الثلاثاء
14/04/1447 هـ
الموافق
07/10/2025 م
الساعة
04:09
إجعل kuwait.tt صفحتك الرئيسية
توقيت الصلاة
الفجر 4:25
الصفحة الرئيسية
إغـلاق الوطـن
محــليــات
مجلس الأمة
الجيل الجديد
أخبار مصر
أمن ومحاكم
الاقتصاد
خارجيات
الرياضة
مقالات
فنون
المرأة
منوعات
الوفيات
اتصل بنا
مقالات
A
A
A
A
A
http://alwatan.kuwait.tt/articledetails.aspx?id=413450&yearquarter=20151&utm_source=website_desktop&utm_medium=copy&utm_campaign=articleshare
X
رحرحة
إنهم يحسدون الشحاذ!
أسامة غريب
2015/01/10
09:59 م
شكرا لتصويت
التقيم
التقيم الحالي 0/5
من يعاني ألماً في أحد أضراسه يتصور أن جميع الذين لا تؤلمهم أسنانهم سعداء.
أثناء سفرات المغامرات التي قمنا بها في بواكير الشباب عند حلول عطلات الدراسة الجامعية، كثيراً ما تعرضنا لظروف سيئة من شح المال وقلة الطعام وغياب سقف يأوينا وقت النوم في المساء تحت شجرة في حديقة باحدى المدن الأوروبية. في تلك الأثناء كنت أتصور ان الذي يمتلك غرفة دافئة وحمّام هو أسعد واحد في الكون، وبالتالي لا يحق له ان يشكو من أي شيء حتى لو عاكسته الحياة أو نكدت عليه بواحد أو أكثر من فصولها البايخة، فكل شيء يهون ما دام في آخر اليوم سيعود الى فراشه الدافئ حيث لا يمكن للمطر أو الريح ان ترعش فرائصه وتقرص عظامه طول الليل.
يجول هذا ببالي دائماً كلما سافرت للخارج وصادفت شحاذاً رقيق الحال في مونتريال أو استوكهولم أو غيرها من العواصم الغربية، والشحاذون هناك أنواع منهم المهندم الطبيعي الشكل، ومنهم الرث الذي طبعت الحياة عليه بصماتها القاسية، وكلما نظرت لواحد من هؤلاء وبالذات النوع بائس المظهر الذي لا يستحم ضحكتُ من سخرية القدر، لإدراكي ان هذا المتسول يتصور ان من يمتلك شطيرة وزجاجة من الجعة هو بالضرورة انسان سعيد، وفي الوقت نفسه أتذكر ان هناك ملايين في بلادنا يحسدون هذا الشقي التعس الذي يسكن في علبة من الكرتون على الرصيف على جنسيته الكندية أو السويدية أو السويسرية، ومنهم المستعد ان يترك له مسكنه بالقاهرة أو بغداد أو دمشق أو طرابلس أو صنعاء، ويتنازل له عن وظيفته وراتبه الشهري وسيارته مقابل ان يحصل على جواز سفره. وقد عبّر أحد أصدقائي عن هذا صراحة عندما تمنى ان يقايضه متسول أوروبي ويأخذ كل منهما ما لدى الآخر!.
غير خافٍ ان من يلجأ للتسول في هذه البلاد التي توفر للناس أقصى درجات الرعاية الاجتماعية والصحية وتقدم اعانة بطالة وتأوي المشردين ولا تدع مواطناً مضطراً للمبيت في العراء..غير خاف ان هؤلاء المتسولين هم في الغالب من المدمنين على المخدرات الذين ينفقون الاعانة ويبيعون كوبونات الطعام لشراء المخدر ثم يتحولون للتسول بعد ذلك.. هم اذن الذين يفعلون ذلك بأنفسهم وليس المجتمع.غير ان هناك أنواعاً أخرى من المتسولين يغلب عليهم الصعلكة والاستهتار.. من هذا النوع صادفت مرة شاباً وشابة يجلسان على الرصيف في تورونتو وبجوارهما لافتة من الكرتون كتبا عليها: «لا نريد سوى ان نغرق في السكْر».. بصراحة أعجبتني شفافيتهما.. لم يدعيا أنهما يريدان شراء كتب أو دفع نفقات الجامعة، ولم يقل أحدهما ان أمه مريضة وأخته سقطت من البلكونة أثناء نشر الغسيل، بل كشفا عن السبب الحقيقي للتسول.. وعلى الرغم من أنني لا أدفع فلوساً للمتسولين في العادة فقد وجدتني أمنحهما شيئاً من المال. متسول آخر طريف وضع بجواره لافتة كتب عليها: «جائع ومفلس وضحية للدهر» وهذا أيضاً نفحته بعض الفكة.
نعود الى الواقع المرير في بلادنا لنتذكر كما أسلفت ان هناك الطبيب والمهندس والمحامي والمحاسب والتاجر الذين لا يتردد الواحد منهم في منح الخواجة المتسول عيادته وبيته ومكتبه ودكانه مقابل ان يحصل على جواز سفره. فعلى العكس من أمم كثيرة يكون الدافع الى الهجرة منها هو الفقر، فان بلادنا العربية تقدم للمواطن حوافز أخرى للفرار منها! فحتى الأغنياء والمستورين لا يضمن أحد منهم ما يحدث لأبنائه من بعده في أوطان غاب عنها العدل. من هنا تأتي أهمية الباسبور الأجنبي الذي قد ينجيه من الجحيم في بلاد فقدت الرحمة والرشد وضاع منها الطريق ولم تعد تعِدْه الا بالسجن لو عبّر عن رأيه، أو بالبراميل المتفجرة التي قد تسقط على رأسه وهو آمن، أو حتى بالحياة الذليلة التي يضطر فيها الى تحية قتلة وامتداح مجرمين من دون ان يكون هذا حتى كافياً لنجاته من الموت في تفجير ارهابي أو على يد رجل شرطة متعكر المزاج!
لا يعرف الشحاذ الهولندي هذا كله ولا يدرك ان هناك من يحسدونه على حريته وعلى ان رئيس وزرائه لا يستطيع ان يرفع إصبعاً في وجهه وهو يكلمه، وان ملكة البلاد لا يمكنها ان تتجاهله لو أرسل لها خطاباً..وربما لو عرف لاستهان بما في يده ووافق على المقايضة التي قد يكون فيها هلاكه!.
ليس مستغرباً إذن أن كل واحد يتطلع بلهفة الى ما يفتقده، لكن المحزن حقاً هو ان يصل المرء لمرحلة يحسد فيها الشحاذ، فهذا يعبر في رأيي عن أقسى درجات الألم والعدمية في آن، وقد عبر المتنبي عن شيء يشبه هذا عندما قال: كفى بك داءً ان ترى الموت شافيا.. وحسْبُ المنايا أن يكنّ أمانيا.
أسامة غريب
التعليقات الأخيرة
All Comments
Please enable JavaScript to view the
comments powered by Disqus.
comments powered by
Disqus
أكثر المواضيع مشاهدة
«التمييز» ترفض وقف تنفيذ إغلاق «الوطن»
فيديو - العصفور: التزمنا بالقرار الإداري لـ«الإعلام» وأدعو الجميع لمشاهدة افتتاحية قناة «المجلس»
أماني بورسلي: كنا نريد دعماً حكومياً لـ«قناة الوطن»
المحامي حسين العصفور: أيادٍ خفية تعمل من أجل إغلاق «الوطن» !
الاستئناف تلغي حكماً لمرزوق الغانم ضد قناة «الوطن»
إحنا مضربين نبي حقوقنا
المكافحة: ضبط مواطنة بحوزتها مواد مخدرة ومؤثرات عقلية
عدسات لاصقة تُفقد فتاة بصرها.. والأطباء يحذرون من كارثة صامتة
إسكان المرأة تدعو المواطنات ممن لديهن طلب مسكن مؤجر من سنة 2010 وما قبل لتحديث بياناتهن
الكويت تبحث مع الأمم المتحدة جهود حماية المرأة وتعزيز التشريعات ضد العنف
مقالات ذات صلة بالكاتب
حول فاجعة باريس
أسامة غريب
17/01/2015 10:20:00 م
النذر والوفاء
أسامة غريب
13/01/2015 09:17:06 م
المتنبي وبوشكين
أسامة غريب
06/01/2015 09:07:21 م
المكوجي الزنيم
أسامة غريب
03/01/2015 10:13:22 م
الحكيم.. محفوظ
أسامة غريب
31/12/2014 06:49:12 م
من خبرات السفر
أسامة غريب
27/12/2014 09:45:00 م
مقياس فوزي عباس
أسامة غريب
23/12/2014 08:48:48 م
سكة نوبل
أسامة غريب
20/12/2014 09:18:23 م
الصديق العالق
أسامة غريب
16/12/2014 09:44:56 م
الهاتف الملعون
أسامة غريب
13/12/2014 09:15:05 م
Tweets by WatanNews
!function(d, s, id) { var js, fjs = d.getElementsByTagName(s)[0], p = /^http:/.test(d.location) ? 'http' : 'https'; if (!d.getElementById(id)) { js = d.createElement(s); js.id = id; js.src = p + "://platform.twitter.com/widgets.js"; fjs.parentNode.insertBefore(js, fjs); } } (document, "script", "twitter-wjs");
579.0032
موقع الوطن الإلكترونية – حقوق الطبع والنشر محفوظة
Top