تابع تجمع المسار المستقل باهتمام بالغ مسارات الأحداث الجسيمة التي شهدها القطاع النفطي مؤخراً ، والتي بلغت ذروتها بتصعيد منقطع النظير تمثل في قيام العاملين فيه بإضراب عام وشامل اعتباراً من يوم أمس الأحد الموافق 17 ابريل 2016 ، لا زالت فصوله دائرة وأحداثه جارية ونتائجه المتوقعة وخيمة على جميع أطراف الأزمة الحالية .
لقد وصلت الأزمة الى طريق مسدود بسبب التعنت الشديد من قبل الحكومة ممثلة في وزيرها للنفط "بالوكالة" ! وكذلك القيادات الحالية في مؤسسة البترول الكويتية والتي تسببت بمواقفها المتعنتة في بلوغ الأزمة ذروتها ، مما أدى الى الاضراب واصابة هذا المرفق الحيوي - الذي يعد الشريان الوحيد للدخل في البلاد - بالشلل التام .
لقد كشفت الأحداث الجارية في القطاع النفطي عن عمق أزمة الحكومة وسياساتها الخاطئة التي تفاجىء بها البلاد والعباد منذ توليها مقاليد السلطة ، وذلك في غياب أي دور رقابي أو غير ذلك من جانب مجلس الأمة الذي يفترض فيه انتصاره للحقوق ودفاعه عن مكتسبات المواطنين .
فلم تدرك الحكومة ان الاضراب حق أصيل للعمال ، تكفله الدساتير والقوانين الدولية ، ويلجأ اليه العاملون دفاعاً عن مقدراتهم ومكتسباتهم .
وإذ يشدد "المسار المستقل" على حق العاملين في الأضراب ، إلا انه في نفس الوقت يرى انه لم يكن واجباً الوصول به الى الذروة بل كان من الأفضل البدء بإجراء اضراب جزئي يتم بعده اتخاذ إجراءات أخرى بشكل تدريجي ، وحتى لا يصاب هذا المرفق الهام والحيوي بالشلل التام .
وتجمع "المسار المستقل" ، إذ يؤكد على أن جميع المسارات التي تسلكها الحكومة للتعامل مع الأزمة الراهنة خاطئة ، فإنه يحمل الحكومة المسئولية التامة عن هذه السياسات التي يعد أبلغ تعبير عنها هو عدم تعيين وزير بالأصالة لهذا القطاع حتى الآن ينهض بمسئولياته ، ويقوم بواجباته ويضطلع بمشكلاته ، وهذا أن دل على شيء فإنما يدل على قصر نظر الحكومة وعجزها من ادراك أهمية القطاع النفطي في البلاد .
وليس هذا وحسب ، وإنما هناك سلسلة من الأخطاء ارتكبتها الحكومة ، ساهمت بقوة في أذكاء الأزمة الحالية ، ذلك ان الحكومة التي لم تعر العاملين في هذا القطاع أي اهتمام يذكر لهم أو تنظر بعين الاعتبار لمطالبهم الرافضة للمساس بحقوقهم ومكتسباتهم ، من خلال اجتماعات عدة عقدوها معهم ، وإنما مضت في سياستها من خلال "فاتورة" باهظة يدفعها المواطن نفسه ثمناً لسياسات التقشف التي روجت لها ، والبديل الاستراتيجي الذي تحاول تطبيقه ( تعديل سلم الرواتب ) ، وسياسة خصخصة أغلب القطاعات الناجحة ومنها مرافق مؤسسة البترول .
ويشدد المسار على أن هذه المسارات الخاطئة التي تنتهجها الحكومة ستدخل البلاد وليس القطاع النفطي فقط في نفق مظلم ، خاصة وانها تتعنت في محاولة تطبيق ما يسمى "البديل الاستراتيجي للرواتب" ، على الرغم من انه يصطدم مباشرة بمكتسبات العاملين في القطاع النفطي وحقوقهم المكفولة باتفاقيات وأحكام قضائية صادرة لا يمكن الغائها .
ومن أسف أن الحكومة تمارس هذه السياسة في غيبة أي أنواع التشريع او الرقابة ، حيث أطلق مجلس الأمة يدها في العديد من الأمور والقضايا المصيرية ، وليس هناك أدل على ذلك من أن أعضاء مجلس الأمة يطلقون تصريحات جوفاء فارغة المضمون عن ان "البديل الاستراتيجي " لم يتم اقراره بعد ، وأن وثيقة الإصلاح بحاجة الى تصويت نيابي قبل ذلك ، من دون إدراك بان مثل هذا التصديق والاقرار من مجلس الأمة هو (اجراء شكلي) فقط ، ذلك ان الوثيقة أصبحت نافذة منذ ان تمت المصادقة عليها في مجلس الوزراء ، وكان أحرى بنواب الشعب أن يحافظوا على مكتسبات الشعب ، وفي القلب منه العاملون في قطاع النفط ، فلا تمس مرتباتهم أو مزاياهم الوظيفية ، أسوة بما يتمتع به أقرانهم في دول مجلس التعاون الخليجي على الأقل .
وإذا يحذر تجمع "المسار المستقل" من أن ما ورد في الوثيقة بشأن الطريق الى الإصلاح المالي والاقتصادي يمر عبر خصخصة بعض مرافق القطاع النفطي انما هو امر مخالف للقانون والدستور ، لا سيما وأن هناك تجارب عديدة أمامنا أكدت عدم جدوى المشاريع التي سلمت لبعض الشركات الخاصة مثل مشروع المصفاة الرابعة ، ومشروع محطة تعزيز الغاز 160 ، ومشروع الوقود البيئي ، وكلها تجارب غير ناجعة تقطع يقيناً بان مثل هذه المساهمة بين القطاع العام والخاص غير مجدية في ظل انعدام الرقابة الحقيقة .
وإذا يرفض "المسار المستقل" كل الحلول الترقيعية الرامية لإطالة أمد الأزمة، او ترحيلها عبر محاولات استبدال العنصر الأجنبي ممثلاً في العمالة الوافدة ، أو الاستعانة بالمتقاعدين ، فإنه يشدد في الوقت نفسه على ضرورة معالجة الأزمة الراهنة بأسرع وقت ممكن عبر الحوار والتفاوض ، وعبر تأكيد الحرص على حقوق وامتيازات العاملين ، والتخلي عن سياسة وخطاب التهديد والوعيد ، الذين لن يصلا بنا إلا إلى مزيد التأزيم من حيث سكب الزيت على النار ، وتأجيج الانقسام في المجتمع واذكاء مشاعر الغبن تجاه الدولة لدى أبناء الوطن العاملين في هذا الشريان الحيوي والذين لا يمكن استبدالهم بأي عمالة أخرى أجنبية .. مهما كانت جاهزة أو مدربة !.