مقالات  
نسخ الرابط
 
   
   
 
  A A A A A
X
dot4line

كلمة حق

اغتيال السفير الروسي في تركيا عمل بطولي أم جريمة

عبدالله الهدلق
2016/12/21   11:54 م

شكرا لتصويت

التقيم التقيم الحالي 0/5
writer image



تباينت الآراءُ والتحليلاتُ حولَ حادثة اغتيال السفير الروسي (أندريه كارلوف) في أنقرة بين من يرى فيه حادثاً مُستقلاً ومن لا يستبعد أن يكون عملاً مُنظَّماً ، لكنهم أجمعوا على أن العلاقات الروسية التركية لن تتأثر بهذا الحادث نظراً للمصالح المشتركة بينهما ، وقد بعثت كل أنقرة وموسكو بإشارات طمأنة على مستقبل العلاقات بينهما إثر حادث الاغتيال مؤكدين أنَّ الحادث عمل تحريضي يستهدف عرقلة مسيرة تطبيع العلاقات بين البلدين ، ولكن الوقائع تؤكِّد أنَّه ما إن يرجع الدفء إلى العلاقات التركية الروسية ويخلع البلدان جلباب التوتر بينهما وتبدأ مواقف كل من البلدين في التقارب إزاء عدد من القضايا الإقليمية حتى يحدث ما يعكر صفو هذا التقارب ، ولم يتفاجأ الجميع بحادثة اغتيال السفير الروسي في أنقرة لكونهم يتوقعون أن تتعرض موسكو لضربات موجعة سواء في الداخل الروسي أو ضد مصالحها في الخارج كرد فعل على فظاعة الجرائم والمجازرالتي تقترفها موسكو في سورية عموماً وفي حلب على وجه الخصوص .

ولا يُستبعد أن تتلقى موسكو عاجلا أم آجلا ضربات أخرى في مناطق متعددة، يكون من شأنها إسقاط أوراق الرئيس الروسي (فلاديمير بوتين) وإنهاء غطرسته، خاصة أن الوضع الاقتصادي الداخلي لا يتحمل أي تأثيرات خارجية عليه ولا يُستبعدُ أيضاً إمكانية وقوف جهات خارجية وراء عملية الاغتيال انتقاماً من محاولات موسكو إبعادها عن الحرب في سورية كالولايات المتحدة الأمريكية ، كما لا تُستبعد فرضية وقوف جماعة (فتح الله غولن) وراء عملية الاغتيال قائمة فمن وجهة نظر الأتراك فالمنفذ تركي حر أراد أن يقول للعالم نحن لن نسكت عن جرائم ومجازر بوتين في سورية ، ولكن العلاقات الروسية التركية لن تتأثر بهذا الحادث لحاجة كل طرف منهما إلى الآخر، فموسكو تحتاج إلى أنقرة لمواجهة العقوبات المفروضة عليها من قبل الغرب عبر مزيد من دعم العلاقات الاقتصادية والتجارية، بينما تحتاج تركيا إلى روسيا للتخفيف من عزلتها ومواجهة التأثيرات التي أعقبت محاولة الإنقلاب في يوليو الماضي .

ولكن فرضية وقوف جهة منظمة وراء حادثة اغتيال السفير الروسي أقرب إلى المنطق من كونه حادثا فردياً ، إذ أنه من الصعوبة أن يخرج شرطي ينفذ عملية هي الأولى من نوعها في تاريخ تركيا وهو يعرف أنها ستؤثر على مصالح بلاده قبل أن تؤثر عليه شخصياً كما أن المعطيات التي أوردتها بعض وسائل الإعلام لا تستبعد أن يكون الرجل قد دخل إلى مسرح الجريمة بأوراق مزورة، وهو مؤشر آخر على ترجيح العمل المنظم في هذه الحادثة ، كذلك أن فرضية وقوف جماعة (فتح الله غولن) وراء الحادثة تبقى هي الأخرى واردة ، خاصة بعدما صرح بوتين بأنها تستهدف الإضرار بالعلاقات التركية الروسية، بجانب عدم لومه أنقرة ، وهي تصريحات قد تكون مستندة إلى معلومات تسلمتها روسيا من تركيا أو معطيات أخرى تتوفر لدى موسكو نفسها .
وقد مَرَّت العلاقات الروسية التركية بمراحل شد وجذب، لكن التوتر بينهما تصاعد على خلفية مواقفهما المتباينة إزاء الأزمة السورية، خاصة بعدما تم إسقاط الطائرة الروسية في نوفمبر 2015، وإطلاق أنقرة عملية درع الفرات لطرد (داعش) من الشمال السوري، قبل أن يحدث تقارب بينهما أفضى إلى اتفاق لإجلاء المدنيين من شرقي حلب ، ولكن عملية اغتيال السفير الروسي في تركيا مهما كانت انتماءات ودوافع ومرجعيات مقترفها مرفوضة إنسانياً ودينياً وعقلياً ومنطقياً ، وسواءً كانت الجريمة فردية أو تنظيمية فإنَّ السفير ليس مسؤلاً عن وضع سياسات دولته وتوجهاتها الأمنية والعسكرية بل هو مُنَفِّذ لها .

ومن غير المُستبعد أن تتم مهاجمة شخصيات إعتبارية ومصالح فارسية إيرانية في تركيا وغيرها من الدول كرد فعل إسلامي وإنساني غاضب على التحالف الفارسي الروسي لإبادة الشعب السوري وتدمير الجمهورية العربية السورية ، وسيكشف قادم الأيام أنَّه لا بُدَّ للمكبوتِ مِن فَيَضانِ .

عبدالله الهدلق
أخبار ذات صلة dot4line
التعليقات الأخيرة
dot4line
 

!function(d, s, id) { var js, fjs = d.getElementsByTagName(s)[0], p = /^http:/.test(d.location) ? 'http' : 'https'; if (!d.getElementById(id)) { js = d.createElement(s); js.id = id; js.src = p + "://platform.twitter.com/widgets.js"; fjs.parentNode.insertBefore(js, fjs); } } (document, "script", "twitter-wjs");
734.9995
 
 
 
إعلن معنا
موقع الوطن الإلكترونية – حقوق الطبع والنشر محفوظة
 
Top