وضمن سلسلة من التعيينات والاعفاءات التي
من شأنها ان تغير جذريا ملامح الادارة السعودية، اعفى الملك سلمان وزير الخارجية الاكثر
شهرة في تاريخ المملكة الامير سعود الفيصل الذي يعاني مشاكل صحية منذ سنوات. وعين الملك
في منصب وزير الخارجية سفير المملكة لدى واشنطن عادل الجبير ليؤول بذلك هذا المنصب
الاستراتيجي لشخص من خارج اسرة آل سعود.
والامير سعود (75 عاما) ترأس الدبلوماسية
السعودية منذ اربعين عاما وعرف ببراعته وحنكته، كما تمتع بهالة عالمية قل نظيرها، وهو
سيظل بحسب الاوامر الملكية عضوا في مجلس الوزراء ومبعوثا للملك ومشرفا على السياسة
الخارجية.
وجه جديد
وتكون بذلك المملكة قد اتخذت وجها جديدا
تماما على مستوى قيادتها، وبات خصوصا ابناء «الجيل الثاني»، اي احفاد الملك المؤسس
عبدالعزيز، في مقدمة القيادة الى جانب الملك. فمحمد بن نايف، الرجل القوي الذي يمسك
بالملف الامني والقريب من واشنطن، يبلغ من العمر 56 عاما، فيما محمد بن سلمان الذي
لمع نجمه بقوة في الاشهر الاخيرة، فعمره لا يتجاوز 35 سنة، فيما تشير بعض المعلومات
الى انه قد يكون في الثلاثين من العمر فقط.
وسيحتفظ الامير محمد بن نايف بمنصب وزير
الداخلية، وكذلك يحتفظ الامير محمد بن سلمان بمنصب وزير الدفاع ورئيس مجلس الشؤون الاقتصادية
والتنمية، الا انه لن يحتفظ بمنصب رئيس الديوان الملكي الذي سيؤول الى حمد السويلم.
وقال الكاتب والمحلل السعودي سلمان الدوسري
لوكالة فرانس برس ان «قرارات الملك سلمان ضبطت ايقاع الدولة السعودية لعقود قادمة».
واضاف الدوسري الذي يشغل منصب رئيس تحرير
صحيفة الشرق الاوسط السعودية الصادرة في لندن ان «المملكة اثبتت انها متجددة ولا تشيخ»
مشيرا الى ان «تجدد دماءها يأتي بينما دوران ترسانتها لا يتوقف أبدا».
ويشير الدوسري بذلك الى كون هذا التغيير
الجذري في وجه القيادة السعودية يأتي في ظل الحرب التي تقودها المملكة ضد المتمردين
الحوثيين في اليمن.
مبايعة
ودعي السعوديون لمبايعة ولي العهد الجديد
وولي ولي العهد، كما اعلن الملك صرف راتب شهر اضافي لسائر المنتسبين للقطاعات العسكرية.
ويعزز تعيين «المحمدين» في اعلى منصبين في الدولة الى جانب الملك، سيطرة فرع «السديريين»
في العائلة المالكة، اي ابناء الملك عبدالعزيز من زوجته حصة السديري الذين فقدوا بعضا
من نفوذهم ابان عهد الملك عبدالله الذي توفي في يناير.
وجاء في امر من سلسلة اوامر ملكية نشرتها
وكالة الانباء الرسمية، «يعفى صاحب السمو الامير مقرن بن عبدالعزيز آل سعود من ولاية
العهد ومن منصب نائب رئيس مجلس الوزراء بناء على طلبه». وكان الامير مقرن عين وليا
لولي العهد في مارس 2014 من قبل الملك الراحل عبدالله بن عبدالعزيز الذي كان مقربا
منه، ومع اعتلاء الملك سلمان سدة السلطة في يناير 2015، اصبح الامير مقرن وليا للعهد.
وكان يفترض ان يكون مقرن (69 عاما) آخر
الملوك من «الجيل الاول»، اي من ابناء الملك المؤسس، لكنه لم يمكث في ولاية العهد الا
ثلاثة اشهر تقريبا. وتم تعيين منصور نجل الامير مقرن مستشارا للملك.
محمد بن سلمان
وجاء في امر ملكي اخر ان تعيين محمد نجل
الملك سلمان وليا لولي العهد اتى بعد ان «اتضحت (قدراته) للجميع من خلال كافة الأعمال
والمهام التي أنيطت به، وتمكن - بتوفيق من الله - من أدائها على الوجه الأمثل». ويشير
البيان على ما يبدو الى ادارة الامير محمد للحرب التي تقودها السعودية مع تحالف عربي
واسع ضد المتمردين الحوثيين في اليمن بهدف مواجهة النفوذ الايراني بحسب التصريحات الرسمية.
الى ذلك، اشار الامر الملكي الخاص بتعيين
وزير جديد للخارجية الى ان الامير سعود الفيصل «طلب اعفاءه من مهامه لاسباب صحية».
وكان الفيصل المولود في العام 1940 يخضع لعملية جراحية في العمود الفقري في الولايات
المتحدة عندما تولى الملك سلمان الحكم. ومنذ اعتلاء الملك سلمان العرش، اعتمدت السعودية
سياسة خارجية اكثر حزما، لاسيما من خلال الحرب على الحوثيين التي اطلقتها في 26 مارس
تحت مسمى «عاصفة الحزم».
وتأتي التغييرات في القيادة السعودية،
في ظل تصاعد كبير للتوتر بين السعودية وايران، وفي ظل تقارب نسبي بين الجار الشيعي
الكبير والولايات المتحدة التي لطالما اعتبرت الحليفة الكبرى للسعودية. وشملت التعيينات
سلسلة تغييرات واسعة في مختلف قطاعات الحكومة.
أرامكو
وتم تعيين رئيس شركة ارامكو النفطية السعودية
خالد الفالح وزيرا للصحة، كما تم اعفاء عادل فقيه من منصبه كوزير للعمل وعين وزيرا
للاقتصاد والتخطيط مكان محمد الجاسر، فيما تم تعيين مفرج الحقباني وزيرا للعمل بدلا
من فقيه. وتم تعيين منصور المنصور مساعدا للرئيس العام لرعاية الشباب والشيخ خالد اليوسف
رئيسا لديوان المظالم. وتم ايضا اعفاء عدد من نواب الوزراء والمسؤولين.
محمد بن نايف.. الرجل الذي سيقود مستقبل
المملكة
الرياض - أ ف ب: وزير الداخلية السعودي
الامير محمد بن نايف ال سعود الذي عين امس الاربعاء وليا للعهد بعد اعفاء الامير مقرن
بن عبدالعزيز، هو الذي قاد لفترة طويلة جهود بلاده ضد القاعدة ما اسفر عن تقويض التنظيم
المتطرف بشكل كبير.
وكان الامير محمد بن نايف (56 سنة) اختير
ليقود مستقبل المملكة عندما عين في يناير وليا لولي العهد في قرار حسم مسألة الانتقال
الى «الجيل الثاني»، اي احفاد الملك المؤسس عبدالعزيز. ويأتي قرار اعفاء الامير مقرن
الذي كان يفترض ان يكون آخر الملوك من «الجيل الاول»، ليسرع اكثر مسألة الانتقال الى
الجيل الجديد من آل سعود.
وقد نجا الامير محمد من محاولة اغتيال
نفذها انتحاري ينتمي للقاعدة وادعى انه يريد مقابلته ليعلن له توبته. وولد محمد بن
نايف في 30 اغسطس 1959 وتربى في كنف والده الامير نايف الذي توفي في 2012 بعد ان قاد
وزارة الداخلية طوال 37 سنة. وكان الامير محمد استعد طوال سنوات ليشغل منصب والده.
مكافحة الإرهاب
وقال مصدر مطلع على شؤون الحكم في السعودية
ان الامير محمد تخصص في شؤون مكافحة الارهاب بتعاون وثيق مع المخابرات الأمريكية كما
درس في معهد محلي للمخابرات في مدينة الطائف. وتلقى الامير محمد دروسه الاساسية في
جامعة أمريكية حيث تخصص في العلوم السياسية. وشغل الامير محمد منصبه الرسمي الاول عام
1999 عندما عين مساعدا لوزير الداخلية.
وبصفته هذه قاد الامير محمد بن نايف حرب
السعودية على المتطرفين الاسلاميين في الداخل. وشهدت المملكة بين 2003 و2006 موجة من
الهجمات الدامية التي نفذتها القاعدة واستهدفت مقار رسمية ومنشآت عسكرية ونفطية واهدافا
غربية. وقد نجحت جهود الامير محمد لدرجة كبيرة بتقويض نشاط القاعدة في المملكة ما دفع
بالتنظيم الى التحصن في اليمن المجاور حيث تم عام 2009 دمج الفرعين اليمني والسعودي
في ما بات يعرف بتنظيم قاعدة الجهاد في جزيرة العرب.
مكافحة القاعدة
وقال خبير في الشؤون السعودية طلب عدم
الكشف عن اسمه ان الامير محمد بنى خلال السنوات الماضية «شبكة قوية لمكافحة القاعدة
في الداخل وايضا على الصعيد الاقليمي من خلال اقامة مكاتب في سفارات المملكة». واضاف
هذا الخبير ان الدول الغربية «تحسب له نجاحه في مكافحة القاعدة، فلطالما كانت اجهزة
الامير محمد بن نايف اول من يحبط مخططات التنظيم».
وبالتالي لم يكن من قبيل الصدفة ان استهدف
انتحاري من القاعدة الامير محمد عام 2009 وقام عنصر سعودي من القاعدة بالادعاء بانه
يريد مقابلة الامير ليعلن له توبته وقد خبأ متفجرات داخل جسده، وفجر نفسه الا ان الامير
محمد اصيب بجروح طفيفة فقط.
والامير محمد بن نايف هو العضو الوحيد
في اسرة ال سعود الذي تعرض لهجوم شخصي مباشر من قبل تنظيم القاعدة.
وفي موازاة جهوده الامنية، اطلق الامير
محمد برنامج المناصحة المعد لإعادة تأهيل العائدين من معتقل غوانتانامو الأمريكي في
كوبا وللذين يتخلون عن الفكر المتطرف، وذلك بهدف اعادة دمجهم في المجتمع.
وقد تم تأسيس مركزين للمناصحة، واحد في
الرياض وآخر في جدة (غرب) يحمل اسم الامير محمد، ويتم فيهما تقديم مناصحة دينية واجتماعية
للنزلاء، كما يتم تزويجهم ودعمهم.
ويشيد خبراء كثيرون بهذا البرنامج ولو
ان مسؤولا في وزارة الداخلية اقر عام 2013 ان %10 ممن يمرون بمراكز المناصحة يعودون
الى النشاط المتطرف.
لكن وبعد تقويض تنظيم القاعدة لدرجة كبيرة،
باتت المملكة تواجه اليوم تحديا آخر هو تنظيم الدولة الاسلامية (داعش) المعروف ب«داعش»،
والذي يسيطر على اراض واسعة من العراق وسورية. وتشارك السعودية في الحرب التي تقودها
الولايات المتحدة ضد هذا التنظيم.
محمد بن سلمان ثلاثيني.. «الرجل القوي»
في الخط الأمامي للحرب والقيادة السعودية
بقلم ايان تيمبرليك – الرياض - أ ف ب:
يعتبره البعض «الرجل القوي» في السعودية، فالامير محمد بن سلمان نجل العاهل السعودي
الذي عين فجر الاربعاء وليا لولي العهد بات تحت الاضواء بشكل كبير منذ بدء الحرب على
الحوثيين في اليمن المجاور، وهو لم يزل في مطلع الثلاثينات من عمره.
وجاء في امر تعيين الامير محمد بن سلمان
في هذا منصب ولي ولي العهد الذي يخوله من حيث المبدأ ان يصبح ملكا، ان قرار التعيين
اتى بعد ان «اتضحت (قدراته) للجميع من خلال كافة الأعمال والمهام التي أنيطت به، وتمكن
- بتوفيق من الله - من أدائها على الوجه الأمثل».
ويشير البيان على ما يبدو الى ادارة الامير
محمد للحرب التي تقودها السعودية مع تحالف عربي واسع ضد المتمردين الزيديين الشيعة
في اليمن بهدف مواجهة النفوذ الايراني بحسب التصريحات الرسمية.
وبعد شهرين من تسلمه حقيبة الدفاع خلفا
لوالده الذي اصبح ملكا، وجد الامير الشاب نفسه في الصفوف الامامية للحرب التي انطلقت
تحت مسمى «عاصفة الحزم» في 26 مارس. ومنذ ذلك التاريخ، تشن المقاتلات السعودية غارات
يومية ضد المتمردين الزيديين في اليمن وفي المناطق الحدودية بين البلدين. وقد قتل ثمانية
جنود سعوديين في اشتباكات على الحدود.
وليس هناك معلومات اكيدة حول سن الامير
محمد بن سلمان، الا ان تقديرات كثيرة تشير الى انه يبلغ من العمر ما بين 30 و35 عاما.
ولا يشغل الامير محمد بن سلمان منصب وزير الدفاع فحسب، بل هو عضو في مجلس الشؤون السياسية
والامنية ورئيس مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية، الا انه لم يعد اعتبارا من امس الاربعاء
رئيسا للديوان الملكي، وهو منصب آل لحمد السويلم.
الرجل القوي
وقال مصدر دبلوماسي غربي «انه الرجل القوي
في المملكة» مشيرا الى انه «يشرف على كل ما هو مهم في البلاد».وكرئيس للديوان الملكي،
حظي الامير محمد ب«موقع ذي نفوذ هائل»، بحسبما قال الضابط السابق في الاستخبارات الامريكية
بروس ريديل الذي يدير مشروع معهد بروكينغز في واشنطن.
وذكر ريديل ان محمد بن سلمان يشارك في
ادارة الشؤون الامنية للبلاد مع وزير الداخلية الامير محمد بن نايف ومع وزير الحرس
الوطني الامير متعب بن عبدالله. وجاء في سيرة ذاتية نشرتها مؤسسة «مسك» التي اسسها
الامير محمد بن سلمان لتنمية الشباب، ان الامير لديه عشر سنوات من الخبرة المهنية وهو
ناشط في المجال الخيري.
ويحمل الامير محمد اجازة في الحقوق من
جامعة الملك سعود وقد اصبح في 2009 مستشارا خاصا لوالده الذي كان حينها اميرا للرياض
قبل ان يصبح في 2013 رئيسا لديوان والده الذي اصبح وليا للعهد.
وفي ابريل 2014، عين الامير محمد بن سلمان
وزيرا للدولة وعضوا في مجلس الوزراء قبل ان يعين في منصب وزير الدفاع ورئيس الديوان
الملكي مع اعتلاء والده سدة الحكم في 23 يناير خلفا للملك الراحل عبدالله بن عبدالعزيز.
متحمس وطموح
وقال ريديل «معروف عن الامير محمد انه
متحمس وطموح». ومع حرب اليمن، بات الامير محمد في موقع محوري في المملكة التي بات وزنها
الاقليمي اكثر بروزا مقارنة بعهد الملك عبدالله.
وقال مصدر سعودي طلب عدم الكشف عن اسمه
انه «يحسب للاميرين محمد بن سلمان ومحمد بن نايف قيادتهما المثالية للحرب في اليمن
عسكريا وسياسيا».
ووزعت صور صحافية اظهرت الامير محمد بن
سلمان مستقبلا نظرائه الاجانب، وصور اخرى لقيامه بزيارة جرحى القوات المسلحة السعودية
جراء النزاع في اليمن. وغالبا ما يثني المغردون في الخليج على عمل الامير محمد بن سلمان.
وكتب احد المغردين «انه قوي وشجاع» فيما قال عنه آخر انه «سعودي شجاع لكنه لا يملك
خبرة في الحرب». وذكر المصدر الدبلوماسي في هذا السياق ان هناك تساؤلات حول مدى اصغاء
الامير محمد بن سلمان للقيادات العسكرية خصوصا انه مدني وليس له خلفية عسكرية. الا
ان مصدرا سعوديا آخر اشار الى ان الامير محمد بن سلمان يعمل بتفاهم مع القوات المسلحة
وهو يغتنم «فرصة فريدة ليظهر فاعليته»، وهي فرصة يعطيه اياها والده الملك.
تناغم
وقال نواف عبيد الخبير في مركز بيلفر للعلوم
والشؤون الدولية التابع لجامعة هارفرد «هناك تناغم ملفت بين القيادة السياسية وكبار
الضباط الذين يقودون العمليات العسكرية بشكل يومي». وبحسب المصدر الدبلوماسي الغربي،
فان صعود الامير محمد بن سلمان في المشهد السعودي سيستمر، وانما «شرط ان تنتهي الحرب
في اليمن بشكل جيد».
تعيينات الملك سلمان: تجديد للقيادة وبناء
على مفاعيل حرب اليمن
بقلم عبدالهادي الحبتور – جدة - أ ف ب:
قال محللون ان العاهل السعودي سلمان بن عبدالعزيز اراد من خلال سلسلة التعيينات التي
اجراها فجر الاربعاء وتغير وجه الدولة، ضخ دماء شابة في القيادة ونقل السلطة بسرعة
«للجيل الثاني»، كما انها تعكس مفاعيل الحرب في اليمن. وقال الاكاديمي والمحلل السياسي
خالد باطرفي لوكالة فرانس برس «من الواضح الاتجاه نحو عصر الشباب. الملك سلمان اراد
ان يجدد عهد الدولة السعودية الثالثة بضخ هذه الدماء الشابة».
وكان الملك سلمان اصدر امرا ملكيا بتعيين
الامير محمد بن نايف وليا للعهد بدلا من الامير مقرن بن عبدالعزيز الذي اعفي من منصبه،
كما عين نجله الامير محمد بن سلمان وليا لولي العهد بعد حصوله على غالبية اصوات هيئة
البيعة. كما اعفى وزير الخارجية الامير سعود الفيصل الذي قاد دبلوماسية بلاده طوال
اربعين سنة، لاسباب صحية، وعين مكانه سفير المملكة لدى واشنطن عادل الجبير.
واجرى الملك ايضا مجموعة واسعة من الاعفاءات
والتعيينات التي من شأنها ان تغير بشكل جذري وجه الادارة السعودية. وهي ثاني دفعة من
التغييرات الكبيرة منذ اعتلاء الملك سلمان سدة الحكم خلفا لاخيه الملك عبدالله في يناير.
شباب
ولفت باطرفي الى ان «معظم التعيينات الجديدة
من الشباب» مشيرا الى ان معدل اعمار المسؤولين في الدولة بات حاليا 55 عاما تقريبا.
واعتبر باطرفي ان «الفكرة من التعيينات هو ان يكون المستقبل مطمئنا للداخل والخارج،
فقد اصبح واضحا من سيقود السفينة».
وكان الامير محمد بن نايف (56 سنة) اختير
ليقود مستقبل المملكة عندما عين في يناير بعيد وفاة الملك عبدالله وليا لولي العهد
في قرار حسم مسألة الانتقال الى «الجيل الثاني»، اي احفاد الملك المؤسس عبدالعزيز.
واتى قرار اعفاء ولي العهد الامير مقرن الذي كان يفترض ان يكون آخر الملوك من «الجيل
الاول»، ليسرع اكثر مسألة الانتقال الى الجيل الجديد من آل سعود.
ومن المفترض ان يصبح الامير محمد بن سلمان،
وهو في مطلع الثلاثينات من العمر، وليا للعهد عندما يصبح الامير محمد بن نايف ملكا.
وبعد ان حكمت المملكة لعقود من قبل قادة متقدمين في العمر، باتت تحظى بقيادة شابة نسبيا.
الجيلان الثاني والثالث
من جانبه، وصف الكاتب السعودي خالد المعينا
التغييرات الجديدة بانها «تجديد ونقل للحكم الى الجيلين الثاني والثالث في العائلة
المالكة». وقال المعينا «العالم تغير (...) التحديات الجديدة تحتاج لدماء ومواهب جديدة».
ويأتي التغيير الجذري في القيادة السعودية
في ظل تغيرات جيوسياسية كبيرة في المنطقة، خصوصا مع احتدام المواجهة مع ايران وتقارب
هذه الاخيرة مع الولايات المتحدة التي لطالما اعتبرت الحليفة الرئيسية للمملكة.
وتسعى المملكة منذ وصول الملك سلمان الى
الحكم للظهور بمظهر القوة والحزم، وقد تجلى ذلك خصوصا في الحرب التي اعلنتها على المتمردين
الحوثيين في اليمن والتي قالت بوضوح ان من اهدافها التصدي للنفوذ الايراني لدى جارها
الجنوبي.
ما بعد «الحزم»
وقد اعرب رئيس مركز الشرق الاوسط للدراسات
القانونية والاستراتيجية انور عشقي عن اعتقاده بأن التعيينات تظهر ان «السعودية تعيش
مرحلة ما بعد عاصفة الحزم»، في اشارة الى العملية التي اطلقتها السعودية ضد الحوثيين
في 26 مارس.
واوضح «من قاموا بهذه العملية هم الذين
برزوا على الساحة لذلك كان لابد ان يوجد تغيير يتناسب مع مقتضيات المرحلة».
فالامير محمد بن سلمان هو الذي يقود هذه
الحرب بصفته وزيرا للدفاع، وقد لمع نجمه بشكل كبير منذ انطلاق «عاصفة الحزم»، اما عادل
الجبير، فهو الذي ادار حملة العلاقات العامة للمملكة في الولايات المتحدة مع اطلاق
هذه الحرب. والجبير هو الذي اعلن من واشنطن بدء ضربات التحالف العربي بقيادة السعودية،
وهو اعلان فاجأ العالم.
وشدد عشقي على ان تعيين الاميرين محمد
بن نايف ومحمد بن سلمان، يأتي بعد عرض المسألة على هيئة البيعة، وهي هيئة امراء آل
سعود التي تشرف على مسألة الخلافة واستمرار الحكم. وقال عشقي «العملية كانت منظمة ومرتبة
وليست تلقائية». وخلص عشقي الى القول بان «المملكة تعيش عصرا مغايرا هو عصر الواقعية»
وستواجه قيادتها الشابة «تحديات امنية واقتصادية وادارية».