مقالات  
نسخ الرابط
 
   
   
 
  A A A A A
X
dot4line

ملتقطات

درس من الهند

د.شملان يوسف العيسى
2014/01/20   09:05 م

شكرا لتصويت

التقيم التقيم الحالي 0/5
writer image



أزور هذه الايام في اجازة قصيرة أكبر واعرق ديموقراطية في العالم الثالث.. هذا البلد المتعدد الأعراق والأجناس والأديان يعيش حياة هادئة ومسالمة وبعيدة كل البعد عن الحقد والكراهية والعنف غير المبرر أحيت مدينة مومبي الهندية احتفالات رأس السنة بصخب والعاب نارية وموسيقى ورقص في الشوارع امتد حتى الساعة الخامسة صباحاً ولاحتفالات مومبي هذا العام قصة طريفة علينا المواطنين الاستفادة منها واتباعها.. فقد امر قائد شرطة مدينة مومبي الفنادق والمطاعم والاندية والبارات ان تنهي احتفالاتها الساعة الواحدة والنصف بعد منتصف الليل والهدف من ذلك أمني لأن هذه المدينة حصلت فيها عمليات ارهابية في الاحتفالات مرتين مرة في عام 1993 واخرى في عام 2008 وكان ضحية هذه العمليات الارهابية العشرات من القتلى والجرحى.. المهم رجال الاعمال من اصحاب الفنادق والمطاعم والبارات والاندية سوف يتضررون من قرار قائد الشرطة ورفعوا قضية ضد قائد الشرطة للمحكمة العليا في مومبي.. وقد كان حكم المحكمة تاريخياً فقد رفضت تقيد الحفلات حتى الساعة الواحدة والنصف وحكمت بأن تستمر الاحتفالات حتى الخامسة فجراً في كل المحلات التي ذكرناها.
ما هو الدرس المستفاد من التجربة الهندية في مدينة مومبي؟ اول الدروس ان الدول الديموقراطية لا تنفرد السلطة التنفيذية فيها باتخاذ القرارات التي تمس مصالح الناس وحياتهم الخاصة.. ففي الكويت اتخذت الحكومة ولا احد غيرها قراراً بمنع احياء احتفالات رأس السنة الميلادية ومنعت اصحاب المطاعم والفنادق والاندية وغيرها من احياء الحفلات، ولا يوجد سبب جوهري لهذا المنع سوى محاولة الحكومة ارضاء الاحزاب والتيارات الاسلامية املاً في كسب رضاها على حساب المواطنين خصوصاً المسيحيين منهم وهذه مخالفة لا بسط القواعد الدستورية التي تسمح بالاحتفالات بالاعياد الدينية.
ثاني الدروس: هو ان مؤسسات المجتمع المدني والمواطنين بشكل عام رضخوا لسياسات التعسف التي قامت بها الحكومة.. فلم يرفع اصحاب الفنادق والمطاعم والمجمعات قضايا ضد الحكومة لأن مصالحهم تضررت .. لأن الثقافة القانونية شبه معدومة لدى قطاع كبير من المواطنين كما اقدمت الحكومة اخيراً على الغاء محاضرة عامة عن شخصية اسلامية معروفة بدون سبب.
ثالث الدروس: الحكومة في الكويت لم تخالف القانون لمنعها للحفلات فقط بل امتد الاعتداء على مبدأ الحريات وحق الناس في الاستماع للمحاضرات والندوات ما دام طابعها سلميا وثقافيا وعلميا.. فرجال الشرطة يصرحون بكل بجاحة او وقاحة بانهم سوف يداهمون المخيمات والشقق والمنازل والجواخير التي ستقام بها الاحتفالات.. بدون ان تبدي الصحافة او اعضاء مجلس الأمة او كل المدافعين عن الحريات.. كلمة يقولون فيها بأن هذا مخالف لابسط مفاهيم الحرية الشخصية فلا يحق لاحد ان يداهم مخيماً او منزلاً او شقة او غيرها بهدف محاربة الرذيلة ومنع الحفلات، الحكومة اي حكومة ليست مسؤولة عن اخلاقيات الناس وتصرفاتهم.. فقضية الاخلاق قضية نسبية تختلف من فرد الى آخر.. من المفارقات الغريبة في بلدنا ان قضية الاخلاق والدين محصورة فقط في قضايا الحريات الخاصة بينما سرقة المال العام وتفشي الفساد في مؤسسات الدولة والرشوة والواسطة والمحسوبية كلها مقبولة دينياً واخلاقياً لكن الحفلات الشبابية محرمة وممنوعة.. عجبي آه يا وطن.

د. شملان يوسف العيسى
أخبار ذات صلة dot4line
التعليقات الأخيرة
dot4line
 

!function(d, s, id) { var js, fjs = d.getElementsByTagName(s)[0], p = /^http:/.test(d.location) ? 'http' : 'https'; if (!d.getElementById(id)) { js = d.createElement(s); js.id = id; js.src = p + "://platform.twitter.com/widgets.js"; fjs.parentNode.insertBefore(js, fjs); } } (document, "script", "twitter-wjs");
887.0106
 
 
 
إعلن معنا
موقع الوطن الإلكترونية – حقوق الطبع والنشر محفوظة
 
Top