مقالات  
نسخ الرابط
 
   
   
 
  A A A A A
X
dot4line

أنا مع وضد

«الصمنديقة» في وقت الحقيقة

د. عبدالله يوسف سهر
2014/07/05   08:45 م

شكرا لتصويت

التقيم التقيم الحالي 0/5
writer image



أنا الصمنديقة مصطلح شعبي يطلق على الشخص الذي وجوده من عدمه سيان لا فائدة منه، أو مثلما يقول الأخوة المصريون «زي قلته». لا أحد يستطيع ان يجزم من أين أتت هذه الكلمة فأهل نجد يقولون انها لهم، وأهل القطيف والاحساء ينسبونها لمعجمهم، وأهل البحر ومنهم تجار الكويت الذين كانوا يذهبون للتجارة يقولون انها مركب لكلمتين الأول سمان وتعني واقف لا يحرك ساكنا والثانية ديقا وتعني الصنم ذلك الاله المعبود لدى بعض أهل الهند، وقد استخدمها هؤلاء التجار للعامل الذي يحرس بضائعهم فيقال له سمان ديقا أي احرس البضاعة ولا تتحرك من مكانك. على أي حال، عند كل هؤلاء المعنى واحد وهو الشخص الذي لا يعمل شيئاً. عند الاقتصاديين والاستراتيجيين والمخططين الصمنديقه هو العامل ذو الأثر الصفري Zero Effect Factor الذي ليس له أثر في مخرجات المعادلات الحسابية، وعلماء النفس يطلقون على الصمنديقة الانعزالي، وفي السياسة الصمنديقه هو الخامل سياسيا بعكس الناشطين السياسيين الذين كثر عددهم في هذه الأيام، أما في أدبيات طلبة العلوم الدينية فيوصفون بالأنعام استنادا للآية الكريمة {أَمْ تَحْسَبُ ان أَكْثَرَهُمْ يَسْمَعُونَ أَوْ يَعْقِلُونَ ان هُمْ الَّا كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلًا}. ليست هناك مشكلة في وجود الصمنديقة في المجتمعات فانها ظاهرة تكاد تكون مستشرية وقد تكون في بعض المجتمعات أكثرية، المشكلة هي في الواقع لو قرر كل صمنديقة أن يخرج عن صمنديقته. ماذا لو تحركت الأصنام الساكنة؟!! هل لنا ان نتخيل ذلك؟ وماذا سيحل بنا من بلاء وويلات؟ اذن المشكلة الأكبر هي لو قرر مجتمع الصمنديقات ان يتحركوا ويخرجوا من صنميتهم ومن عزلتهم وخمولهم ليكونوا أثرا وتأثيرا. هذا بالفعل ما يحدث في عصرنا، لقد ابتلينا بعصر الصمنديقة في وقت الحقيقة.الحقائق متجلية وواضحة الا ان الصمدنيقيين قرروا ان يتحدثوا ويفعلوا ويتحركوا بخلافها، والمشكلة الأكبر هو ان يكون لهؤلاء أصدقاء ومناصرون ومؤيدون فغدت حياتنا غير متحركة الا الى الوراء والتخلف.في الوقت الذي غاب فيه المفكرون والعلماء والحكماء للحديث عن الحق والحقيقة، برز هؤلاء النفر ليكون الحديث عنهم.ظاهرة تفشي مجتمعات الصمنديقة وتسيد بعضهم وطغيانهم على المشاهد السياسية هي بحد ذاتها مؤشر للتخلف والنكوص للورائية. ومن المؤسف أن يستغل هؤلاء الذين هم أقل من السفهاء عباءة الدين الاسلامي، أو مدونات الحقوق المدنية والانسانية، أو المفردات الدستورية وأدبيات الحرية، لترويج أفكار وقحة منتهاها القتل والإرهاب والفتن والتخلف.ومن أبرز الأمثلة على ذلك هو ظهور داعش، التي كان معظم أفرادها من المنعزلين أو الخاملين والسفهاء، فينقسم القوم بشأنهم.في عصر الحقيقية حيث النقل بالصوت والصورة وحينما يقتل الأبرياء قصفا أو رميا أو شنقا أو حرقا ويكون هناك قولان، فان ذلك دون شك مؤشر لتسيد مجتمعات الصمنديقة. اليوم أكثر من أي وقت سابق في تاريخ المسلمين هو تجسيد حقيقي وواقعي لقمة التخلف بل رجعة لعصر الصنمديقة الجاهلي الذي أخرجنا منه خاتم الأنبياء عليه أفضل الصلاة والسلام. وهو ذات الحال في واقعنا السياسي حينما يتحول مجتمع الصمنديقة الى مجتمع نشط يؤثر في اتجاهاتنا وتفكيرنا مع علمنا بحد اليقين بأن هؤلاء كانوا ولايزالون مجرد أحجار صنعت على شكل أصنام لتعود بالناس من النور الى الظلمات.ما نواجهه اليوم كمسلمين هو أنفسنا وليس خصما نحن قد نختلقه لأنفسنا، فنحن من يقتل بعضنا، ونحن من يفجر بإرهابه الوحشي الأبرياء في المجتمعات الأخرى التي كان الكثير منها يحترمنا، ونحن أكثر من نبذر الموارد دون تنمية، ونحن أكثر من يستخدم تكنولوجيا المعلومات لبث الجهل والتفكك، ونحن أصبحنا من أكثر المجتمعات تصديرا للارهاب، ونحن غدونا من أكثر المجتمعات تحدثا عن الجن وتعاملا مع السحر، ونحن من أكثر المجتمعات تكاثرا ولكن يا لحسرة أخشى ان يكون تكاثراً محموماً للصمنديقات، وكل هذا قد ينطبق علينا أيضا في الكويت حيث يتحرك ويتحدث مجتمع الصمنديقة بينما يسكن ويصمت جمع الحكماء ونخب العلماء، فالى متى؟

مع
بالفعل لقد تكاثر السفهاء وتسيدوا في مجتمعات تريد ان تنشد التنمية، ولتوها كانت تعيش أحلام الربيع. «ان الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم» فنحن الذي يجب ان يتغير لا ان نغير الآخرين.

ضد
يجب ألا ننشغل بالسفهاء مثلما قال الامام الشافعي: أعرض عن الجاهل السفيه فكل ما يقال فهو فيه ما ضر بحر الفرات يوما ان خاض بعض الكلاب فيه.

د.عبدالله يوسف سهر
sahar@alwatan.com.kw
أخبار ذات صلة dot4line
التعليقات الأخيرة
dot4line
 

!function(d, s, id) { var js, fjs = d.getElementsByTagName(s)[0], p = /^http:/.test(d.location) ? 'http' : 'https'; if (!d.getElementById(id)) { js = d.createElement(s); js.id = id; js.src = p + "://platform.twitter.com/widgets.js"; fjs.parentNode.insertBefore(js, fjs); } } (document, "script", "twitter-wjs");
438.0068
 
 
 
إعلن معنا
موقع الوطن الإلكترونية – حقوق الطبع والنشر محفوظة
 
Top