مقالات  
نسخ الرابط
 
   
   
 
  A A A A A
X
dot4line

د. فوزي سلمان الخواري: قصتي مع اللواء/ القبندي رحمه الله

د. فوزي سلمان الخواري
2024/12/10   09:02 م

شكرا لتصويت

التقيم التقيم الحالي 5/0
writer image



قبل أيام، انتقل إلى رحمه الله اللواء متقاعد/ محمد أحمد عبدالرحمن القبندي -وكيل وزارة الداخلية المساعد الأسبق-، وهو أحد رجال الكويت الأفاضل الذين ساهموا في وضع اللبنات الأولى لوزارة الداخلية، حيث عرف عنه حسن الخلق والعشرة، وإخلاصه في خدمة الكويت وأهلها. لم أتشرف بمعرفته شخصياً، ولكن كان له أثر كبير في تغيير مسار حياتي الدراسية والمهنية.

عندما تخرجت من الثانوية العامة، كان غاية طموحي أن أكون ضابطاً في الشرطة، ومثلي كثيرون من أصدقائي ومن أبناء جيلي، ممن يطمح بأن يلبس الزي العسكري، وتلمع على أكتافه النجمة، وبالفعل قدمت أوراقي لكلية الشرطة. وفي يوم المقابلة، كان رئيس اللجنة اللواء/ محمد القبندي -رحمه الله-، والذي كان آنذاك برتبة عقيد على ما أذكر. وبعد الأسئلة المعتادة عن العائلة وعن سبب الرغبة في الدخول إلى السلك العسكري، ذكر لي بأن لدى وزارة الداخلية الرغبة في ابتعاث طلبة إلى ألمانيا لدراسة الهندسة البحرية، حيث يحصل الخريج بعدها، على رتبة ملازم أول مهندس في خفر السواحل، وطالما بأنني خريج القسم العلمي ونسبتي ممتازة، فإن الشروط تنطبق علي. ولكن ولحداثة سني، ورغبتي بأن أكون في الكويت مع أصدقائي، رفضت العرض، فما كان منه إلا أن قال لي المقولة المشهورة التي يقولها أهل الكويت الحريصين على ابنائها: "أنا حسبت أبوك وأعرف مصلحتك، تصير مهندس أحسن لك..."، فحاولت مقاطعته، ولكن قال للضابط الذي أمامه: "سجله في خفر السواحل... وأنت (يقصدني) اطلع بره".
خرجت متضايقا مما حدث، ولم أبلغ أحداً، لعل يكون القبول على ما أرغب، ولكن المفاجأة أتت بأن يكون أسمي أول المقبولين في بعثة الهندسة البحرية في ألمانيا. لم اقبل ذلك، ولم يكن لدي أي وسيلة لأغير نتيجة لجنة القبول. فالتحقت بجامعة الكويت على مضض، آملاً بأن أقدم أوراقي في السنة المقبلة إلى كلية الشرطة مجددا. وقد مرت علي تلك السنة ثقيلةً، فلم أكن مواظباً على الدراسة، لعدم رغبتي في ذلك، مما نتج عنه حصولي على(F) في جميع المواد.

وبعد سنة قضيتها في الجامعة، وقلبي مازال معلقا بنجمة الضابط وهي تلمع على أكتافي، تقدمت مرة أخرى لكلية الشرطة، وقبل القبول بأيام، تحديدا في بداية أغسطس ۱٩٩۰، حدث الغزو العراقي على الكويت، وتحطمت آمالي وأحلامي. ووجدتني متطوعا في مستشفى الرازي، ومتطوعا في الهلال الأحمر الكويتي، أقوم بأي عمل أكلف به، دون أن أعبأ للأخطار التي حولي.
وبعد الغزو، تغيرت لدي الكثير من المفاهيم، وشعرت بأنني نضجت في أهمية اختياري للمستقبل، وعرفت أن المستقبل في دراسة التخصصات الطبية، ومدى الحاجة الماسة لتلك التخصصات، بعد أن غادر الكويت الكثير من العاملين في القطاع الطبي، وبرزت أهمية تلك التخصصات بالنسبة لنا كشباب كويتي. وبعد أن عادت الحياة للمؤسسات التعليمية، ووجدتني منساقاً بحماس وطموح إلى أن أكمل دراستي في الجامعة، وأترك حلم نجمة الضابط، خصوصا لم يكن هناك قبول في كلية الشرطة بعد الغزو.
وبعد تلك السنوات، علمت أن قدرة الله تعالى ومشيئته، فوق مشيئتي ومما كنت عازما عليه (وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللهُ رَبُّ العَالَمِينَ)، وأن ما قام به اللواء/ القبندي -رحمه الله- لم يكن إلا بإرادة الله أن يغير توجهي إلى عمل أصلح له أكثر في مساعدة المرضى والطبابة (فكل ميسر لما خلق له)، عن العمل في الشرطة.

أسأل الله أن يرحم الفقيد اللواء/ محمد القبندي بواسع رحمته، ويسكنه فسيح جناته، ويلهم أسرته وذويه الصبر والسلوان وخالص العزاء وصادق المواساة إلى أسرة القبندي الكرام، وجزاه الله عما فعل معي خير الجزاء، فقد كان الأب النصوح الصادق الحريص على مستقبل أفضل لإبنه، فكم أنا ممتناً له.
د. فوزي سلمان الخواري
alkhawari@gmail.com
أخبار ذات صلة dot4line
التعليقات الأخيرة
dot4line
 

!function(d, s, id) { var js, fjs = d.getElementsByTagName(s)[0], p = /^http:/.test(d.location) ? 'http' : 'https'; if (!d.getElementById(id)) { js = d.createElement(s); js.id = id; js.src = p + "://platform.twitter.com/widgets.js"; fjs.parentNode.insertBefore(js, fjs); } } (document, "script", "twitter-wjs");
2041.0195
 
 
 
إعلن معنا
موقع الوطن الإلكترونية – حقوق الطبع والنشر محفوظة
 
Top