مقالات  
نسخ الرابط
 
   
   
 
  A A A A A
X
dot4line

أفكار .. وأضواء

المرأة السعودية: بداية مسيرة؟

خليل علي حيدر
2012/01/10   11:38 م

شكرا لتصويت

التقيم التقيم الحالي 0/5
writer image

فكر


ما زالت حقوقها محل صراع علني بين التيار الإصلاحي التحديثي والتيار الديني المحافظ

تكسب المرأة هناك المزيد من الحقوق والاهتمام ولكنها لا تزال على أرضية هشة


«العلاقة بين الرجل والمرأة في مجتمعنا مضطربة بشكل خطير نتيجة لوضعية الفصل غير الطبيعي الموجودة». هذا بعض ما قالته السيدة فوزية البكر، استاذة التربية في جامعة الملك سعود بالرياض، والتي سجلت اسمها كأول امرأة يتم انتخابها لتكون عضوا في مجلس ادارة مؤسسة صحافية، وذلك بعد مرور اكثر من خمسين عاما على وجود المرأة في عالم الصحافة السعودية.
عزل الجنسين عن بعضهما على هذا النحو في المجتمع السعودي، على امتداد سنين طويلة، «خلق أشكالا مريضة للتعامل بين الطرفين في اي جهة عمل وليس فقط في المجال الاعلامي، وعلى المرأة ان تكون حذرة جدا في تعاملها مع اي وسط، ولا تأخذ دعوات الانفتاح او التقدم على علاتها .. لان الكثير للاسف يسيئون الى المهنة، وعلى المرأة ان تكون قوية جدا في ايقاف الشخص وبشكل مباشر عند حده، وستدهش الفتيات كيف يتحول موقف الرجل الى شخص يعرف حدود تعامله».
[الشرق الاوسط، 2010/6/25].
يزيد عدد سكان المملكة بموجب احصاء 2010 على 27 مليون نسمة بقليل، 27.136.000، نحو 19 مليونا منهم سعوديون، %51 ذكورا و%49 اناثا، في حين يقل عدد غير السعوديين عن 4.5 ملايين نسمة، نحو %30 منهم من الاناث.
المرأة السعودية تكسب المزيد من الحقوق والاهتمام، ولكنها لا تزال على ارضية هشة. ويدور حول هذه الحقوق صراع علني بين التيار الاصلاحي التحديثي والتيار الديني المحافظ. والمرأة في ذلك المجتمع تعاني في هذه المسيرة مشاكلها الخاصة. ومن ابرز تلك المشكلات مثلا، تقول السيدة «مها فتيحي»، رئيسة منتدى السيدة «خديجة بنت خويلد»، «المواصلات العامة، وعدم قدرتها على التنقل بسهولة، وهو ما يمثل عائقا كبيرا، اضافة الى قلة معرفتها بالانظمة والقوانين الصادرة على مستوى الوزارات او المصالح الحكومية او محاكم القضاء». [الشرق الاوسط، 2010/12/4]. وقد انتقد عضو في هيئة كبار العلماء السعودية، كما جاء في الصحيفة نفسها، منتدى خديجة بنت خويلد، الذي احتضنته مدينة جدة الساحلية، وشهد مشاركة نسائية ضخمة، بحضور عدد من وزراء الحكومة، ورئيس هيئة الامر بالمعروف والنهي عن المنكر في منطقة مكة المكرمة، الذي كان له رأي مخالف لرأي المؤسسة الدينية الرسمية في ما يتعلق بمفهوم الاختلاط. واضافت الصحيفة، ان المنتدى الذي اختتم اعماله في جدة، كان قد دعا الى اشراك المرأة في عضوية هيئة كبار العلماء، واستحداث وزارة خاصة بالمرأة، واستطاع ان يحصل على رأي شرعي لا يرى مانعا لقيادة المرأة السيارة. وفي برنامج تلفزيوني على قناة «المجد» الفضائية ذات التوجه الاسلامي، اعتبر الشيخ عبدالله المطلق، عضو هيئة كبار العلماء في السعودية، كل الذين تحدثوا في شؤون المرأة بمنتدى خديجة بنت خويلد انهم «لا يمثلون المرأة السعودية، فهي بمعزل عن هذه الافتراءات التي يأتي اليها هؤلاء ويدعون فيها الى الاختلاط، ويفسرون الاختلاط الممنوع بانه التلاحم الجسدي. هذه كلها اشياء، المرأة السعودية والشعب السعودي لا يرضى بان يمثله هؤلاء».
د. عائض القرني، الكاتب والاعلامي الاسلامي المعروف، توقف في مقال له بنفس الصحيفة في 2010/11/30 عند الحقد والتحامل الصادر من البعض ضد المرأة، مما يدل على ظاهرة مرضية، فقال تحت عنوان «زفاف الشهيدات»، يصف مشاعره عن حادث مرور مفجع في الرياض كانت ضحيته مجموعة من الفتيات السعوديات. يقول: «أصبنا في الرياض ايام العيد بوفاة خمس فتيات مسلمات مؤمنات في حادث انقلاب سيارة، اسأل الله ان يقبلهن شهيدات عنده. ولكن العجب انه مازال عندنا في مجتمعنا سفهاء أوباش وحمقى واوغاد يكتب بعضهم في النت ان انقلاب الفتيات بالسيارة عقوبة من الله بسبب سماعهن الغناء. ما هذه الشتيمة والشماتة ايها الجبناء؟ وعلى فرض ان مسلما او مسلمة صدر منه ذنب او خطيئة ثم مات بعدها او في اثنائها فهل خرج من الملة؟ هل يحرم من الجنة؟ هل يمنع من الرحمة؟ ان خفافيش الانترنت الذين لا يكتبون الا في الظلام ليس لهم عمل الا الولوغ في الاعراض كما يلغ الكلب في الاناء، واذا كان سماع الغناء حراما فهل غيبتكم وسبكم وشتمكم وقذفكم للمسلمين والمسلمات حلال»؟
المملكة لا تزال احدى دول العالم النادرة، حيث تستطيع آلاف النساء شراء السيارات، واجتياز اختبار القيادة، والاستفادة من التسهيلات التي توفرها في الانتقال الى اماكن العمل، وحيث ترغب نسبة مرتفعة جدا في قيادة السيارة في عهد تقود فيه المرأة داخل بلدان عديدة الطائرات، دون ان تنجح حتى الآن في تحقيق هذا الحلم.
وفي مايو 2010، صرح الشيخ احمد بن باز «بأن السماح للمرأة بقيادة السيارة في السعودية بحاجة الى قرار سياسي، مع تهيئة المجتمع لهذه النقلة». وأيده في ذلك د. محمد آل زلفة، عضو مجلس الشورى السابق، الذي اشار الى ان مثل هذا القرار «سيجنب الاطفال والاسر السائقين الاجانب الذين يعبثون بنا»، في حين خالفهما الرأي الدكتور ناصر العودة، استاذ الخدمة الاجتماعية بجامعة الامام بن سعود الاسلامية، الذي قال ان القضية بحاجة الى قرار اجتماعي. وقد دار هذا لانقاش في برنامج «واجه الصحافة» على قناة «العربية».
ومن القضايا الاخرى التي تثير في المملكة الكثير من الجدل، ولا يكاد احد يتصور انها يمكن ان تثير كل هذه الزوابع «رياضة البنات»! وفي هذا المجال، بعكس قيادة السيارة، تم اتخاذ قرار اعلنته في ديسمبر 2010 نائب وزير التربية والتعليم لشؤون البنات في السعودية، السيدة «نورة الفايز»، حيث صرحت بان ادخال الانشطة الرياضية في مدارس البنات «سترى النور قريبا». ثم اضافت «ستكون هناك ضوابط وانظمة وخطط تتم دراستها حاليا في الوزارة، وسيتم الاعلان عنها حين الموافقة عليها». اما المتحدث الرسمي لوزارة التربية السيد محمد الدخيني فقال، على العكس، «ان التربية الرياضية في مدارس البنات مازالت تدرسها الوزارة، ولم يتم حيالها اي شيء». [القبس 2010/12/28ّ]. وفي الوقت نفسه، طالبت هيئة حقوق الانسان السعودية بالتوصل الى قانون الاحوال الشخصية وتطبيقه في اسرع وقت ممكن. وقالت مديرة القسم النسوي للهيئة في مكة، د. فتحية القرشي، «نأمل في اصدار قانون الاحوال الشخصية باسرع صورة ممكنة لتسهيل الاجراءات القضائية للمرأة».
ولكن هل يسهل اصدار قانون من هذا القبيل في المملكة العربية السعودية، وهل يجمع فقهاء كل المذاهب عليه، ويسمح رجال الدين بوضع تشريعات موحدة مستقاة من مختلف المذاهب تقيد نفوذهم الحالي؟. لا يسهل، ولا يستحيل، ولا احد يدري!.
وفي مسعى آخر أظهرت حقوق الانسان كذلك في المنطقة الشرقية نتائج احصائية شملت الحالات التي تعرضت للتحرش، سواء اللفظي او الجسدي، اذ كشفت ان اكثر من %17 منها وقعت ضحية التحرش من المحارم. ونظرا لبعض خصوصيات قضايا المرأة بالذات نشطت الدعوة خلال عام 2010 لتعيين السعوديات مستشارات للترافع في القضايا النسائية. وكشف رئيس اللجنة الوطنية للمحامين في مجلس الغرف التجارية السعودية عن توجه وزارة العدل لاشراك السعوديات كمستشارات قانونيات في مثل هذه القضايا، «مطالبا بلسان جميع محامي السعودية بالحصول على الحصانة العدلية ضد القضاة الذين يرغمون المحامين على الخروج من قاعات المحكمة».
وتناول بدر الخريف في مقال مطول في الشرق الاوسط، 2010/10/22، اوضاع المرأة السعودية وبخاصة بعض المعوقات القانونية لمسيرتها والتي تحد من مشاركتها في سوق العمل. وقال ان الدولة قد اعدت في السنوات الاخيرة 2010/2005 مجموعة من الانظمة والقواعد لعمل المرأة في القطاع الاهلي، منها: قرار مجلس الوزراء رقم 120 بشأن زيادة فرص ومجالات عمل المرأة السعودية، قرار مجلس الوزراء رقم 187 بشأن تراخيص تشغيل النساء، القرار الوزاري رقم 793 – 1، بشأن قصر العمل في محلات المستلزمات النسائية على المرأة السعودية، قرار مجلس الوزراء رقم 63 المتضمن بعض الاجراءات النظامية الخاصة بعمل المرأة في القطاعين الحكومي والأهلي – ضوابط عمل المرأة، نصوص خاصة بالمرأة العاملة في نظام العمل، واخيرا استراتيجية التوظيف السعودية الصادرة بموجب القرار 260 نهاية عام 2009. واشار المقال الى ان من اهم قضايا المرأة السعودية التعليم والتشغيل وما بين الاثنين من علاقة وثيقة بينما ينظر المجتمع اليهما كشيئين منفصلين. اما القضية النسائية المهمة الاخرى فهي مشكلة الامية، حين اظهرت احصائيات 1421هـ - 2000م، التي جرت قبل 12 عاما، ان نسبة الامية بين الاناث من السكان السعوديين، 10 سنوات فاكثر، بلغت %29 من اجمالي الاناث وكان العاهل السعودي عبدالله بن عبدالعزيز قد مهد الطريق لبروز الوجه الجديد لنساء المملكة في 14 فبراير 2009 بتعيين الاستاذة نورة الفايز في منصب نسائي رفيع لاول مرة. وبعدها ببضعة اشهر تم اعفاء عضو من المجلس الديني الاعلى من منصبه اثر اعتراضه على التعليم المشترك، النسائي الرجالي في جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية التي أنشئت حديثا وفق اعلى المعايير العالمية. وفي ديسمبر 2009 فازت د. لمى السليمان في انتخابات غرفة التجارة والصناعة في جدة واصبحت اول امرأة تتبوأ منصب نائب رئيس أهم مؤسسة تجارية مدنية في المملكة. واعقب ذلك قيام وزارة التجارة بتعيين اربع سيدات اعضاء في ادارة مجالس فروع الغرف التجارية الصناعية في المملكة وهن «فاتن بندقجي» و«عائشة نتو» في جدة، و«هناء الزهير» و«سميرة الصويغ» في المنطقة الشرقية.
وعلى الرغم من القيود الاجتماعية والدينية المفروضة على المرأة السعودية، يقول الباحث جعفر الشايب، [القبس، 2010/5/22] فقد حققت سيدات الاعمال السعوديات انجازات كبيرة خلال السنوات القليلة الماضية. ففي عام 2008 مثلا، عدّل الامير خالد الفيصل، امير منطقة مكة المكرمة، المادة 160 من قانون العمل الذي يمنع الرجال والنساء من الاختلاط في مجال العمل. كما اعادت وزارة العمل النظر في قوانينها لمنح المرأة حق خيار العمل، بدلا من الالتزام بموافقة ولي امرها لتحصل على وظيفة او تستقيل منها. وفي العام نفسه، ألغت وزارة التجارة الحظر الذي يمنع النساء من الاقامة وحدهن في الفنادق. ويتوقع ان يُسن قانون جديد يمنح المرأة حق السفر الى الخارج من دون اخذ موافقة ولي الامر، ويمكِّنها كذلك من استخدام بطاقة الهوية الوطنية للسفر الى دول مجلس التعاون الخليجي. واضاف التقرير ان سيدة الاعمال «خلود الفهد»، من مدينة الخبر تنشط في مجال التوعية النسائية. كما تتابع المحامية «سعاد الشمري»، اول محامية في المملكة، كثيرا من قضايا حقوق المرأة الاسرية، وتحاول مع محامين آخرين وضع قانون لتحديد سن الزواج وتجنب حالات الزواج القسري للفتيات اليافعات، وكذلك متابعة حقوق النساء المتزوجات من غير السعوديين. وفي الوقت الراهن يقود معظم المبادرات المتعلقة بحقوق المرأة افراد او جماعات غير مسجلة رسميا بسبب القيود الصارمة على تسجيل مؤسسات المجتمع المدني في المملكة. وقد اسفرت هذه المطالبات عن اثارة سجال ساخن بين المتشددين والنخبة الليبرالية. ومن القضايا التي يثور النقاش حولها التعليم المشترك بين الجنسين في المدارس والكليات، ورياضة المرأة ومشاركتها في انتخابات الغرفة التجارية والمجالس البلدية وقيادة المرأة السيارات، ووصاية ولي الامر والعنف الاسري وتحديد سن الزواج وقوانين الارث.
وفي كل هذه القضايا وغيرها، تحتاج المرأة السعودية الى دعم الدولة والعاهل السعودي شخصيا، وكل الاصلاحيين من التيارين الديني والليبرالي .. فالمسيرة كما هو واضح .. طويلة!.

خليل علي حيدر
أخبار ذات صلة dot4line
التعليقات الأخيرة
dot4line
 

!function(d, s, id) { var js, fjs = d.getElementsByTagName(s)[0], p = /^http:/.test(d.location) ? 'http' : 'https'; if (!d.getElementById(id)) { js = d.createElement(s); js.id = id; js.src = p + "://platform.twitter.com/widgets.js"; fjs.parentNode.insertBefore(js, fjs); } } (document, "script", "twitter-wjs");
383.0159
 
 
 
إعلن معنا
موقع الوطن الإلكترونية – حقوق الطبع والنشر محفوظة
 
Top