مقالات  
نسخ الرابط
 
   
   
 
  A A A A A
X
dot4line

رحرحة

الابن السخيف

أسامة غريب
2014/11/04   09:57 م

شكرا لتصويت

التقيم التقيم الحالي 0/5
writer image



الأطفال أحباب الله.. هذا صحيح، وصحيح أيضاً وصْف ذلك الأديب الذي كتب في سيرته الذاتية: «زمان عندما كنت صغيراً وجميلاً».. صحيح لأن الطفل الصغير جميل بالضرورة بصرف النظر عن جنسه ولونه.
ولكن على الرغم من ذلك لابد وأنك صادفت في حياتك عدداً قل أو كثر من الأطفال السخفاء ثقلاء الظل الذين تود لو أنك صفعتهم أو ركلتهم أو ألقيت بهم في صفيحة الزبالة!.
ألا يتعارض هذا مع أول الكلام عن أحباب الله والصغير الذي هو جميل بالضرورة؟.. ليس هناك تعارض لأن الطفل يولد جميلاً، ولا يصير بائساً بعد ذلك الا اذا كان وراءه أب من النوع اللزج السخيف، أو أم عجفاء النفس سقيمة الوجدان.و على الرغم من ذلك فكل أب يتصور الروعة في طفله ويظن أنه من النوع الذي يسيل منه شراب الورد اذا تكلم واذا تحرك أو حتى اذا بال على نفسه! وليس هناك في الواقع من يصدق ان ابنه الحبيب هو كائن رذيل يضيف الى نكد الحياة ويسبب الضيق للآخرين، ذلك ان اقراره بهذا يعني أنه هو أيضاً كذلك.وهذا النوع من الآباء يمتلك جسارة ألا يكتفي بأن الناس تعرفه وتستقبله وتهش في وجهه حرصاً منها على ابقاء حبل المصالح ممدوداً وخشية ان تتعرض تلك المصالح للمساس.. لا يكفيه ذلك ولا يكفيه ان الجيران يعاملونه بلطف اتقاء لشره ودرءاً لأذاه، فيظن أنهم يهيمون به ويقرر ان يزيدهم من الشعر أبياتاً من انتاجه فيصحب المحروس ابنه لزيارتهم حتى ينالوا من نفحات الابن كما جربوا نفحات أبيه.والحقيقة ان الآباء جميعاً موهومون في ظنهم ان أولادهم ملائكة، ولو كانوا كذلك ما كانت مشاحنات الجيران ومشاجراتهم تكون دائماً بسبب خلافات الأطفال، وعندما ينشب الخلاف فليس هناك من يصدق ان ابنه هو المخطئ، لكن الاعتقاد الأزلي هو ان أبناء الآخرين هم الأشرار، لذلك فان كل أب وهو يُنزل ابنه الى الشارع للعب مع الأولاد أو يذهب به الى الحديقة أو النادي يشحنه بالنصائح التي يأتي في طليعتها: اللي يضربك اضربه. صحيح ان الأطفال جميعاً يتلقون هذه النصيحة، لكن تأثيرها عليهم لا يكون متساوياً فمنهم من تتشربها نفسه بحسبها وصفة جيدة للدفاع عن النفس وعدم السكوت على الظلم، ومنهم من ترسخ في أعماقه على أنها ترخيص بالعدوان، ومنهم من يعرض عنها ولا يستخدمها ويفضل الاستكانة بعد ان جربها وعرف أنها لا تجلب الا المزيد من الصفعات والركلات!.لكن في كل الأحوال فالأب لا يتخيل مطلقاً ان فلذة كبده يمكن ان يكون سخيفاً، لأنه بطبيعة الحال لم يتصور نفسه سخيفاً أيضاً، وربما لأنه يعتنق منظومة سلوك لا ترى في التطاول على الكبار عيباً، وقد اعتاد منذ طفولته هو شخصياً ان يرى الظُرف وخفة الدم في الأهل المتحلقين حول الطفل يشجعونه قائلين: اشتم عمو.. ابصق على عمو يا حبيبي، ومن الطبيعي ان قطعة الشيكولاتة التي يحصل عليها الطفل بعد ان ينفذ الأمر ويبصق على عمو ستجعله لا يتردد في اهانة أي عمو في المستقبل!.
وقد يكون ترك الأطفال في البيت عند زيارة الأصدقاء والجيران أحفظ للود بين الناس وأدعى لبقاء الصداقة مما لو أصروا على اصطحاب طفلهم السخيف الذي قد يعجل بانهيار العلاقة الطيبة.
لا يعد كلامي هذا دعوة للأب ان يحسن تربية أبنائه، فهذا صعب خاصة اذا كان الأب نفسه غير متربي! ولا يعد دعوة لأن يكره أو ينبذ طفله السخيف، لأن هذا غير ممكن عملياً.. لكن كل ما أرجوه من الأب ألا يبالغ في تدليل طفله والاحتفاء به أمام الناس كما لو كان طفلاً لذيذاً، لأن هذا يجلب على الطفل سخطاً ونقمة قد تكون لها آثارها الوخيمة في المستقبل.

أسامة غريب
التعليقات الأخيرة
dot4line
 

!function(d, s, id) { var js, fjs = d.getElementsByTagName(s)[0], p = /^http:/.test(d.location) ? 'http' : 'https'; if (!d.getElementById(id)) { js = d.createElement(s); js.id = id; js.src = p + "://platform.twitter.com/widgets.js"; fjs.parentNode.insertBefore(js, fjs); } } (document, "script", "twitter-wjs");
1372.0108
 
 
 
إعلن معنا
موقع الوطن الإلكترونية – حقوق الطبع والنشر محفوظة
 
Top