|
|

|
|
هبال في خبال...!
|
|
|
|
كان يا ما كان في قديم الزمان ..كما هي كل المجتمعات البدائية عاشت مجموعات من عرب البادية في تلك الصحراء المترامية الأطراف مجتمعين ومتفرقين ولأن الجوع والخوف يجمعهم فقد اجتمعوا بقلوب صافية حول ذلك البئر قليل الملوحة ليشربوا منه ويغتسلوا ويسقوا أغنامهم وإبلهم ولكلٍ منهم حكاية وفي قلبه رواية يفضفض بها عن لوعته وعن كل مايختلج بصدره من خلال بيت شعر نظمه بينه وبين نفسه يُسمعه لمن هم حوله ليتناقلوه بعد أن حفظوه وكما هي العادة في تلك المجتمعات شبه المنظمة كان لهذه المجموعة شيخ اختاروه وعليهم نصبوه ليرشدهم ويأخذ بيدهم ويتولى شؤونهم ويكافئ المحسن منهم ويوجه المخطئ واستمرت الحياة ومضت الأيام تلو الأيام وكل منهم لاه في عمله مشغول بهمومه باحثا عن لقمة عيشه مرتدياً ثياب العزة والكرامة وبعد مضي سنين طويلة تحول هذا المجتمع في ظل القحط والمجاعات وشظف العيش إلى مجتمع طارد لذا ارتحل منهم من ارتحل بحثاً عن الماء والكلأ والعيش الكريم ومكث منهم من مكث راضياً بما قسمه الله له ولأن الغنى والفقر بيد من لا يد فوق يده لذا أرادت مشيئته بإعادة توزيع الأرزاق فتحولت تلك الصحاري القاحلة إلى رياض خضراء بفعل ذلك الذهب الأسود الذي ما إن تراه العين أو تسمع به الأذن إلا وحلم الرحيل يراودها ومن هنا ومن هناك ارتحلت له القوافل الخالية لتعود محملة بكل ما لا عين رأت ولا أذن سمعت. وأصبح قرار الرحيل الفردي والجماعي لا بد منه ليعود الفرع لأصله إلا أن الحياة ورتابتها تغيرت واختلفت معاييرها لتصبح الصحراء محاطة بكل ما يمنع من العبور إليها إلا وفقا لذلك النظام الممغنط ليرتحل إليها من ارتحل وليبقى من بقي ، ليبقى حلم الرحيل يراود من يراود وحلم لم الشمل لا يشمل أولئك الذين يجب أن يشملهم لينقسم المجتمع الواحد إلى مجتمعين مواطن بهوية ومواطن "بدون" هوية لتنقسم الأسرة انقساماً انشطاريا انكشاريا ليردد من يردد "بعير أبوي سبق بعير أبوك" وهكذا سارت وسُيرت الأمور لتبقى حسرة في القلب المكلوم زادت وتعقدت مع مرور السنين ليصبح ذلك الأب جداً ويصبح الحفيد أباً والابن كهلاً ينتظر الأمل في من يمنحه الأمل ويبقى الحال على ماهو عليه وعلى المتضرر عدم اللجوء للقضاء لأن فيه قضاء على أحلامه بلا قضاء ولا رجاء وليبقى القادم من الأيام هبال في خبال. والله من وراء القصد د.فهد الوردان Wardan1457@hotmail.com @fahad1457
|
|
|
|
|
|
|
|