مقالات  
نسخ الرابط
 
   
   
 
  A A A A A
X
dot4line

الطريق إلى الله

السكينة (1)

السيد ابوالقاسم الديباجي
2014/07/07   07:34 م

شكرا لتصويت

التقيم التقيم الحالي 0/5
writer image



قال رسول الله صلى الله عليه وآله: «عليكم بالسكينة والوقار»، وقال أيضا: «... وليس البر في حسن الزي، ولكن البر في السكينة والوقار»، وقال صلى الله عليه وآله: «أحسن زينة الرجل السكينة مع الايمان» وقال الامام علي (ع): «السكينة عنوان العقل، الوقار برهان النبل».
من الامور التي تقربنا الى الله عزّ وجلّ هي السكينة والسكينة من السكون والسكون خلاف الحركة والاضطراب وهو حالة نفسانية في قلب العارف والسالك الى الله ويعني الشعور بالهدوء والاطمئنان في ظل رب العالمين وكنف عنايته وصونه لا يشوبه تحيُّر ولا ارتياب ولا تشويش، والانسان في حالاته الطبيعية حينما يقف في ظل بناية أو تحت ظل شجرة أو مظلة يعلم الفرق بين هذه الظلال المختلفة، كذلك العارف الذي يعيش في ظل عناية الحق تبارك وتعالى يشعر بالأمن والطمأنينة بالله سبحانه ويسكن قلبه لما اطمأن اليه ويفرِّق بين ظله سبحانه والظلال الأخرى، والله سبحانه وتعالى ما أمرنا بقوله: {فَاتَّخِذْهُ وَكِيلاً} (المزمل: 9) الا لنسكن به ويكون هو سبحانه المتصرف في أمر عبده.
وقد صُنَّف الطوسي في ذيل تفسير الآية المباركة: {ألا بِذِكْرِ اللهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ} (الرعد: 28) السكون الى صنفين:
الصنف الأول: سكون خاص بأهل النقصان ومنشأه الغفلة وهو مقدَّم على السلوك.
الصنف الثاني: سكون خاص بأهل المعرفة والكمال ومنشأه اليقظة وهي حالة يحصل عليها المؤمن بعد السلوك، فالسالك الى الله حينما يسلك طريق الحق ويشعر بكمال المطلوب فان الحالة الحاصلة من الوصول الى الكمال واليقين يقال لها السكون.
على هذا فهناك نوعان من السكون سكون أهل النقصان وسكون أهل الكمال، وتُعرَف الحركة بين السكونين بالسلوك الى الله، بمعنى ان السالك في سلوكه الى الله يكون بين السكون الأول والسكون الثاني.
وأما السلوك أو الحركة فهي من لوازم الشوق والمحبة الصادقة، لأن الشوق حركة روحانية للقاء المحبوب، ولولا الحركة الشوقية لا يمكن الانتقال من السكون الأول الى السكون الثاني، وعلى السالك الى الله ألا يتوقف أثناء السير بل يستمر في سلوكه الى ان يطمئن بالوصول الى السكون الحقيقي الصادق المقارن للوصول الى الحق تبارك وتعالى، ولذا قيل: لَو سَكَنَ المُحِبُّ هَلَكَ.
على سبيل المثال حينما يتعلق قلب رجل بامرأة جميلة ويدخل حبها في قلبه لا يهنأ له عيش ولا يحلو له نوم ويبيت طوال ليله في التفكر والخيال.
والحب المجازي ليس عارٍ عن الشوب والشين؟؟ لأنه ينبع من أهواء وميول شهوانية وحيوانية في حين ان العشق الحقيقي لا يكون الا بعد التجرد الكامل من الأهواء والميول الشهوانية وتبعاتها.
أو كالماء الجاري الذي يستمر في جريانه أو نزوله من سفح الجبل الى ان يصل الى المقصد فيستقر على خبت أو يدخل في البحر.
فالعبد المسكين في هوى المحبوب المجازي المحكوم عليه بالزوال والفناء يكون عديم القرار دائم القلق قليل الصبر كثير الاضطراب تظهر على ملامحه آثار الفقد والبعاد ولا يشعر بالسكون والاطمئنان الا بعد الوصول الى محبوبه فكيف بالعشق الحقيقي الأبدي للجمال المطلق وهو ذات الله سبحانه وتعالى وأثره على المحب العاشق.
ولا شك ان الأمثلة والتشبيهات التي نذكرها انما هي أمثلة في الحب المجازي وظواهر الطبيعة، ولكن حينما تكون الألفاظ قاصرة عن التعبير عن دقائق المعاني العرفانية وعاجزة عن الوصول الى الحقائق، وادراكها لا يكون الا عن طريق الاشارة والرمز والمجاز، نرى ان نبين تلك المعاني والحقائق بالاشارات والرموز وأمثلة الظاهر.

السيد أبو القاسم الديباجي
الأمين العام للهيئة العالمية للفقه الاسلامي
أخبار ذات صلة dot4line
التعليقات الأخيرة
dot4line
 

!function(d, s, id) { var js, fjs = d.getElementsByTagName(s)[0], p = /^http:/.test(d.location) ? 'http' : 'https'; if (!d.getElementById(id)) { js = d.createElement(s); js.id = id; js.src = p + "://platform.twitter.com/widgets.js"; fjs.parentNode.insertBefore(js, fjs); } } (document, "script", "twitter-wjs");
362.0079
 
 
 
إعلن معنا
موقع الوطن الإلكترونية – حقوق الطبع والنشر محفوظة
 
Top