مقالات  
نسخ الرابط
 
   
   
 
  A A A A A
X
dot4line

الطريق إلى الله

السكينة (2)

السيد ابوالقاسم الديباجي
2014/07/08   07:53 م

شكرا لتصويت

التقيم التقيم الحالي 0/5
writer image



في سياق تكملة حديثنا عن السكينة.. يقول السيد الطباطبائي(ره) ان السكينة نوع خاص من الطمأنينة النفسانية له نعت خاص وصفة مخصوصة وهي مرتبة عالية من مراتب الروح في القلب وموهبة الهية كما هي مبينة في الآية المباركة: {هُوَ الَّذي أنزَلَ السَّكِينَةَ فِي قُلُوبِ المؤْمِنِينَ لِيَزْدَادُوا ايمَاناً مَعَ ايمَانِهِمْ} (الفتح/4)، وهي حالة نفسانية حاصلة من سكون النفس وثباتها الى ما آمنت به ولذا علل ذلك بقوله «لِيَزْدَادُوا ايماناً».
والسكينة عطية الهية بدليل اختصاصها في الآيات الكريمة بكلمة الانزال أو التنزيل من عند الله سبحانه وتعالى، ونزول السكينة يحتاج الى حالة قلبية طاهرة وهي الصدق والنزاهة عن ابطان نية مخالفة الله سبحانه ورسوله صلى الله عليه وآله.
ويقال: ان المستفاد من آيات السكينة ان نزولها، (أي السكينة) متوقف على طهارة قلبية وصفاء نفسي سابق بدليل قوله {مَعَ ايمانِهم} في الآية المذكورة أي تنزيه ساحة العبد من المعاصي وارتكاب المحارم واستعداد قلبي من الايمان والطهارة.
وكذلك في قوله {فَعَلِمَ مَا في قُلُوبِهِمْ} من الآية: {لَقَدْ رَضِيَ اللهُ عَنِ المُؤْمِنِينَ اذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأنزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ} (الفتح/18)، واضافة الى المعنى الظاهري للسكينة وهو سكون القلب وعدم اضطرابه يذكر السيد العلامة الطباطبائي (ره) في معنى السكينة أنها: روحٌ الهيٌّ أو تستلزِم روحاً الهيًّا من أمْر الله تعالى يوجِب سَكينةَ القلْب واسْتِقْرارَ النفْس وربْطَ الجَأش.
فالعارف والسالك الى الله تعالى يحصل على مقام السكون بعد الوصول الى الحق تبارك وتعالى واليقين بأنه جلت عظمته هو السند القوي والركن الوثيق وبالتالي ينقطع عن كل الأسباب ويزول عن قلبه كل شك وارتياب وخوف وحزن، وخير مصداق لهذا القول قصة يوسف الصديق (عليه السلام) الذي كان في كل أحواله تحت الولاية الالهية والتربية الربوبية فكان ساكن القلب سواء كان في غيابة الجب أو في أوج العز وسرير المُلك حيث لم تؤثر على قلبه النوائب فلم يشعر بالخوف أو الحزن.
والسكون في الاصطلاح العرفاني على ثلاثة مقامات: المقام الأول: سكون الطبع، المقام الثاني: سكون العافية، المقام الثالث: سكون الحقيقة، فسكون الطبع لأهل العقل والتمييز أي ان مِن طبع السالك العاقل السكون، وسكون العافية لأهل السلامة بالاشارات الغيبية، أي ان الانسان يشعر بسلامة النفس والقلب من العيب والريب باشارات غيبية ومبدأ هذه الاشارات هو غيب الغيوب، وأما سكون الحقيقة فهو للبالغين من أهل المعرفة (فأهل المعرفة على أقسام وقسم منهم البالغون أو الواصلون).
وآفة السكون هي الحرص على جمع حطام الدنيا وحرامها، والحرص أقوى شعب حب الدنيا والركون اليها.
فعلى هذا يا عزيزي ويا أيّها القارئ الكريم، عليك بالجدّ والاجتهاد في الاتّصاف بهذه الصّفة وتهيئة المقدمات لها وذلك بالاعراض عن ملاذ الدنيا وغرورها وآمال النفس وشهواتها وتصفيتها من الشوائب والرذائل وتصفية الذهن وتهذيب الخاطر والتوجه بكلِّك الى الملك الحق سبحانه وتعالى.
اللهم جُدْ علينا بكرمك وفضلك وحبِّب الينا طاعتك وعبادتك وما يقرِّبنا اليك وانزل علينا السكينة والوقار والطمأنينة لنزداد ايماناً على ايماننا وتصديقاً انك سميع الدعاء.

السيد أبو القاسم الديباجي
الأمين العام للهيئة العالمية للفقه الإسلامي
أخبار ذات صلة dot4line
التعليقات الأخيرة
dot4line
 

!function(d, s, id) { var js, fjs = d.getElementsByTagName(s)[0], p = /^http:/.test(d.location) ? 'http' : 'https'; if (!d.getElementById(id)) { js = d.createElement(s); js.id = id; js.src = p + "://platform.twitter.com/widgets.js"; fjs.parentNode.insertBefore(js, fjs); } } (document, "script", "twitter-wjs");
1349.9921
 
 
 
إعلن معنا
موقع الوطن الإلكترونية – حقوق الطبع والنشر محفوظة
 
Top