

	الثلاثاء 14/04/1447 هـ الموافق 07/10/2025 م الساعة 12:20 توقيت الصلاة العصر 14:57

مقالات

A A A A A

رضا الفيلي على ضفاف الهوى

د.يعقوب يوسف الغنيم

2014/11/25

11:42 م

شكرا لتصويت

التقيم

التقيم الحالي 5/0

فجعت برحيل الأخ العزيز رضا الفيلي، الانسان المحب المحبوب الاعلامي، الكاتب الفنان الشاعر، جاءت وفاته في مفاجأتها دليلا على قسوة الاقدار، وكم تمنيت ان يمتعنا الدهر به طويلا، كان – رحمه الله – عذب الحديث، مليئاً بالأفكار النَّيَّرة، محيطا بأخبار البلاد وأحوالها، وقبل كل ذلك فهو محب لوطنه حريص عليه، عاشق لكل ما يراه فيه، وهو – أيضا – محب لأهل هذا الوطن، كلهم اخوانه واحبابه، ولذا فإن ما احس به من ألم الفقيد كبير، لانني برحيله قد فقدت انسانا لا نظير له في طيب النفس وحسن الخلق، أليس هو الذي يقول:
أشتاق يا كويت
لو إنني نُسيمة رقيقة رطيبة
تحترق الآباد
وتركب الأبعاد
لترتمي سكرى على الجهراء
تذوب في الفضاء والرمال
تعانق النخيل باعتزاز
فتسمع الأصدقاء
تنصبّ من بعيد
تردد الصيحات والطلقات والعرضة
كأنها الزئير
أو أنها الرعود

إلى أن يقول:
نفديك بالدماء يا يكويت
أجسادنا ثراكْ
أرواحنا سماكْ
وأنت في الدماء
أسطورة الشرق والنَّماء

هذه الكلمات المعبرة عن حب الوطن، كتبها أبوخالد في سنة 1969م في كاليفورنيا – لوس انجلوس، عندما كان يدرس هناك مبعوثا من وزارة الاعلام، وقد حمَّلها رسالة معبرة صادقة التعبير الى الاستاذ الشاعر أحمد العدواني.
عرفت صاحبي منذ أمد بعيد، إذ انني عندما ذهبت الى مبنى جهاز تلفزيون الكويت لكي أعمل هناك كان قد سبقني إليه، وكان يقوم بعدد من الاعمال هناك، فهو مذيع، ومقدم برامج، ومحاور للضيوف الذين يستقبلهم التلفزيون، يعد بعضا من البرامج ذات الاهمية في ذلك.
ومنذ التقيته وانا احس بأنني قد اكتسبت صديقا غاليا على النفس، قريبا الى القلب، وعندما انتقلت بعد فترة الى عمل آخر كنت دائم الاتصال به، وكان دائم الاتصال بي، ولم تنقطع العلاقة الراسخة التي كانت بيننا ابدا، فكلانا حريص على لقاء صاحبه، والتحدث اليه باستمرار، وكانت زياراته لي في «ديوانية الثلاثاء» لا تنقطع الى ان اقعده المرض، ثم اختاره الله سبحانه اليه فذهب مأسوفا عليه مذكورا بالخير بين الناس جميعا ولاسيما بين اصحابه الذين احبوه، وجذبتهم اليه دماثة خلقه، واشاعته للمودة معهم.
رضا الفيلي شاعر جميل الشعر، انيق العبارة، كان من الممكن ان نستمع منه الى انتاج غزير، ولكن اعماله الاعلامية شغلته كثيرا عن مداومة قرض الشعر، فاكتفى بما قدم لنا ضمن ديوان له صغير طبعته مطبعة حكومة الكويت تحت عنوان: «ضفاف الهوى»، واذا اردنا ان نعرف شيئا عن كنه الهوى الذي يقف عشق الشاعر على ضفافه، وجدنا ذلك في خمس وعشرين قصيدة متضمنة في الديوان، وهي قصائد فيها اشواق لمن يحب، وللوطن، ولاصحابه جميعا واهله، واذا كنا قد بدأنا بذكر قصيدة منها تعبر عن المحبة الخاصة للكويت وعن الشوق إليها وهو مقيم – آنذاك – في بلد امريكي بعيد، فإن له قصائد اخرى لم تخرج عن هذه الضفاف، ولقد كتب الاستاذ محمد عفيفي للديوان المذكور مقدمة وافية تحدث فيها عن الشعر بصفة عامة، وعن شاعرنا وشعره، وتطرق الى الحديث عن جوانب عدة في هذا الشأن حتى قال:
«إن أي ناقد نافذ الحس، صادق البصيرة، واجد عبر الامواء البعيدة لهذا اللون من الشعر واحة شعرية عامرة بلون فذِّ في شعرنا العربي كله، هو الشعر الفلسفي الذي لا تطغى عليه صرامة المنطق، وانما نغوص انفاقا الى اعماق بعيدة في روح الشاعر واغوارا عميقة في وجدانه، لتقدم لنا المواقف راقصة مغردة دافئة..».
هكذا قال كاتب المقدمة الاستاذ محمد عفيفي، وقد اعطى شاعرنا حقه، وبين طريقته في قول الشعر الجميل حتى صرنا نتخيل كلماته هذه ونحن نقرأ قصائد ديوان «ضفاف الهوى».
ان الزمن الرائع الذي جمعنا بك يا أبا خالد قد مضى، وانتهت بوفاتك تلك اللقاءات الجميلة، ولكننا هنا نتساءل كما كنت تتساءل في ديوانك:
أينتهي ما بيننا
بهذه السهولة
في لحظة منهارة ذليلة
أينتهي عمر الهوى
وتجدب الأكوان؟

رحمك الله يا أبا خالد، وأبقى ذكرك خالدا.

د.يعقوب يوسف الغنيم

أخبار ذات صلة dot4line

التعليقات الأخيرة

All Comments

أكثر المواضيع مشاهدة

مقالات ذات صلة بالكاتب

Tweets by WatanNews !function(d, s, id) { var js, fjs = d.getElementsByTagName(s)[0], p = /^http:/.test(d.location) ? 'http' : 'https'; if (!d.getElementById(id)) { js = d.createElement(s); js.id = id; js.src = p + "://platform.twitter.com/widgets.js"; fjs.parentNode.insertBefore(js, fjs); } } (document, "script", "twitter-wjs");

1213.0066


موقع الوطن الإلكترونية – حقوق الطبع والنشر محفوظة