مقالات  
نسخ الرابط
 
   
   
 
  A A A A A
X
dot4line

أنا مع وضد

الغزو... وتناقض الثقافة السياسية لدى الأجيال؟

د. عبدالله يوسف سهر
2012/08/04   09:12 م

شكرا لتصويت

التقيم التقيم الحالي 0/5
writer image



أنا

معظم الكويتيين الذين عاصروا الغزو العراقي الغاشم لا يشعرون بأنه بالفعل قد مضت عشرون عاما عليه. هذا الشعور نابع من التصاق الذكريات بشدة في الذهن الى درجة عدم تحولها لخانة المنسيات في العقل البشري. الشباب الحاليون وخاصة من هم في أدنى عمر الخمسة والعشرين عاما لا يحملون ذات الشعور، وذلك بسبب عدم وجودهم حينها أو لصغر سنهم حينها. هؤلاء الشباب وفي هذه الشريحة العمرية وتحديدا من هم بين الخمسة عشر عاما والأربعة والعشرين يمثلون الأغلبية بين الشرائح العمرية بالنسبة للسكان الكويتيين، وهم كذلك الأنشط في مجال الحراك الاجتماعي والسياسي. ووفقا لتقسيمات الشرائح العمرية للشعب الكويتي فان هذه الشريحة العمرية (15 الى 24 سنة) تمثل الأغلبية من بين الشرائح العمرية الأخرى حيث تبلغ نسبتهم حوالي الـ%20 من الشعب الكويتي وان أكثر من %97 منهم يستخدمون الشبكة العالمية للمعلومات والتواصل الاجتماعي. وفي التحليل لهذه البيانات وغيرها لربما تظهر نتائج غير متوقعة منها بأن أكثر ما يهم هؤلاء بالنسبة للقضايا السياسية والاجتماعية وغيرها هي التي وقعت خلال الخمس سنوات السابقة حيث تلونت أفكارهم وتصوراتهم وفق الواقع الحياتي الذي جرى خلال هذه السنوات فقط. أي ان المحرك الأساسي لمنطلقاتهم السياسية مبعثه خبرة سنوات قصيرة في مقابل سنوات أطول تشترطها صناعة الدولة. وباستعراض ما جرى من أهم أحداث خلال السنوات القليلة السابقة فهي في الحقيقة لا تعكس وضعا صحيا من حيث التلاحم الوطني في اغلب الأحيان حيث لم يستطع الجيل الذي تعايش مع أحداث الغزو نقل خبرته التي خاصة في مجال التلاحم الوطني والدروس السياسية والذكريات لجيل الشباب الحالي بل ان الأغلبية من النشطاء في المجالات السياسية والاجتماعية الحاليين من الذين كانوا ما فوق الخمسة عشر عاما حين الغزو والذين هم الآن ما فوق الخمسة والثلاثين يبدو أنهم لم ينجحوا في نقل الثقافة والدروس السياسية المستلهمة في مرحلة الغزو للجيل النشط من الشباب الحاليين، كما أنهم لم ينطلقوا في صناعة الوطن من تلك الخبرة بل ان الكثير منهم سايروا الخطاب العام للشباب الحاليين خاصة في مجال الطرح الفئوي والطائفي. بطبيعة الحال نستطيع ان نسبح في فلك كبير من التحليلات والتصورات حول عناصر هذا التناقض في الثقافة السياسية من حيث مبرراتها وعناصرها ودوافعها حتى المتوقع منها، الا ان أهم ما يهمنا هو تأكيد حقيقة واحدة ان ما يجرى في أرض الواقع من توسع في دوائر الطائفية والفئوية والصراع السياسي لا يعكس تماما تلك الدروس والخبرة التي تركها الغزو في ذهن من تعايشوا أيامه ولياليه المريرة. والفداحة تتماثل في ان المكونات والمحركات للأفكار العامة والرئيسية في المجتمع تولد وتنشأ وتتوزع وتتكاثر في شبكات الانترنت والتواصل الاجتماعي الذي كان له الأثر والحضور الأكبر في جميع التحولات السياسية في العالم والدول العربية والكويت ليس استثناء من ذلك. ان معظم التلاقح والتواصل الفكري والتصورات والآراء السياسية تولد وتتكاثر في شبكات الاتصال الالكتروني التي أكثر ما ينشط فيها من هم في الفئة العمرية التي لا تتذكر أحداث الغزو ولم تنقل لها دروسه بصورة حقيقية تؤثر في سلوكهم وتصوراتهم للحياة. ولا يحتاج المرء للكثير من الوقت ليكتشف مدى انحدار اللغة ومفردات الحوار والأساسيات والبديهيات الفكرية والحياتية التي ينطلق ويتعاطى معها أغلب من هم في الشباك العنكبوتية، والذين أظهرت النتائج حديثا بأن نسبة المستخدمين للانترنت للشريحة العمرية المذكورة (15 الى 24 سنة) تفوق الـ%28 من اجمالي المستخدمين الكويتيين لشبكة المعلومات. كل الشكر لمسلسل ساهر الليل الذي أرجع أفكارنا لتلك الأيام الخوالي والتي وان كانت بائسة ومظلمة وتحمل الكثير من الذكريات المريرة الا انها تحمل أيضا مدلولات وعبر تصب روافدها جميعا في خانة ضرورة التمسك الفعلي بالوحدة الوطنية، وبالتالي فان الذي يتعاطى معه الأغلب من هؤلاء الشباب من أفكار فئوية وعنصرية ليس صحيحة بل انها لن تقودهم لمستقبل أفضل، وان المخرج الحقيقي لما يتحسسونه من تحديات ومشاكل هو بالتواصل الحر والمباشر المبني على قواعد وتصورات واقعية عن الشريك الآخر في الوطن. اذا كان الجيل الذي عاصر الغزو (من هم فوق 35 سنة) وهم لايزالون يتذكرون كل شيء فيه وهم أيضا اليوم يشكلون الأكثرية الساحقة في التصدي لقيادة العمل السياسي يريد بالفعل اسداء خدمة للكويت فعليهم أولا ان يقولوا وبصراحة للشباب خاصة من هم في الشريحة العمرية دون الخمسة والعشرين بأن ليس الحكومة أو الأعضاء أو غيرهم يقومون بأخطاء يتعين التصدي لها بل أيضا هؤلاء الشباب ذاتهم يقومون بخطأ جسيم يتمثل في تعاطي الكثير منهم مع أفيون الفئوية والعنصرية الذي يتوجب محاربته في جبهاتهم أولا لكونها الجبهة الأولى في بناء مشروع وطن واعد، ليقولوا لهم ان وما توهموه هم عندما كانوا في أعمارهم أبان الثمانينات عن بعضهم البعض انطلاقا من أفكار طائفية تبددت وسقطت وكانت مجرد أوراق نقد مزيفة في السوق السياسي دسه المحتل ليفرقنا وكاد ينجح لولا حكمة حكامنا وحكمائنا رحم الله من رحل منهم وأطال في عمر من تبقى منهم، لنقل لشباب اليوم وبصوت جريء ومرتفع «صه» لا تفرقوا فتذهب ريحكم.

د. عبدالله يوسف سهر
sahar@alwatan.com.kw
أخبار ذات صلة dot4line
التعليقات الأخيرة
dot4line
 

!function(d, s, id) { var js, fjs = d.getElementsByTagName(s)[0], p = /^http:/.test(d.location) ? 'http' : 'https'; if (!d.getElementById(id)) { js = d.createElement(s); js.id = id; js.src = p + "://platform.twitter.com/widgets.js"; fjs.parentNode.insertBefore(js, fjs); } } (document, "script", "twitter-wjs");
280.0119
 
 
 
إعلن معنا
موقع الوطن الإلكترونية – حقوق الطبع والنشر محفوظة
 
Top