30 حكومة على مدى الـ 50 عاماً الماضية أطولها لسمو الأمير الوالد واستمرت 25 سنة متصلة
الأسباب الدستورية لانتهاء الفصل التشريعي دفعت بتغيير 11 حكومة
سمو أمير البلاد الشيخ صباح الأحمد ترأس حكومة واحدة استمرت 30 شهراً
الحوار والتفاهم والشورى التزام أمراء البلاد عبر الزمان لاستقرار الحكم وشرعيته
أصدر قطاع البحوث والمعلومات بالأمانة العامة لمجلس الأمة دراسة توثيقية لتاريخ حكومات الكويت منذ انتقالها من الامارة الى الدولة، اي منذ نشأة الديموقراطية على قواعد الحكم المؤسسي بإصدار الدستور في عام 1962 وحتى عام 2012.
ويقول فريق العمل الذي اعد الدراسة انه سعى عن طريق الرصد التاريخي الموثق بالمراجع التي تناولت التاريخ السياسي لدولة الكويت للبحث في تشكيلات الحكومات موضوع الدراسة منتهيا الى الاجابة عن السؤال الاول وهو: اي الفترات كانت تتسم بدرجة اكبر من الاستقرار الحكومي؟ وايهما كانت اقل استقرارا؟
واشار فريق العمل المكون من حمدان الشمري اختصاصي علوم سياسية ومريم العبير باحث اجتماعي وتحت اشراف المستشار الاقتصادي أ.د.رمزي سلامة ان الجزء الثاني من الدراسة انتهج المنهج الاستقرائي لمحاولة القراءة الموضوعية للأحداث السياسية الداخلية والخارجية والتي شكلت اسبابا مباشرة او غير مباشرة للتغيير الحكومي خلال السنوات الخمسين موضوع الدراسة.
وخلصت الدراسة التي تستمد اهميتها من كونها الاولى التي يجريها قطاع البحوث والدراسات بمجلس الامة الى التزام من تولوا سدة الحكم عبر الزمان بأسلوب الحوار والتفاهم كمنهج لاستمرار لاحكم وشرعيته.
واشارت الدراسة الى ان التجربة الديموقراطية الكويتية نابعة من عقيدة الشعب المسلم وتاريخه وبيئته الخاصة وهذا سر تميزها، كما اكسبها المزيد من الحيوية والقوة والثبات.
وفيما يلي نص الدراسة:
دراسة حول عمر الحكومات في دولة الكويت
(2012-1962)
تمهيد:
تستمد هذه الدراسة أهميتها من كونها الأولى من نوعها التي يجريها قطاع البحوث والمعلومات بالأمانة العامة لمجلس الأمة والتي توثق عمر حكومات الكويت منذ انتقالها من الامارة الى الدولة، أي منذ نشأة الديموقراطية على قواعد الحكم المؤسسي باصدار الدستور في العام 1962 وحتى العام 2012.
منهج الدراسة:
< يسعى فريق العمل في جزء أول من الدراسة وعن طريق الرصد التاريخي الموثق بالمراجع التي – تناولت التاريخ السياسي لدولة الكويت للبحث في تشكيلات الحكومات موضع الدراسة منتهياً بذلك – الى الاجابة عن السؤال الأول وهو: أي الفترات كانت تتسم بدرجة أكبر من الاستقرار الحكومي؟ وأيها كانت أقل استقرارا؟
< ثم... وفي جزء ثانٍ للدراسة ينتهج الباحث المنهج الاستقرائي لمحاولة القراءة الموضوعية للأحداث السياسية الداخلية والخارجية التي شكلت أسباباً مباشرة أو غير مباشرة للتغيير الحكومي خلال السنوات الخمسين موضع الدراسة.
< الفصل الأول: عمر الحكومات في دولة الكويت (2012-1962)
أولا: الحكومة الانتقالية في عهد سمو الشيخ عبدالله السالم الصباح (1963-1962).
ثانياً: حكومات سمو الشيخ/ صباح السالم الصباح (1965-1963).
ثالثاً: حكومات سمو الشيخ/ جابر الأحمد الجابر الصباح (1978-1965).
رابعاً: حكومات سمو الشيخ/ سعد العبدالله السالم الصباح (2003-1987).
خامساً: حكومة سمو الشيخ/ صباح الأحمد الجابر الصباح (2006-2003).
سادساً: حكومات سمو الشيخ/ ناصر المحمد الأحمد الصباح (2011-2006).
سابعاً: حكومة سمو الشيخ/ جابر المبارك الصباح (2011 – وحتى تاريخ اصدار الدراسة).
< الفصل الثاني: أسباب انتهاء الحكومات في الكويت (2012-1962).
-1 الوفاة الطبيعية لأحد أركان نظام الحكم
-2 أسباب دستورية.
-3 تأزم العلاقة بين السلطتين التنفيذية والتشريعية.
-4 أسباب أخرى.
< الخاتمة
الفصل الأول
عمر الحكومات في دولة الكويت (2012-1962)
مقدمة:
بدأت روح الممارسة الديموقراطية في الكويت منذ عام 1752م عندما وافق المجتمع في تلك الفترة على تنصيب آل الصباح حكاماً على الكويت عن طريق ما عرف بالاجماع والشورى. فحكم العائلة الحاكمة أتى عن طريق ديموقراطية أشبه بما يعرف اليوم بالانتخابات، حيث وافقت الأغلبية من سكان الكويت على من سيحكم هذا المجتمع الصغير البسيط، وهكذا حصل الكويتيون على ما أرادوا دون ان يفرض عليهم حاكم، وكانت تلك المبايعة هي اللبنة الأولى في صرح النظام الديموقراطي في الكويت.
وشعب الكويت هو أول شعب خليجي يشكل مجلساً للشورى في العام 1921 وكان يتكون من 12 عضواً من وجهاء البلد، وهو أول شعب خليجي انتخب مجلساً تشريعياً عام 1938 وكان يتكون من 14عضواً تم انتخابهم من بين 20 مرشحاً آنذاك، وهو الذي سارع عقب الاستقلال عام 1961الى ارساء قواعد الحكم المؤسسي ليتحول المجتمع القبلي الى مجتمع الدولة بنظامه السياسي المتكامل وبسلطاته الثلاث: التشريعية والتنفيذية والقضائية. كما ان الكويت هي الدولة الأولى في منطقة الجزيرة العربية التي تضع دستوراً ويكون لها مجلساً منتخباً للأمة يشكل صرحاً قوياً من صروح الديموقراطية بكل أبعادها ومعانيها.
لقد تعاهد من تولوا سدة الحكم عبر الزمان على الالتزام بأسلوب الحوار والتفاهم والشورى كمنهج لاستقرار الحكم وشرعيته، ومن هنا يجب ان نفهم التجربة الديموقراطية الكويتية على أنها ديموقراطية نابعة من عقيدة الشعب الكويتي المسلم وتاريخه وبيئته الخاصة. وقد شكلت هذه العوامل صيغة متميزة من الممارسات الديموقراطية التي تتنوع فيها الآراء والتوجهات وتمارس جميعها في اطار من الحرية والود والتسامح والشورى وسيادة القانون.
وسوف يتضح للقارئ في هذه الدراسة كيف ان للتجربة الكويتية الخصوصية التي تتميز بها تجربتها الديموقراطية والتي اتخذت فيما بعد أبعاداً أكسبتها المزيد من الحيوية والقوة والثبات.
< حكومات الكويت (2012-1962):
بخلاف الحكومة الانتقالية التي ترأسها سمو الشيخ/ عبدالله السالم الصباح (17 يناير 27-1962 يناير 1963)، والتي قاد فيها سموه عملية التحول بالبلاد من الامارة الى الدولة، تشكلت في دولة الكويت (الحديثة) 30 حكومة على مدى الـ 50 عاماً الماضية.
والجدول رقم (1) يلخص التسلسل الزمني لكل حكومات الكويت منذ اقرار الدستور والتصديق عليه في 11 نوفمبر 1962، وحتى تشكيل سمو الشيخ/ جابر المبارك الصباح لحكومته الثانية في 14 فبراير 2012 وهي الحكومة الثلاثون في تاريخ الكويت السياسي (والتي ما زالت في الحكم حتى تاريخ اعداد هذه الدراسة).
ومن الجدول رقم (1) يمكن تسجيل القراءات التالية:
(1) بحساب متوسط عمر الحكومات في دولة الكويت (منذ يناير 1963وحتى فبراير 2012) فقد بلغت 21 شهراً للحكومة الواحدة في المتوسط.
(2) أكثر الشيوخ ترؤساً للحكومات الكويتية (من حيث العدد والزمن) كان سمو الشيخ/ سعد العبدالله السالم (الصباح حيث تولى رئاسة احدى عشرة حكومة على مدى الفترة من 1978الى 2003 ولمدة 305 أشهر متصلة (25 عاماً).
(3) ان سمو الشيخ/ جابر الأحمد الصباح هو التالي في الترتيب (زمنياً) حيث ترأس خمس حكومات كويتية على مدى الفترة من 1965 الى 1978 ولمدة 146 شهراً متصلة (13 عاماً)، ويليه سمو الشيخ/ ناصر المحمد الأحمد الصباح (سبع حكومات) منذ فبراير 2006 وحتى نوفمبر 2011 أي لمدة 68.5 شهراً متصلة (خمس سنوات تقريباً)، ثم سمو الشيخ/ صباح السالم الصباح منذ يناير 1963وحتى نوفمبر 1965 ثلاث حكومات وهو ما يعادل 34 شهراً متصلة، ثم سمو الشيخ/ صباح الأحمد الصباح (حكومة واحدة) منذ يوليو 2003 وحتى فبراير 2006 وهو ما يعادل 30 شهراً متصلة.
(4) ان أقصر الحكومات عمراً بالمتوسط كانت 10 شهور في ظل رئاسة سمو الشيخ/ ناصر المحمد الأحمد الصباح، وأطولها عمراً بالمتوسط كانت 30 شهراً في ظل رئاسة سمو الشيخ/ صباح الأحمد الصباح.
وفيما يلي نقدم رصداً لتسلسل الحكومات الكويتية وفترات استمراريتها وصولاً الى الحساب الدقيق لمتوسط أعمارها على مدى الفترة من يناير 1962 وحتى الوقت الحاضر (مايو 2012) (أنظر الجدول رقم (2).
الفصل الثاني
أسباب انتهاء الحكومات الكويتية
(2012-1962)
تنتهي الحكومة في الكويت - كما تبدأ - بمرسوم أميري يكون له واحد أو أكثر من الأسباب الأربعة التالية:
(1) الوفاة الطبيعية لأحد أركان نظام الحكم.
(2) سبب دستوري يحتم التغيير الحكومي لانتهاء الفصل التشريعي لمجلس الأمة.
(3) تأزم العلاقة بين السلطتين التنفيذية والتشريعية.
(4) أسباب أخرى طارئة أو شخصية لا علاقة لها بالأسباب السابقة.
والسؤال الذي نبحث له عن اجابة دقيقة في هذا الفصل هو: ما سبب انتهاء أجل كل من الحكومات الـ 29 التي تعاقبت على حكم دولة الكويت من 1963 الى فبراير 2012؟ (انظر الجدول رقم 2).
حول أسباب انتهاء الحكومات في دولة الكويت (2012-1962):
باستقراء التاريخ السياسي لدولة الكويت بغرض التوثيق الدقيق لأسباب انتهاء عمر الحكومات الكويتية خلال السنوات الـ 50 الماضية (وعددها 29حكومة) سوف نحصل على الاحصائية التالية:
الحكومات الكويتية 2012-1962
أسباب الانتهاء
(1) تأزم العلاقة بين السلطتين
(2) أسباب دستورية لانتهاء الفصل التشريعي
(3) وفاة أحد أركان نظام الحكم
(4) أخرى
عدد التكرارات
12
11
3
3
النسبة (%)
%41.3
%37.9
%10.4
%10.4
الاجمالي
29 حكومة
%100
< توضح تلك الاحصائية ان أغلب مرات الانتهاء كانت بسبب تأزم العلاقة بين السلطتين يلي ذلك الأسباب الدستورية ومن ثم الأخرى، وأخيراً تأتي وفاة أحد أركان نظام الحكم كسبب طبيعي للتغيير الحكومي.
< جدير بالذكر ان %100 من أسباب انتهاء حكومات سمو الشيخ/ ناصر المحمد الأحمد الصباح (السبع منذ فبراير 2006 وحتى نوفمبر 2011) ترجع الى تأزم العلاقة بين بعض نواب مجلس الأمة والحكومات التي ترأسها سموه، وهذا يشير الى دلالات يحتاج المرء بالضرورة للتوقف أمامها وقراءتها بشيء من التمعن والتحليل.
وبمعنى اخر، لو اننا قمنا برصد اسباب انتهاء الحكومات بدولة الكويت على مدى الفترة من 1962 الى فبراير 2006 (اي بتجاوز الحكومات الثمانية الأخيرة) فسوف نحصل على نتائج مختلفة نسبياً وهي كالآتي:
واشارت الدراسة الى ان معنى «التأزيم» تعبير مجازي يحمل (حسب الظروف ومجريات العمل السياسي) واحداً أو أكثر من المبررات وأبرزها ما يلي:
أ - عدم التعاون بين المجلس والحكومة.
ب - كثرة الاستجوابات.
ج - غياب التنفيذ الفعلي للخطة التنموية للدولة وعدم وضوح الأولويات على أجندة الحكومة.
د - انخفاض مستوى التنسيق بين الوزراء.
هـ - عدم امهال الوزراء فترة زمنية كافية للقيام بمهامهم وواجباتهم.
و - حكومات لا تحظى بأغلبية برلمانية.
الحكومات الكويتية 2006-1962
(باستثناء فترات حكم سمو الشيخ/ ناصر المحمد الأحمد الصباح)
أسباب الانتهاء
(1) اسباب دستورية لانتهاء الفصل التشريعي
(2) تأزم العلاقة بين السلطتين
(3) وفاة أحد اركان نظام الحكم
(4) أخرى
عدد التكرارات
10
5
3
3
النسبة
%47.6
%23.8
%14.3
%14.3
الاجمالي
21 حكومة
%100
وهكذا يتضح أنه وعلى مدى التاريخ السياسي المعاصر لدولة الكويت كان للأسباب الدستورية الدور الأهم والأكبر في انهاء عمر الحكومات الكويتية (باستثناء فترة حكم سمو الشيخ/ ناصر المحمد الأحمد الصباح الممتدة منذ فبراير 2006 وحتى 28 نوفمبر 2011).
- وبنفس المنطق لو أعدنا حساب متوسط عمر الحكومات الكويتية على مدى السنوات الـ 44 السابقة على فبراير 2006 (أي باستثناء فترات حكم سمو الشيخ/ ناصر المحمد الأحمد الصباح) لتبين لنا أنها سوف ترتفع من 21 شهراً الى 25.1 شهراً وكالتالي:
اجمالي فترات عمر الحكومات
بالشهور
(من 1962/1/17 الى 2006/2/8) / عددها = 30+305.5+146-34+12/1+11+5+3+1 = 527.5/21
إذن المعدل: 25.1 شهراً
ونستنتج مما سبق أنه «كلما ازدادت حدة التوتر في العلاقة بين السلطتين التشريعية والتنفيذية كلما كان - عمر الحكومة أقصر» وتعطل بالتالي تنفيذ مشروعات التنمية وتأثر الاستقرار السياسي والاقتصادي والاجتماعي بالبلاد.
الخاتمة
< خلال الخمسين عاماً (2012-1962) بلغ متوسط عمر الحكومة الكويتية 21 شهراً فقط.
< وقد أظهرت تلك الدراسة ان متوسط عمر الحكومات الكويتية الـ 21 منذ 1962 وحتى بداية فترة تولي سمو الشيخ/ ناصر المحمد الأحمد الصباح للحكومة (في 9 فبراير 2006) قد بلغت 25.1 شهراً للحكومة الواحدة في المتوسط.
< كما أظهرت الدراسة ان أطول الحكومات عمراً (في المتوسط) كانت التي ترأسها سمو الشيخ/ صباح الأحمد الجابر الصباح (2006-2003) اذ بلغ عمر الحكومة 30 شهراً، تليها الحكومات التي ترأسها سمو الشيخ/ جابر الأحمد الصباح (1978-1965) اذ بلغ متوسط عمر الحكومة 29 شهراً، تليها الحكومات التي ترأسها سمو الشيخ سعد العبدالله السالم الصباح (2003-1978) بمتوسط 28 شهراً للحكومة الواحدة.
< أما في عهد سمو الشيخ ناصر المحمد الصباح (سبع حكومات) فقد انخفض عمر الحكومة في المتوسط الى 9.8 أشهر فقط.
< فيما يتعلق بأسباب انتهاء الحكومات الكويتية أظهرت الدراسة ما يلي:
(1) أنه خلال الفترة من 2006-1962 كانت الحكومات تنتهي لاسباب دستورية (بنسبة %48) او لأسباب تتعلق بتأزم العلاقة بين السلطتين (%24) أو لأسباب الوفاة أو أخرى بنسب متساوية (%14).
(2) ان أسباب انتهاء أجل حكومات سمو الشيخ/ناصر المحمد الأحمد الصباح من (2011-2006) كانت جميعها ترجع لتأزم العلاقة بين السلطتين وبنسبة %100.
< بذلك نكون قد وضعنا اجابات دقيقة توثيقية للسؤال المزدوج الذي طرحناه في بداية هذه الدراسة «أي» ما هو متوسط عمر الحكومات في الكويت (2012-1962)؟ وما هي الأسباب الرئيسية التي كانت وراء حل أو إنهاء عمر الحكومات في دولة الكويت؟
< ولا شك ان الملحق الاحصائي والجداول التي أوردناها بتلك الدراسة تحوي كل البيانات والمعلومات التي تحيط هذا الموضوع بالقدر الكافي من الدقة والموضوعية.. راجين ان نقوم (أو يقوم غيرنا من الباحثين) فيما بعد بتحليل الآثار المترتبة على نتائج هذه الدراسة من حيث انعكاسات قصر عمر الحكومات على الأداء السياسي والاقتصادي والاجتماعي في البلاد.


