مقالات  
نسخ الرابط
 
   
   
 
  A A A A A
X
dot4line

أحوال الكويت.. وصمت الوطن

عبدالله بشارة
2014/05/04   09:09 م

شكرا لتصويت

التقيم التقيم الحالي 5/0
writer image



أنا من المقتنعين بأن حرية القول في الصحافة وفي الندوات وفي كل مسرح من مسارح الحياة تشكل المؤشر الحقيقي على جدية المجتمع في كشف المستور من الفساد في الحكم وخارجه، في المؤسسات وفي سلوكيات الناس.
ومع تقبل ضرورات الامتثال لقرار النائب العام، يظل اسكات صحيفة «الوطن» لمدة أسبوعين خطوة لا تضيف الى وهج الكويت أو الى تحضرها، انما تنتقص منه وتأخذ من السمعة المرتفعة التي نالتها الكويت كحاصل من سياسة الانفتاح وربما يؤدي اغلاق «الوطن» الى التساؤلات عن الجدية في اقتلاع الفساد..
ولا جدوى من الجدل في استعراض المنافع التي تفيد الكويت، بكل مؤسساتها، رسميا وشعبيا من تجذير الممارسة المفتوحة في حرية القول، وتأمينها لوسائل الاعلام، اعترافا باسهاماتها في تعرية الفساد وسحب الستار الذي يغطي الفساد عن مواقعه وملاحقة أبطاله.
ظلت الأنظمة العربية التي كانت ثورية وراديكالية والتي أشغلت الناس بشعارات الأمن الاجتماعي والعدالة والازدهار في انتشار القيم الانسانية المعروفة، تتحدث كثيرا عن حماية الناس من الفساد، ولم تنجح في أي شيء مما كانت تردده، وانتهت بالهزائم التي أدت الى نهايتها.
كانت مصر نموذجا لحكم الأحلام الصارخة لكنها أيضا نموذج لقتل الأقلام الحرة، وكان الرئيس عبدالناصر أنظف الزعماء عبر تاريخها، لكنه ترأس أفسد نظام في حياتها، ففيه كتمت الأنفاس وحبست الأصوات القادرة على تعرية العاجزين في الحكم، وتحول المجتمع الى مصفقين وغنائيين ومنافقين للنظام الذي استند على المخابرات والوشايات والفضائح من صناعة استبداد المخابرات الى حد الذي وضعت فيه آليات تنصت في غرف نوم السادات عندما تولى الحكم.
هل معقول ان يدير مصر ثلاثي - سامي شرف وشعراوي جمعة والفريق فوزي - مع موالين من المعارضين بأسلوب مستبد وكاتم حتى جاءت الهزيمة القاسية وسقط النظام معها.
لا تنمية بشرية دون حرية اعلام، ولا ديموقراطية بدون أمن تعيش فيه الصحافة التي يطلق عليها «السلطة الرابعة» وما كانت أنظمة الانكسار في العالم العربي في العراق ومصر وسورية وليبيا وقريبا في السودان الا أمثلة صاخبة لاضرار الجهل بالحقائق..
نعود الى جريدة «الوطن» التي غابت خلال فترة ساخنة في حياة الكويت، لاسيما بعد اخفاق الاستجواب الذي تقدم به بعض النواب ضد رئيس الوزراء، وأدى الى اندفاع بعض الأعضاء الى اعلان الاستقالات من المجلس.
من يستقيل ومن يبقى شأن خاص بالاعضاء، لن تتأثر الكويت باستقالة البعض ولن يتحقق الانجاز الباهر ببقاء من أراد الاستقالة، فالحركة السياسية الانجازية في الكويت معروفة في مداها ومعروفة في سرعتها، لا أتوقع مفاجآت في تبديل المسار الذي اعتادت عليه الكويت.
ومهما قيل عن خطورة اغراء آخرين من النواب وتشجيعهم للاستقالة فلن تتأثر الكويت، فهناك آليات محددة وفق الدستور، يخرج قوم ويأتي قوم آخر، هذه القاعدة التي تستند عليها حياة الكويت السياسية لا تبديل في النهج ولا تغيير في الأشخاص.
النواب وفق الدستور شركاء في القرار وفي الحكم وهم مثل الوزراء يتحملون أعباء الفشل والاخفاق، وعليهم القيام بدور المشاركة وليس المواجهة، والتقصير في الأداء الحكومي ليس بسبب ضعف رئيس الوزراء، أو الوزراء الآخرين فقط، وانما بسبب عجز النواب أيضا عن الارتفاع بمسؤولية الأداء بالحوارات والتواصل والاصرار على حق المشاركة..
لماذا لا يذهب من يريد استجواب رئيس الوزراء الى مكتبه ويسأله عن مسببات الاخفاق ويبدي الحرص على المساهمة في الانتشال من احتمالات الفشل؟.
تمت صياغة الدستور بروح المشاركة وفتح الأبواب والتعاون في البقاء والسعي للتقارب الفكري ونجحت التجربة في السنوات الأولى، لكن الجيل الحالي يقرأ الدستور وفق قاعدة المحاسبة والمواجهة وليس المشاركة والتعاون.
المجلس ليس مجلسا استشاريا وليس مجلسا محاسبيا، وانما شريك وناصح وضاغط للاصلاح، واللجوء الى آلية الاستجواب التي أرادها المؤسسون هي عبارة عن تطبيق لآليات الضغط التي يملكها النواب، ليست حملة تشنيع أومبارزات في جمل من النوع السوقي، وانما هي لضرورات نادرة عندما تغلق الأبواب.
ما العمل الآن بعد ان خسر نواب المساءلة؟
لا بد ان يستخلص سمو رئيس الوزراء الشيخ جابر المبارك أبرز الحقائق من هذه التجربة:
أولا – ان سمو رئيس الوزراء يملك شبكة برلمانية آمنة تتيح له ان يعتمد عليها في تمرير القوانين والخطط التي يسعى الى طرحها وأن هذه الشبكة جاءت من مشاعر وتفهم النواب بأنهم شركاء في المهمة الوطنية في تحقيق انجازات واخراج الكويت من الجمود الذي سيطر على الآداء الرسمي الحكومي والبرلماني.
ثانيا – على سمو رئيس الوزراء ان يدرك بأن الشبكة الآمنة تولدت من وطنية النواب في فسح المجال للحكومة في فضاء زمني مريح وأن صبر النواب مهما كان حماسهم لمبدأ الانتظار، سينفد ما لم يقرأ رئيس الوزراء الواقع الحالي المريح ويستفيد منه في تحريك العجلة.
ثالثا – بعد اخفاق الاستجواب، ترتفع مسؤولية رئيس الوزراء في الوصول الى انجازات وتمرير قوانين يحتاج اليها المجتمع وعليه ان يثمن الموقف الوطني الذي أظهره النواب في تقديرهم لقيادته وفي توقعاتهم من هذه القيادة، ويتحرك بهذا الشعور الذي لا يخيب أملهم.
رابعا – سيرى رئيس الوزراء، كحصيلة لاخفاقات الاستجواب، بأن الحياة السياسية الاجتماعية في الكويت، ليست صافية وأن هناك قوى تعمل لتضييق المساحة التي يقف عليها وتدفع نحو المزيد من الانقسامات داخل المجتمع مع السعي لاتساع حجم المعارضة التي تراقب وتتصيد للتشهير وتستقبل العناصر البرلمانية التي لا ترتاح الى تجديد الثقة برئيس الوزراء ولا تقبل المزيد من فسحة الأمل المستقبلي.
خامسا – هناك فرصة الآن للعناصر الشابة الواعدة للنزول الى الساحة السياسية في الاستفادة من باب الفرص النادرة التي سيتركها نواب الاستقالة، للدخول في ترشيحات ربما تأتي بظاهرة التجديد الحقيقي الذي تريده الكويت في انتخابات لا تعتمد على التوافق المذهبي، ولا على المعاضدة القبلية، وانما على مؤهلات واعدة وكفاءات واثقة بقدرتها في العطاء...
وهنا يأتي دور الاعلام المتجدد والتجمعات الوطنية الباحثة عن القدرة والندرة، والمنظمات التي تستقطب شباب اليوم الباحث عن دور مستقبلي..
سادسا – لعل رئيس الوزراء ان يلتقط المناسبة السياسية في تحفيز الوزراء والأجهزة لتقديم مقترحات وخطط تريح المجتمع ومن ضمن عناصر هذا المجتمع النواب الذين دافعوا عنه وانتصروا له وجددوا الثقة فيه، وأن يوظف هذه الشبكة الآمنة بذكاء وجرأة تفيد الوطن..
سابعا – سار رئيس المجلس في المداولات الأخيرة بأسلوب ناجح ولم يتعثر من مطبات مفاجئة، ومارس مسؤوليته كشريك حريص على الانجاز يعمل على خلق أجواء التفاهم والتعاون مع سيادة الوئام اعتمادا على اليقين بأن تطور الكويت يأتي من الشراكة الحكومية – البرلمانية، ملتزما بسياسة الفريق الواحد الذي ثمن دوره في معرفته بحقائق كرة القدم..

عبدالله بشارة
أخبار ذات صلة dot4line
التعليقات الأخيرة
dot4line
 

!function(d, s, id) { var js, fjs = d.getElementsByTagName(s)[0], p = /^http:/.test(d.location) ? 'http' : 'https'; if (!d.getElementById(id)) { js = d.createElement(s); js.id = id; js.src = p + "://platform.twitter.com/widgets.js"; fjs.parentNode.insertBefore(js, fjs); } } (document, "script", "twitter-wjs");
270.992
 
 
 
إعلن معنا
موقع الوطن الإلكترونية – حقوق الطبع والنشر محفوظة
 
Top