مقالات  
نسخ الرابط
 
   
   
 
  A A A A A
X
dot4line

خطوات على الطريق

محنة غزة والصمت العربي

علي يوسف المتروك
2014/08/06   09:26 م

شكرا لتصويت

التقيم التقيم الحالي 5/0
writer image



الدكتور ادمون غريب استاذ العلاقات الدولية في الجامعات الأمريكية، في اطلالة له عبر الفضائية البريطانية بي بي سي العربية قبل يومين علق على الأحداث المأسوية والمجازر الاسرائيلية المروعة في غزة فقال:
في طريقي الى أكثر من جامعة رأيت طلابا أمريكيين يتظاهرون خارج الجامعات، يستنكرون أحداث غزة، ويطالبون حكومة بلادهم بايقاف الدعم لاسرائيل، ورفض الانصياع وقبول اعمالها الوحشية ضد الفلسطينيين في غزة، بل ان هناك اصواتا ترتفع في اكثر من بقعة في العالم استنكارا لهذه الاعمال وينهي تعليقه فيقول: ان اسرائيل فقدت الجانب الاخلاقي لصورتها أمام العالم.
أما على الصعيد الاقليمي العربي والاسلامي فماذا عسى ان يقول المسلم عندما يقرأ حديث الحبيب المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم، «الْمُسْلِمُ لِلْمُسْلِمِ كَالْبُنْيَانِ يَشُدُّ بَعْضُهُ بَعْضًا» وقوله صلوات الله عليه: «مَثَلُ المؤمنين في تَوَادِّهم وتراحُمهم وتعاطُفهم مثلُ الجسد، اذا اشتكى منه عضو تَدَاعَى له سائرُ الجسد بالسَّهَرِ والحُمِّى»، وبدلا من النهوض بغزة تصديقا واذعانا وتفعيلا لهذين الحديثين الشريفين نرى من يرفع عقيرته بالشماتة واللوم ضاربا بمعاناة هؤلاء الناس البؤساء الصامدين المحاصرين منذ سنين عرض الحائط ولو استطاعت اسرائيل ان تمنع عن هؤلاء المحاصرين الهواء لفعلت، وكم هزني من الأعماق وأثار شجوني قول أحدهم وهو يحمل طفله مضرجا بدمائه قائلاً: نحن أقرب الى الأموات منا الى الأحياء في زمن الحصار فلنمت بشرف.
وأي شرف بعد هذا فقد صمد هذا القطاع المحاصر، وصمد بنوه الأبطال دفاعا عن شرف وكرامة الأمة ولو أتيح لهؤلاء الفتية الذين آمنوا بربهم فزادهم هدى وتيسر لهم امتلاك أسلحة مضادة للطيران وسد هذه الثغرة لما استطاع الاسرائيليون الفتك بهم بهذه الصورة النكراء ولتغير وجه المعركة لصالحهم.
هذه المعركة ربما تنتهي بشكل أو بآخر، ولكن اسقاطاتها وذيولها وما تركت من بصمات وما كشفت من مواقف ستبقى ماثلة في ضمائر الأحرار ممن لا تأخذهم في الحق لومة لائم، وسترسم في سجل التاريخ ملاحم بطولية خاضها أهل غزة، على الرغم من قلة العدد وخذلان الناصر، وفي هذا المعنى يقول السيد حيدر الحلي احد شعراء كربلاء في موقف مماثل من مواقف الاباء والكرامة، واصفا موقف الامام الحسين عليه السلام يوم عاشوراء:

وسامته يركبُ احدى اثنتين
وقد صرّت الحربُ أسنانها
فإمّا يُرى مذعناً أو تموت
نفس أبى العز اذعانها
فقال لها اعتصمي بالإباء
فنفسُ الأبيّ وما زانَها
اذا لم تجد غير لبس الهوان
فبالموت تنزعُ جُثمانها
رأى القتل صبراً شعار الكرام
وفخراً يزين لها شأنها
فشمَّر للحرب في مَعركٍ
به عرك الموتُ فِرسانها
وأضرمها لعنان السماء
حمراءَ تلفحُ أعنانها
ركينٌ وللأرض تحت الكماة
رجيف يزلزل ثهلانها
أقرُّ على الأرض من ظهرها
اذا ململ الرعب اقرانها
تزيد الطلاقة في وجهه
اذا غيَّر الخوفُ ألوانها
ولمّا قضى للعُلى حقَّها
وشيد بالسيف بنيانها
ترجّل للموت عن سابقٍ
له أخلت الخيلُ ميدانها
كأَنَّ المنيّة كانت لديه
فتاة تواصل خِلصانها
فما أجلت الحرب عن مثله
صريعاً يجبّن شُجعانها
تريب المحيا تظن السماء
بأنَّ على الأرض كيوانها

أيها الصامدون في غزة وأنتم تواجهون هذه المحنة تذكروا قول الباري جل شأنه: {وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ الَّذِينَ اذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا انَّا لِلَّهِ وَانَّا الَيْهِ رَاجِعُونَ أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ} (البقرة: 155 – 156 -157).

علي يوسف المتروك
أخبار ذات صلة dot4line
التعليقات الأخيرة
dot4line
 

!function(d, s, id) { var js, fjs = d.getElementsByTagName(s)[0], p = /^http:/.test(d.location) ? 'http' : 'https'; if (!d.getElementById(id)) { js = d.createElement(s); js.id = id; js.src = p + "://platform.twitter.com/widgets.js"; fjs.parentNode.insertBefore(js, fjs); } } (document, "script", "twitter-wjs");
348.005
 
 
 
إعلن معنا
موقع الوطن الإلكترونية – حقوق الطبع والنشر محفوظة
 
Top