مقالات  
نسخ الرابط
 
   
   
 
  A A A A A
X
dot4line

نافذتي

بين الكلمات واللكمات!

د.خالد القحص
2012/01/10   11:41 م

شكرا لتصويت

التقيم التقيم الحالي 5/0
writer image

خطابنا الإعلامي هذه الأيام في أغلبه مزدحم بالقدح والتخوين والمثالب


هكذا هي الحياة بكل بساطة.. اختيارات تقوم بها، ترتد اليك عواقبها وتداعياتها ونتائجها، لذلك الجزاء من جنس العمل، فالبخيل، مثلاً، جزاؤه من جنس عمله، فهو يحب المال ويحرص عليه، ويجمعه آناء الليل وأطراف النهار، لكنه بسبب بخله، حرمه الله من نعمة التمتع بماله، فيغدو دوره في النهاية مجرد جامع لأموال الورثة.
وبالمقابل، يأتينا حديث الرسول الكريم «ما نقص مال من صدقة»، ليؤكد حقيقة ان ما تفعله في حياتك، سيرتد عليك بنفس الصورة، وبنفس الشاكلة، فالذي يتبرع بماله، ووقته وجهده وعلمه، فان ذلك سيرتد عليه، حتماً، بصورة أو بأخرى.تساعد الناس، فيهيئ الله لك من يساعدك في موقف آخر، تحب الخير للآخرين، فيسهل الله سبحانه حب الآخرين لك.فالأعمال مرآة لك، فما تفعله، سيرجع لك مرة أخرى، فالمدير أو المسؤول الذي يشق على موظفيه، ولا يسهل عليهم، فانه مرشح لكي تصبح حياته مليئة بالشقاء والتعاسة، والقلق، وقلة البركة، ويكفيك دعوة الرسول الكريم حين قال: «اللهم من ولي من أمر أمتي شيئاً فشق عليهم فاشقق عليه، ومن ولي من أمر أمتي شيئاً فرفق بهم فارفق به».. أنت كساعي البريد ما ترسله للآخرين.. يعود اليك ولا شك.. انها مسألة وقت!
خطابنا الاعلامي هذه الأيام، في أغلبه مزدحم باللكمات لا الكلمات، وبالسلبيات والهجوم والقدح والتخوين والمثالب والعيوب حتى بتنا نرتدي نظارة سوداء.بل ان هناك قنوات فضائية تخصصت في اللكمات تلو اللكمات لكل شيء جميل نحبه ونحترمه، حتى أصبح الغثاء هو القاعدة والأصل.لذا من يستخدم اللكمات فسوف ترتد عليه، ومن يكثر من السلبيات، فسوف يعيشها، ومن يخون الآخرين ويشكك بولائهم وانتماءاتهم، فسوف يحتقره الآخرون، ويزدرونه، ومن يبع الوطن، فسوف يبيع، قبلها، قيمه ومبادئه وأخلاقه، وفي النهاية يبيع نفسه.
الكل أصبح بطلاً، ووطنياً وحامياً للدستور، ومتحدثاً باسم الشعب، ويتحدث بالاقتصاد والاجتماع والسياسة والدين والقانون، ويرى ما لا نراه، وهو رجل، أو امرأة، المرحلة.اختلفت الوجوه لكن الخطاب واحد، حتى اننا لم نعد نعرف من قال ماذا! تنتقل من قناة الى أخرى، ومن صحيفة الى أختها، ومن ندوة انتخابية الى مثلها، فتجد الكلام نفس الكلام، والعبارات نفس العبارات، الكل يردد الشعارات الجوفاء، والعبارات البلهاء التي فقدت مصداقيتها، وغدت مبتذلة مكررة ممجوجة.يقولها المرشح وهو لا يؤمن بها، ويستمع الحضور، وهم لا يؤمنون بها، وهم يعلمون، كذلك، ان المرشح لا يؤمن بها، والمرشح يعلم أنهم يعلمون أنه لا يؤمن بها، لكنهم، وهذا هو المحزن، يصفقون للمرشح بعد ان ينتهي من خطابه الذي لا نذكره منهم سوى بسملته في بدايته، وشكر الحضور في ختامه، أما ما حواه الخطاب، فهو الحقيقة لا يحوي شيئاً، ولا يسد رمقاً، ولا يغني من جوع.
نحن بحاجة الى ثقافة تصحيحية لعملية الانتخاب، وللحملات الانتخابية، والى اختيار سليم وملائم لما يقال وما لا يقال، ولتعزيز التفاؤل والأمل، فان تحدثنا بالأمل والسعادة وتغيير الواقع والثقة بغد جديد جميل، مليء بالانجاز والنجاح، ووضعنا خطة واضحة ومكتوبة (كأفراد وكمجتمع)، فسوف يرتد ذلك علينا، باذن الله، بحيث نراه واقعاً مطبقاً، نستمتع به.
اننا بحاجة الى اعادة الروح لكلماتنا، والايجابية لألفاظنا، والحب لعباراتنا، والتنمية لفكرنا والوطنية لخطابنا.اننا بحاجة الى من يعيد لنا الأمل، وينير الشمعة، ويتحدث بابتسامة، ويغرد بالتفاؤل، ويجمع ولا يفرق، ويبحث عن التشابه لا الاختلاف، وعن السعة لا الضيق، وعن الاتفاق لا النزاع.هل ما أطلبه، يا تُرى، صعب المنال، أم بعيد المآل؟ أم يبقى الحال على ما هو عليه الحال؟!

د.خالد القحص
kalqahas@alwatan.com.kw
@drkhaledalqahs
أخبار ذات صلة dot4line
التعليقات الأخيرة
dot4line
 

!function(d, s, id) { var js, fjs = d.getElementsByTagName(s)[0], p = /^http:/.test(d.location) ? 'http' : 'https'; if (!d.getElementById(id)) { js = d.createElement(s); js.id = id; js.src = p + "://platform.twitter.com/widgets.js"; fjs.parentNode.insertBefore(js, fjs); } } (document, "script", "twitter-wjs");
356.0035
 
 
 
إعلن معنا
موقع الوطن الإلكترونية – حقوق الطبع والنشر محفوظة
 
Top