مقالات  
نسخ الرابط
 
   
   
 
  A A A A A
X
dot4line

أنا مع وضد

المرايا السياسية ليست كلها مسطحة

د. عبدالله يوسف سهر
2014/01/18   09:54 م

شكرا لتصويت

التقيم التقيم الحالي 0/5
writer image



أنا
مثلما يذكر الدكتور عبدالعزيز حمودة في كتابة «المرايا المحدبة» ان هناك أربعة أنواع من المرايا: الأولى هي المرايا العادية أو التي يسميها البعض بالمسطحة التي تظهر الأشياء بشكل أقرب للواقع، والنوع الثاني هي المرايا المتوازية وهي عبارة عن مرآتين يوضعان أمام بعضهما البعض لخلق مشهد غير متناهي من الصور، أما النوع الثالث فهو المرآة المحدبة والتي تظهر الأشياء بشكل اكبر، والنوع الرابع وهو المرآة المقعرة التي تعمل على تصغير الصور والمشاهد.وبعيدا عن موضوع الكاتب بشأن النقد والحداثة، لنتحدث عن الاسقاط الفكري للمرآة على السياسة.أضف على تلك الأنواع المرايا المخدوشة أو المشوهة والتي لا تظهر الصورة فيها بوضوح نتيجة كثرة الخدوش عليها. السياسيون اجمالا ينظرون الى الأشياء من خلال مناظير تتخللها أنواع مختلفة من المرايا.عندما ينظر هؤلاء الى أنفسهم فلا شك انهم ينظرون من خلال المرايا المحدبة أو على أقل تقدير المسطحة، في حين أنهم عندما ينظرون إلى خصومهم فلا شك ان المرايا المقعرة هي التي تسيطر على بصيرتهم وبصائرهم. وعندما ينظر هؤلاء السياسيون الى من يوالون أو الأشياء التي يحبونها فيضعون مرآة محدبة كبيرة تظهرهم بشكل أكبر بكثير مما هو عليه. فهناك العديد من العوالم لهؤلاء السياسيين منها عالم التسطيح وعالم التكبير والتصغير، والعالم غير المتناهي الذي لا يتوقعون بأنهم في يوم من الأيام سيكون له نهاية.كل هذه العوالم مشوبة بأنواع متباينة من الصور التي تبتعد عن الحقيقة، وبالتالي الحق، بمسافات مختلفة. وعندما يصف القرآن الكريم بعض البشر بأنهم عميان فالمقصد هو انهم لا يرون الأشياء على حقائقها {فإنها لا تعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور}. ما يعنينا هنا، هو كيف ينظر هؤلاء الى الأشياء من حولهم وما تأثير تلك النظرات على المجتمع بأسره؟ بطبيعة الحال، كلما كثرت هذه الحالة وطغت في المجتمع السياسي على مستوى النخبة التي تعمل بالسياسية مباشرة، كلما تاه المجتمع وضاعت بصيرته وتشتت مستقبله.في الكويت، العاملون أو المهتمون بالسياسة أكثر من اعتادوا أكل الرز وهي الوجبة الأكثر شهرة شعبيا. لقد فاق عدد هؤلاء الى حد التخمة، وما يزيد الوضع سوء هو ان تكلفة هذه الزيادة اجتماعيا ومدنيا وحضاريا كبيرة جدا خاصة في ظل وجود الاستخدام المتنوع لأنواع مرايا التصغير والتكبير والتشويه.مع الاعتراف، بأن المرآة السياسية ليست مسطحة في جميع الأحوال، لكن زيادة التقعير والتحديب هي الصور الغالبة في مناظير هؤلاء السياسيين لذلك نجد من التناقض والتناحر والتغير في المواقف والتبديل بالمبادئ ما يندر وجوده في مجتمعات سياسية أخرى. من هنا فإن مجتمع الصخب السياسي الذي يطغى على حياتنا اليومية يجب ان يصحح والا فإن التكلفة السياسية ستكون عالية جدا بعدما تزيد حدة المصادمات الناتجة عن تضارب الرؤى في عالم التحديب والتقعير، «انه ملعب من تربح به ألعب به» مع تقديرنا لمعلقنا الأسطوري خالد الحربان.

مع
المشاهد التي نراها يوميا تحدث أمامنا من تغير في المبادئ وتحول في المسالك هي دليل على تبدل في عدسات المناظير التي نشاهد الأمور من خلالها. والسؤال المستحق هو لماذا هذه التغيرات في تبديل تلك العدسات؟ الجواب لا يمكن ان يخرج عن دائرة المصلحة والتمصلح، فاليوم أي سياسي قد يكبر أو يصغر الأمور وفقا لمصالحه وهو قد يكون سلوكا يمكن تقبله لكن ان ينتقل ذلك الداء الى بعض المجاميع التي تتأثر بهذا النائب أو ذلك الناشط أو الوجيه فهو أمر يدل بشكل قطعي على طغيان الصخب السياسي المتوهج الذي تختلط فيه الأمور ما يؤدي الى التيه وضياع الفرص. لذا فالتغيير لابد وأن يبدأ بالذات، فحديث معظمنا عن الاصلاح هو حديث كاذب ما لم تنظر لنفسك من خلال مرآة مسطحة فقط.

ضد
}قال فرعون ما أريكم إلا ما أرى وما أهديكم الا سبيل الرشاد}. هذه الآية الكريمة تختصر كل الحديث السابق ولكنها تضع الأمور في نصابها الصحيح بعيدا عن التنظير غير الدقيق. أحد تجليات معاني هذه الآية الكريمة بأن معظم السياسيين الذين يبتعدون عن التمسك بالحق، يحاولون فرض رؤاهم على المجتمع سواء كان عبر القوة والقهر أو من خلال التوجيه وسحر الكلام. لقد استخدم فرعون سحر الكلام وسلطان القوة في آن واحد، وهو سلوك عادي في الكثير من المجتمعات السياسية التي يبتعد فيها صناع السياسة عن التمسك بعروة الحق والعدالة. انها حالة عادية جدا لا يمكن ان تكبح جماحها الا من خلال التبصر واعمال دروب البصيرة قبل فتح البصر، وهو أمر قريب من الاستحالة الا اذا تخلصنا من المصالح وهو شيء مستحيل.

د.عبدالله يوسف سهر
sahar@alwatan.com.kw
أخبار ذات صلة dot4line
التعليقات الأخيرة
dot4line
 

!function(d, s, id) { var js, fjs = d.getElementsByTagName(s)[0], p = /^http:/.test(d.location) ? 'http' : 'https'; if (!d.getElementById(id)) { js = d.createElement(s); js.id = id; js.src = p + "://platform.twitter.com/widgets.js"; fjs.parentNode.insertBefore(js, fjs); } } (document, "script", "twitter-wjs");
353.9985
 
 
 
إعلن معنا
موقع الوطن الإلكترونية – حقوق الطبع والنشر محفوظة
 
Top