مقالات  
نسخ الرابط
 
   
   
 
  A A A A A
X
dot4line

جزى الله البراقع من ثياب..

عبدالله خلف
2014/02/20   10:09 م

شكرا لتصويت

التقيم التقيم الحالي 5/0
writer image



ذو الرمة شاعر أموي هو غيلان بن عقبة كان يتردد على البصرة والكوفة أُغرم بحب ميّة فأكثر من ذكرها في شعره حتى عُرف بها وهي مية بنت مقاتل بن قيس المنقري.. عاصر جرير والفرزدق والأخطل.. كما عرف بصاحبته الخرقاء وهي من بني البكَّاء بن عامر بن صعصعة.. وسبب ذلك أنه في سفرٍ له ببعض البوادي فإذا خرقاء هذه خارجةَ من خباء أو خيمة لها، فنظر إليها فوقعت في قلبه فخرق قربته التي كان يحملها، ودنا منها يستطعم كلامها، وقال اني رجل على ظهر سفر وقد تخرقت قربتي فاصلحيها لي، فقالت والله ما أُحسن العمل واني لخرقاء، والخرقاء هي التي لا تعمل عملاً وهي مخدومة من غيرها، فشبَّب بها ذو الرمة وسماها خرقاء.. وقد يكون سبب التسمية انها لم تصلح القربة وتركتها خرقاء.. وهذا اقرب من التأويل الأول وما جاء عند المفسرين.. قال المفضل الضبّي كنت أنزل على بعض الأعراب اذا حججت، فقال لي احدهم هل لك أن أريك خرقاء صاحبة ذي الرُّمة؟.. فقلت له: ان فعلت فقد بررتني.. فتوجهنا جميعاً نريدها، فعدل بي عن الطريق بقدر ميل ثم أتينا ابياتَ شَعر، فطرقنا الباب فأذن لنا، حتى خرجت علينا امرأة طويلة حسناء، فسلمت وجلستُ، وتحدثنا ساعة ثم قالت لي: هل حججت قط قلتُ: غير مرة. قالت فما منعك من زيارتي؟ أما سمعت قول عمك ذي الرمة:

تمامُ الحج أن تقف المطايا
على خرقاء واضعة اللثام

ويقول فيها:

أَ إن ترسمْتَ من خرقاء منزلة
ماء الصبابة من عينيك مسجومُ
تثني الخمار على عرنين أرنبة
شماء، مارنها بالمسك مرثومُ

ويقال إن خرقاء هي التي أرسلت الى القحيف العُقيلي تسأله ان يُشبب بها، فقال:

لقد أرسَلْت خرقاءُ نحوي جريَّها
لتجعلني خرقاء فيمن أضلّتِ
وخرقاء لا تزداد إلا ملاحة
ولو عمرت تعمير نوح وجلّتِ

وذو الرمة أحد عشاق العرب المشهورين واسمه غيلان، واشتهر بتشبيبه بمية، واياهما عنى ابو تمام بقوله:

ما ربع ميَّة معموراً يطيف به
غيلان ابهى رُباً من ربعها الخرب
< جريها: رسولها

وقال ابو ضرار الغنوي: رأيت مية واذا معها بنون لها ووصفها فقال: مسنونة الوجه طويلة الخد، شماء الأنف عليها وسمُ جمال.
ومكثت مية تسمع شعر ذي الرمة ولا تراه فلما رأته، رأت رجلاً دميماً اسود فقالت: واسوأتاه وابؤساه فقال ذو الرمة:

على وجه ميّ مسَحةٌ من ملاحَةٍ
وتحت الثياب العارُ لو كان باديا
ألم تر أن الماء يخبث طعمه
وإن كان لون الماء أبيض صافيا
فيا ضيعة الشعر الذي لج فانقضى
بميٍّ ولم أملك ضلال فؤاديا

ويروى ان ذا الرمة لم ير مية إلا في برقع، فأحب أن ينظر الى وجهها فقال:

جزى الله البراقع من ثيابٍ
عن الفتيان شراً ما بقينا
يوارين الملاح ولا نراها
ويخفين القباح فيزدهينا

فرفعت البرقع عن وجهها وكانت باهرة الحسن، فلما رآها مسفرة قال:

على وجه ميّ مسحةُ من ملاحةٍ الخ..
وفي هذا حكاية لا مجال لإيرادها هنا
ومن شعره فيها:

إذا هَّبِت الأرواحُ من نحو جانب
به أهل ميّ هاج قلبي هبوبُها
هوى تذرف العينان منه وانما
هوى كل نفس أين حل حبيبها

ويقال أنه سمي بذي الرمة لقوله يصف وتداً:

وغير موضوح القفا مَوْتُودِ
أشعث باقي رَمَّةِ التقليد
نعم، فأنت اليوم كالمعمود
من الهوى أو شبه المعمود
بمي ذات المبسم المبرود
والمقلتين وبياض الجيد

وكما قلنا ان ذا الرمة لم ير مية الا في برقع رغم طول السنين معها واحتمل ان يكون وراء ذلك قبح او ملاحة حُسن فقال البيتين المذكورين:

جزى الله البراقع من ثياب
عن الفتيان شراً ما بقينا
يوارين الملاحة لا نراها
ويخفين القباح فيزدهينا

فرفعت البرقع عن وجهها، فبدت باهرة الحسن والجمال، معنى البيتين: قد ترى المرأة جميلة في ارتدائها للبرقع وقد يخفي البرقع جمالاً لا يُرى الا وهي سافرة..

عبدالله خلف
أخبار ذات صلة dot4line
التعليقات الأخيرة
dot4line
 

!function(d, s, id) { var js, fjs = d.getElementsByTagName(s)[0], p = /^http:/.test(d.location) ? 'http' : 'https'; if (!d.getElementById(id)) { js = d.createElement(s); js.id = id; js.src = p + "://platform.twitter.com/widgets.js"; fjs.parentNode.insertBefore(js, fjs); } } (document, "script", "twitter-wjs");
1988.0126
 
 
 
إعلن معنا
موقع الوطن الإلكترونية – حقوق الطبع والنشر محفوظة
 
Top