الخميس
16/04/1447 هـ
الموافق
09/10/2025 م
الساعة
10:48
إجعل kuwait.tt صفحتك الرئيسية
توقيت الصلاة
الظهر 11:35
الصفحة الرئيسية
إغـلاق الوطـن
محــليــات
مجلس الأمة
الجيل الجديد
أخبار مصر
أمن ومحاكم
الاقتصاد
خارجيات
الرياضة
مقالات
فنون
المرأة
منوعات
الوفيات
اتصل بنا
منوعات
A
A
A
A
A
http://alwatan.kuwait.tt/articledetails.aspx?id=391643&yearquarter=20144&utm_source=website_desktop&utm_medium=copy&utm_campaign=articleshare
X
الأزمنة والأمكنة
2014/10/14
07:59 م
شكرا لتصويت
التقيم
التقيم الحالي 5/0
الشمس... والناس
الشمس والقمر آيتان من آيات الله سبحانه وتعالى، جاء ذكرهما كثيرا في القرآن الكريم، فذكر قدرته عز وجل في جميل صنعهما، وفي تدبير أمور الحياة بسببها: {لا الشمس ينبغي لها أن تدرك القمر ولا الليل سابق النهار وكل في فلك يسبحون}، وجاء في سورة الشمس قوله الكريم: {والشمس وضحاها والقمر إذا تلاها والنهار اذا جلاها والليل إذا يغشاها}.
ونحن نعرف ما للشمس من فوائد تعود على الدنيا كلها، وما ورد في كتاب الله العزيز يؤكد كل ذلك من عدة نواح.
وإضافة إلى ذلك فقد ورد في القرآن الكريم (سورة إبراهيم) قوله تعالى: {وسخر لكم الشمس والقمر دائبين وسخر لكم الليل والنهار}.
وورد – كذلك – في سورة الحج ذكر للآيات التي خلقها الله سبحانه للدلالة على قدرته وعظمة خلقه، وذلك في قوله الكريم: {ألم تر أن الله يسجد له من في السموات ومن في الأرض والشمس والقمر والنجوم والجبال والشجر والدواب وكثير من الناس وكثير حق عليه العَذَاب}.
هذا وقد جاء ذكر الشمس في آيات من القرآن الكريم عددها ثلاث وثلاثون آية.
ومن أجل ذلك، ولأن كسوف الشمس آية من آيات الله سبحانه، فقد أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بالصلاة عندما يحدث الكسوف، ذكرت أم المؤمنين السيدة عائشة بنت أبي بكر زوج النبي الكريم هذا الأمر فقالت: «خسفت الشمس في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فصلى بالناس، فقام فأطال القيام، ثم ركع فأطال الركوع، ثم وقف فأطال القيام، وهو دون القيام الأول، ثم ركع فأطال الركوع، وهو دون الركوع الأول، ثم انصرف وقد انجلت الشمس، فخطب الناس، فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال: إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله، لا ينخسفان لموت أحد ولا لحياته، فإذا رأيتم ذلك فادعوا الله وكبروا وصلوا وتصدقوا».
ومنذ ذلك الوقت صارت صلاة الكسوف والخسوف سنة متبعة، وصار الناس يؤدونها عندما يحدث ذلك، وفي الكويت تدعو وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية إلى إقامة هذه الصلاة عندما يعلن عن حدوث أمر من هذين الأمرين.
٭٭٭
ووضعت الشمس في كثير من الكتب، وألفت في كافة أحوالها عشرات الكتب بمختلف اللغات وممن ذكرها بإيجاز جيد كتاب «الموسوعة العربية الميسرة» وهو لناشره الأول الجمعية المصرية لنشر المعرفة والثقافة العالمية، وما جاء فيه عن الشمس ورد في الصفحة رقم 1482م، من الجزء الثالث، ونحن نقتطف منه هنا هذه العبارات الخاصة بوصف الشمس:
«الشمس: كتلة من الغازات الملتهبة في مركز المجموعة الشمسية، وتعتبر نجما متوسط الحجم، ولكن قرصها الملتهب يبدو كبيرا لقربها من الأرض، وقوة جاذبيتها تحفظ الكواكب والمذنبات وغيرها في مسارات محددة، وضوؤها مصدر الحياة، والطاقة المختزنة في الأطعمة والفحم».
وأضافت الموسوعة إلى ذلك أمورا أخرى عن بعد الشمس وقطرها، وعن البقع الشمسية، والكسوف.
وكل هذه الصفات التي ذكرت في الكتاب عن الشمس، إنما هي تأكيد لما جاء في القرآن الكريم عن أهمية الشمس للدنيا، فهي مصدر النور ومصدر الطاقة، وهي التي بجاذبيتها الشديدة تحفظ الكواكب وغيرها في مساراتها المحددة لها.
ولعل من أبرز ما قرأناه في وصف الشمس ما كتبه الشيخ أحمد الهاشمي في كتابه الشهير «جواهر الأدب» فقد أورد هذا الوصف بأسلوب أدبي راق وجميل، على الرغم من أن الموضوع له طابع علمي قلما يستطيع الكتاب أن يكتبوه بهذه الرقة التي وجدناها فيما كتبه الشيخ الهاشمي، ونظرا إلى أن ما جاء في الكتاب قد استغرق ما يقرب من ثلاث صفحات فإننا من الصعب أن نورده كله، أو حتى أن نذكر مختصرا له، وهذا جزء من بداية الوصف كما جاء في الكتاب نصا:
«الشمس كوكب مضيء بذاته، وهي أعظم الكواكب المرئية لنا منظرا وأسطعها ضوءا، وأغزرها حرارة، وأجزلها نفعا للأرض التي نسكنها ولكثير من أخواتها سيارات الشمس وبناتها.
والشمس كرة متأججة نارا، حرارتها أشد من حرارة أي ساعور أرضي. ويبلغ ثقلها ثلاثمائة وزن من ثقل الأرض، وهي أكبر منها جرما بثلاثمائة ألف وألف ألف مرة.
وتدور الشمس على محورها من الغرب إلى الشرق مرة واحدة في نحو خمسة وعشرين يوما، وتبعد عنا بنحو اثنين وتسعين ألف ألف ميل وخمسمائة ألف ميل، وهي مع كل هذا العظم الهائل لا تعد في النجوم الكبرى، بل إن أكثر ما نشاهد من النجوم الثابتة شموساً أكبر من الشمس بألوف الألوف، والشمس بسياراتها تابع من توابع أحدها.
وسطح الشمس مهب عواصف وزوابع نيرانية شديدة تثير في جوها أشوظة هائلة، تندلع ألسنتها المتأججة عن محيط كرتها أميالا».
٭٭٭
كان الناس فيما مضى يستفيدون من حرارة الشمس بفوائد كثيرة، بل كانوا لا يستغنون عنها صيفاً أم شتاء، ومن ذلك ما نذكره هنا:
-1 الشمس كانت تفيدنا في صنع الطرشي (الأجار) فقد كان الناس يضعون الأواني التي تحتوي عليه بعد ملئها ووضع الغطاء المحكم عليها فوق سطح المنزل لكي تتعرض لحرارة الشمس فيتم نضج (الاجار) في المدة المحددة له، وكان الناس يقدرونها بواحد وعشرين يوما.
-2 في وقت لم تصل الينا فيه النشافات الكهربائية التي تقوم بتجفيف الملابس بعد غسلها، كان الناس يقومون يعرضونها على حبال ممتدة في وسط ساحة المنزل التي نطلق عليها اسم الحوش، وذلك ضمانا لسرعة جفافها وزوال الماء منها، دون الحاجة إلى الآلة الكهربائية.
-3 في الوقت الذي كان الربيان فيه كثيراً في الكويت، وبخاصة في موسمه الذي يكثر فيه وتزداد الكميات التي تصطاد منه، كان الناس يغتنمون فرصة وجود هذا الفيض من الصيد فيقومون بشراء كميات كبيرة، ثم يعمدون إلى وضع الربيان في الماء وهو يغلي داخل قدر واسع، وعندما ينضج تتم تصفيته من الماء، ثم ينشر على حصير فوق السطح حتى يتعرض لحرارة الشمس فيجف، وهذا الربيان المجفف يستعمل طوال السنة في عدة استعمالات، وهنا تقوم بعض الأسر في موسم الشتاء القارس بعمل ما يسمى: حشو الربيان، حيث يوضع فوق (المموش) إذا تم وضعه في الطبق، وهذه الأكلة الشتوية محبوبة لدى الجميع.
-4 وبمثل ما كان يحدث مع الربيان يحدث مع الجراد، فإن الجراد يأتي في موسم الربيع بكميات كبيرة تغطي عين الشمس في كثير من الأحيان، فإذا جاء هذا الموسم كثر اصطياد الجراد، وكثر بيعه حيا في ساحة الصفاة، فكان يُجلب داخل أكياس كبيرة تستوعب كمية لا بأس بها، وفي هذا الموسم يقوم الناس بشراء كميات من الجراد المعروض في الصفاة حيا، فيضعونه في قدر كبير مليء بالماء المغلي بالأسلوب الذي اتبعوه مع الربيان، ثم يصفى من الماء بعد نضجه، وينشر على حصير أو أكثر فوق السطح متعرضا لحرارة الشمس، حتى إذا تم جفافه وصار يابسا، وضع في أكياس تحفظه طوال العام وبذلك فإنه لا ينقطع عن الناس بسبب هذه الطريقة فهم يأكلون منه يابسا كما أكلوا منه طرياً، ومما يجدر بنا أن نذكره هنا أن البعض يزيل أجنحة الجراد وأطرافه ثم يقوم بوضعها مع المرقوق عند طبخه، وكان بعض الأهالي يجدون في هذا الأسلوب من الطبخ لذة ومتعة.
هذه الأمور الأربعة قد انتهى العمل بها الآن، ولكننا وجدنا أنه لابد من إطلاع من لا يدري بها على ما كان يجري فيما مضى، فقد استفاد الناس - آنذاك - من الميزة التي تهبها الشمس للدنيا كلها، واستطاعوا أن يحصلوا منها على ما يريدون من مساعدة في كثير من الأمور، وما قد ذكرناه أعلاه ليس كل ما يفيدنا من الشمس، ولكنه نموذج لذلك.
وهناك نموذج آخر وهو (الفقع) فقد كان الناس قديما يشترونه من السوق بكميات وفيرة عندما يحين موسمه ويصبح كثيرا ورخيصا. وحينذاك يذهب الناس إلى ساحة الصفاة فيشترون منه حاجتهم، وفي البيوت تتم إجراءات مشابهة لما تم للجراد وللربيان، حيث يوضع الفقع بعد تنظيفه في قدر كبير، وبعد أن ينضج تماما، ينشر على سطح المنزل بوضعه على حصير أو أكثر إلى أن يجف ويصير يابسا، ثم يجمع، ويوضع في أكياس تحفظه طوال السنة وعندما ينتهي الموسم، ويخلو السوق من هذه المادة التي يحبها الناس ويقبلون عليها، فإن الفقع المجفف يكون إداما يوضع مع الأرز عند طبخه، فيستمتع به الآكلون.
ومن مواقف الناس في قديم الكويت مع الشمس ما يمكن وصفه بما يلي:
يقف مجموعة من كبار السن على ساحل البحر وهم يحملون ساعاتهم القديمة المعلقة بسلسلة تشد إلى ازرار (دشاديشهم)، وهم ينظرون إلى الشمس حينما تهم بالغروب.
كنت صغيرا عندما شهدت هذا المشهد، ولم يفتني أن أسأل عنه فقيل لي إنهم يغيبون الشمس وأن هنا من هم أمثالهم على طول ساحل جون الكويت، والواقع أنهم لا يغيبون الشمس فعلا ولا يستطيعون ذلك فالشمس هي التي تغيب. ولكنهم يريدون أن يرصدوا اللحظة التي يسقط فيها القرص الأحمر في البحر كما يخيل لهم، وعند ذاك تكون الساعة قد وصلت إلى الثانية عشرة مساء وانتهى النهار بحسب التوقيت الشمسي. وهم لحرصهم على ضبط ساعاتهم يقفون هذا الموقف يوميا.
٭٭٭
واستدراكا لبعض ما فاتنا من القول مما سقنا في بداية هذا المقال فإننا لابد وأن نشير إلى أمر متعلق بذلك، وهذا الأمر بعضه يخص المبدأ العام الذي تناولناه بالحديث عن الشمس ومكانتها والثاني يخص أمرا من الأمور التي عشناها مع الشمس.
لقد كان لكل ما يقرؤه الأولون من كتاب الله الكريم مما فيه ذكر الشمس، وتعظيم أهميتها، وكونها آية من الآيات الدالة على عظمة الخالق، فإنهم كانوا يرون في كسوفها دلالة على حدوث أمر مهم، ولذا فإن المسلمين الأوائل ظنوا أن الشمس كسفت يوم توفي ابراهيم ابن رسول الله صلى الله عليه وسلم، فكان أن نبههم الرسول الكريم إلى أن هذا الظن غير صحيح ولا يجوز الأخذ به، وقال: «إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله لا تكسفان لموت أحد ولا لحياة أحد».
ومع ذلك فقد استمر الناس في اعتقادهم بأنه لابد وأن يكون كسوفها لأمر قد حدث أو هو وشيك الحدوث. وفي أيام طفولتنا كان الخوف يستولي علينا يوم أن نرى هذا المشهد الذي كان يخيفنا لأننا كنا نتوقع ما سوف يحدث بسببه.
كنا نطوف بالطرق ونمر بالفرجان وننادي على الشمس أن تعود إلى وضعها حتى يحل الأمان، وكان بعض الأطفال يمسكون بعلب كبيرة فارغة، ثم يقومون بالطرق عليها وقت مرورهم وينادون:
لا إله إلا الله
محمد رسول الله
محمد زين كله زين مولود الضحى الاثنين
محمد على سجادته
جت الغزال ونادته
مولانا يا مولانا
يا سامع دعانا
وتتكرر هذه الأهزوجة إلى أن ينتهي الكسوف أو تغيب الشمس. وإن كان الأطفال يأملون في عودة الشمس إلى طبيعتها قبل أن يحين وقت مغيبها.
أما الكسوف فهو اختفاء ضوء جرم سماوي كليا أو جزئيا، وذلك بسبب مرور جرم سماوي آخر بينه وبين الأرض.
وقد عرفنا أن اسم الكسوف يطلق على ما يحدث للشمس أما اسم الخسوف فإنه يطلق على ما يحدث للقمر.
قالوا: إن سبب كسوف الشمس وخسوف القمر هو أن الأرض والقمر مظلمان، فإذا مر القمر في ظل الأرض حدث له خسوف وإذا مرت الأرض في ظل القمر حجب ذلك الشمس وحدث الكسوف.
وقالوا: يشاهد الكسوف في أوقات مختلفة من أماكن متعددة نتيجة انتقال ظل القمر من المشرق إلى المغرب. ويحدث الكسوف الكلي في مكان معين كل أربعمائة سنة تقريبا. ولا يستمر أكثر من سبع دقائق ونصف. وقد ذكروا حول ذلك تفصيلات كثيرة ليس هذا مقام ذكرها لأنها تخضع إلى استدراكات وتفصيلات علمية ينبغي أن تأخذ حقها المكاني من البحث وتقديم الأدلة. ولكننا نشير إلى أن: «الموسوعة العربية الميسرة» قد تولت هذا الأمر بالشرح، وأنارت الطريق أمام الراغبين بمعرفة حقيقة الخسوف والكسوف، بأسلوب ميسر يشمل كافة الجوانب المتعلقة بالموضوع (انظر ج3 صـ1962).
٭٭٭
تحفل دواوين الشعر العربي، وكذلك المجموعات الشعرية بكثير من القصائد التي تذكر فيها الشمس، ولا غرابة في ذلك، فإن للشمس أهميتها الكبرى في حياتنا، وفي ذكرها نوع من الإشادة بهذه الآية التي جعلها الله لنا سراجا ودليلا وأفادنا بما تعطينا من دفء ومن طاقة.
الشاعر حافظ إبراهيم ذكر الشمس في قصيدة جميلة كانوا يتولون تدريسها لنا منذ الصغر. ولقد كانت من أحلى ما كتبه هذا الشاعر العبقري من شعر. وسوف تأتي على ذكرها بعد أن نتحدث قليلا عنه.
محمد حافظ إبراهيم كان شاعراً مجيداً سباقا له حضور في دنيا الشعر على الرغم من أنه كان يعاصر أمير الشعراء أحمد شوقي الذي تقدم على شعراء عصره. ويلقب حافظ إبراهيم بلقب شاعر النيل، وتوفي في سنة 1932م.
وكان هذان الشاعران متصلين ببعضهما بصداقة متينة ولذلك نرى أحمد شوقي يعبر عن ذلك بعد أن فجع بوفاة صاحبه شاعر النيل، فقال في ذلك قصيدة مطلعها:
قد كنت أُوثر أن تقول رثائي
يا منصف الموتى من الأحياء
لكن سبقت وكل طول سلامة
قدر، وكل منية بقضاء
وفي هذه القصيدة تحدث شوقي عن سيرة صاحبه العطرة وعن شعره، وعن تقلبه في الأعمال وتنقله بين البلدان إلى أن يقول في آخر بيتين من قصيدته الطويلة:
خلفت في الدنيا بيانا خالدا
وتركت أجيالا من الأدباء
وغدا سيذكرك الزمان ولم يزل
للدهر إنصاف وحسن جزاء
أما ذكر حافظ إبراهيم للشمس فإنه ذكر مباشر أورد فيه صفة الشمس، وما تعلق بها على مر التاريخ.
لقد لاح حاجبها للناظرين، فانساهم نورها الوهاج نور القمر وضاح الجبين، وكانت آيتها كافية لمحو آيته وبها تبدت آية للناظرين.
وتحدث في قصيدته هذه عن سيدنا إبراهيم عليه السلام وما جرى له مع قومه حين حاجهم في دينهم:
نظر ابراهام فيها نظرة
فأرى الشكَّ وما ضلَّ اليقين
قال ذا ربي، فلما أفلت
قال إنّي لا أحب الآفلين
ولكنهم كانوا يعبدون الشمس ويصرون على عبادتها، وهي عندهم أم الكون وأم النور والنار معا، ولذا قال حافظ:
صدقوا لكنهم ما علموا
أنها خَلْقٌ سيفنى بالسنين
ونعود هنا إلى مطلع القصيدة وهو:
لاح منها حاجب للناظرين
فنسوا بالليل وضّاح الجبين
ومحت آيتُها آيتَه
وتبدت فتنة للعالمين
هذه هي الأبيات التي حفظناها من شعر حافظ ابراهيم، وقد ذكر فيها الشمس فأعرب عن حسن البلاغة، وعن الفهم لكل ما يدور حول هذه الآية الربانية.
وإذا انتقلنا الى شاعر آخر، فهذا هو الشاعر الأندلسي الشهير أحمد بن زيدون، وقد تحدثنا عنه كثيراً في مقالات «الأزمنة والأمكنة». وهذه القصيدة تختلف في مأخذها عن قصيدة حافظ ابراهيم فابن زيدون هنا لا يقصد بشعره الشمس ذاتها، ولكنه يقصد فتاة جميلة هي كالشمس مطلعا وجمالا، هذه الفتاة الجميلة:
هي الشمس مغربها في الكلل ومطلعها في جيوب الحُلَلْ
وغصن، ترشف ماء الشبا ب، ثراه الهوى، وجناه الأمل
وهذه الفتاة، يقول ابن زويدن:
تهادى لطيفة طي الوشا ح، وترنو، ضعيفة كر المقل
وتبرز خلف حجاب العفا ف وتسفر تحت نقاب الخجل
ولكنه ينتهي من وصفه لها إلى القصد النهائي من قصيدته، وهو المديح، فهو يمدح شخصا له دالة عليه. إنه رجل كريم ذو صفات تذكر له بكل خير.
والممدوح في هذه القصيدة هو المظفر بن الافطس أمير بطليوس الأندلسية، الذي اتصل به الشاعر فلقي منه كل حفاوة ورعاية فقال هذه القصيدة في مدحه مُبتَدِئاً إيَّاها بالغزل مشبها الفتاة التي يتغزل بها بالشمس الساطعة.
ومن قوله في المديح:
سَأشكرُ أنك أعليتني بأحظى مكان، وأدنى محلْ
وإنيَ إن زرتُ لم تحتجبْ وإن طال بي مجلسٌ لم تملْ
وكان للشمس في شعر الشعراء الكويتيين موضع معروف، ولها ذكر واضح. ومن ذلك ما ذكرها به الشاعر داود سليمان الجراح وهو شاعر ولد في سنة 1906م تقريبا، وتوفي في سنة 1957م عن عمر يناهز الخمسين سنة، كان شاعرا لطيف الشعر حسن العبارة، يكتب في موضوعات متعددة، ويواصل بشعره أصحابه، ويذكر وطنه ويتشوق إليه عندما يكون مغتربا عنه، ولا ينسى أن يسجل مجالسه مع الأصدقاء، ولا رحلاته الخلوية معهم. كما لا ينسى أن يذكر الأماكن الكويتية المختلفة بما في ذلك الأماكن التي يغوص فيها أبناء البلاد على اللؤلؤ، وقد كان هناك فذكرها كلها في قصيدة له، كما ذكر صيد الأسماك الذي يهواه، ويذهب إليه مع من يحب من الأصحاب. وكل ذلك مذكور عنه في كتابنا: «داود سليمان الجراح، حياته وشعره».
خاطب هذا الشاعر شمس بلاده بشعره. فقد داهم الوطن حادث كسوفها، ففزع لذلك كغيره من الناس، ومضى إلى المسجد لكي يؤدي صلاة الكسوف التي سق لنا أن ذكرنا تفصيلا عنها فيما مضى. وعند خروجه كانت الشمس قد عادت إلى وضعها، واستدارت بإنارتها وجمالها المعهود، فقال:
أيها الشمس لا عدمنا ضياك أسعد الله كُلَّ عين تراك
يا جمال الوجود في كل قطر وعروس الأكوان والأفلاك
لك فضل على جميع البرايا والنباتات لم تكن لولاك
كل شيء يمل منه إذا ما أكثر المكث عندنا إلاك
قلت لما حجبت وجهك عنا رب رحماك إننا في ارتباك
وهرعنا إلى الصلاة سريعا نَسألُ الله أن يرد بهاك
فتبدى منك المحيا مضيئا ولثمنا على عُلوِّكِ فاك
هكذا عبر الشاعر عن حادث كسوف الشمس، بأسلوب سهل، وعبارات جزلة هي من علامات شعره كله، وصور – في الوقت نفسه – ما كان يقوم به الناس في زمنه عندما يدهمهم حادث الكسوف فيرتبكون ثم يعودون إلى أنفسهم فيفزعون إلى الصلاة سائلين الله تعالى أن يرد على الدنيا وعليهم بهاء الشمس، ولا يدخلهم السرور إلا إذا عادت إلى ضيائها الكامل، وتبدى لهم محياها الباسم المنير.
وممن ذكر الشمس من شعراء الكويت شاعر مبدع معروف هو أحمد خالد المشاري وقد أجاد في وصفه حين قال:
مالت الشمس وقد حجبها حالك الغيم إلى نحو المغيب
فبدت منه كحسناء غدت ترفع السجف لتوديع الحبيب
ثم راحت تملأ الجو لظى نار وجد قد علا فيها لهيب
وهي معبرة عن صورة الشمس الغاربة وعن حمرة الشفق الملتهبة عند إتمام غيابها.
٭٭٭
هذا ما يمكننا ذكره عن الشمس والناس، ونتمنى ان يكون فيما قدمناه فائدة على إيجازه، لان ما كتب عن الشمس شيء كثير لا يمكن إدراجه كله في عجالة مثل هذه العجالة.
التعليقات الأخيرة
All Comments
Please enable JavaScript to view the
comments powered by Disqus.
comments powered by
Disqus
أكثر المواضيع مشاهدة
«التمييز» ترفض وقف تنفيذ إغلاق «الوطن»
فيديو - العصفور: التزمنا بالقرار الإداري لـ«الإعلام» وأدعو الجميع لمشاهدة افتتاحية قناة «المجلس»
أماني بورسلي: كنا نريد دعماً حكومياً لـ«قناة الوطن»
المحامي حسين العصفور: أيادٍ خفية تعمل من أجل إغلاق «الوطن» !
الاستئناف تلغي حكماً لمرزوق الغانم ضد قناة «الوطن»
إحنا مضربين نبي حقوقنا
المكافحة: ضبط مواطنة بحوزتها مواد مخدرة ومؤثرات عقلية
عدسات لاصقة تُفقد فتاة بصرها.. والأطباء يحذرون من كارثة صامتة
الكويت تبحث مع الأمم المتحدة جهود حماية المرأة وتعزيز التشريعات ضد العنف
إسكان المرأة تدعو المواطنات ممن لديهن طلب مسكن مؤجر من سنة 2010 وما قبل لتحديث بياناتهن
Tweets by WatanNews
!function(d, s, id) { var js, fjs = d.getElementsByTagName(s)[0], p = /^http:/.test(d.location) ? 'http' : 'https'; if (!d.getElementById(id)) { js = d.createElement(s); js.id = id; js.src = p + "://platform.twitter.com/widgets.js"; fjs.parentNode.insertBefore(js, fjs); } } (document, "script", "twitter-wjs");
81.0154
موقع الوطن الإلكترونية – حقوق الطبع والنشر محفوظة
Top