مقالات  
نسخ الرابط
 
   
   
 
  A A A A A
X
dot4line

طرف الخيط

موسوعة خالد الرشيد.. الميسرة

خليل علي حيدر
2014/08/31   09:45 م

شكرا لتصويت

التقيم التقيم الحالي 0/5
writer image



الجهد الذي بذله الاستاذ خالد عبدالقادر الرشيد في تطوير «موسوعة اللهجة الكويتية» يستحق الشكر والاشادة، حيث قام اخيرا بإصدار طبعة جديدة من الكتاب في عدة مجلدات باسم «الموسوعة الميسرة لألفاظ الحياة الاجتماعية في البيئة الكويتية».
ويتبين من مقدمة العمل ان حصر ألفاظ اللهجة الكويتية ليس بالعمل السهل، دع عنك شرح ألفاظ ومصطلحات «الحياة الاجتماعية» في هذه البيئة. وهو يقول: «هناك اكثر من خمس لهجات في الكويت»، الى جنب مواد فولكلورية وشعبية خاصة بكل منطقة، مما يجعل حصرها وتدوينها بحاجة الى عمل جماعي وجهد مشترك. ولكن مهما كانت احتمالات وضع موسوعة كويتية شاملة، تتناول مختلف جوانب تاريخ وشخصيات وتراث الكويت، فستكون «موسوعة الرشيد الميسرة» من مراجعها الاكيدة، بمفردات تصل الى اكثر من 3000 مدخل، تعززها وتوضحها 500 صورة.
وكنت افضل ان يركز المؤلف على عمله الاصلي أي كموسوعة لغوية بدلا من تحويل العمل الى موسوعة مفتوحة على مصطلحات وتفاصيل الحياة الاجتماعية، فاستقصاء المعلومات ورصد المعلومات في هذا المجال شاق جدا للفرد الواحد، وبحاجة الى اهل الاختصاص وتجميع بيانات وغير ذلك، في حين يقل الاحتياج الى كل هذا في اعداد المعاجم اللغوية.
وفي المكتبة العربية نموذج ثالث يجمع بين جوهر المعجم اللغوي والموسوعة الميسرة، وهو كتاب المؤرخ احمد امين «قاموس العادات والتقاليد والتعابير المصرية»، الذي طبع مرارا، منها نسخة اشرفت عليها وزارة الثقافة في مصر عام 1999. وهو كتاب ثري بالمعلومات عن اللهجة المصرية وتراثها الشعبي، حيث يقول واضعه انه جمع بعض مادته من الذاكرة، «ساعدني اني تربيت في حارة بلدية - أي شعبية - تكثر فيها العادات والتقاليد»، والكتاب من المراجع الاساسية في التراث الشعبي المصري والعربي عموما.
أرسى «خالد الرشيد» تقليدا طيبا في مجال تأليف الموسوعات الكويتية بفتحه المجال لأساتذة آخرين ان يراجعوا العمل ويدققوا تفاصيله وهم د.حشان العجمي ود.شملان القناعي ود.محمد بن ناصر. كما تولى د.حشان العجمي ترتيب وتنظيم جذور كلمات الموسوعة في مجلد مستقل فبذل في هذا المجال جهدا كبيرا يشكر عليه.
ويمكن تطوير هذا المجلد في الطبعة القادمة بضغط حجمه حيث نجد مواد الموسوعة مرقمة مثلا فما الداعي لذكر الصفحات؟ وقد يستطيع الاستاذان الرشيد ود.حشان الاستفادة من المساحة الموفَّرة في الاشارة الى نفس الكلمة في لهجات عربية اخرى مثلا ومدى التماثل والاختلاف. كما ان مسرد الجذور نفسه تناول كلمات لا داعي لاستقصاء جذورها مثل «دندرمة» التركية، و«دنبك» الفارسية و«بلسوت» الانجليزية و«سيدا» الهندية وكلمات كثيرة اخرى.
اضاف الرشيد مادة جديدة الى هذه الموسوعة. فقد كانت كلمات الطبعة الاولى من الموسوعة 2009 كلمات، ثم 2357 في الطبعة الثانية، والطبعة الحالية 3079، وان كنت لا اعرف لم اعتبرها الاستاذ الرشيد «الطبعة الاولى»، الا ان كان يأخذ بالاعتبار تغيير عنوان العمل وحجمه في خمسة أو ستة مجلدات، خصص السادس لحماية اقراص الكتاب المدمجة الثلاثة، وان كان لابد ان نشيد بالطبع في هذا المقام، باتقان طباعة الموسوعة وأناقتها وجودة ورقها المصقول. ولشعور الأخ خالد بثقل وزن الموسوعة وتعدد مجلداتها، خصص احد هذه المجلدات لتلخيصها باسم «الجزء المختصر»، و«ذلك لصعوبة حمل المجلدات في اماكن خارج المكتبة أو البيت»، بعد ان استجاب لمطالب «بعض الاخوة ولا سيما كبار السن».
نأتي اخيرا الى مادة الموسوعة فهي ما سيبقى اكثر ما يبقى من جهد المؤلف. وقد دقّقَتُ حرف الدال في الموسوعة الجديدة مقارنة بالطبعة الثانية فوجدت كلمات ومداخل جديدة، منها مصطلحات للبحارة مثل دامن، دام، دُر، درور، ومنها كلمة معروفة للكثيرين مثل «داية». وهي تستخدم في اللغة الفارسية المعاصرة بمعنى المربية أو المرأة التي تساعد سيدة المنزل، وفي اللهجات الفارسية الجنوبية كلمة «دي» بمعنى الأم، وهناك كلمة مقاربة باللغة التركية الحديثة للمربية وهي «دادي» Dadi وترجمتها الانجليزية كما هو معروف Nanny، غير ان الموسوعة تقول ان اصل هذه الكلمة من الفصحى من «داج دوجا» بمعنى خدم، والارجح ان الكلمة دخلت اللهجة الكويتية من الفارسية أو التركية. ومن الكلمات الكويتية التي تحتاج الى بحث «خواهر» بمعنى هادئ أو ساكن. وقد انتبه المؤلف لكلمة هندية مستخدمة في اللهجة الكويتية بمعنى اسكت أو اخرس أو «صهٍ» وهي «كَبْ» حيث تنطق الكاف CH. ولكن المؤلف لم يشر الى كلمة فارسية مستخدمة وهي «چارة» بمعنى حيلة أو علاج، وتنطق الجيم CH بنفس الطريقة، فنقول مثلا «ما له چارة»، أي لا حل له أو لا علاج. وهي كذلك كلمة فارسية يستخدمها الاتراك مثل كلمة علاج العربية وتكتب ilac، مثل كلمة عربية اخرى في القاموس التركي وهي tedavi «تداوي» و«چارة» الفارسية التي اشرنا اليها، وSifa «شفاء» العربية. ذلك ان التركية تقتبس على نحو واسع من الفارسية والعربية. حرف C بالتركية تنطق جيما.
وقد أحسن المؤلف في رصده لكلمتي «تَرىَ» وكلمة «خُو» ولكنه لم يشر الى كلمة «هَمْ» وهي فارسية بمعنى «أيضاً» فنقول في اللهجة الكويتية «هم طرار وهم متشرط» مثلاً، ومن الكلمات «التراثية» التي ذكرها خالد الرشيد في الموسوعة «نامليت» وهو من قبيل المشروبات الغازية التي اختفت منذ سنين طويلة بشكلها القديم، ولعل أصل التسمية «ليمونيد» الانجليزية Lemonade والتي يسميها الاتراك «ليوماناتا» Limonata واخذها المصريون ربما منهم أو من غيرهم.
تطرح موسوعة الرشيد سؤالا مهما في مجال رصد واحياء كلمات اللهجة والتراث الشعبي، فهل كل كلمة وكل عادة وكل مثل شعبي يستحق الرصد والتوثيق والتداول؟.. ربما الكلمة رقم 1752 في الموسوعة لا تستحق، وربما كلمات في كتب أخرى كذلك، كالتي تسخر من الاصول والالوان والمهن، ومن بعض النساء، وذوي الحاجات الخاصة والمصابين بأمراض العيون…. الخ. من كلمات الموسوعة التي تستوقف القارئ لتباعد معانيها، ودلالتها على اختلاف الاجيال في الكويت المعاصرة كلمة «دبّاسة»، التي هي اليوم «احدى الادوات المكتبية التي تُدبّس بها الاوراق»، وكانت في كويت ما قبل النفط «إناء من سعف النخل مخروطي الشكل ارتفاعه اقل من متر يوضع بداخله التمر، وسُميت بالدباسة لتسرب الدبس من هذا الوعاء».
استعان المؤلف بنحو 300 مصدر ومرجع، الى جانب «فريق العمل» الذين حرص على شكرهم وادراج اسمائهم، وتحتاج المراجع الى ان ترتب أبجدياً وفق عنوان الكتاب أو اسم المؤلف كي يسهل تدقيقها والتأكد منها، كما ان قائمة المراجع خلت تقريبا من قواميس ومعاجم اللهجات الخليجية والتي تشترك مع اللهجة الكويتية في الكثير من الكلمات، ومن هذه الكتب «معجم الالفاظ العامية في دولة الامارات العربية المتحدة» للدكتور فالح حنظل، أبو ظبي 1998، 760 صفحة، وهناك حتما معاجم خليجية أخرى. ومن المعاجم المفيدة الأخرى حتما معجم الالفاظ البغدادية، حيث دخلت اللهجة الكويتية كلمات كثيرة من بغداد والبصرة والزبير، ومن المراجع التي لم يذكرها المؤلف «معجم الالفاظ الكويتية» للشيخ جلال الحنفي البغدادي، 1964، وفي الكتاب جهد وبحث وان كانت بعض ملاحظات الأخ خالد الرشيد على معجم الحنفي وجيهة. («الوطن» 2013/3/26).
ان نشر هذه الموسوعة مخرجة بهذه الحلة العصرية الجميلة، برهان آخر على حب الباحث خالد الرشيد للتراث الشعبي وللهجة الكويتية، وعدم تردده أو بُخله بالجهد والوقت والمال في خدمتهما. فله وللأساتذة الأفاضل معه خالص الشكر والتقدير.
ولا استبعد ان يجمع المؤلف الرشيد كل ما ذكره المراجعون والكتاب من ملاحظات، وما اقترحوا من اضافات، فيضيفها الى طبعة جديدة من الموسعة «يفاجئنا» بها لاحقا. ذلك انه وضع في مقدمة الكتاب كلمة «العماد الاصفهاني» (ت 597هـ) الخالدة، والتي تقول ان استمرار الاضافة والتعديل في أي عمل فكري أو ثقافي لابد منه، وهو دليل قاطع في «استيلاء النقص على جملة البشر»!

خليل علي حيدر
أخبار ذات صلة dot4line
التعليقات الأخيرة
dot4line
 

!function(d, s, id) { var js, fjs = d.getElementsByTagName(s)[0], p = /^http:/.test(d.location) ? 'http' : 'https'; if (!d.getElementById(id)) { js = d.createElement(s); js.id = id; js.src = p + "://platform.twitter.com/widgets.js"; fjs.parentNode.insertBefore(js, fjs); } } (document, "script", "twitter-wjs");
1965.0018
 
 
 
إعلن معنا
موقع الوطن الإلكترونية – حقوق الطبع والنشر محفوظة
 
Top