مقالات  
نسخ الرابط
 
   
   
 
  A A A A A
X
dot4line

دور الموروث.. في لقاء العراق

عبدالله بشارة
2012/01/22   11:58 م

شكرا لتصويت

التقيم التقيم الحالي 5/0
writer image



منذ أكثر من عقدين تقريباً لم يحدث لقاء كويتي – عراقي واسع ضم أكثر من ثلاثين شخصا من البلدين، كما سجله الاسبوع الماضي في الملتقى الاعلامي الذي قام بالاشراف عليه مهندس اللقاءات الاعلامية ماضي الخميس، واحتضن مجموعة كبيرة من الاعلاميين العراقيين، من كتاب وأدباء وشعراء ومقدمي برامج تلفزيونية، كلهم جاءوا الى الكويت بعد ان اجتهد المتطوعون وتحت اشراف ماضي الخميس لتجاوز العقبات الأمنية والبيروقراطية وموروث الغزو، نجح هؤلاء المشرفون في دعوة مجموعة من الكويتيين، من الاعلامين ومن البارزين في الشأن الاعلامي والسياسي في الكويت.
خلال يومين استمعت الى الكثير من الشكوى والهموم بسبب المخلفات التي افرزها الغزو، وهي شاملة فيها غضب وحساسيات وخوف ومشاعر سخط وانحسار الثقة من الكويتيين وفيها عتاب واستغراب ووجوم ورغبة في بدء الفصل جديد من الجانب العراقي.
استمعت الى الجانب العراقي وكان يتحدث بصوت واحد عن معارضة تحميل شعب العراق مسؤولية الغزو الذي يريد الجانب العراقي حصرها في صدام وزبانيته من كبار البعثيين، وبصوت واحد ايضا عن استغراب عراقي من المقاطعة والجفاء، وتحقيقات أمنية وعقبات بيروقراطية وشكوك في النوايا وخوف من المخفي والمجهول.
ويشكو الجانب العراقي من التجاهل والمقاطعات، فلا وجود للعراقيين في المهرجانات ولا دعوات تذهب اليهم في الاحتفالات ولا مساهمة في المعارض في المناسبات الثقافية، ويذهب في العتاب الى الشكوى من منع كل الفنون العراقية ومظاهر الثقافة في وسائل الاعلام الكويتية.
وقد لاحظت من لائحة الهموم والعتاب، عمق الشكوى العراقية من مثيري الكراهية ومحترفي التحريض في الاعلام والخوف من إسقاطاتها على الرأي العام في العراق.
لكن أكثر ما أثار اهتمامي كان غياب «الفهم العراقي» لعمق جروح الغزو في الجسم الكويتي وشحنات الغضب داخل ذلك الجسم، وكان الجانب العراقي يتصور بأن تراجيديا الغزو فصل من الماضي طويت صفحاته ومؤثراته، وأن المشهد الكويتي بكل جوانبه عاد الى مكان عليه قبل الغزو.
ولاحظت ايضا بأن الجانب العراقي رغم تباينات خلفياته لم يكن متابعا «للمعلقات» في ملف العلاقات بين البلدين، فلم تتم إثارة خروج العراق من الفصل السابع، ولم يتحدث الاعلاميون القادمون من العراق عن المطلوب من بلدهم حتى يخرج من الفصل السابع.
كانت الهموم إعلامية – حياتية من الاجندة الاعتيادية بين بلدين متجاورين، انقطعت صلاتهما بسبب لم يعد موجوداً فلا مبرر لاستمرار الجفاء، والموضوع الوحيد الذي كان يشغل البال العراقي هو ميناء مبارك الكبير وتأثيره على المررات المائية.
هموم الكويتيين مع العراق معروفة، ولم يتردد من حضر اللقاء في كشفها وتوضيحها لكي يقف إعلاميو العراق على الحالة الصادقة داخل الكويت بلا رتوش أو زخاريف أو مجاملات، وأتذكر بأن احدنا نقل الى الجانب العراقي استغراب ابنه من غياب العراقيين من لائحة اصدقائه في المدرسة وأنه لم يلتق بعراقي منذ ولادته، هذه حالة ليست محصورة في صديقنا الكويتي وانما لها مثيلات كثيرة داخل المجتمع الكويتي.
ومع ذلك فقد اتفق جميع الحاضرين حول حتمية العلاقات بين البلدين وان شوائب الماضي قد بدأت في الانحسار، مع ضرورة قيام الاعلام في البلدين بتشييد جسور الثقة وآليات بنائها، وملاحقة الاعلام المستفز وتحجيم الخلافات، وأهم شيء الاتفاق على آلية تتمثل في مجلس يضم اعلاميين بين البلدين، يشرف على ترتيبات التواصل ودورية اللقاءات ويراقب ما يدور في حقول الاعلام والسياسة لكي يخنق التحريضات ويزيل سموم الجهل السياسي والاعلامي.
ظهر اهتمام المسؤولين في حكومة الكويت بذلك الحدث الاعلامي المفيد بحضور كل من الشيخ صباح الخالد المبارك الصباح نائب رئيس الوزراء ووزير الخارجية، والشيخ حمد بن جابر العلي الصباح وزير الاعلام ومشاركتهما في الاجتماع دعماً من الكويت للقاء وحرصاً على نحاجه وتأميناً لاستمراره.
وتحدث الشيخ صباح الخالد عن الاتصالات التي تدور بين البلدين لتعميق التطبيع بينهما، متطرقا الى الجهود لايجاد الحلول «لملف المعلقات» لكي يخرج العراق من الفصل السابع.
وللاهمية اوجز بعضها وابرزها قرار الكويت في استثمار اموال التعويضات داخل العراق لكي تعود الى الشعب العراقي في شكل منشآت ومشاريع تحتاجها العراق، مع تهيئة المناخ لانجاح زيارة رئيس وزراء العراق السيد المالكي الى الكويت لانهاء الملف لاسيما ما تبقى في صيانة علامات الحدود وصرف مستحقات المزارعين، وتأكيد قرارات مجلس الامن.
كان الشيخ صباح الخالد صريحا في رده عن مخاوف العراق من ميناء مبارك، الذي يستفيد منه العراق والكويت ولن يلبي احتياجات المستقبل مع دعم الكويت لبناء ميناء الفاو العراقي فالتصور بأن المنطقة ستشهد نشاطا تجاريا ضخما يغطي المنطقة كلها.
ويتحدث الشيخ حمد جابر العلي الصباح وزير الاعلام بالحميمية الصادقة التي يتميز بها، وبقلب مفتوح لمشاركة الاعلام العراقي في المهرجانات الكويتية ويدعوهم بترحيب ودي وآسر، الى الحضور لاحتفال التحرير في فبراير القادم، ويصدر تعليماته باعادة البرامج العراقية الى برامج تلفزيون الكويت، وبروح التآخي التي تتسيد كلماته يدعو الاعلاميين العراقيين بالاسهام في اعادة اللحمة بين البلدين.
واعتقد ان زوار الكويت من اعلاميي العراق وجدوا صديقا نادرا في اريحية الشيخ حمد وزير الاعلام الكويتي.
وأراد الجانب العراقي تأكيد نجاح اللقاء فحضر رئيس هيئة الاستثمار العراقي السيد سامي الاعرجي وشارك في الاجتماع شارحا ابواب الاستثمارات المفتوحة للكويتيين وحاجة العراق لخبراتهم ويدعم دور الاعلام في تشجيع الترابط التجاري والاقتصادي.
الحضور المؤثر للوزراء من الطرفين، ومشاركة سفيري البلدين خلق اجواء المودة التي تمت ترجمتها بصورة تاريخية للحاضرين مع الوزراء.
ولي ثلاث ملاحظات، اتمناها على الاعلام العراقي:
اولا: تأكيد الايمان بالديموقراطية العراقية القائمة على المواطنة وهي السبيل الوحيد لمستقبل العراق مع مراعاة الفيدرالية التي ستوفر الاطمئنان لكل اطياف المجتمع العراقي، لم يكن موضوع النظام الانفتاحي الانساني العراقي حاضرا في المداخلات وكانت هموم المهنة اكثر تعبيرا في مداولات المؤتمر.
ثانيا: دور الاعلام العراقي في كشف مزوري التاريخ الذين لا يستحون في ابتكار احداث لم تقع، وشطب الوقائع الحقيقية من مؤلفاتهم من اجل تأكيد نهج تبعية الكويت للاقليم العراقي، فلازال البعض مستمرا في صياغة الكذب للترويج لاطروحات وهمية يتكسب منها في فنون تسويق الخرافات.
ثالثا: واضحا انشغال الاعلام العراقي بهموم العراق الداخلية من صراعات الطوائف وتوترات السياسيين وبين احزاب ومذاهب تتطاحن وتتصارع لتكريس المنافع وتأمين السيطرة، واعتقد بأن امام الاعلام العراقي تحديات داخلية يعتبرها اولويات تشغله عن الملفات التي نراها محط اهتمامنا.
سؤالنا مدى مساهمة هذا اللقاء في ترويض الغضب الموروث من حادثة الغزو، هل يسهم في تخفيض الشكوك وانعدام الثقة؟
وفي محفظة السيد ماضي الخميس برنامج عمل مستقبلي يضمن الدورية لعل في ذلك العلاج للموروث الغليظ.


عبدالله بشارة
رئيس المركز الدبلوماسي للدراسات
أخبار ذات صلة dot4line
التعليقات الأخيرة
dot4line
 

!function(d, s, id) { var js, fjs = d.getElementsByTagName(s)[0], p = /^http:/.test(d.location) ? 'http' : 'https'; if (!d.getElementById(id)) { js = d.createElement(s); js.id = id; js.src = p + "://platform.twitter.com/widgets.js"; fjs.parentNode.insertBefore(js, fjs); } } (document, "script", "twitter-wjs");
1937.0035
 
 
 
إعلن معنا
موقع الوطن الإلكترونية – حقوق الطبع والنشر محفوظة
 
Top