مقالات  
نسخ الرابط
 
   
   
 
  A A A A A
X
dot4line

اختلاف المفاهيم

يوم لا ينفع مال ولا بنون......

د.عبدالرحمن الجيران
2014/09/15   10:11 م

شكرا لتصويت

التقيم التقيم الحالي 0/5
writer image



الصحوة تتخطى عامها الأول:
في هذا العصر يجد المتابع ان المسلمين يعيشون في غمرات صحوة علمية شبابية ويقظة بعد طول رقاد! تهللت لها أسارير العلماء وقرت بها أعين الغيورين وانداحت بها دوحة الرجاء في أفئدة شباب الأمة، بأن المستقبل للاسلام الصحيح فقط، وها هي قلوبهم ترنو بأعناقها مُشرئبة لقول الرسول صلى الله عليه وسلم: «مَثَلُ أُمَّتِي مَثَلُ الْمَطَرِ لَا يُدْرَى أَوَّلُهُ خَيْرٌ أَمْ آخِرُهُ» الترمذي، وعادت الأمة الاسلامية بعد طول غياب الى المساجد والى كتب السلف والتراث يتقلبون في أعطاف العلم متدثرين بدثار السنة والآثار العلية، وقد حازوا بعد طول بحثٍ وسبرٍ لأغوار المصنفات حتى تمكنوا من الرسوخ في مكنونات المسائل العلمية والعملية، كما حازوا قصب السبق في فقه الواقع المبني على فقه الكتاب والسنة الذي طالما دندن حوله كبار العلماء قديماً مثل شيخ الاسلام ابن تيمه وابن حجر وحديثاً مثل العلامة الألباني وابن باز وبن عثيمين وغيرهم كثير.
وهذه النبتة الغضة الطرية المباركة لابد لها وهي تتخطى عامها الأول من السقي والتعهد في مساراتها كافة لكي نكف عنها العثار والتعصب الأعمى والحذر من التعرجات الفكرية والسلوكية والطائفية والحزبية ليحوزوا درة التحلي بمحاسن الآداب ومكارم الأخلاق والسمت الصالح وليعلموا ان العلم لا يصل اليه الا المتحلي بآدابه المتخلي عن آفاته، وهذا ما سطره يراعُ اهل العلم في مؤلفاتهم مثل آداب القاضي وآداب حامل القرآن وآداب المفتي والمستفتي وآداب المحتسب وهكذا... ولقد كانت طريقة السلف في تعليمهم وتربيتهم لأجيال الشباب يعلمونهم طريقة التعلم قبل البدء بالعلم؟ وهذا وأيم الله عنوان الصدق والفلاح، وهو ما نحتاج اليه اليوم بصورة ملحة، وهي ان يتعلم الطالب طريقة التعلم الصحيح، وهي تشمل الآداب مع النفس ومع المعلم ومع زميله في الفصل ومع كتابه، وهي ثمرة علمه وغايته؟ حتى ينشط ويجد في الطلب والتحصيل وتسهل عليه الصعاب، وفي النهاية نحصل على قلب سليم في جسم سليم وعقل سليم.

وصايا لجيل الشباب:
اولاً: العناية بسلامة الصدر في هذه الأيام المتقلبة بأحداثها ونوائبها المليئة برسائل الاتهام ونشاز الألفاظ والتنابز بالألقاب مع شيوع الجهل والأهواء ينبغي للدعاة الى الله تعالى ان يتميزوا بالمروءة، وطلاقة الوجه، وتحمّل الناس، والشهامة من غير عصبية، والعزة في غير جبروت، والآنفة من غير خيلاء، والحمية في غير جاهلية حزبية.
وأول ما يجب ان يهتم به الدعاة وطلاب العلم في بداية الطريق ملاحظة حديث ابي موسى الأشعري رضي الله عنه قال: قام فينا رسول الله صلى الله عليه وسلم بخمس كلمات فقال «ان اللَّهَ لا يَنْظُرُ الَى صُوَرِكُمْ وَأَمْوَالِكُمْ وَإنَّمَا يَنْظُرُ الَى قُلُوبِكُمْ وَأَعْمَالِكُمْ» رواه مسلم، فالعناية بسلامة القلب أولى من العناية بسلامة الجسم وجماله ولنعلم ان الجمال الذي افتتن به الناس اليوم ينقسم إلى قسمين ظاهري وباطني، والظاهري غالباً ما يجر الى البلاء والفتنة والحبس والتغريب والاغراء، كما حصل ليوسف عليه السلام حيث أوتي شطر الحُسن، وفي المقابل نجد ان الجمال الباطني أورثه العز والتمكن واعتلاء العرش ولم الشمل، والرفعة في الدنيا والآخرة والظهور على الجميع حيث تمكنّ من تولي الوزارة والقرب من عزيز مصر؟
وكل من تحلى بالزينة الباطنة وهي الجمال الحقيقي في حمل الدين والعمل به مع وفور العقل وكرم النفس وطهارة القلب، كساه الله من المهابة والحلاوة بحسب ما اكتسبت روحه من تلك الصفات فان المؤمن يُعطي حلاوة ومهابة بحسب ايمانه فمن رآه هابه ومن خالطه أحبه، وكلما زاد الناس عليه بجهلهم زاد في حلمه وصبره!

قال الغزالي:
«قد أوضح لنا هذا الحديث ان محل نظر الرب في الانسان هو القلب، فيا عجبا ممن يهتم بوجهه الذي هو محل نظر الخلق فيغسله وينظفه من القذر والدنس ويزينه بما أمكن لئلا يطلع فيه مخلوق على عيب، ولا يهتم بقلبه الذي هو محل نظر الخالق فيطهره ويزينه لئلا يطلع ربه على دنس أو غيره فيه!».

ثانياً: أسباب سلامة الصدر:
قال ابن القيم:
«ان الانسان العاقل يرى ان سلامة قلبه وبرده وخلوه من الغل والحسد والأذى في ادراك تأثره ممن ظلمه، بل يفرغ قلبه من ذلك كله ويرى ان ذلك انفع له وألذ وأطيب واهنأ، لان القلب اذا اشتغل بشيء من هذا فاته ما هو أهم وانفع».
وأسباب سلامة الصدر متعددة ومتنوعة فمن حرص عليها بصدق حازها وها أنا ذا أجملها للقارئ الكريم وتبدأ بالنية والاخلاص لله تعالى ثم السلوك والخلق وخاصة خُلق العفو عمن اخطأ بحقك فهو من أسباب سلامة الصدر ودليله عفو الصديق رضي الله عنه عمن أساء بحقه وحق ابنته عائشة رضي الله عنهما في حادثة الافك وهذا العفو امتثالاً لأمر الله تعالى حيث قال {وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلَا تُحِبُّونَ ان يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ} (النور: 22)، فقال: بلى أحب ان يغفر الله لي فعفا عنه فيما قاله بحق أم المؤمنين عائشة رضي الله عنهما حتى نزلت براءتها من فوق سبع سماوات، وثالثها الدعاء الى الله تعالى والضراعة اليه والتوسل بالأعمال الصالحة لطلب زكاة النفس، ويحدثني احد الاخوة عن العلامة بن باز رحمه الله في يوم عرفة، حيث كان دعاؤه من زوال الشمس الى غروبها (اللهم قني شر نفسي)؟ ولا يدعو بشيء غيره، وهذا يؤكد أهمية التوسل الى الله وطلب زكاة نفسك منه سبحانه.
وتأتي في المرحلة الرابعة اتباع السيئة الحسنة لكي تصفي ما في قلبك من ادران الذنوب وأخيراً ترك الذنوب جميعاً مع فعل الواجبات والمداومة عليها، وخاصة في علاقتك بأخيك المسلم لقوله صلى الله عليه وسلم «لا تحاسدوا، ولا تناجشوا، ولا تباغضوا، ولا تدابروا، ولا يبع بعضكم على بيع بعض، وكونوا عباد الله اخوانا، المسلم أخو المسلم، لا يظلمه، ولا يخذله، ولا يكذبه، ولا يحقره، التقوى هاهنا - ويشير الى صدره ثلاث مرات - بحسب امرئ من الشر ان يحقر أخاه المسلم، كل المسلم على المسلم حرام: دمه وماله وعرضه» رواه مسلم، فمن حرص بصدق على هذه الأمور ومرّن نفسك عليها وصل باذن الله الى سلامة صدره، ووقاه الله شح نفسه قال تعالى {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ وَاسمعُوا وَأَطِيعُوا وَأَنْفِقُوا خَيْرًا لِأَنْفُسِكُمْ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} (التغابن: 16)، وقال صلى الله عليه وسلم «أَلا وَانَّ فِي الْجَسَدِ مُضْغَةً اذَا صَلَحَتْ صَلَحَ الْجَسَدُ كُلُّهُ، وَإذَا فَسَدَتْ فَسَدَ الْجَسَدُ كُلُّهُ، أَلا وَهِيَ الْقَلْبُ» البخاري، ولهذا عد علماء السلف سلامة الصدر من أعظم أسباب دخول الجنة.

ثالثاً: صفات القلب السليم:
ان القلب السليم صحياً هو القلب الخالي من المرض، وشرعيا القلب السليم هو القلب الذي يشهد ألا اله الا الله وأن محمداً رسول الله، وهو القلب الخالص الذي مدح الله تعالى به عبده ابراهيم عليه السلام حيث قال {اذْ جَاءَ رَبَّهُ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ} (الصافات 84)، وهو سليم من الشرك الأكبر والأصغر وسلم من آفة الشهوات والشبهات، واما قلب الكافر والمنافق فهو قلب مريض قال تعالى {فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزَادَهُمُ اللَّهُ مَرَضًا وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ} (البقرة: 10)، وهذه السلامة كما تشمل القلب فانها تشمل النفس عن الجهل والأخلاق الردية ومحبة الشر والاصرار على البدعة والذنوب واقتراف الآثام.
ومن صفات القلب السليم ان يتحلى بأخلاق القرآن ويكون عامراً بالطاعات وحب الخيرات، فان لم يكن كذلك فلا يصح ان يوصف بكونه سليماً، والأجدر هنا ان يعلم الشباب ان القلب السليم هو القلب السالم من كل ما يضر الناس ويؤذيهم، وجاء في السنة فيما رواه البخاري «الْمُسْلِمُ مَنْ سَلِمَ الْمُسْلِمُونَ مِنْ لِسَانِهِ وَيَدِهِ وَالْمُهَاجِرُ مَنْ هَجَرَ مَا نَهَى اللَّهُ عَنْهُ».

والخلاصة:
ان القلب المملوء كفراً ونفاقاً مهما تصرف صاحبه بشكل انساني فلن يكون قلباً سليما، لان القلب الخالي من الايمان لا يعرف طريق الخير وان عرفه فهو لا يسلكه؟ اذ انه بعدم الايمان الصحيح تكون صور الخير والجمال والفضيلة اما كذباً وسراباً واما شيئاً مؤقتاً سرعان ما يزول وان بقى فلن يقبله الله تعالى، حيث قال {وَمَا مَنَعَهُمْ ان تُقْبَلَ مِنْهُمْ نَفَقَاتُهُمْ الَّا أَنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَبِرَسُولِهِ وَلَا يَأْتُونَ الصَّلَاةَ الَّا وَهُمْ كُسَالَى وَلَا يُنْفِقُونَ الَّا وَهُمْ كَارِهُونَ} (التوبة: 54)، ومن مستلزمات الاتصاف بالقلب السليم ان تتصف بالسلامة من الشرك والجهل والشك ومحبة الشر، وان تكون ارادتك ومحبتك تبعاً لما يرضي الله تعالى، ولابد من العلم بأي القلب السليم وصفه الله تعالى في القرآن مقابل المال والبنون وزينة الحياة الدنيا للدلالة على انه كثيراً ما يكون المال والبنوك والدنيا سبباً في حصول الأمراض للقلوب، قال تعالى {الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِنْدَ رَبِّكَ ثَوَابًا وَخَيْرٌ أَمَلًا} (الكهف: 46)، وقال {وَاعْلَمُوا أَنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلَادُكُمْ فِتْنَةٌ وَأَنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ} (الأنفال: 28)، ويضيف العلماء لهذا المعنى وصفاً وتحديداً لمفهوم القلب السليم وهو قولهم «القلب السليم الذي قد سَلِمَ من كل شهوة تخالف أمر الله ونهيه ومن كل شبهة تعارض خبره، فسلم من عبودية ما سوى الله» وسلم من التسليم لغير رسوله الله صلى الله عليه وسلم وتوجه الى الله تعالى وحده في خوفه ورجائه والتوكل عليه والانابة اليه والذل له والتباعد عن أسباب سخطه.

قاعدة هامة - هل نعيش اليوم في جاهلية مطلقة؟
يقول شيخ الاسلام ابن تيمية - رحمه الله «فالجاهلية المطلقة بعد البعثة قد تكون في مصر دون مصر، كما هي في دار الكفار، وقد تكون في شخص دون شخص كالرجل قبل ان يسلم، فانه يكون في جاهلية، وان كان في دار الاسلام.فأما في زمان مطلق؟ فلا جاهلية بعد مبعث محمد صلى الله عليه وسلم، فانه لا تزال من أمته طائفة ظاهرين على الحق الى قيام الساعة وقد يختلط الخير بالشر كحالنا اليوم وهذا يوضحه حديث حذيفة بن اليمان رضي الله عنه قال: «كَانَ النَّاسُ يَسْأَلُونَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ الْخَيْرِ، وَكُنْتُ أَسْأَلُهُ عَنْ الشَّرِّ مَخَافَةَ ان يُدْرِكَنِي، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، انَّا كُنَّا فِي جَاهِلِيَّةٍ وَشَرٍّ، فَجَاءَنَا اللَّهُ بِهَذَا الْخَيْرِ، فَهَلْ بَعْدَ هَذَا الْخَيْرِ مِنْ شَرٍّ؟ قَالَ: نَعَمْ، قُلْتُ: وَهَلْ بَعْدَ ذَلِكَ الشَّرِّ مِنْ خَيْرٍ؟ قَالَ: نَعَمْ، وَفِيهِ دَخَنٌ، قُلْتُ: وَمَا دَخَنُهُ؟ قَالَ: قَوْمٌ يَهْدُونَ بِغَيْرِ هَدْيِي، تَعْرِفُ مِنْهُمْ وَتُنْكِرُ، قُلْتُ: فَهَلْ بَعْدَ ذَلِكَ الْخَيْرِ مِنْ شَرٍّ؟ قَالَ: نَعَمْ، دُعَاةٌ الَى أَبْوَابِ جَهَنَّمَ، مَنْ أَجَابَهُمْ الَيْهَا قَذَفُوهُ فِيهَا، قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، صِفْهُمْ لَنَا، فَقَالَ: هُمْ مِنْ جِلْدَتِنَا، وَيَتَكَلَّمُونَ بِأَلْسِنَتِنَا، قُلْتُ: فَمَا تَأْمُرُنِي ان أَدْرَكَنِي ذَلِكَ؟ قَالَ: تَلْزَمُ جَمَاعَةَ الْمُسْلِمِينَ وَامَامَهُمْ، قُلْتُ: فَانْ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ جَمَاعَةٌ وَلَا امَامٌ، قَالَ: فَاعْتَزِلْ تِلْكَ الْفِرَقَ كُلَّهَا، وَلَوْ ان تَعَضَّ بِأَصْلِ شَجَرَةٍ حَتَّى يُدْرِكَكَ الْمَوْتُ وَأَنْتَ عَلَى ذَلِكَ» البخاري.
وموضع الشاهد من الحديث هو قوله عليه الصلاة والسلام «حيث قَالَ: نَعَمْ، وَفِيهِ دَخَنٌ «يعني هل يأتي بعد ذلك الشر من خير قال نعم وفيه دخن هذا واقع حالنا اليوم اننا نجد خيراً لكنه ليس صافياً بل فيه ما يعكر صفوه، فمثلاً نجد بعض صور الجاهلية المقيدة حيث قد تقوم في بعض ديار المسلمين، وفي كثير من المسلمين، حيث تبنت كثير من الفرق الاسلامية مناهج مضادة للمنهج الاسلامي، ومن ذلك تبني المنهج الفلسفي الكلامي في مسائل العقيدة والايمان، وهذا المنهج مزاحم للمنهج الايماني القرآني القائم على الوحي، وعمدة المنهج الفلسفي الكلامي نظريات عقلية، وأصول فلسفية، ومصطلحات منطقية، وهذا المنهج يختلف عن المنهج الايماني القرآني في طريقة الاستدلال وفي المقصد والهدف، وهو المتمثل في منهج السلف الصالح في تلقي العلم وفهمه والعمل به، ومن المناهج المخالفة للمنهج الاسلامي الصحيح المنهج الصوفي الذي يغرق في الفلسفة من الحلول ووحدة الوجود والتواكل، وهناك لوثة الفكر الارجائي التي تخرج العمل عن مسمى الايمان، فضلاً عن الفكر العلماني والدعوات التي تناقض الاسلام من الشيوعية والبعثية والدعوات التي تنادي بالاعتزاز بالحضارات الكافرة البائدة كالفرعونية والآشورية والبابلية، والدعوات التي تقوم على المبادئ الطائفية الضالة على أساس القومية والعرق، وهي دعوات تضاد الاسلام وتحاده، فلابد من تربية سليمة للشباب على أساس من العقيدة السليمة عقيدة السلف وتجلية قضايا التوحيد والقضاء والقدر، ومسائل الكفر والايمان وابراز سماحة الاسلام ويسره كما قال تعالى {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ الَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ} (الانبياء: 107.(

أهمية عقيدة السلف
وعقيدة السلف عبارة عن قواعد وضوابط تعصم من الخطأ في مجال الاعتقاد وهناك لون آخر من العقيدة يبعث العباد الى العمل بما جاءهم من عند الله مخلصين دينهم لله، وهو المعبر عنه بالشريعة والسلوك والتزكية وهذا اللون هو الذي يجعل المسلم قوة حية متحركة عاملة، وهذا اللون من العقيدة حتى يعطي ثماره لابد من دراسته من خلال الكتاب والسنة لا من خلال ترهات وطلاسم الفلسفة والجدل وعلم الكلام.
ومن المبشرات ظهور المجددين عند غربة الدين وانجفال الناس عنه في كل قرن، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «ان الله يبعث لهذه الأمة على رأس كل مائة سنة من يجدد لها دينها» مسلم.
قال المناوي ال المناوي في فيض القدير أي يقيض لها على رأس كل مائة سنة من الهجرة أو غيرها والمراد الرأس تقريبا (من) أي رجلا أو أكثر يجدد لها دينها أي يبين السنة من البدعة، وينشر العلم وينصر أهله، ويكسر أهل البدعة ويذلهم قالوا: ولا يكون الا عالماً بالعلوم الدينية الظاهرة والباطنة.
قال ابن كثير «قد ادّعى كل قوم في امامهم انه المراد بهذا الحديث، والظاهر أنه يعم جماعة من العلماء من كل طائفة وكل صنف، مفسّر ومحدّث وفقيه ونحويّ ولغوي وغيرهم.
قال ابن القيم «ولولا ضمان الله ان يحفظ دينه، وتكفله بأن يقيم له من يُجدّد أعلامه ويحيي منه ما أماته المبطلون، وينعش ما اخمله الجاهلون لهدمت أركانه، وتداعى بنيانه، ولكن الله ذو فضل على العالمين».
قال أبو الطيب محمد شمس الحق العظيم آبادي «المراد من التجديد احياء ما اندرس من العمل بالكتاب والسنة، والأمر بمقتضاها واماتة ما ظهر من البدع والمحدثات».
رزق الله هذه الأمة بجبال مُلئوا خشية وعلموا وجددوا دينها - لله درهم من أمثال:عمر بن عبدالعزيز، والشافعي، والغزالي، واحمد بن تيمية، وفي مجال الجهاد نور الدين محمود زنكي، وصلاح الدين الأيوبي، ومحمود الغزنوي وفي عصرنا الحديث محدث أهل الشام الشيخ محمد ناصر الدين الألباني - رحمه الله -، وامام العصر بقية السلف الشيخ عبدالعزيز بن باز - رحمه الله - وابن عثيمين وغيرهم كثير، حيث التف حولهم الشباب ينهلون من علومهم وسمتهم وهديهم وهم وان ماتوا الا أنهم أحياء من خلال آثارهم الحميدة وعلومهم المفيدة.

يا شباب الاسلام كونوا حراس الفضيلة:
واحذروا من النظام العالمي الجديد الهادف الى مساواة الحق بالباطل والمعروف والمنكر والصالح والطالح والمجرم مع الضحية، والسنة مع البدعة والقرآن والكتب المحرفة والمسجد والكنيسة والمعبد وبيت النار.
والهدف من هذا كله تحويل جماعة المسلمين الى سائمة من السوام وقطيع تائه في ليلة شاتية رياحها عاتية؟ حتى يغرق الشباب في أوحال الرذيلة والشهوة مستغرق في ملذاته بجهاز الأيفون متلبد في احساسه لا يعرف معروفاً ولا ينكر منكراً حتى ينقلب منهم من غلبت عليه شقوته على عقبيه خاسراً ويرتد من يرتد منهم عن دينه حاسراً.

مسك الختام:
وختاماً اذكر الجميع بقول الله تعالى {وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إلَى اللَّهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ} (البقرة: 281)، قال العلماء ان هذه الاية الكريمة نزلت قبل موت النبي صلى الله عليه وسلم بتسع ليالٍ ثم لم ينزل بعدها شيء.وهذا فيه تهديد ووعيد وتذكير من الله تعالى بعدما أوضح لنا الحلال والحرام وأقام الحجة بأن نتذكر هذا اليوم الذي يقوم فيه الناس لرب العالمين يوم ترى الناس سكارى مضطربين متوقعين لعظيم النكال وعسر الوبال وان من علم انه راجع الى الله فمجازيه على الجلي والخفي وان الله لا يظلمه مثقال ذرة اوجب له الرغبة والرهبة في قلبه وبدون حلول العلم في ذلك بالقلب لا يمكن ان تؤثر في القلب موعظة.

الدكتور عبدالرحمن الجيران
Dr.aljeran_wk@yahoo.com
أخبار ذات صلة dot4line
التعليقات الأخيرة
dot4line
 

!function(d, s, id) { var js, fjs = d.getElementsByTagName(s)[0], p = /^http:/.test(d.location) ? 'http' : 'https'; if (!d.getElementById(id)) { js = d.createElement(s); js.id = id; js.src = p + "://platform.twitter.com/widgets.js"; fjs.parentNode.insertBefore(js, fjs); } } (document, "script", "twitter-wjs");
744.9989
 
 
 
إعلن معنا
موقع الوطن الإلكترونية – حقوق الطبع والنشر محفوظة
 
Top