

	الثلاثاء 14/04/1447 هـ الموافق 07/10/2025 م الساعة 09:17 توقيت الصلاة الفجر 4:26

مقالات

A A A A A

من على الفنة

كل ما فيه حسن..

سعاد أحمد غانم الدبوس

2012/01/05

11:21 م

شكرا لتصويت

التقيم

التقيم الحالي 0/5

العمل الجماعي يُعوّد الإنسان على الانتصار والتحرر من الأنانية

أعلن إسلامه حينما شاهد صلاة الجماعة تقام في حديقة عامة دُهش من سرعة اصطفافهم وترتيب صفوفهم على الرغم من انهم من بلدان وأجناس مختلفة ولم يلتقوا ببعض من قبل، ولكن بمجرد سماعهم لأذان الصلاة اصطفوا، فأُعجب بهذا المشهد... فقد كان قائدا ذا رتبة عالية في الجيش يقول: نحن نقضي سنوات لنعلم الجنود الانضباط والاصطفاف وهؤلاء الناس بهذه السرعة اصطفوا! فأعلن دخوله لهذا الدين العظيم.... ما أجمل ديننا وما أحلى صلاة الجماعة انها اعلان عام للمسلمين ان العمل الجماعي خلف قائد يضاعف الأجر في الصلاة سبع وعشرين درجة لبركته وهذا في عبادة شرعية في جزء من الحياة فكيف في عبادة أشمل وهي السعي لإعمار الأرض والخلافة.. كانت الصلاة جماعة ملهمة للامام حسن البنا عليه رحمة الله حينما كانت مصر تعاني من الاستعمار الانجليزي وكان القهر والفساد يقهر الغيورين على وطنهم ودينهم فألهمه ربه أثناء صلاته ان المطلوب هو انشاء جماعة لها قائد بشكل منظم حتى تتضافر الجهود وتتحد لنصرة الخير والحق... فكانت تلك الجماعة المباركة جماعة الأخوان المسلمين...
ان الترتيب والتنظيم من سمات العمل الناجح واني كثيرا أعجب لهذا الحدث في السيرة حينما كان الرسول صلى الله عليه وسلم ينظم الصفوف في معركة بدر الكبرى فوجد شخصا قد خرج عن الصف فنبهه ليعتدل! يا الهي ما هذه الدقة وما هذا الاهتمام بتنظيم الصفوف؟! نعم انه التنظيم ودقة الترتيب يتجلى في صفوف الصلاة وفي صفوف القتال، وكذلك في أعمال الحياة التي تتطلب مجاهدة وصبر، في غزوة أحد في بداية المعركة حينما كان الرماة على جبل أحد ملتزمين بأمر القائد وبأمر الجماعة بعدم النزول من الجبل كانت المعركة في صالح المؤمنين حتى فر المشركون، وبمجرد مخالفة الرماة لأمر الرسول صلى الله عليه وسلم انهار هذا الفوز الى سبعين شهيدا من المسلمين وأشيع كذبا مقتل الرسول صلى الله عليه وسلم، وعمت الفوضى والارتباك، فمن الصحابة من رجع الى المدينة ومنهم من صعد جبل أحد ومنهم من كان قريبا حول الرسول صلى الله عليه وسلم فكانت هذه المخالفة للرسول صلى الله عليه وسلم وعدم الالتزام سببا للارتباك الى ان أعاد المسلمون سريعا ترتيب صفوفهم وانتهت المعركة.
اذن التنظيم والالتزام من أسباب النجاح والتميز، ولا يختلف أحد ان جماعة الأخوان المسلمين هي من أكثر الجماعات ترتيبا وتنظيماً وبارك الله في هذه الجماعة حتى امتدت في الآفاق زمانا ومكانا، وكان من بركاتها وصول امتدادها الى الكويت من سبعين سنه فساهم أبناء هذه الجماعة في بناء الكويت وتخريج رموز مباركين متميزين كل في مجاله في العمل الخيري، العمل التربوي، العمل السياسي والاداري فأصبح كثير من أبناء هذه الجماعة في الكويت هم الرواد وكثير منهم ممن تربى في محاضن هذه الجماعة هم المتميزون وبودي ان أذكر بعض هذه الأسماء: عبدالله العلي المطوع، جاسم مهلهل الياسين، خالد المذكور، عجيل النشمي، احمد القطان، طارق السويدان، عبدالرحمن السميط، محمد العوضي، ابراهيم الخليفي، محمد الثويني، عبدالله النفيسي، بشير الرشيدي، حمود القشعان...ائتوني بجماعة خرَّجت متميزين بهذا النوع وبهذا الكم خدم الكويت؟!
أيام احتلال كويتنا الحبيبة تجلت أهمية العمل الجماعي خارج الكويت وداخلها فقد استطاعت الجماعة بسرعة فائقة ربط جميع مناطق الكويت وتكوينها بخلايا منظمة متكاتفة وان سألتني من هو شيخ المرابطين في لجان التكافل لأجبتك هو الشيخ جاسم مهلهل الياسين، وأما خارج الكويت فكان لجماعة الاخوان دور عظيم في تحقيق تجمع المؤتمر الشعبي في جدة والا ما السر ان يلقي كلمة المؤتمر الدكتور ناصر الصانع.
في عام 1992 قامت الجماعة بتأسيس الحركة الدستورية وهي تعتني بالجانب السياسي، نضج هذه الجماعة المبكر جعلها تدرك أهمية وجود التخصص لضرورة المرحلة ولمتطلبات هذا الزمن، فبعد أكثر من عشرين سنة استوعب الآن البعض بضرورة وجود هذه التخصصات وأصبحت هناك أصوات تطالب به لأهمية وجود التعددية السياسية بينما أدركت الحركة هذا الأمر مبكرا جدا لأنها صاحبة حدس وهذه سنة الله عز وجل ان من يكن له رؤية بعيده واستشراف للمستقبل يكن دائما محل نقد واساءة فالآخرون لا يرون ما يراه صاحب هذه الرؤية فيعادوه، ولا يقبل بفكرته الا الجيل الذي يليه...
خطاب ربنا جل وعلا لنا في القرآن لا تجده الا بصيغة الجماعة {يا أيها الذين آمنوا} ولا توجد آية أبداً يا أيها الذي آمن!! لأن الجماعة هي سر التفوق والتميز وحينما عبر الرسول صلى الله عليه وسلم عن المجتمع الاسلامي فعبر عنه بالجسد الواحد وبالبنيان يشد بعضه بعضا فكيف يُتصور بنيان بلبنة واحدة أو يُتصور جسد بعضو واحد، وحينما أراد المولى ان يضرب مثلا للجمال في العمل الجماعي ضربه بالنمل والنحل وعبر عن تجمع النحل الملكي المهيب بقوله {وَأَوْحَى رَبُّكَ الَى النَّحْلِ ان اتَّخِذِي مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتًا وَمِنَ الشَّجَرِ وَمِمَّا يَعْرِشُونَ} بينما حينما أراد المولى عز وجل ان يضرب مثلا للذم وللتشبيه القبيح ضربه بالكلب والحمار فتأمل!!
العمل الجماعي يروض الانسان على الانتصار والتحرر من نفسه حينما يقدم المصلحة والنقاط المشتركة على مصالحه وأمانيه وقد مدح رسولنا صلى الله عليه وسلم هذا الخلق العظيم بقوله «طوبى لعبد آخذ بعنان فرسه في سبيل الله، أشعث رأسه، مغبرة قدماه، ان كان في الحراسة كان في الحراسة، وان كان في الساقة كان في الساقة» صحيح البخاري، وما أحوجنا لهذا الخلق في ظل أهمية وجود التعددية وتنوع الأفكار مع الثبات بلا شك على الأصول والثوابت ولكن لا يخلو مجتمع من التلون والتعدد، وهذا ما قام به رسولنا صلى الله عليه وسلم عند قدومه للمدينة بعد مؤاخاة المهاجرين والأنصار وبناء المسجد هو صياغة وثيقة المواطنة...
لا أدعي أبدا ان العمل الجماعي عمل ملائكي خال من الأخطاء فهذا مستحيل لكنه بمجمله ايجابياته تطغى على سلبياته...
يعلمنا العمل الجماعي حقيقة حب الوطن والانتماء فالصرح الجميل دوما يحتاج ويحنّ للأرضية التي استقر ونشأ عليها وانطلق منها... ولا شك ان صرحا انطلق بهوية اسلامية وبرؤية كويتية وطنية وبممارسة شورية ديموقراطية هو بلا شك صرح كل ما فيه حسن...

سعاد احمد غانم الدبوس

أخبار ذات صلة dot4line

التعليقات الأخيرة

All Comments

أكثر المواضيع مشاهدة

مقالات ذات صلة بالكاتب

Tweets by WatanNews !function(d, s, id) { var js, fjs = d.getElementsByTagName(s)[0], p = /^http:/.test(d.location) ? 'http' : 'https'; if (!d.getElementById(id)) { js = d.createElement(s); js.id = id; js.src = p + "://platform.twitter.com/widgets.js"; fjs.parentNode.insertBefore(js, fjs); } } (document, "script", "twitter-wjs");

342.0094


موقع الوطن الإلكترونية – حقوق الطبع والنشر محفوظة