مقالات  
نسخ الرابط
 
   
   
 
  A A A A A
X
dot4line

آن الأوان

لا تكن ممن إذا خاصم فجر.. وإقصاء الآخر

د.عصام عبداللطيف الفليج
2014/04/09   08:53 م

شكرا لتصويت

التقيم التقيم الحالي 0/5
writer image

مؤلم ما نراه بشكل شبه يومي من اختلافات وسلوكيات تعمد إلى اقصاء الآخر


يعاني بعض الناس مشكلة «التوحد» امتدادا لمرض «الكبر»، فهو لا يرى في المجتمع شخصا أحسن ولا أفهم منه، فيبدأ بتصنيف الناس على «جهالة»، فكريا وثقافيا ودينيا ومذهبيا.. الخ، ويبدأ يفلسف الواقع على مزاجه، أقول على مزاجه وليس على خبرته ولا علمه ولا فكره.. الخ، لأنه لا يرى الا نفسه، فخلال فترة بسيطة تجده يتحول من أقصى اليمين الى أقصى اليسار، وما كان مبدأ أصبح كماليا، وما كان حراما أصبح حلالا أو واجبا!! لأن مقياسه «هواه» وليس المصلحة العامة.
وأستطيع ان أقول ان هذه ظاهرة مجتمعية عالمية، قد تكون مخفية غير ظاهرة، أو سمها جينات كامنة، تظهر وتتصاعد وقت الأزمات والانفعالات.. النفسية والأخلاقية والقيمية.. الخ، التي تنبثق من عقائد دينية وفكرية ومادية.. ومصلحية، كأن نقول على سبيل المثال لا الحصر «عشنا سنين طويلة.. سنة وشيعة.. حضر وبدو.. عرب وعجم.. قبلي وغير قبلي.. في مجتمع صغير، ولم نر فيه هذه المشاكل»، مع ان كل هذه المشاكل موجودة ومتكررة عبر التاريخ – لمن يقرأ صح – تتصاعد فترة، وتخفت فترة أخرى، وفق المؤثرات الخارجية والداخلية، السياسية والاقتصادية والأخلاقية والقيمية والفكرية.
ويجري الأمر على العالم الغربي والشرقي، والشمالي والجنوبي، والأوسط، وعلى الأسود والأبيض والأزرق والأخضر والأصفر، (في السودان يطلقون على الرجل شديد السواد أزرق، وفي موريتانيا يطلقون عليه أخضر)، والحار والبارد، والصحراوي والزراعي والجليدي والجبلي والساحلي، لأن مكونات الجنس البشري واحدة، ولكنها تتفاوت في نسبتها من مجتمع لآخر، ومن فرد لآخر.
ولضبط مثل هذه الأمور الخلافية، لابد من وجود «قيم» تحددها، حتى لا تكون الأمور «فالتة»، فقد تكون هذه المحددات الدين والأخلاق، أو القانون، «ان الله ليزع بالسلطان ما لا يزع بالقرآن».
ومما يؤلم ما نراه بشكل شبه يومي من اختلافات بين الناس وسلوكيات تعمد الى اقصاء الآخر، وهو يزيد وينقص كما ذكرت وفق المؤثرات في الساحة، وتصل مرحلة الاقصاء الى الخصومة، فالاقصاء هو الابعاد، والخصومة هي الاساءة الى الآخر، حتى ينطبق عليهم قول النبي صلى الله عليه وسلم «اذا خاصم فجر»، وما أكثرهم في حياتنا اليومية، وعبر التاريخ، لذلك كان التحذير النبوي، لأنها من صفات «المنافق».
نعم.. لقد استسهل البعض التقليل من شأن الآخر، وتهميشه، واقصاءه، وتخوينه، وتكفيره، واتهامه بما ليس فيه.. وغيرها من سلوكيات شاذة، فقط لأنه اختلف معه في موقف ما! والأغرب ان مساحة الاتفاق قد تكون أكبر من مساحة الاختلاف، ولكنها النفس الانسانية الأمارة بالسوء، والكبر الذي جعل كبار قريش لا يسلمون، وينطبق ذلك السلوك على جميع الناس بلا استثناء.
وللأسف.. فقد استغلت العديد من الدول الكبرى والحكومات والصهيونية هذه الصفة السلبية، بإذكائها في المجتمعات المستقرة، للسيطرة عليها، تحت قاعدة «فرَّق تسد»، ويقابلها بكل أسف استجابة سريعة من عموم المجتمعات، وأحيانا بصورة مبالغ فيها أكثر مما هو متوقع!
وبالمقابل.. كم من مرة انعكس السحر على الساحر، في أكثر من مكان وزمان، لأن الشيء اذا زاد عن حده، انقلب ضده، كما ان مثل هذه السلوكيات لا يحدها حد، وهي تجري كالسيل المنهمر.
وهذا السلوك موجود على مستوى جميع الأديان والأفكار والثقافات والمجتمعات، ومن العيب ان ينحدر بنا السلوك اليومي الى هذا المستوى من الفجور في الخصومة، ولو راجع كل منا حساباته، لرأى العجب العجاب من أفعاله قبل أفعال غيره، حتى على مستوى البيت الواحد.
طيب.. وهل اذا كانت هذه الآفة منتشرة بهذه الطريقة، وحتى في البيت الواحد، ان نعتبرها أمرا طبيعيا وواقعا يفرض نفسه؟! الجواب.. كلا وألف لا، والا لما جاء التحذير النبوي منها، لأنها تشرذم المجتمع الواحد وتفتته، وعلينا تذكير أنفسنا وأحبابنا بهذا الأمر، ورفض تداوله عبر وسائل الاعلام ووسائل التواصل الاجتماعي.
٭٭٭
قال النبي صلى الله عليه وسلم: «ان الله خلق آدم من قبضة قبضها من جميع الأرض، فجاء بنو آدم على قدر الأرض، فجاء منهم الأبيض والأحمر والأسود وبين ذلك، والخبيث والطيب والسهل والحزن وبين ذلك».

د.عصام عبداللطيف الفليج
أخبار ذات صلة dot4line
التعليقات الأخيرة
dot4line
 

!function(d, s, id) { var js, fjs = d.getElementsByTagName(s)[0], p = /^http:/.test(d.location) ? 'http' : 'https'; if (!d.getElementById(id)) { js = d.createElement(s); js.id = id; js.src = p + "://platform.twitter.com/widgets.js"; fjs.parentNode.insertBefore(js, fjs); } } (document, "script", "twitter-wjs");
271.0076
 
 
 
إعلن معنا
موقع الوطن الإلكترونية – حقوق الطبع والنشر محفوظة
 
Top