مقالات  
نسخ الرابط
 
   
   
 
  A A A A A
X
dot4line

طوفة عروق

الاتفاقية الأمنية.. ودروس الماضي التي لم نتعلمها!!

منى العياف
2014/02/10   09:46 م

شكرا لتصويت

التقيم التقيم الحالي 0/5
writer image



هل نستطيع هذه المرة أن نتعلم من اخطائنا؟ لطالما وقعنا في الاخطاء ومنها ما كان قاتلاً ولايزال ماثلاً لأذهاننا.. جريمة الغزو العراقي للكويت.. لقد أهملنا الأمن وتعاملنا معه بنية صادقة.. فوقعت الكارثة.. ورغم هذا فلم نتعلم من أخطائنا فقبل «الغزو» سارعت السعودية والأردن وإيران (وجميعهم كانوا مهددين – أو اقتتلوا - مع صدام كايران) الى تحديد حدودهم مع العراق.. إلا الكويت لم تفعل ذلك.. لذا فوجئنا بالاجتياح على غفلة منا ومنذ ذلك الوقت ولدينا مشكلة حقيقيه تتعلق بحدودنا معهم وبأمننا الداخلي!!.
لا يستطيع شعب في الدنيا ان يعيش من دون الأمن.. فهو العنصر الاول والرئيسي الذي على كاهله تحلم الشعوب بالوقوف على قدميها وامتلاك زمام المستقبل.. فغياب الأمن يعني الفوضى والخراب.. لكن ماذا عن باقي عناصر المنظومة.. ذلك ان أمن أي وطن لا يمكن أن يكون هكذا في الفراغ.. بالعكس!.
٭٭٭
ولكن أي أمن هذا الذي نتحدث عنه؟ أهو أمننا فقط كدولة الكويت أم كدوله ضمن دول مجلس التعاون الخليجي.. وفي محيط امتنا العربية أو الدولية؟
ثمة أسئلة عديدة ومشروعة لابد من طرحها ونحن بصدد الحديث عن الاتفاقية الأمنية الخليجية التي نلمح الآن ضغوطا علينا لتوقيعها، ولعل مناسبة عرض الموضوع على مجلس الامة بصرف النظر عن اتفاقنا أو اختلافنا السياسي معهم لأن الموضوع «وطني بحت» تتيح لنا مناقشة الاتفاقية وتفنيدها لنعرف ماهي جوانبها الايجابية وماهي جوانبها السلبية وفضلا عن ذلك لنعرف هل هذه الاتفاقية التي وقعتها دول التعاون الخليجي في 1994/11/28، ولم توقعها الكويت - التي كانت تعاني آثار الاحتلال الغاشم وجروحه لم تندمل بعد - هي اساساً كانت تلبي الاحتياجات المطلوبة منها ام انها كانت اتفاقية «ورقية بروتوكولية» مثل إعلان دمشق وحتى اتفاقية الدفاع العربي المشترك.
٭٭٭
لنبدأ بالتساؤلات التي أراها مشروعة تماما في ظل الخلاف الدائر حول الاتفاقية الأمنية الجديدة التي ستحل مكان اتفاقية عام 94، وعلي رأسها: لماذا الإصرار في هذا التوقيت على توقيعنا على هذه الاتفاقية؟.
بداية فإننا لو انصفنا فسنرى جوانب ايجابية في هذه الاتفاقية فيما لو طبقت في الظروف الحالية، خاصة فيما يتعلق بالتعاون في مجالات مكافحة الإرهاب والتطرف، وكلنا يرى ما يجري في العالم من تفجير ودمار واقتتال بسبب التطرف، فالمادة (1) تنص على ان تتعاون الدول الأطراف في اطار هذه الاتفاقية وفقاً للتشريعات الوطنية والتزاماتها الدولية، وهذا بالفعل ما تتلاءم مع قوانينا المتوافقة مع الدستور.. لكن ماذا عن التعاون الأمني في المجال السياسي، والذي يفرض انماطا معينة من التعاون قد يكون فيها انتهاكا لسيادة الدولة او لحقوق المواطنين السياسية؟ فاخشى ما اخشاه ان تتحول ذريعة ملاحقة المتطرفين الى ملاحقة الخصوم السياسيين بداعي وجود «شبهات» أو علاقات تعاون مزعومة، وبمقتضى الاتفاقية يتاح لأي دولة ايجاد ما تراه من ذرائع للنيل من معارضيها.. وهذا الجانب تحديدا مخيف.. فقد عرفت الامم الآن ان السياسة تتبدل والعلاقات تتبدل والنفوس تتبدل ونظم الحكم تتغير وقد يأتي نظام لا تعرفه في دولة ما تكون لديه منطلقات معينة تختلف عن منطلقات الاخرين فيقع المحظور.. فهل توقع الاتفاقيات لتستباح بها سيادات الدول وتنتهك حقوق الافراد؟.
٭٭٭
من يقرأ الاتفاقية يجد بوضوح انه لم يتم تحديد انواع الجرائم المشمولة بالملاحقة، ولم تتحدث عن ضوابط للأقدام على هذه الملاحقة والمطاردة، خاصة انها وبحكم التعاون بين دولة ستكون مطاردة «عابرة للحدود»! ولم يقل لنا احد كيف وبأي أعداد وبأي اسلحة أو وسائل أو حتى بكم من اعداد المركبات المخصصة للملاحقة البرية سيتم الأمر.. وهل تقتصر الملاحقة على «المتهمين» ما يعني انه سيتم ملاحقة أناس قد يكونون أبرياء او انهم إذا أحيلوا الى القضاء لن يثبت بحقهم اي اتهام فما الموقف من هذا كله؟!.
٭٭٭
هناك ايضا فقرة في المادة (6) من الاتفاقية تنص على «تبادل المعلومات والخبرات التي من شأنها الاسهام في تطوير سبل.. الخ».. وصولا الى الفقرة التي تحدد اطار هذا التعاون «ولاسيما الجريمة المنظمة عبر الوطنية المستجدة»؟! فما معنى هذا الكلام؟ ما هو المقصود بالوطنية المستجدة هل هي الوطنية الزائفة في رأي من وضعوا هذه الاتفاقية؟ أم انهم يقصدون بمدعي الوطنية الجديدة معارضيهم الذين يتهمونهم بمحاولة زعزعة استقرار الوطن بارائهم السياسية المعارضة!.
تقديري ان هذا البند يحتوي مضاميناً خطيرة وكان واجبا صياغته صياغة محكمه تمنع اساءة استغلاله.. ذلك ان فيه مساسا فادحا بالسيادة أولا.. اذ يتيح للدول ادخال قوات الى اراضي دول اخرى بذريعة هذه المطاردة؟ فهل هناك شبيه لمثل هذا النص في اي اتفاقية دولية؟ هل تقبل دولة مثل مصر او فرنسا ان تلتزم ببنود معاهدة كتلك؟!.
٭٭٭
هناك أيضا المادة (4) التي تتحدث عن ضرورة توفير البيانات الشخصية عند الطلب وهو بند أمني عال، فكيف لدولة أن تقدم بيانات شخصية عن مواطنيها لدولة أخرى تشتبه فيهم؟ هذا نص غريب وعجيب ولا نعرف الى ماذا استند واضعوا الاتفاقية ليضمنوه فيها؟!.
كذلك المادة (3) التي تنص على أن تعمل كل دولة على اتخاذ الاجراءات القانونية فيما يعد جريمة وفقا للتشريعات النافذة لديها عند تدخل مواطنيها او المقيمين على ارضها في شؤونها الداخلية.. فما المقصود بذلك ومن الذي يحدده ومن الذي يضمن عدم حدوث انتقائية في التطبيق بما يتجاوز هذا الى ملاحقة رموز سياسية؟ هل ننسف كل حقوق المواطن وحرياته المصونة بنص الدستور الذي سيكون هنا ادنى درجة من هذه الاتفاقية؟.
٭٭٭
هل هذا ممكن؟ هل هذا معقول؟ هل عندما يوضع نص فضفاض بدون تحديد كما ورد في نص المادتين (6) و(10) الخاص بـ «مواجهة الاضطرابات الأمنية».. لم يقل لنا احد ماهي أنواع ودرجات هذه الاضطرابات وهل هي محدودة أم مستمرة سلمية أم عنفية؟! ومن الذي يحدد نوعية المواجهات وهل تكون بالغازات المسيلة للدموع ام بالرصاص (لغة الاضطرابات السياسية في هذه الايام)؟!.
هذا عن الجوانب التي نعلمها عن الاتفاقية فما بالنا وهناك حتما بنود سرية غير مفهومة تماماً في هذه الاتفاقية.. ماذا عنها وعن مدى ضبابيتها وإمكانية الاختلاف – ولا نقول اساءة – تفسيرها؟ كل هذه أسئلة مشروعة وواجبة الطرح على أعضاء مجلس الامة وهم بصدد مناقشة هذه الاتفاقية وعليهم ان يستفيضوا في النقاش حولها ويستعينوا بكل ما لزم من الخبراء والمتخصصين في الدستور والعلاقات الدولية والشؤون الأمنية قبل التورط في توقيع هذه الاتفاقية بعد ان اصبح امامنا درس واضح يقول ان العالم لا يسير على وتيرة واحدة وان كل الأمور تتغير والعلاقات تتغير وحتى النفوس أيضا تتغير.. فهل «تقرؤون» الدرس هذه المرة وتتعلمون من اخطاء الماضي؟ أرجو ذلك.
.. والعبرة لمن يتعظ!!.

منى العياف
alayyaf63@yahoo.com
twitter@munaalayyaf
أخبار ذات صلة dot4line
التعليقات الأخيرة
dot4line
 

!function(d, s, id) { var js, fjs = d.getElementsByTagName(s)[0], p = /^http:/.test(d.location) ? 'http' : 'https'; if (!d.getElementById(id)) { js = d.createElement(s); js.id = id; js.src = p + "://platform.twitter.com/widgets.js"; fjs.parentNode.insertBefore(js, fjs); } } (document, "script", "twitter-wjs");
270.0116
 
 
 
إعلن معنا
موقع الوطن الإلكترونية – حقوق الطبع والنشر محفوظة
 
Top