مقالات  
نسخ الرابط
 
   
   
 
  A A A A A
X
dot4line

أنا مع وضد

إدمان السياسة... ويوتوبيا التغيير الجيني للدولة

د. عبدالله يوسف سهر
2014/01/11   08:35 م

شكرا لتصويت

التقيم التقيم الحالي 0/5
writer image



أنا
منذ عام 1999 تم اجراء ثمانية انتخابات برلمانية، وحُل أو أبطل أثناءها مجلس الأمة ست مرات. ومنذ 2006 خاض الشباب، وخاصة الذين بدؤوا المشاركة السياسية عند بلوغهم 21 عاما في سنة 2006، في الانتخابات وشؤونها كل عام تقريبا. شهدت الكويت حوالي 18 تغييراً حكومياً منذ الغزو العراقي الغاشم، منها 12 مرة منذ عام 2006، وجميع هذه الحكومات تغيرت بفعل التأزيم بين السلطتين أو أعقبت الانتخابات هي الأخرى قد أجريت بفعل التأزيم بين السلطتين. ولمن يريد التوسع في هذا البيان ان يرجع للدراسة الرائدة التي قامت بها الأمانة العامة لمجلس الأمة بعنوان «عمر الحكومات في دولة الكويت (1962 - 2012)» والتي أعدها كل من الأستاذ حمدان الشمري والأستاذة مريم العبيد وأشرف عليها الدكتور رمزي سلامة وهي من الجهود الجميلة التي يؤديها شبابنا الرائع. تحمل هذه الدراسة توصيفا وتوثيقا وتحليلا تفصيليا لأسباب تغيير الحكومات الكويتية قرين كل فترة كل مجلس أمة اضافة الى تحليل إحصائي لعمر الحكومات ونسب أسباب الحل، ويتضح بجلاء ان الحالة السياسية في الكويت تتجه نحو التأزيم بين السلطتين مما له أثر بالغ في حياة الناس وشؤونهم. وقد تزامن ذلك مع زيادة الوعي السياسي وتضاعف عدد وسائل الاعلام والتواصل الاجتماعي وغيرها من متغيرات أدت جميعها الى تفشي حالة التسييس لكل شيء تقريبا حتى بلغت الحالة كالادمان لدي معظم الناس. في مقال آخر للكاتب رسول الحجامي حمل عنوان «سيكولوجية الآثار السياسية من اللذة الى الإدمان» يتحدث عن فيروس الصراع وانتشاره في أوساط المجتمع.الكاتب يتحدث عن الحالة العراقية، والتي هي أعمق بكثير من الحالة الكويتية لأسباب أكثر تعقيدا خارجية وداخلية، أما نحن بصدد الحالة الكويتية التي تشهد استقرارا اقتصاديا وتخلو من العنف لكن دون شك يتداخل معها فيروس الصراع الذي يجب معرفة طبيعته من أجل التوصل لعلاجه. إن انشغال أفراد المجتمع بالسياسة على حساب الوظائف الأخرى يؤدي لا محال لاختلال في توازن العلاقات الانتاجية والاجتماعية.كما انه من الواضح أن هذا الانشغال هو نتاج حالة صراع تجتاح الفصائل والتيارات والنخب السياسية والتي تؤدي في النهاية الى عجز فكري لتقديم مشروع سياسي شمولي يمتاز بالقبول على المستوى الوطني. بالنظر الى الواقع، لا نمكث طويلا لاكتشاف الحقيقة بأن هناك فيروسات وليس فيروساً واحداً للصراع السياسي في الحالة الكويتية، وبالتالي يصبح محتوما على الدولة ككل بمركباتها المؤسسية والاجتماعية والمدنية أن تتجه لمكافحة تفشي هذه الفيروسات ومقاومتها قبل ان تعمل على تغيير «التركيب الجيني» للمجتمع والدولة.لكل دول، ان جاز الوصف، مركبات جينية كما هو حال أي كائن عضوي آخر، وبالتالي يتعين عدم العبث في هذا التركيب لكي لا يجعله عرضة للوهن أو التغيير غير المرحب به.الكويت كدولة ومجتمع لها مركبات جينية أصيلة ورئيسية مثل أصالة الحياة الديموقراطية، والتكافل والتراحم، والتلاحم المجتمعي، وحب الشعب للأسرة الحاكمة، والحرية، والابداع وهذه ليست أحلام يوتوبيا ولكنها حقائق. ومن الملاحظ ان بعض هذه الجينات تتعرض لاختراق فيروسي يساعده في ذلك مرض الادمان السياسي الذي أصبح متفشياً لدى أفراد لا يدركون الأبعاد المعقدة للسياسة ويريدون تحقيق «يوتوبياهم الضائعة» الموجودة فقط عند نازك الملائكة.

مع
لقد أصبحت السياسية في حياتنا وفي كل شيء. والسياسة تتضمن بطبيعتها حالة صراح ومصالح لذلك ان لم توضع في اطار ينظمها فستكون وبالاً على المجتمع. في الدواوين، ووسائل التواصل الاجتماعي والصحف تشغل السياسة الحيز الأكبر بينما في المجتمعات الأخرى تجد القلة القليلة من الشعب ممن يعملون أو يتحدثون في السياسة والأغلبية منشغلون في أمور الحياة الأخرى ولا يتحدثون عن السياسية الا في وقت الانتخابات والتي لا يشارك فيها أكثر من %60 في أغلب الحالات.في الكويت بكل أسف كثر الهرج وعم المرج ولكن نقول للباحثين عن يوتوبيا التغيير لن تجدوه من خارج الإرث السياسي الذي أوجد الحياة في الكويت.

ضد
لماذا عندما نتحدث عن الكويت وكأننا نتعامل مع يوتوبيا تومس مور وننشدها كأننا أمام قصيدة اليوتوبيا الضائعة لنازك الملائكة. الكويت ليست بالمدينة الفاضلة، ومع تعقد الحياة وتداخل شؤونها أصبح من المستحيل التحدث عن كويت قبل خمسين أو مائة عام عندما كانت الأمور تدور في الفريج الواحد. ليس لدينا فرجان وليس هناك قبلة وشرق وليس هناك نوخذة وغواص وليست هناك ألعاب الماضي الشعبية فكل شيء قد تغير، كما تغيرت الأنفس والمصالح التي تصنع السياسة. اننا أمام مشهد وحياة آخرين أكثر تعقيدا وليست بذات البساطة في يوتوبيا الماضي التي نقلت إلينا بجمالها وأخفت بعض معالمها. لنكن واقعيين ونتعامل مع التغيير.


د.عبدالله يوسف سهر
sahar@alwatan.com.kw
التعليقات الأخيرة
dot4line
 

!function(d, s, id) { var js, fjs = d.getElementsByTagName(s)[0], p = /^http:/.test(d.location) ? 'http' : 'https'; if (!d.getElementById(id)) { js = d.createElement(s); js.id = id; js.src = p + "://platform.twitter.com/widgets.js"; fjs.parentNode.insertBefore(js, fjs); } } (document, "script", "twitter-wjs");
283.011
 
 
 
إعلن معنا
موقع الوطن الإلكترونية – حقوق الطبع والنشر محفوظة
 
Top