لانتزاع الحقوق عن طريقها. فمن السهولة بمكان ترسيخ فكرة «التبعية»، خاصة «تبعية» المرأة للرجل و«طاعتها» له، لكن من الصعوبة ايجاد البديل، لأن ذلك يعتمد على ايجاد فكرة حقوقية جديدة تتعارض مع كثير مما يسمى «بالثوابت».
وخوف المرأة من هذا التغيير بذريعة دينية وسيطرة عادات وتقاليد خاصة، هو ليس الا ذريعة أخرى لتبرير البقاء في أسر سلطة التشريع الفقهي والعادات والتقاليد غير الحديثة للتحكم بحقوقنا وحياتنا.وهذا الخوف لا يمكن الا ان نسميه انهزاما. اذ سيمهّد الطريق لنجاح التنمية المادية الاسمنتية، لكنه سيؤدي الى سقوط التنمية الحقيقية.. ونعني بذلك تنمية الانسان بحصوله على حقوقه الحديثة التي تشكل هويته وترسم طريقه في هذا العصر. فلا يمكن ان نكون حداثيين شكلا فيما حقوقنا الحديثة التي تشكّل هويتنا الحديثة، مسلوبة.

فاخر السلطان
fakher_alsultan@hotmail.com
أخبار ذات صلة dot4line
التعليقات الأخيرة
dot4line
 

!function(d, s, id) { var js, fjs = d.getElementsByTagName(s)[0], p = /^http:/.test(d.location) ? 'http' : 'https'; if (!d.getElementById(id)) { js = d.createElement(s); js.id = id; js.src = p + "://platform.twitter.com/widgets.js"; fjs.parentNode.insertBefore(js, fjs); } } (document, "script", "twitter-wjs");
294.0051
 
 
 
إعلن معنا
موقع الوطن الإلكترونية – حقوق الطبع والنشر محفوظة
 
Top